ما بين تضييع الوقت وقانون التسلل.. قوانين جديدة ستُحدث ثورة في عالم كرة القدم

عربي بوست
تم النشر: 2023/03/12 الساعة 12:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/03/12 الساعة 12:28 بتوقيت غرينتش
قاعدة التسلل من أكثر القواعد إثارة للجدل في كرة القدم

شهدت كرة القدم العديد من التغييرات على مر السنوات السابقة، ولطالما احتلت رياضة كرة القدم المرتبة الأولى من حيث الممارسة والمشاهدة، فقد تجاوز عدد الممارسين بالفعل للعبة كرة القدم 250 مليون لاعب على مستوى العالم، أما عدد المشجعين فقد فاق الخمسة مليارات نسمة حول العالم، فهي اللعبة الشعبية الأولى بامتياز، ولا تجاريها أية لعبة أخرى في العالم جماعية أو فردية في حجم الممارسة أو التشجيع.

وكما هو معروف فإن لعبة كرة القدم ليست لعبة عشوائية، وإنما لعبة لها قوانين دولية ولوائح منظمة لها، ومن أبرز تلك القوانين قوانين زيّ الحكم، الذي يكون بين ثلاثة ألوان أحمر غامق، أو برتقالي أو أصفر، ثم ضرورة توحيد لبس اللاعبين الأساسيين والاحتياط، مع تغاير لون زي حارس المرمى، هذا إلى جانب قوانين المخالفات التي تعاقب اللاعبين بالإنذارات أو الطرد المباشر من الملعب في حال وجود مخالفات جسيمة، أو تعدٍّ مباشر على أحد أفراد المنظومة، علاوة على القوانين واللوائح المنظمة للملعب والتسللات واحتساب الأهداف، والسعة القانونية للملاعب، والمسافات المسموح بها للمديرين الفنيين وعدد من يسمح لهم بالجلوس على دكة الاحتياط، وغيرها من القوانين الحاسمة والصارمة المنظمة للعبة كرة القدم، وصولاً إلى اعتماد "الفار" كشرط أساسي في معظم المسابقات حول العالم.

ولكن مع التقدم التكنولوجي الحاصل، كان لا بد من تجديد العديد من القوانين، والتي من شأنها أن تجعل كرة القدم أكثر حماساً وأجمل للمشاهد، كما أضيف أيضاً العديد من القوانين لتُسهم في تحسين اللعبة، وتحقيق العدل والشفافية للمنتخبات والفرق المشاركة في مختلف البطولات المحلية والقارية والعالمية.

قانون التسلل بين الماضي والحاضر 

يعد قانون التسلل أحد القوانين الرئيسية في عالم كرة القدم، ويلعب دوراً كبيراً في تحديد نتيجة المباراة، على شاكلة ضربة الجزاء أو احتساب هدف أو إلغائه.

ومع بدء وضع قوانين كرة القدم من قِبل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، كان التسلل حاضراً بقوة، تحديداً في القرن التاسع عشر.
في تلك الفترة كان اللاعب المهاجم يحتسب متسللاً لو كان هناك أقل من 3 لاعبين (يتضمنهم حارس المرمى) أمامه، أي عندما يكون أمامه حارس ولاعب من المنافس يكون متسللاً، بحسب قانون الاتحاد الإنجليزي عام 1863.

ومع إضافة تعديل جديد على ذلك في القانون، بحيث لا يتم احتساب اللاعب متسللاً لو تساوى مع المدافع في المكان، وهو التعديل الذي أقره مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم "IFAB" في 1990، وجاء كذلك بناء على اقتراح اسكتلندي آخر، من أجل تشجيع الفرق على الهجوم.
وبعدها بات اللاعب لا يعتبر متسللاً لو كان على نفس الخط مع المدافع عند تمرير الكرة إليه، مروراً إلى التعديل الجديد الذي أقره مجلس الاتحاد الدولي، الذي كان في 2016، حيث بات اللاعب الذي يوجد جزء من جسده ضمن نصف ملعب المنافس لا يعتبر متسللاً لو وصلت إليه الكرة.

قانون التسلل
مصيدة التسلل أصبحت سلاحاً دو حدين في عالم كرة القدم /shutterstock

ولا يخلو هذا القانون من إثارة الجدل، وهي الصفة الملاصقة لكرة القدم على وجه العموم، ويمكن اعتباره من أهم الأسباب وراء القرار التاريخي للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، باعتماد تقنية "فار" (VAR)، ثم إدخال نظام "التسلل شبه الآلي" اعتباراً من كأس العالم 2022 في قطر.

حفلت مباراة افتتاح كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر بالعديد من الأحداث التاريخية، ومنها إلغاء أول هدف في تاريخ المونديال باستخدام تقنية التسلل شبه الآلية الجديدة، والتي استخدمت لأول مرة في البطولة العالمية الكروية الأولى.

وبعد مرور 3 دقائق فقط من المباراة بدأت الإثارة بتسجيل الإكوادور هدفا مبكراً عبر نجمها فالنسيا، لكن حكم المباراة الإيطالي دانييلي أورساتو ظهر وهو يترقب قرار حكم الفيديو المساعد "في إيه آر" (VAR)، المعروف اختصاراً بـ"فار"، رغم أن الهجمة معقدة ولا يظهر فيها لأول وهلة أي خطأ أو تسلل، لكن بعد ترقب مر على الفريقين طويلاً أعلن الحكم إلغاء الهدف، بناء على قرار تقنية التسلل شبه الآلي، التي كشفت وجود تسلل على المهاجم الذي مرر الكرة العرضية بركلة مزدوجة وأسفر عنها الهدف.

والحقيقة أن القرار كان موفقاً جداً، ولولا وجود هذه التقنية التي تُستخدم لأول مرة في تاريخ كأس العالم لَما لاحظ الحكم المساعد الثاني، وحتى حكم الفيديو المساعد، تقدم القدم اليمنى للمهاجم لحظة لمس الكرة من زميله الذي كان قريباً منه.

وتعتمد تقنية التسلّل شبه الآلية الجديدة على نظام الذكاء الاصطناعي (AI)، الذي يرسل رسالة فورية إلى حكام "الفار" عندما يكون اللاعب متسللاً، مع ترك الحرية للحكام لتحديد ما إذا كان اللاعب متسللاً أثناء تمرير الكرة أم لا، حيث سيكون بوسعهم في غضون ثوانٍ معدودة التحقّق من لحظة التمريرة، وكذلك خط التسلّل، قبل إبلاغ الحكم الرئيسي للمباراة من قِبل حكم الفار، لإعلان القرار النهائي الذي لا يستطيع تجاوزه.

وتتعقب تقنية الكاميرا والحاسوب حركات اللاعبين، وكذلك الكرة، وتترك القرار للذكاء الاصطناعي ليحدّد حالات التسلّل.

مكافحة إضاعة الوقت لكي يستمتع المشجعون باللعبة

تلك هي الكلمات التي تحدث بها إنفانتينو في المؤتمر الصحفي لمجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB)، يوم السبت الماضي، وقال: "نريد أن نكافح ضد إضاعة الوقت، نريد أن يستمتع المشجعون باللعبة".

وقد تصبح المباريات التي تمتد لـ100 دقيقة شائعة، مع دعوة رئيس الفيفا جياني إنفانتينو، إلى حسابات أكثر دقة فيما يتعلق بالوقت الإضافي، الذي سيتم تنفيذه في المسابقات حول العالم.

ورغم حقيقة أن أحد البدائل المقترحة هو استخدام نظام "ساعة توقيت" كما يتم استخدامها في رياضة كرة السلة، بدلاً من وقت التشغيل، على الأقل في لحظات معينة من اللعبة مثل الإصابات أو التغييرات، فقد استبعد إنفانتينو مثل هذا الاحتمال قائلاً: "نريد الحصول على وقت أكثر فاعلية".

وتابع: "بييرلويجي كولينا أوضح بالفعل قلقنا في هذا الصدد في كأس العالم، لكننا لن نغير القواعد، ولن نوقف الساعة".

وأكد رئيس الفيفا أن هذه القوانين عالمية، ويجب أن تكون مقبولة عالمياً، وكان هذا الرفض واضحاً بالفعل في اجتماع IFAB السابق في يناير.

وأظهرت الإحصاءات التي قدمتها شركة "Opta" في عام 2021، أن مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز كانت تشهد "وقتاً حقيقياً للعب" أقل من 60 دقيقة، في المقابل شهدت مباراة فرنسا وأستراليا في كأس العالم 67 دقيقة من وقت اللعب.

نحو المزيد من الشفافية

وفقاً لموقعه الرسمي، اعتمد المجلس الدولي لكرة القدم "IFAB"، في جمعيته العمومية السنوية الـ137، عدداً من التغييرات في قوانين كرة القدم، والتوضيحات المتعلقة بشأن تلك التغييرات.
أهم قرار تم اعتماده هو بث القرارات المتعلقة بعملية مراجعة لقطات الفيديو عند الاستعانة بحكم الفيديو المساعد الـ"VAR"، وعرضها للجمهور في الملعب ولمشاهدي النقل المباشر على شاشات التلفاز، حسب الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، واتخذت الجمعية العمومية القرار لتحسين عملية التواصل مع المشجعين في الملاعب وخلف الشاشات.

الهدف الرئيسي من هذا التغيير هو زيادة الشفافية في اللعبة الشعبية الأولى في العالم، وتقليل اللغط و"القيل والقال" حول قرارات الحكام التي تحوم حولها شبهات في بعض الحالات.

قوانين جديدة ستدخل حيّز التنفيذ من الموسم القادم 

وفيما يتعلق بقوانين اللعبة لموسم 2023-2024، التي ستدخل حيز التنفيذ بتاريخ الأول من يوليو 2023، تم الاتفاق على إدراج تأكيد حالات التسلل.

وستُنشر خلال الأسبوع المقبل على موقع "IFAB" القائمة الكاملة للتغييرات المتعلقة بقوانين اللعبة، والتوضيحات الصادرة بشأنها، ويجوز للمسابقات المقرَّر انطلاقها قبل الأول من يوليو 2023 الشروع في تطبيق هذه التغييرات قبل ذلك التاريخ، أو إرجاء تنفيذها إلى أجل لا يتعدى تاريخ انطلاق المنافسة اللاحقة.

وتم إبلاغ الأعضاء بالمنشور الجديد الصادر عن المجلس الدولي لكرة القدم، بعنوان "قواعد كرة القدم- قوانين مُبسَّطة للعبة"، الذي استُخدمت فيه لغة أوضح وبنية أبسط، بما يجعل القوانين أكثر سهولة على الاستيعاب، خاصة لدى الشباب واللاعبين والمدربين والجمهور العام.

كما تلقّى الأعضاء إحاطةً بشأن التجارب المتعلقة بالتبديلات الإضافية الدائمة في حالات الإصابة بارتجاج المخ، حيث قرَّر المجتمعون تمديد فترة إجراء هذه الاختبارات لإتاحة جمع بيانات إضافية في هذا الصدد.

وفيما يتعلق بالتبديلات الإضافية المؤقتة في حالات الإصابة بارتجاج المخ، أكد المجتمعون عدم إجراء أي تجارب في هذه المرحلة، مع إبقائها قيد المراجعة الفعلية، بينما تم الاتفاق على ضرورة التركيز بشكل أفضل على الجوانب التعليمية لتحسين عملية تطبيق البروتوكولات المتعلقة بالتبديلات الإضافية الدائمة.

كما تم الاتفاق على إنشاء فريق عمل للتركيز أكثر على طرق تحسين مستوى الانضباط، وتقليل العدوانية تجاه حكام المباريات واللاعبين، ومسؤولي الفرق، على مستوى البراعم والهواة.

تعديلات جديدة ستُحدث ثورةً في قانون كرة القدم

كشفت "صحيفة ماركا" الإسبانية عن مشاريع تعديلات جديدة على قانون كرة القدم، سيطبق معظمها العام الجاري، ووصفتها بأنها "ثورة" في عالم الساحرة المستديرة أهمها:

  • أولاً: إدارة المباريات باستخدام ساعة إيقاف يتم إيقافها فور خروج الكرة من اللعب، سواء خارج الملعب أو احتساب هدف أو مخالفة، على غرار مباريات كرة السلة، لضمان أن تُلعب الـ90 دقيقة، مدة شوطي المباراة بالكامل، دون أي وقت ضائع، وبالطبع لن يُضاف أي وقت ضائع عندما يُطبق هذا التعديل؛ لأن الساعة كانت متوقفة بالفعل خلاله، وذكرت ماركا أن جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" (FIFA)، هو من قدَّم هذا الاقتراح، الذي سيبدأ تطبيقه الرسمي في 2024، وذلك للحدِّ من ظاهرة إهدار الوقت، التي يعتبرها آفةً تضر اللعبة.
  • ثانياً: التسلل لن يكون كما نراه الآن، إذ يتزعم أرسين فينغر، مدير التطوير بالفيفا، مقترحاً بالسماح للاعب المهاجم (لحظة تمرير الكرة من زميله) بالتقدم بجزء من جسده عن آخر ثاني مدافع أو آخر ثاني مدافعين، دون أن يعتبر متسللاً كما يحدث الآن، وهو ما يتسبب في إلغاء الكثير من الأهداف، ويُهدر وقت المباريات في مراجعة تقنية الفيديو للحالة، وإبلاغ الحكم بالنتيجة، كما سيُعاد النظر في اعتبارات الكرة التي تصل إلى المهاجم من المدافع وينجح في التسجيل منها.
  • ثالثاً: الاحتفال بالأهداف لن يتجاوز 90 ثانية بأي حال من الأحوال، بهدف الحد من الأوقات المهدرة، بسبب الاحتفالات المفرطة بعد كل هدف.
  • رابعاً: منع حراس المرمى من تشتيت انتباه مسدد الركلات من علامة الجزاء، بأي شكل من الأشكال المتبعة حالياً، كتكتيك من الحراس لإرباك المسدد بالتحرك للمس القائمين أو العارضة أو شِباك المرمى، على غرار ما فعله مارتينيز حارس مرمى الأرجنتين أمام فرنسا في نهائي مونديال قطر.
  • خامساً: فيما يتعلق باللاعبين البدلاء، فمن المقرر دراسة إلغاء أي هدف يسجل في ظل وجود بديل من نفس الفريق صاحب الهدف في الملعب، سواء أثر على إحراز الهدف أم لا، وحالياً يطبق ذلك في حال أثر البديل فقط على تسجيل الهدف بأي شكل من الأشكال.
  • وباستثناء التعديل الأول، من المقرر تطبيق التعديلات الأربعة التالية بداية من الموسم المقبل، أو أول يوليو/تموز القادم، وذلك في حال اعتمادها.
  • سادساً: إذا قرر الحكم إشهار بطاقة صفراء أو حمراء في الوقت الذي قام فيه الفريق الآخر بصنع فرصة تسجيل، فيمكن للحكم تأجيل إشهار البطاقة حتى نهاية الهجمة، بعكس ما كان سابقاً بإيقاف المباراة عند إشهار بطاقة حمراء.
  • سابعاً: إذا تم إيقاف الكرة داخل منطقة الجزاء، فإن الإسقاط سيكون لحارس المرمى فقط، وإذا تم إيقافها خارج منطقة الجزاء فإن الإسقاط سيكون للاعب واحد، وهو آخر من لمس الكرة قبل إيقافها.
  • ثامناً: الفريق الذي يفوز بالقرعة له الحق في اختيار لعب ركلة البداية أو المرمى الذي يهاجم عليه (سابقاً كان الفائز بالقرعة يختار المرمى الذي يهاجم عليه).

ومع كل ما ذكر فقد عاشت كرة القدم مراحل فارقة من التعديلات وعدم الاستقرار، في منظومتها القانونية، لا سيما في الأعوام الـ157 الأخيرة، والتي شهدت سلسلة طويلة من التعديلات الجذرية في قوانين اللعبة، ابتداء من عام 1865 حتى عامنا الحالي.

وفيما تشكل التعديلات المرتقبة نقلة نوعية كبرى في مسار كرة القدم، فإن التعديل يفتح آفاقاً جديدة باتجاه القناعة بأن كرة القدم لم تعد مجرد لعبة ذات جماهيرية واسعة جداً فحسب، بل إنها صارت علماً قائماً بذاته، بحاجة شبه دائمة إلى المراجعة والمناقشة والتقييم المستمر والتحديث، من قبل القائمين على شؤونه، والمتحكمين في مساره "فيفا"، والاتحادات الوطنية المنضوية تحت لوائه.

ولا تتوقف أهمية التعديل في القرارات الجديدة عند هذا الحد فحسب، بل مع كثرة القيل والقال، ونفور بعض المتابعين لهذه الرياضية من غياب الشفافية والعدل في بعض الأحيان، كان لا بد من إدخال العديد من القوانين الجديدة، التي تتيح للمشاهد التعرف على كل صغيرة وكبيرة باللعبة، وزيادة عاملَي الحماس والتشويق على اللعبة، من خلال تلك الإضافات العلمية والتقنية والقانونية.

المصادر:

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أمجد العسة
صحفي وكاتب سوري
صحفي وكاتب سوري
تحميل المزيد