10 سنوات مرّت على اندلاع “ثورة الياسمين” التونسية.. ماذا تغيّر؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/28 الساعة 14:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/28 الساعة 14:10 بتوقيت غرينتش
تظاهرات في تونس / رويترز

لا يمكن الجزم بعد مرور عشر سنوات أن هنالك شعباً تونسياً انتفض ووحد الصفوف ورفع الأيادي عالياً ليعلن بصوت واحد عن بداية الثورات العربية ولا يستطيع أحد إنكار أن لهذا الشعب ولكل الشعوب التي تبعته الحق في الثورة لما كان عليه الوضع من انتهاك لحقوق وقمع لحريات وعدم مساواة بين الطبقات، ولكن السؤال اليوم إلى ما آل إليه أمر تونس نقطة بداية الثورات العربية..

  ما يمكنني تذكره ورصده لكم في تلك الفترة التي عاينتها وعشتها سنة 2010.. الحرية يا سادة "أنا أحكي عن الحرية التي لا مقابل لها.. الحرية التي هي نفسها المقابل". لقد كانت الصورة المنقولة والتي سجلها التاريخ صادقت وتتصف بالديناميكية، لقد كانت فوضى في كل مكان لكنها كانت فوضى خلاقة.

تلك الصورة المنقولة كانت تحمل كل أوجه الاختلاف والتناقض.. اليمين السياسي يصاحبه اليسار، اليائس يصاحبه المؤمن بغد أفضل، الفقير، الغني كلهم وقفوا من أجل اللحظة التاريخية التي يسجلها هذا الشعب.. الصفوف الأمامية تعج بالشباب، ما كان يؤكد أنها ثورة حقيقية وفتية. لكن اليوم بعد مرور هذا الزمن لماذا لا نرى نتائج لهذه الثورة، لما أصبحت تونس تصدر الإرهاب وتستورد بأغلى الأثمان من الخارج ثروات أراضيها المنهوبة؟

تونس التي أراها اليوم لا أعرفها بمشهدها السياسي المخجل والذي تفرضه علينا الديمقراطية "من عيوب الديمقراطية أنها تجبرك على الاستماع إلى رأي الحمقى". لم تكن هذه الشعارات التي نادينا بها وليست هذه هي الحياة الكريمة التي حلمنا بها ومضينا معاً نحوها.

صدقوني أنا أحاول نقل واقع أعاصره ويدفعني في كل لحظة لغلق الحقائب والبحث عن وجهة أخرى للهجرة، ولكن هل يعيش الوطن فينا حتى ولو غيرنا الجغرافيا؟ هذا ما أخشاه.

بعد عشر سنوات تغير كل شيء.. لقد غابت التنمية وارتفعت نسبة البطالة أكثر فأكثر ولم نعد نرى الشباب الحالم، فأغلبه قد غادر البلاد ولم يبق في الداخل غير بقايا وطن يحمله قطَّاع طرق وتقوده الأيادي المرتعشة "الثورة يفجرها مجانين بعشق أوطانهم يموت فيها الشرفاء ويستفيد منها الجبناء".

الأيادي المتلهفة لسفك الدم والنيل من تونس التي لطالما كانت سباقة في الحق وملمة بالواجب، أتحدث عن تونس الدستورية.

ما يجعلني أحاول الصمود وأؤمن ببصيص من الأمل دائماً هو أن الثورات والتجارب العالمية التي تغدو اليوم موحدة لم تجنِ ثمارها من السنوات الأولى، بالعكس لقد كانت سنوات صعبة خاصة للتركيز على مبدأ العمل الجماعي مع التخلي الكلي عن الخلفيات الأيديولوجية.

تونس تمهد لفينومينولوجيا كبيرة يجب رصدها، فهي صورة غريبة لتناقض المفاهيم وصمود الشعب أمام أحلك عشر سنوات قد عاشها "لقد سرقت الثورة".. نعم لقد سرقت الثورة والذي يجعلني أقولها بدون أسى هو أن الثورة سرقت لأن وعياً ما كان ينقصها والحرص الدؤوب غاب عنا.

نعم، لقد كان هنالك شعب تونسي وحد الصفوف وطالب بالتغيير وقال بأنه يريد، لكنه لم يكن يعرف ما يريد..

اليوم نحن نحاول النهوض، نحاول التعلم من أخطائنا ونريد البدء من جديد، نريد المساواة في الواجب لتثمين الحق. نحن لا نريد شعباً جديداً أو وطناً جديداً، بل بالعكس نحن بأمسّ الحاجة لبعضنا البعض لكننا في المقابل نريد ثورات جديدة بدون أدنى صوت حيث تتضافر فيها الجهود للبناء.. نعم، لقد سرقت الثورة ومن سرقها أحكم قبضته علينا ويقوم اليوم بالتمثيل داخل مسرح برلماني كبير. من سرقها اليوم يظن بتفكيره المحدود أنه أطفأ شعلتنا لكن "حذار فتحت الرماد اللهيب ومن يبذر الشوك يجني الجراح".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سلمى الزيدي
طالبة وكاتبة تونسية
طالبة وكاتبة تونسية
تحميل المزيد