لكي تكون الديمقراطية ممكنة في العراق

عربي بوست
تم النشر: 2024/01/01 الساعة 10:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/01/01 الساعة 12:35 بتوقيت غرينتش
العراق - gettyimages

تُعَدُّ الديمقراطية أحد الأنظمة السياسية التي تسعى أغلب الدول إلى إرسائها؛ نظراً لما تقدمه من أرضية سياسية تسمح لجميع المواطنين بالمشاركة في الحياة السياسية على قدم المساواة، إذ تهدف إلى تمكين المواطنين ومنحهم حق المشاركة في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم  ومصائرهم بشكل عام.

في العراق، وبعد تخبطات سياسية عنيفة ومناخ استبدادي  شديد، تسعى البلاد لتقدم أكثر وبخطى أكثر تأثيراً نحو بناء نظام ديمقراطي يحقق تطلعات المواطنين ويضمن استقرار البلاد. ومع ذلك، فإن العراق يواجه العديد من التحديات في سبيل تعزيز الديمقراطية وتحقيق تطلعات الشعب العراقي.

أرى أن أحد أبرز التحديات أمام التحول الديمقراطي في العراق هو الفساد والتطرف. فالفساد المستشري في البلاد يعرقل عملية الإصلاح ويقوض المؤسسات الديمقراطية، حيث يؤثر سلباً على الثقة بين المواطنين والحكومة ويعرقل تقدم البلاد.

 ومن جهة أخرى، يتسبب التطرف بشكل عام، والذي تمارسه بعض الجماعات المتطرفة في تهديد الأمن والاستقرار، ما يؤدي إلى فقد الثقة في الدولة وزيادة ونزعة القبلية؛ ما يؤدي إلى عرقلة عملية بناء أي مؤسسات ديمقراطية قوية، وبالتالي يؤثر على حرية التعبير والمشاركة السياسية.

يعاني العراق من توترات سياسية وطائفية تعرقل تحقيق التوافق والحوار بين الأطراف المختلفة. فالصراعات السياسية والانقسامات الطائفية تعيق عملية بناء مؤسسات ديمقراطية فعالة؛ ما يعرض البلاد للانقسام بشكل أكبر ويصيب مؤسسات الدولة بالهشاشة، لذلك يجب على الحكومة أن تعمل على مشاريع تعزز ثقافة الحوار والتسامح والمصالحة؛ لتحقيق التوافق الوطني وتعزيز القيم التشاركية في العراق.

على الرغم من التحديات التي تواجهها الديمقراطية في العراق، إلا أن هناك آفاقاً لتعزيزها وتحقيق التقدم في مسارات عدة في البلاد، لكن كل ذلك مرهون بدور الحكومة ومدى رغبتها في تعزيز حكم القانون وتوفير نظام قضائي مستقل ونزيه يضمن المساواة لجميع المواطنين أمام القانون. وبالتوازي مع ذلك، يجب أن تدعم الحكومة بجميع مؤسساتها المجتمع المدني وتشجيعه على المشاركة الفعالة في العملية السياسية.

من خلال تنشيط المجتمع المدني، وبالتوازي مع رفع كفاءة المؤسسات التعليمية والثقافية، سيؤدي ذلك لتعزيز حقوق الإنسان في العراق وحماية الحريات الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير وحرية التجمع وحقوق المرأة وحقوق الأقليات، سواء من جانب المؤسسات أو الأفراد.

علاوة على ذلك، أرى أنه يمكن تعزيز الديمقراطية في العراق من خلال تعزيز اللامركزية وتمكين الحكم المحلي، حيث يمكن إعطاء مساحة أوسع للتفاعل، حينها سيدرك المواطنون أنهم يشاركون بحق في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم اليومية، وهنالك العديد من الأمثلة للامركزية في تنظيم البلاد، وأقرب مثال على ذلك تركيا، إذ تتمتع بها الانتخابات المحلية للولايات والبلديات بزخم كبير، ومن مزايا هذا النظام أنه يرفع وعي المواطن بحقوقه ومدى تأثيره في صنع القرار في البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز التعليم وتمكين الشباب والنساء والأقليات من المشاركة السياسية بشكل فعال. يجب أن يكون هناك تركيز على تعزيز الحوكمة الرشيدة، وتطوير البنية التحتية، وتوفير فرص العمل لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الديمقراطية.

إن إرساء الديمقراطية والاستقرار السياسي والاجتماعي في العراق ليس حلماً بعيداً، لكنه يتطلب التزاماً حقيقياً وجهداً مستمراً من جميع الفاعلين لبناء نظام سياسي يحمي الحريات، ويحقق والمساواة، ويوفر بيئة سياسية مستقرة وآمنة تسمح للجميع بالمشاركة بحرية في العملية السياسية واتخاذ القرارات المشتركة.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ياسر أحمد
كاتب عراقي
تحميل المزيد