كيف سيكون الرد الإيراني على ضربة ترامب لو تمت؟‎

عربي بوست
تم النشر: 2019/06/23 الساعة 16:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/23 الساعة 16:12 بتوقيت غرينتش
ترامب تجنب توصية مستشاريه بقصف إيران

رغم أنني لا أثق كثيراً بكلام الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، حين يكون ممدداً على بطنه ويطلب وجبات من ماكدونالدز ويُدير التلفاز على محطات أخبار أمريكية ومن ثم يبدأ بالتغريد على تويتر كعادته في كل مساء، لكن تغريدته الأخيرة التي أكد خلالها، أن إيران ارتكبت خطأً جسيماً حين أسقطت طائرة تجسس أمريكية مسيرة، ومن ثم إعلان الأخيرة عن حالة التأهب القصوى بين صفوف قواتها، ذلك أشعرني بالرعب هذه المرة وبت أعتقد أن الحرب أصبحت وشيكة أكثر من أي وقت مضى.

هل يعقل أن الولايات المتحدة الأمريكية سترتكب المزيد من الأخطاء والحماقات حين تقرر أخيراً معاقبة إيران على إسقاطها لتلك الطائرة؟ كالأخطاء والحماقات الكثيرة من حرب أفغانستان والخليج الأولى والثانية واحتلال العراق، ربما قرار أمريكا هذه المرة سيكون هو الخطأ الجسيم وليس قرار إيران حين أسقطت تلك الطائرة الصغيرة، يبدو أيضاً أن إدارة ترامب لم تقدر جيداً تلك القدرات الإيرانية ولم تقدر كذلك عواقب هذه الحرب على المنطقة وأمريكا نفسها والعالم ودولة الكيان الصهيوني مدللة ترامب الكبيرة، أيضاً ربما أن أمريكا أساءت التقدير حين بعثت بهذه الطائرة المسيرة إلى مضيق هرمز الملتهب والمضطرب وكانت تعتقد بأن إيران ستغض الطرف، لكن وقع المحظور وكان ما كان.

ربما أن إيران أُجبرت على إسقاط تلك الطائرة لأنه من غير المعقول أن تُقدّم لشعبها رواية أخرى حين تم انتهاك أجوائها بهذه الطريقة المخزية، وربما أن هذا ما أرادته أمريكا بالضبط، وهذا تحليل آخر أُحبذه أحياناً، لكن الأخيرة لم تدرك بعدُ لا هي ولا دول الخليج أتباعها وأتباع إسرائيل المتلهفون لمعاقبة إيران إرضاءً للأخيرة، لم يدركوا جميعاً تلك العواقب الوخيمة والتي ستكون جنونية على الجميع.

لكن في ذات الوقت فدونالد ترامب التاجر المتعجرف الطماع والمتهور سياسياً، قد لا يستطيع تقبل هذه الإهانة الإيرانية التي تمثلت بإسقاط تلك الطائرة المسيرة، وسيجر المنطقة إلى إشعال أتون الحرب أخيراً فيما لو سدد ضربته لإيران التي لمح لها بتغريدته المبطنة تلك، لكن ربما أن ذلك يتوقف تماماً على طبيعة هذه الضربة ومداها، إلا إذا قرر وقيادته العسكرية رد الإهانة هناك على الأراضي السورية، لكني أستبعدُ ذلك لأنه سيكون انتصاراً مدوياً لإيران حينها، لماذا؟ لأن ضرب مصالح أو مواقع إيران العسكرية هناك وقواعدها في سورية لا يعتبر سيادياً بالنسبة لإيران، فهذه الأراضي ليست إيرانية، وهي تغاضت في السابق عن ضربات أمريكية مماثلة.

لكن هذا السيناريو قبل الأخير ربما يكون له مجال هنا، خاصة أنه لا أحد يتوقع كيفية الرد الإيراني فيما لو وجهت لها أمريكا ضربة عسكرية في عقر دارها، ولا حتى ترامب يتوقع هذه الكيفية، وربما لن تفلح حينها تلك المساعي الدولية التي ستنشأ من أجل التهدئة، ربما أن الشيء الوحيد المؤكد لدينا من بين خضم هذه التكهنات كلها هو الرد الإيراني على الضربة الأمريكية، وأن أمريكا ستخرج مثخنة مترنحة كما خرجت من حروبها السابقة في أفغانستان والعراق، لكن ذلك لا يهم بالنسبة للتاجر ترامب، فإيران ستخرج مثخنة أيضاً بينما المدللة دولة الاحتلال اليهودي ستكون هي الرابح الأوحد في المنطقة حسب ما يعتقده هو حتى اللحظة، وهذا ما يسعى إليه منذ تسلم الإدارة الأمريكية حتى لو كان على حساب أمريكا نفسها وحلفائها الخليجيين والعرب.

أنا لن أنام هذه الليلة أعزائي وتغريدة ترامب يبدو أنها ستُعكنن عليّ نهاية الأسبوع التي أنتظرها دائماً بفارغ الصبر بعد أسبوع من العمل الشاق، سأسهر وأنا أتوقع اندلاع الشرارة الأولى لهذه الحرب التي ستكون كبرى، والتي ستحرق المنطقة بأسرها وستحرق إسرائيل أيضاً، على عكس ما يتوقعه ترامب الآن، الإيرانيون هذه المرة لم يتبق لهم الكثير ليخسروه بعد الحصار ومنع تصدير نفطهم وانهيار ريالهم الدراماتيكي، لذا سيكون ردهم كالذي يقول، عليّ وعلى أعدائي.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

بشار طافش
كاتب أردني
بشار طافش هو كاتب أردني حامل لشهادة البكالوريوس في الاقتصاد، ومؤسس منظمة Warming Observers التي تُعنى بالتوعية بظاهرة الاحتباس الحراري واحترار كوكبنا، وأعمل في مجال الدواء مديراً لأحد مستودعات الأدوية في الأردن.
تحميل المزيد