أعنفها استمر 51 يوماً وراح ضحيتها الآلاف.. 5 حروب شنّتها إسرائيل على قطاع غزة منذ الحصار

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/10 الساعة 13:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/10 الساعة 15:13 بتوقيت غرينتش
حروب إسرائيل على غزة لم تتوقف منذ فرض الحصار عليها/ الأناضول

حروب إسرائيل على غزة لم تتوقف منذ فرض الحصار؛ فقد شهدت غزة سلسلةً من العمليات العسكرية التي شنّتها قوات الاحتلال، منذ إخلائها المستوطنات عام 2005 و"انسحابها" من القطاع، الذي يُعدّ أكثر المناطق كثافةً سكانية في العالم، حيث يقطنه أكثر من مليوني فلسطيني. 

ومنذ الحصار الخانق الذي فرضته قوات الاحتلال على القطاع عام 2006، وعزّزته في الـ2007، فإن غزة عبارة عن سجنٍ بشري كبير وجميع المعابر المحيطة بها مغلقة. لا يُمكن النزوح من غزة، بل فيها، من حيٍّ إلى آخر فقط.

منذ ذلك الحين، يتعرض القطاع لاعتداءاتٍ إسرائيلية على مرّ السنين؛ بعضها بهدف استعادة أسراها من المقاومة الفلسطينية، وبعضها لاغتيال قيادات حركات المقاومة، أو القضاء على شبكة الأنفاق. 

حروب إسرائيل على غزة 

ورغم أن العنوان الكبير لتلك الاعتداءات كان يندرج تحت إطار "العملية العسكرية"، فإن جميع هذه العمليات استهدفت فلسطينيين مدنيين -نساءً وأطفالاً- مدمّرةً تجمعات سكنية بأكملها، ومشرّدةً آلاف العائلات.  

وفي وقتٍ يحتاج فيه العالم أن يرى حقيقة ما يجري بحق الفلسطينيين، فهذا تذكير بأبرز حروب إسرائيل على غزة طيلة 16 عاماً من الحصار، والتي تحوّل بعضها إلى حروبٍ استمرت لأسابيع وخلّفت آلاف الشهداء الفلسطينيين. 

1- عملية الرصاص المصبوب/ معركة الفرقان 

في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008، بدأ الاحتلال الإسرائيلي عدوانه العسكري على قطاع غزة بعمليةٍ أطلق عليها اسم "الرصاص المصبوب"، في حين اختارت المقاومة الفلسطينية أن تسمّيها "معركة الفرقان".

جاء هذا العدوان بعد انتهاء تهدئةٍ دامت 6 أشهر، بين الاحتلال وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" برعاية مصرية، لم يلتزم خلالها الاحتلال باستحقاقات التهدئة، وأهمها رفع الحصار عن غزة. 

استمرّ العدوان الإٍسرائيلي 23 يوماً، وقد استخدم فيه الاحتلال أسلحة محرّمة دولياً، مثل الفسفور الأبيض واليورانيوم المنضب، كما أطلق نحو ألف طن من المتفجرات باتجاه قطاع غزة. 

أسفر هذا العدوان عن أكثر من 1400 شهيد فلسطيني، من بينهم 926 مدنياً و412 طفلاً و111 امرأة، إضافةً إلى نحو 5400 جريح. فيما تشرد أكثر من 9 آلاف شخص، بعد تهديم بيوتهم بالكامل. 

استهدف الاحتلال خلال معركة الرصاص المصبوب كل المرافق الحيوية والبنى التحتية في القطاع. فقد دمّر 34 مرفقاً صحياً، و67 مدرسة، إضافةً إلى 27 مسجداً.

هدفت قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى "إنهاء حكم حركة حماس في القطاع"، لكن من أهدافها غير المعلنة كانت محاولة الوصول إلى مكان جنديها الأسير جلعاد شاليط. 

قصف إسرائيلي على غزة خلال معركة الفرقان/ Wikipedia
قصف إسرائيلي على غزة خلال معركة الفرقان/ Wikipedia

2- عمود السحاب/ حجارة السجيل

في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، أقدم الاحتلال الإسرائيلي على اغتيال أحمد الجعبري، قائد كتائب عز الدين القسام – الجناح العسكري لحركة حماس. وقد حدث ذلك رغم اتفاق التهدئة مع الفصائل الفلسطينية، برعايةٍ مصرية، خلال حكم الرئيس محمد مرسي. 

وعلى مدى 8 أيامٍ بعد عملية الاغتيال، شنّت قوات الاحتلال عدواناً جديداً على غزة تحت اسم "عمود السحاب"، بينما قابلتها المقاومة الفلسطينية بمعركةٍ أطلقت عليها اسم "حجارة السجيل". 

زعم وزير الدفاع الإسرائيلي حينها، إيهود باراك، أن الهدف من عملية عمود السحاب هو القضاء على ما سماه "أوكار الإرهاب الفلسطيني في قطاع غزة، وتصفية كل من يقف وراء إطلاق الصواريخ الفلسطينية ضد إسرائيل".

استشهد في هذا العدوان نحو 180 فلسطينياً، من بينهم 42 طفلاً و11 امرأة، وجُرح أكثر من 1300 آخرين. وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، تم وقف إطلاق النار وإعلان اتفاق تهدئة من القاهرة.

3- الجرف الصامد/ العصف المأكول 

كانت الأعنف، واستمرت 51 يوماً، وقد اندلعت بعد أن اغتال الاحتلال الإسرائيلي 6 أعضاء من حركة حماس زعمت أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، وهو ما نفته "حماس".

وفي السابع من يوليو/تموز 2014 أطلقت قوات الاحتلال رسمياً عملية "الجرف الصامد"، وقد صرّح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أن هدف العملية تدمير شبكة الأنفاق التي بنتها المقاومة تحت الأرض في غزة.

ردّت عليها المقاومة بمعركة "العصف المأكول"، بعدما اختطف مستوطنون الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير وعذبوه وقتلوه حرقاً. وخلال 51 يوماً، شنّ جيش الاحتلال نحو 60 ألف غارة على قطاع غزة، أسفرت عن 2322 شهيداً وأكثر من 10 آلاف جريح. 

ففي تقريرٍ أممي قُدّم عام 2015 بجنيف أمام أعضاء مجلس حقوق الإنسان، أحصى 142 عائلة على الأقل فقدت 3 أفراد -أو أكثر- في هجومٍ على المباني السكنية أثناء الحرب.

وأشار التقرير إلى مقتل مئات المدنيين الفلسطينيين في منازلهم، خاصة من النساء والأطفال، مرفقاً بشهادة لأحد أفراد عائلة النجار بعد غارةِ أدّت إلى مقتل 19 من أفراد عائلته في خان يونس.  

توقف العدوان بموجب مبادرة مصرية، وضعت خلالها القاهرة شروطاً على "حماس"، من بينها أن يتولى أمن السلطة الفلسطينية في رام الله شؤون معبر رفح عند فتحه، وألا يكون مفتوحاً طوال الوقت.

وجاء وقف الحرب في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2014 بعد مفاوضاتٍ مع المقاومة الفلسطينية، وضغطٍ دولي رافقته إدانة للعدوان، من قِبل دول ومنظمات إنسانية وحقوقية مختلفة. 

<small>منزل عائلة كوارع الذي قصفته طائرات الاحتلال وقتلت 11 مدنياً في معركة العصف المأكول/ Wikipedia</small>
منزل عائلة كوارع الذي قصفته طائرات الاحتلال وقتلت 11 مدنياً في معركة العصف المأكول/ Wikipedia

4- حارس الأسوار/ سيف القدس

تُعتبر "سيف القدس" أول معركة تبدؤها فصائل المقاومة الفلسطينية، في ردّ فعلٍ على تصعيد الاحتلال الإسرائيلي، وشكلت مفارقة مع توجيه الضربات إلى داخل أراضي العدو.

هذه المرة انطلقت شرارة المعركة من القدس، بعدما قررت محكمة الاحتلال العليا عام 2021 إخلاء منازل 7 عوائل فلسطينية داخل حي الشيخ جراح في القدس وطردهم، بهدف إسكان مستوطنين مكانهم.

رفض المقدسيون هذا القرار وتمردوا عليه، ما تسبّب في اشتباكات مع المستوطنين وشرطة الاحتلال التي استخدمت الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت، خلال اعتدائها على مشاركين في وقفة تضامنية مع أهالي حي الشيخ جراح.

كما اعتقلت 6 أشخاص من سكان الحي، وأصابت أكثر من 136 فلسطينياً بجروح، ما زاد الأوضاع حدةً التي عادت وتفجَّرت مساء 7 مايو/أيار، بعدما اقتحم آلاف من جنود شرطة الاحتلال باحات المسجد الأقصى واعتدوا على المصلّين، فأُصيب نحو 205 فلسطينياً.

مع ارتفاع حصيلة الإصابات إلى أكثر من 300 فلسطيني، وعدم اكتراث شرطة الاحتلال بتحذير المقاومة الفلسطينية لإطلاق سراح المعتقلين، أطلقت المقاومة أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل استهدفت مطار رامون ومدناً أخرى.

فأعلنت قوات الاحتلال الجوية ما سمتها عملية حارس الأسوار، التي استمرت 11 يوماً، وبدأت بقصف قطاع غزة؛ وهو ما تسبب ببدء الحرب التي أسفرت عن نحو 250 شهيداً فلسطينياً وأكثر من 5 آلاف جريح. 

كما قصفت إسرائيل أبراجاً سكنية عدة، وأعلنت عن تدمير نحو 100 كيلومتر من الأنفاق في غزة. وبعد وساطات وضغوط دولية، تم وقف إطلاق النار في 21 مايو/ أيار 2021. 

هدم منزل آل صالحية أدى إلى تشريد الأسرة المكونة من 18 فرداً/ رويترز
هدم منزل آل صالحية أدى إلى تشريد الأسرة المكونة من 18 فرداً/ رويترز

5- الفجر الصادق/ وحدة الساحات

في 5 أغسطس/آب 2022، بدأت قوات الاحتلال الجوية عدوانها على قطاع غزة من خلال شن غارات جوية في وقت متوازٍ على امتداد القطاع، بعدما ادّعت أن الغارات استهدفت قياديين وأهدافاً عسكرية تابعة لحركة الجهاد الإسلامي، من بينهم قائد المنطقة الشمالية لسرايا القدس. 

لكن معظم الذين استشهدوا في الغارة الأولى، من قياديين ومقاومين ينتمون إلى حركة الجهاد الإسلامي، لم يكونوا في مواقع قتالية، بل في منازل سكنية. وبالتالي، فإن شهداء هذا اليوم كانوا معظمهم من الأطفال.

أطلق الاحتلال على هذه العملية اسم "الفجر الصادق"، لتأكيد تركيزها على حركة الجهاد التي تتخذ اللون الأسود شعاراً، بحسب بيان لجيش الاحتلال.

وردت حركة الجهاد الإسلامي بعملية "وحدة الساحات"، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى.

جاءت عملية اغتيال قائد المنطقة الشمالية في ظل جهودٍ مصرية لمنع تدهور الأوضاع، إثر إقدام قوات الاحتلال على اعتقال القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي في جنين بالضفة الغربية، بسام السعدي.

وقد أفادت وزارة الصحة في قطاع غزة بأن عدد الشهداء في هذه الحرب بلغ 24، من بينهم 6 أطفال، في حين أصيب 203 بجروح مختلفة، منذ بداية الغارات الإسرائيلية على غزة.

تحميل المزيد