تريد أن تعيش حتى بلوغ سن الـ100 عام في صحة جيدة مثل أشهر المعمّرين في العالم؟ من المثير للاهتمام أن خبراء يعتقدون أنه مع وجود كمية كافية من الأوميغا 3 والخضراوات والفواكه في نظامك الغذائي، يمكنك تحقيق ذلك بالتأكيد.
لكن إحدى أهم النقاط المستقاة من الدراسات والأبحاث العلمية عن كيفية تناول الطعام، والعيش مثل "أكثر الناس صحة في العالم"، أن طول العمر لا يتعلق فقط بعادات غذائية محددة.
الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الزرقاء، وخمس مناطق في أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا والولايات المتحدة، المشهورة بأنها تضم أعلى تركيزات من المعمرين في العالم، يحركون أجسادهم كثيراً أيضاً.
حيث يتمتعون بدوائر اجتماعية تعزز السلوكيات الصحية، كما يستغرقون في التركيز للتخلص من التوتر، بسبب التزاماتهم الدينية والأسرية أيضاً.
لكن بالنسبة لما يضعونه في أفواههم، وكميته وتوقيته من وجبات غذائية وأطعمة صحية يتبعونها فهو الأمر الذي يستحق نظرة فاحصة.
في هذا التقرير نستعرض أشهر العادات الغذائية التي يتبعها المعمرون في المنطقة الزرقاء، المعروفة بمعدلات العُمر الاستثنائية، وكيف من الممكن أن يسهم ما تتناوله يومياً في قدرتك على العيش لمدة أطول وبصحة جيدة.
البحث في عادات غذائية شائعة بين المعمرين
كتب دان بوتنر، المستكشف والكاتب في ناشيونال جيوغرافيك، الذي بدأ عام 2000 في البحث عن أسرار أسلوب الحياة وطول العمر، حول هذا الموضوع، وذلك في كتاب (The Blue Zones Solution)، أو (حلول المنطقة الزرقاء)، الذي يتحدث فيه عن الأكل.
وبسؤال لماذا يجب أن ننتبه لما يأكله الناس في مجتمعات المنطقة الزرقاء المعزولة نسبياً؟ لأن وجباتهم الغذائية التقليدية تعود إلى حقبة ما قبل أن تغمر الولايات المتحدة الأمريكية العالم بنمطها في الوجبات السريعة الدهنية، المليئة بأطنان السكريات الضارة، ما رفع معدلات الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط، وأدى لتفشي السمنة، وفقاً للكاتب.
في المقابل يمتاز سكّان المنطقة الزرقاء بقلة المعاناة من الأمراض، مثل أمراض القلب والسمنة والسرطان والسكري، لذا من الواضح أنهم يفعلون شيئاً صحيحاً.
وقد حدد الباحثون 5 أماكن في العالم يكون للناس متوسط عمر متوقع طويل بشكل استثنائي، إذ يعيشون في كثير من الأحيان حتى 100 عام أو أكثر.
تشمل هذه المناطق شبه جزيرة نيكويان في كوستاريكا، وبلدة لوما ليندا في كاليفورنيا، وجزر أوكيناوا في اليابان، وسردينيا في إيطاليا، وإيكاريا في اليونان.
وبالرغم من أنها مناطق متباينة، وحتماً ما تمتلك ثقافات مختلفة في مطبخها الخاص، لكن وفقاً للأبحاث التي تتبّعها الكاتب، تم تلخيص ما تشترك فيه جميع المناطق الزرقاء فيما يتعلق بنظامهم الغذائي كالتالي:
- التوقف عن الأكل قبل الشعور بالامتلاء الكامل، وذلك عندما تكون المعدة ممتلئة بنسبة تقارب 80% تقريباً، لتجنب زيادة الوزن.
- تناول أصغر وجبة في اليوم في وقت متأخر من بعد الظهر أو في المساء.
- تناول الخضراوات بدون استثناءات، وخاصة البقوليات. وتقليل تناول اللحوم قدر الممكن، لكي تكون خمس مرات فقط في الشهر، في المتوسط.
نمط حياة صحي مليء بالتفاؤل والنشاط
بطبيعة الحال، هناك عدد من العوامل التي تؤثر على متوسط العمر المتوقع. تشير الأبحاث إلى أن الجينات مسؤولة عن حوالي 25% من عمر الشخص، مع النظام الغذائي والبيئة والتمارين الرياضية وعوامل نمط الحياة الأخرى التي تشكل الباقي.
وتُظهر الدراسات، وفقاً لصحيفة The Washington Post الأمريكية، أنه حتى إذا لم تبدأ حتى منتصف العمر في اتباع تلك العادات وتحسين نظامك الغذائي، فلا يزال بالإمكان إضافة عقد أو أكثر إلى متوسط العمر المتوقع.
النظام الغذائي وحده ليس العامل الوحيد المرتبط بارتفاع متوسط العمر المتوقع بالطبع، وقد أظهرت الدراسات طويلة المدى أن الأشخاص الذين يقيمون في مجتمعات معروفة بالعمر الطويل، عادة ما تكون لديهم روابط قوية بالأصدقاء والعائلة، والشعور بالهدف والنظرة الإيجابية للحياة.
كذلك فهم ينخرطون في مستويات عالية من النشاط البدني، ويقضون الكثير من الوقت خارج المنزل في الهواء الطلق، لممارسة نشاطات مثل البستنة أو الزراعة أو التواصل الاجتماعي مع أشخاص آخرين في مجتمعاتهم.
وبالنسبة للخطوات العملية فيما يتعلق بالتغذية الصحية، فهي كالتالي:
1- تناول كوب من البقول يومياً
تحظى البقوليات بشعبية خاصة بين الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الزرقاء. ويُعتبر فول الصويا والفاصوليا الجافة والعدس والحمص وغيرها جزءاً مهماً من النظام الغذائي التقليدي، علاوة على الأطعمة النباتية الأخرى الغنية بالألياف.
ووجدت دراسة علمية بمجلة PLOS Medicine أن تناول الكثير من الأطعمة الغنية بالألياف يُعزز الشعور بالشبع، ويُحسّن مستويات الكوليسترول والسكر في الدم. كما أنه يحمي من السرطان ومرض السكري، ويقلل من خطر الوفاة بسبب أمراض القلب أو السكتة الدماغية، وهما اثنان من الأسباب الرئيسية للوفاة في جميع أنحاء العالم.
2- تناول حفنة من المكسرات يومياً
المكسرات غنية بالفيتامينات والألياف والمعادن، وهي عنصر غذائي أساسي للعديد من سكان المنطقة الزرقاء. وقد وجدت دراسة بمجلة JAMA Medicine أن أولئك الذين تناولوا المكسرات أكثر من 4 مرات في الأسبوع كانوا أقل عرضة بنسبة 51% للإصابة بنوبة قلبية و48% أقل عرضة للوفاة بأمراض القلب، مقارنة بأقرانهم الذين تناولوا المكسرات ما لا يزيد عن مرة واحدة في الأسبوع.
3- إفطار الملوك وعشاء الفقراء
في مقولة شائعة في العديد من الثقافات، وأكدتها الأبحاث العلمية الحديثة، فإن الإنسان عليه دوماً تناول وجبة الإفطار مثل الملوك، والغداء مثل الأمراء، والعشاء مثل الفقراء.
إذ يميل الأشخاص في المناطق الزرقاء إلى تناول معظم السعرات الحرارية في وقت مبكر من اليوم، وليس في المساء، حيث يتوافق هذا النمط في الأكل مع ساعة الجسم الفطرية على مدار 24 ساعة، أو إيقاعات الساعة البيولوجية، والتي تجعل الجسم أكثر كفاءة في استقلاب وجبات الطعام في الصباح وبعد الظهر.
وتشير الدراسات إلى أنه عندما يتناول الأشخاص معظم السعرات الحرارية في وقت مبكر من اليوم، فهم يفقدون المزيد من الوزن، ويتمتعون بتحسّن في مستويات السكر في الدم ومستويات الكوليسترول، ويتقون عوامل الخطر الأيضية الأخرى، مقارنة بالأشخاص الذين يتناولون معظم سعراتهم الحرارية في وقت لاحق من اليوم.
كما أنهم يحرقون المزيد من الدهون، ويقل لديهم الشعور بالجوع عند اتباع جدول الأكل المبكر.
4- لا تأكل وحيداً أبداً!
في المناطق الزرقاء، من الشائع أن تأكل العائلات وجبة يومية واحدة على الأقل معاً، وعادة ما تكون وجبتهم في منتصف النهار، أو آخر وجبة في اليوم.
في حين أنه من الصعب على العائلات التي تعيش حياة مزدحمة أن تأكل كل عشاء معاً، فإن الأمر يستحق المحاولة قدر المستطاع، إذ تميل العائلات التي تأكل معاً إلى تناول المزيد من العناصر الغذائية، كما تأكل بشكل أبطأ.
وجد الباحثون في دراسة نشرتها مجلة JSTOR العلمية، أن المتزوجين الذين يعطون الأولوية للوجبات العائلية يبلغون عن مستويات أعلى من الرضا الزوجي. كذلك فإن الآباء والأمهات الذين يأكلون بشكل روتيني وجبات العشاء المطبوخة في المنزل مع أطفالهم، يستهلكون المزيد من الفواكه والخضراوات، ويكون أطفالهم أقل عرضة للإصابة بالسمنة.