يعيش بعض الأشخاص حالات انفعالية غريبة، وزيادة في نسبة التوتر، كلما كانوا غير قادرين على تناول وجبات الطعام الخاص بهم في الوقت الذي اعتادوا عليه.
البعض يظن أن حالة الغضب هذه لها أسباب منفصلة عن حاجته للأكل وشعوره بالجوع، لذلك فهو يعاني منها بشكل متكرر، إلا أن هناك من هو واعي بشكل كبير بدور الجوع في تقلبات المزاج، مما يجعله حريص على تناول طعامه في المواعيد المعتادة، لتفادي الغضب بدون سبب.
وقد وجدت العديد من الأبحاث نتائج تأكد على أن التهيج وفقدان السيطرة على النفس والسمات الأخرى للغضب يمكن أن تكون فعلا علامة من علامات الجوع، وهذا ما يبرز تأثير الجوع على الأشخاص.
الرابط بين الغضب والشعور بالجوع
أكدت الدراسات أن هناك علاقة بيت تأثير الجوع والشعور بالغضب، إذ أشارت إحدى هذه الدراسات، إلى أن 64 شخص ممن سجلوا عواطفهم ومستويات الجوع لديهم خمس مرات يوميًا على مدار ثلاثة أسابيع.
وقد تمت الاشارة إلى أن الشعور بالجوع يزيد من مشاعر الغضب والتهيج ويقلل من مستويات المتعة المبلغ عنها.
فيما وجدت دراسة أخرى أن الجوع يسبب تحولًا سلبيًا في الحالة المزاجية، وهذا ما لاحظه الباحثون، الذين أشاروا إلى أن الأشخاص الجائعين كانوا أكثر عرضة للانزعاج بشكل عام ومن بعض الأسباب المحددة، بشكل خاص عند عدم التركيز على الحالة العاطفية.
بدأ الباحثون أيضًا في استكشاف كيف يمكن أن يكون الشعور بالجوع مؤثرًا، إذ في دراسة صغيرة للمتزوجين، ارتبط انخفاض مستوى السكر في الدم بضعف ضبط النفس وزيادة مشاعر العدوان تجاه الشريك الآخر.
كيف تعمل آلية الشعور بالجوع
هناك عدة عوامل مجتمعة تعمل على إعطاء الشعور بالجوع، والتي يجب فهما بشكل تفصيلي لتحديد آلية الشعور بالجوع بشكل صحيح.
إذ أنه عندما نأكل، يقوم الجهاز الهضمي، الذي يشمل المعدة والأمعاء، بتكسير الطعام، وهذا يرفع مستويات السكر في الدم.
لكن في في حال عدم تناول الطعام لفترات طويلة، أو بعد الساعة المحددة له، فهذا يؤدي إلى استنزاف هذه مستويات السكر في الدم، ومن أهم الأعراض التي يمكن أن تظهر في هذه الحالة هي الانفعال.
إذ تم ربط هذا الانفعال بنشاط بعض الهرمونات، بما في ذلك الأدرينالين، الذي يتم إطلاقه عندما تكون مستويات الجلوكوز في الدم منخفضة للغاية.
وكجزء من استجابة الجسم من أجل الهرب من الخطر الذي قد يحل به بسبب تأثير الجوع، يتسبب الأدرينالين في ارتفاع مستويات الجلوكوز، مما يجهز جسمك للدفاع عن نفسه.
وفي غياب التهديد الفعلي، يتسبب هذا الارتفاع في زيادة الطاقة. وهذا يؤدي إلى الأرق والانفعال وفقدان ضبط النفس.
تأثير الجوع الشديد
الجوع هو شعور طبيعي وفسيولوجي يعني الحاجة إلى تناول الطعام، إذ أنه عندما يبدأ الجسم في نفاد العناصر الغذائية التي يحتاجها، بيبب انخفاض مستويات الجلوكوز في الدم، تفرز المعدة وأمعاء، أو الجهاز الهضمي، هرمونًا يسمى جريلين.
ينتقل هذا الهرمون إلى الدماغ، فيحفز مراكز في الدماغ للتسبب في استجابة الجوع، وهنا تزداد الشهية ويفرز الجهاز الهضمي الأحماض.
قد تكون التأثيرات الفورية لاستجابة الجوع على الجسم والعقل غير مريحة، الشيء الذي قد يتسبب في مجموعة أعراض وهي:
- شعور بالفراغ في المعدة، جوع شديد
- صداع
- دوخة
- تهيج، انزعاج
- تعب ونقص الطاقة
- ارتعاش، وفقدان التوازن
- ضعف
يؤثر الجريلين أيضًا على مراكز اتخاذ القرار في الدماغ، جنبًا إلى جنب مع التهيج، يزيد الجوع من الاندفاع، مما يقلل من القدرة على على ضبط النفس.
وهذا قد يجعل البعض يقوم ببعض الأخطاء فيما يخص نظامه الغذائي، وتناول بعض الأشياء التي قد تكون مضرة، فقط من أجل الحد من الشعور بالجوع، وإطفاء حالة الغضب.
مخاطر أخرى قد يتسبب فيها عدم تناول الطعام
الجوع لفترات طويلة يعني فترات طويلة من انخفاض نسبة السكر في الدم، مما يسبب العديد من الأعراض الخطيرة على الصحة، من بينها سوء التغذية وزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة وهي كالتالي:
- انخفاض سكر الدم
- صعوبة التركيز
- الدوخة
- الرعشة وضعف العضلات
- ارتفاع معدل ضربات القلب
- مشاكل التنسيق العام
- التهيج والقلق
إذا استمرت مستويات سكر الدم في الانخفاض، فقد تزداد الأعراض حدة. وتشمل:
- عدم وضوح الرؤية
- عدم وضوح الكلام
- الرعشة الحادة
- الارتباك
- الإغماء
- النعاس في غير وقته
- الكوابيس، والاستيقاظ بالصراخ
- وخز أو خدر في الشفتين واللسان والخدين
- نوبات من النشاط الكهربائي في الدماغ
- نقص الطاقة
إذ عندما لا يحصل الجسم على السعرات الحرارية والعناصر الغذائية التي يحتاجها من الطعام، يؤدي هذا إلى التعب ونقص عام في الطاقة.
قد يكون التعب والنعاس المستمران حتى عند الحصول على قسط كافٍ من النوم، وهذا علامة على أنه لم يتم تناول ما يكفي من الطعام أو وجود خلل في النظام الغذائي.
الجوع وسوء التغذية
بمرور الوقت، قد تكون هناك عواقب وخيمة إذا لم يحصل الجسم على السعرات الحرارية والفيتامينات التي يحتاجها.
يمكن أن يكون تأثير الجوع على في تأثر أنظمة الجسم المتعددة عند نقصان مستويات الكربوهيدرات والبروتينات والفيتامينات والمعادن الأساسية مثل فيتامين سي والكالسيوم والعناصر الغذائية الأخرى في الجسم.
وهذا ما ينتج عنه سوء التغذية، التي يمكن معرفتها من مجموعة من الأعراض، من بينها فقدان الوزن غير المقصود، وفقدان الشهية، وقلة الاهتمام بالطعام، وشحوب الجلد أو سماكته أو جفافه، والاصابة بالطفح الجلدي، وتساقط الشعر بسهولة، والشعور بآلام المفاصل، ونزيف في اللثة، ثم عدم القدرة على الرؤية ليلاً.
كيفية التحكم في الجوع أو منعه
من أجل التحكم في حالات تأثير الجوع، يجب أولا تغيير العادات الغذائية، وتبني ممارسات معينة يمكن أن تساعد في منع الحالة وإدارتها، و تشمل مفاتيح التعامل مع الجوع ما يلي:
الحفاظ على رطوبة الجسم: تأكد من شرب كمية كافية من الماء، لأن هذا يؤثر على الجوع والهضم.
تناول وجبات خفيفة صحية: إذا كنت تشعر ببدء نوبة من الجوع، فإن تناول الوجبات الخفيفة يمكن أن يساعدك، لكن اختر وجبات خفيفة صحية وغنية بالعناصر الغذائية، مثل الجزر أو الفاكهة، وتجنب الخيارات عالية السعرات الحرارية أو عالية الملح أو عالية السكر، مثل رقائق البطاطس أو الحلوى.
تناول ما يكفي من الطعام: فكر في تناول الوجبات الخفيفة بشكل متكرر أو تناول وجبات صغيرة متعددة في اليوم، و إذا كنت تلتزم بثلاث وجبات، فتأكد من أنها مغذية بما فيه الكفاية؛ كما حاول زيادة البروتين في الصباح.
لا تتخطى وجبات الطعام الأساسية: يمكن أن يجعلك تخطي الوجبات تشعر بالجوع، لذا تأكد من تناول وجبات الإفطار والغداء والعشاء.
احصل على قسط كافٍ من النوم: يمكن أن يكون للنوم غير الكافي أو السيئ أيضًا تأثير كبير على تأثير الجوع ويزيد من العوامل الأخرى التي قد تجعلك تفوت وجبات الطعام، مثل التوتر والقلق، لذلك احصل على سبع إلى ثماني ساعات من النوم الموصى بها، واذهب إلى الفراش واستيقظ في أوقات ثابتة.