ضغطت لحماية سرية أملاكها وبقاء اسكتلندا ضمن التاج البريطاني.. هكذا تدخلت إليزابيث الثانية في السياسة

عربي بوست
تم النشر: 2022/09/09 الساعة 08:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/27 الساعة 13:15 بتوقيت غرينتش

منذ أن فقد الملك تشارلز الأول رأسه عام 1649 في أعقاب الحرب الأهلية الإنجليزية التي اندلعت بين القصر والبرلمان، تم حصر الدور الدستوري لملوك بريطانيا تدريجياً إلى "تمثيل الدولة بأكملها"، والابتعاد عن السياسة وتفاصيل صنع القرار. إلا أن هذا لم يمنع إليزابيث الثانية تماماً من تمريري رسائلها.

بعد أن أكدت أزمة التنازل عن العرش عام 1936 هذه الحقيقة، عندما أصبح واضحاً أن البرلمان البريطاني لن يسمح حتى لإدوارد الثامن بالزواج من المطلقة الأمريكية التي أحبها، واليس سيمبسون، والبقاء ملكاً في نفس الوقت معارضاً الأعراف المعمول بها والمسموحة من قِبَل الكنيسة.

لذا فإن سبب تعطيل قدرة قصر باكنغهام، والملكة إليزابيث الثانية خلال فترة حكمها الطويلة، على التدخل في الشؤون السياسية للملكة هي ببساطة لأنه: موقف العائلة المالكة يتطلب دعم البرلمان، وبما يتفق عليه رأي أغلبيته.

توفت الملكة إليزابيث الثانية ليخلفها نجلها تشارلز - Wikimedia Commons
توفت الملكة إليزابيث الثانية ليخلفها نجلها تشارلز – Wikimedia Commons

هل كانت إليزابيث تمتلك رأياً سياسياً على الإطلاق؟

بالطبع، هذا لا يعني أن الملكة الراحلة لم يكن لديها آراء سياسية. لقد استذكر العديد من رؤساء وزرائها النصائح السياسية التي قدمتها في الاجتماعات التي تعقدها معهم كل أسبوع- لكن هذه المشاركات والتعليقات السياسية من ملكة بريطانيا السابقة إليزابيث الثانية، ظلت دائماً سرية.

وبينما تدرك العائلة المالكة أنها لا تستطيع البقاء على قيد الحياة إلا من خلال الظهور وكأنها "تسمو فوق الصراع السياسي"- لكن قرار الامتناع عن المشاركة في الواقع أبعد ما يكون عن السذاجة السياسة، وفقاً لموقع CNN الأمريكي. 

مناسبات اضطرت فيها العائلة الملكية أن "تلعب سياسة"

في عام 1917 مثلاً، وقرب نهاية الحرب العالمية الأولى، غيرت العائلة الملكية البريطانية اسمها الألماني الأصل من ساكس كوبرغ غوتة، إلى عائلة ويندسور، لكي تبدو إنجليزية أكثر وسط شعور واسع النطاق معاد للألمان مع اندلاع الحرب.

تأييدها للتطعيم ضد كوفيد-19 

كذلك تناقلت الصحف العالمية عام 2021، مشاركة الملكة التي بلغ عمرها آنذاك 95 عاماً، تجربتها عند تلقي لقاح كوفيد-19 مع مسؤولي الصحة الذين كانوا يروجون لتلقي اللقاح في جميع أنحاء المملكة المتحدة.

وقالت إن التطعيم "لم يؤذ على الإطلاق" وكان "سريعاً جداً"، وشجعت أولئك الذين يترددون في تلقي اللقاح في "التفكير في سلامة الآخرين".

وبحسب موقع CBS للأخبار، أضافت الملكة السابقة: "بمجرد حصولك على اللقاح، ستشعر، كما تعلم، أنك محمي، وهو، على ما أعتقد، مهم جداً".

تنحى الملك جورج الثامن لكي يتزوج من مطلقة أمريكية - Wikimedia Commons
تنحى الملك جورج الثامن لكي يتزوج من مطلقة أمريكية – Wikimedia Commons

وصف مقتضب للمسؤولين الصينيين

التقطت عدسات الكاميرات الملكة السابقة إليزابيث الثانية وهي تصف بعض المسؤولين الصينيين بأنهم "وقحون للغاية" عندما تحدثت إلى رئيس شرطة لندن عام 2016، عندما كانوا يشرحون لها مدى صعوبة تنظيم زيارة الدولة للرئيس الصيني.

اختلافها مع رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر

يُذكر أن علاقة إليزابيث الثانية برئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر كانت متوترة وحادة، لكن التوترات تصاعدت عندما قيل إن الملكة منزعجة من أسلوب قيادة تاتشر "غير المكترث" بمستقبل البلاد.

وقد بدأت تداعيات الخلاف بينهما عندما رفضت تاتشر دعم العقوبات ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، والذي كانت الملكة تخشى أن يقوض صلاحيات انضمام الدولة للكومنولث عام 1986.

ومع ذلك، رفض قصر باكنغهام في وقت لاحق التقارير التي تناولت خلافات الملكة مع تاتشر ووصفها بأنها "بلا أساس من الصحة"، بحسب موقع HuffingtonPost الأمريكي.

 التدخل لحفظ ممتلكات العائلة الملكية قيد سرية

قال المحامي الشخصي للعائلة الملكية ماثيو فرير لصحيفة The Guardian البريطانية، إن عملاءه من العائلة المالكة كانوا قلقين بشأن قانون مصمم للسماح لمديري الشركات بمعرفة هويات المساهمين.

ولو كان تم تمرير هذا القانون في مسودته الأصلية، لكان بإمكانه الكشف عن المكان الذي استثمرت فيه الملكة السابقة إليزابيث الثانية أموالها، وساعد في تتبع صافي ثروتها.

وبحسب موقع Newsweek للأخبار، كشفت وثيقة حكومية رفعت عنها السرية أن المحامي أخبر وزارة التجارة والصناعة أن موكليه أخذوا القضية "على محمل الجد".

وأضاف المحامي وقتئذ: "يُعتبر أي إفصاح عن الملكية النفعية للأسهم من قبل التاج، حتى لو اقتصر على أعضاء مجلس إدارة الشركات، أمراً خطيراً بسبب مخاوف التسريبات".

وبالفعل، تم تغيير القانون بحيث يتم إعفاء رؤساء الدول، بمن فيهم الملكة طبعاً.

اختلفت إليزابيث الثانية مع مارغريت تاتشر وسياساتها - Wikimedia Commons
اختلفت إليزابيث الثانية مع مارغريت تاتشر وسياساتها – Wikimedia Commons

عندما أثرت إليزابيث الثانية على قرار استقلال اسكتلندا

بدوره، كشف مراسل إذاعة BBC البريطانية، فرانك غاردنر، عام 2012، أن الملكة إليزابيث الثانية أخبرته أنها فوجئت بأن رجل الدين الإسلامي المتطرف أبو حمزة، لا يزال حراً. واعتذر الصحفي في وقت لاحق عن الكشف عن تصريحات الملكة.

وأثناء حملة سبقت الاستفتاء على الاستقلال في اسكتلندا، عام 2014، أخبرت إليزابيث شخصاً خارج الكنيسة عند انصرافها أنها تأمل في أن "يفكر الناس بعناية شديدة بشأن المستقبل".

 قبل أن يقرر الناخبون بأغلبية تجاوزت 55% آنذاك الاستقلال عن المملكة. بعد أن اعتُبرت تعليقاتها بمثابة تأييد لحملة "لا" في ذلك الوقت.

وكانت تلك إحدى اللحظات النادرة من الصراحة بالنسبة لشخص يدرك جيداً أن أي شيء ستقوله في الأماكن العامة حتماً ما سيلتقطه الصحفيون.

الصمت من ذهب

يختلف الوضع قليلاً مع أفراد العائلة المالكة الآخرين. وريثها الأمير تشارلز مؤيد صريح للقضايا البيئية، وكثيراً ما يكتب رسائل إلى وزراء الحكومة يعبر فيها عن آرائه.

كما اشتهر زوجها الأمير فيليب قبل وفاته في 2021 أيضاً بملاحظاته الصريحة وتعليقاته الساخرة التي دائماً ما كان لها إسقاط سياسي.

وقال المراقبون الملكيون إن الأمير تشارلز، الذي وصل لسدة الحكم وأصبح ملكاً بوفاة والدته الخميس 8 سبتمبر/أيلول عام 2022، سيتوقف عن التعبير عن آرائه بعدما يصبح ملكاً ويمارس مهامه.

فهو تدريجياً كان يستعد لدوره المطابق للقول المأثور القائل بأن "الصمت من ذهب".

تحميل المزيد