لماذا يتسابق بعض مليارديرات أمريكا لدعم الاحتلال الإسرائيلي وتشويه المقاومة؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/11/30 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/11/30 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهوشارك في الترويج للكذبة بشأن الهجوم على المستشفى المعمداني/رويترز

أثار العدوان الإسرائيلي على غزة جدلاً عالمياً وحرباً إعلامية حول أسباب الصراع وعواقبه. إذ أعرب معظم الناس في جميع أنحاء العالم عن دعمهم وتضامنهم مع القضية الفلسطينية.

وسط هذا التصاعد في التضامن العالمي مع الفلسطينيين، يحشد ملياردير في قطاع العقارات بالولايات المتحدة الأمريكية الدعم لحملة إعلامية ضخمة، هدفها تعزيز صورة إسرائيل وشيطنة حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

الحملة الإعلامية، التي تسمى "حقائق من أجل السلام"، جاءت بدعوة الملياردير الأمريكي باري ستيرنليخت، قطب العقارات اليهودي البارز.

وتسعى تلك الحملة الإعلامية، إلى جمع تبرعات بملايين الدولارات من قِبل عدة شخصيات بارزة في مجال الإعلام، البنوك، والتكنولوجيا. بين هؤلاء الشخصيات، الرئيس التنفيذي السابق لشركة جوجل، إريك شميدت، والرئيس التنفيذي لشركة ديل، مايكل ديل، بالإضافة إلى رجل الأعمال مايكل ميلكن. وتعتمد استراتيجية الحملة على محاولة "مغازلة" هؤلاء الأثرياء بهدف تحقيق أهدافها.

 إذ تسعى الحملة إلى إنتاج ونشر مقاطع فيديو ومقالات ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تصوّر إسرائيل ضحية، وتبرر العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة على أنها دفاع عن النفس. كما تسعى الحملة إلى مواجهة الرواية المؤيدة للفلسطينيين، التي تكشف انتهاكات الاحتلال لحقوق الإنسان، وارتكاب جرائم حرب، وفرض الفصل العنصري على الشعب الفلسطيني.


الأسباب والدوافع وراء الحملة الإعلامية


ولكن لعلنا نسأل: لماذا يتعاون هؤلاء المليارديرات من أجل هذه الحملة الإعلامية؟  وما هي أسبابهم ودوافعهم؟  وما هي دلالات وتأثيرات حملتهم؟ 


– وجهات النظر السياسية أو الأيديولوجية التي تتماشى مع موقف الاحتلال الإسرائيلي والمعارضة للمقاومة:


بعض المليارديرات المشاركين في الحملة معروفون بمواقفهم اليمينية أو المؤيدة لإسرائيل، ويعتقدون أن إسرائيل حليف للولايات المتحدة، ومعقل للديمقراطية في الشرق الأوسط، وأن المقاومة الفلسطينية تشكل تهديداً لكليهما. كما تبرع بعضهم لمرشحين جمهوريين، وقد يرغبون في التأثير أو إقناع الرأي العام أو صانعي السياسات. 


– المصالح الاستراتيجية أو الاقتصادية التي تستفيد من الحملة الإعلامية المؤيدة للاحتلال


يشارك بعض المليارديرات في الحملة في قطاع التكنولوجيا أو التمويل، الذي يتمتع بعلاقات تعاون قوي مع صناعات الابتكار والأمن السيبراني داخل الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة في الشرق الأوسط. لذلك، يرون الاحتلال الإسرائيلي كشريك أو سوق قيمة لأعمالهم، ويريدون تأمين أو تعزيز سمعته ونفوذه.

 ومع ذلك، فهذه ليست الأسباب الوحيدة أو النهائية، وقد تكون هناك عوامل أو دوافع أخرى غير معروفة أو لم يتم الكشف عنها علناً. علاوة على ذلك، ليس كل المليارديرات أو الأفراد الأثرياء يتشاركون نفس الآراء أو الاهتمامات، وقد يكون لدى البعض آراء أو تصرفات مختلفة أو متعارضة فيما يتعلق بهذه القضية. 

قلب الحقائق وقمع الحريات

تهدف حملة شتيرنليخت الإعلامية إلى تجميع مبلغ قدره 50 مليون دولار من التبرعات الخاصة، مقترنة بمساهمة مماثلة من مؤسسة خيرية يهودية.

 بالرغم من عدم وضوح هويات الشخصيات التي قامت بالتبرع، يشير تقرير "سيمافور"، نقلاً، إلى أن الحملة قد جمعت بالفعل عدة ملايين من الدولارات.

فبعض المؤسسات الإعلامية والمليارديرات الذين يشاركون في تلك الحملة الإعلامية المضللة لا يدينون الهجمات الإسرائيلية الوحشية على الأطفال والنساء الفلسطينيين، أو يفعلون ذلك بطريقة محدودة جداً أو مشروطة، بل يزعمون أن إسرائيل تبذل كل ما في وسعها لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين، ويستمرون بالكذب بأن المقاومة تستغل معاناة شعبها. كما يتهمون وسائل الإعلام الدولية والأمم المتحدة بالانحياز وعدم الإنصاف تجاه إسرائيل.

و قد تحاول تلك الحملة الإعلامية الوصول إلى الناس عن طريق أدوات دعائية واهية للتلاعب بالرأي العام وتبرير الهمجية الإسرائيلية في غزة، باستخدام صور مزيفة أو قديمة أو مضللة لأطفال إسرائيليين يقال إنهم أُصيبوا أو قُتلوا خلال الهجمات، أو عن طريق مضايقة أو مراقبة أو تضليل النشطاء الشباب الذين يتحدون الرواية المؤيدة لإسرائيل ويرفعون الوعي بالقضية الفلسطينية.

فقد هدد بعض رجال الأعمال، علناً بإدراج الطلاب المؤيدين لفلسطين والمعادين لإسرائيل في القائمة السوداء، هذا بخلاف التضييق الذي يتعرض له الداعمون لفلسطين على وسائل التواصل الاجتماعي.

في ظل تراجع الدعم الشعبي للموقف الأمريكي الداعم للاحتلال الإسرائيلي، تسعى الحملة لتؤثر على معنويات وتضامن ورؤية شرعية النضال الفلسطيني من أجل الحرية والعدالة، إذ تهدف لتقليل موجة التضامن الشعبي العالمية مع فلسطين، إذ يزداد ضغط الشعوب على الحكومات الغربية لموقفهم الداعم لوحشية وجرائم إسرائيل.

إن الحملة الإعلامية التي يقوم بها بعض الأثرياء في العالم لدعم الاحتلال هي مثال واضح على كيفية استخدام وسائل الإعلام كسلاح حرب ودعاية. إذ يسعون من خلاله لقلب الحقائق عن طريق تصوير إسرائيل كضحية والمقاومة كإرهابية، من خلال إسكات أو تشويه الأصوات والمحتويات المؤيدة للفلسطينيين وحقوقهم، إن هذه الحملة في توضح كيفية استغلال السلطة والمال لقلب الحقائق وسلب الحق وقمع الحريات لا في فلسطين فقط، بل في العالم.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ألطاف موتي
باحث اقتصادي باكستاني
عضو اللجنة الدائمة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، واتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية كراتشي، باكستان. باحث سياسي واقتصادي، ومستشار الهيئات التجارية الحكومية وغير الحكومية، ورئيس شبكة التعليم في باكستان.
تحميل المزيد