مرارة الحلق والفم واحدة من الحالات التي قد تصيب البعض، حتى وإن لم تظهر بالتزامن معها أية علامات لأمراض بعينها، وبينما يكون الشعور بمرارة الفم أو الحلق مزعجاً في حد ذاته، إلا أنه قد يكون انعكاساً لمضاعفات خطيرة أو لبعض الاضطرابات التي تحدث نتيجة إصابات بعينها.
وقد يقترن شعور مرارة الفم والحلق والمذاق المعدني على اللسان بأعراض أخرى متباينة قد تسبب الخلط في تشخيصه بشكل صحيح، وهذه قائمة بأكثر الأسباب المحتملة لشعور مرارة الحلق والفم، وكيفية التعامل معها.
أبرز أسباب مرارة الحلق والفم: الارتجاع المعدي المريئي
تعتبر الإصابة بالارتجاع المعدي المريئي Gastroesophageal reflux disorder من أهم أسباب الشعور بمرارة الحلق والفم، وتعتبر حالة متقدمة إذا ما حدثت مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً، والارتجاع المعدي المريئي هو عودة حمض المعدة إلى أعلى بقوة تختلف بحسب درجة الإصابة، ويؤدي هذا إلى الشعور بالحرقة أو الألم في منطقة الصدر، وزيادة إفراز اللعاب، ما قد يسبب الارتجاع المعدي المريئي التهاب الحنجرة أو واضطرابات النوم، وبالطبع هذه الأحماض المعدية تتسبب في بخر المذاق المُر إلى اللعاب واللسان.
ولتجنب الشعور بالمرارة من جراء الارتجاع المعدي: التوقف عن التدخين، تناول الطعام ببطء، ومضغه جيداً وتجنب الأطعمة والمشروبات التي تسبب الارتجاع مثل الأطعمة الحارة والمقلية والدسمة، والمشروبات القوية مثل القهوة السريعة أو المغلية.
ارتفاع مستويات القلق والتوتر
واحد من الأسباب التي عادة لا يربطها الكثيرون بمرارة الحلق والفم، ولكن بحسب دراسة طبية أجريت عام 2012 وألحقت بدراسة أحدث في عام 2018 ثبت أن هناك علاقة وثيقة بين مستويات التوتر والقلق المرتفع وازدياد الشعور بالمرارة والمذاق المعدني في الفم واللسان والحلق، والسبب يعود إلى تقليل إفراز اللعاب في الفم، ما يسبب جفاف الفم، الذي هو السبب التالي لشعور مرارة الحلق والفم، كما يجدر بالذكر أن المذاق المعدني على اللسان أو مرارة الحلق والفم قد يشير إلى الإصابة بمرض خطير، مثل مشاكل وظائف الكلى أو الكبد.
ولتقليل الشعور بالتوتر يُنصح بممارسة الرياضة أو التأمل والإكثار من الأطعمة التي تحتوي على أحماض أوميغا 3 الدهنية، وتجنب الكافيين واستبداله بالشاي الأخضر.
جفاف الحلق أيضاً
بالنظر إلى السبب السابق الذي يؤدي إلى هذا السبب، نجد أن هناك عدة أسباب أخرى قد تسبب جفاف الفم، والذي يؤثر بدوره على مستويات إفراز اللعاب الذي هو مسؤول أساسي عن ترطيب الحلق والفم، والذي من أسبابه التقدم بالعمر، إذ يعاني العديد من كبار السن من جاف الفم بعد ضعف إفرازات غدد اللعاب، أو نتيجة تناول أدوية بعينها مثل داء السكري، كما يسبب التدخين ومضغ التبغ جفاف الفم.
ومن أبرز النصائح للتخلص من جفاف الفم شرب المياه بانتظام بمعدل 6 أكواب يومياً، كما يمكن مضغ العلكة "اللبان" الخالي من السكر، أو تناول "استحلاب" الحلوى السكرية الجافة، والتوقف عن التدخين ومضغ التبغ كما يمكن استعمال غسول فم متخصص لتطهير الفم وزيادة إفراز اللعاب.
من أعراض الحمل
من بين أسباب الشعور بالمرارة في الفم والحلق الحمل؛ إذ تظهر رائحة غير اعتيادية وأحياناً غريبة أو معدنية في فم وحلق المرأة الحامل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وبينما لا يوجد سبب محدد بعينه لهذه الحالة باستثناء التغيّرات الطبيعية في جسم المرأة عند الحمل، ينصح الأطباء المرأة الحامل في هذه الحالة بشرب المياه بكثرة، والمواظبة على ممارسة تمارين اللياقة البدنية المعتدلة.
مشاكل الأسنان وضعف العناية بالفم
قد يتسبب سوء العناية بنظافة الأسنان في مرارة الحلق والفم، وقد يؤدي هذا أيضاً إلى المعاناة من تجاويف السن (التسوس)، والتي تكون عرضة لتكون البكتيريا والجراثيم وتسبب الالتهابات، وأمراض اللثة المختلفة، وبالطبع تؤدي كل هذه الأشياء إلى الشعور بهذا المذاق المر في اللسان والفم.
ويمكن تجنب العديد من مشاكل الأسنان عن طريق تنظيف الأسنان بالفرشاة والمعجون والخيط بانتظام، كما يُنصح باستخدام غسول فم آمن طبياً ومضاد للبكتيريا، والذي يساعد بدوره في إنهاء الكثير من مشاكل اللثة ورائحة الفم.
متلازمة الفم الحارق
هي حالة تسبب الشعور بالحرقان في الفم وجوانب وباطن اللسان، ومن بين أعراضها مرارة الحلق والفم برغم عدم شيوعها، ورغم أن علامات وأعراض متلازمة الفم الحارق قد تظهر بشكل متقطع، إلا أنها قد تتحول إلى حالة مزمنة وتستمر لفترات طويلة، وهذه الحالة يعاني المصابون بها من صعوبة الأكل أو الشرب وحتى البلع.
ويُنصح في هذه الحالة بمتابعة دقيقة مع طبيب متخصص في أمراض الفم والحنجرة، وتجنب الأطعمة الحارة وشرب المياه مع الالتزام بالعلاج للمتلازمة.
بعض الأدوية والعقاقير قد تسبب مرارة الحلق والفم
سبب آخر هام قد يسبب هذه الحالة، ألا وهو تناول بعض الأدوية أو العلاجات الطبية، وقد تكون نتيجة مذاقها المر، أو لأن المواد الكيميائية الموجودة فيها تفرز في اللعاب، وبالطبع إذا استمرت الحالة بالتزامن مع تناول نوع علاج معين يجب على الشخص استشارة الطبيب.
علاج آخر يسبب مرارة الفم والحلق، إذ قد يؤدي العلاج الكيميائي والإشعاعي في حالات السرطان إلى تهيج براعم التذوق لدى البعض، ما قد يؤدي إلى الشعور بمرارة الأطعمة والمشروبات.