عجز صلاح الدين عن استردادها.. من هو الشاب الذي حرّر “عكا” من الصليبيين بعد احتلالها 200 عام؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/16 الساعة 11:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/16 الساعة 12:28 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية للسلطان المملوكي خليل بن قلاوون، لوحة رسمت عام 1840 تصور فتح عكا 1291. / ويكيبيديا

أنت فتحت عكا؟ دائماً ما نجد في هذه الجملة رداً تهكمياً على كل شخص يقدم على فعل شيء مع شعوره ببذل مجهود كبير وتحمله مشقته، لنجد فى المقابل شخصاً يقول له: "قال يعني فتحت عكا! أو أنت فتحت عكا يا أخي؟!"، كإشارة إلى أن هذا الشخص مهما فعل من جهد فلن يكون مثل فتح "عكا"، وذلك لما يمثله فتح عكا من موقعة تاريخية عظيمة وعمل جليل. 

على الرغم من ذلك نجد الكثيرين منا، إن لم تكن الغالبية، لا يعرفون من هو فاتح عكا، ومَن القوى المعادية التي كانت تستولي عليها، ولماذا فتح عكا تحديداً ودون غيرها من فتوحاتنا العظيمة التي أصبحت مضرباً للأمثال، بل وهناك من لا يعرف أين تقع مدينة عكا على الخريطة العربية!!

تعد مدينة عكا من أقدم وأهم المدن الفلسطينية نظراً لموقعها المتميز، حيث تطل على البحر الأبيض المتوسط، ما جعلها قبلة يقصدها كل طامع في بلاد الشرق، وما تمتلكه هذه البلاد من خيرات وفيرة وطبيعة ساحرة، ومن ثم تعدد الغزاة والاحتلالات كالروم والفرس والصليبيين وغيرهم، وفي المقابل تعددت الفتوحات لمدينة عكا.

أما عن الفتح المقصود هنا والذي يعد أبرز وأهم الفتوحات هو ما كان على يد السلطان المملوكي "الأشرف خليل بن قلاوون" عام ١٢٩١م، وذلك بعد احتلال صليبي دام لـ100 عام.

سقطت مدينة عكا في قبضة الصليبيين مرتين، كان أولهما مع الحملة الصليبية الأولى نهاية القرن الـ11، وقد تمكن الناصر صلاح الدين الأيوبي من فتحها، ثم سقطت مجدداً مع مجيء الحملة الصليبية الثالثة عام ١١٩١م بقيادة "ريتشارد" ملك إنجلترا، و"فيليب أغسطس" ملك فرنسا، و"فردريك برباروسا" إمبراطور ألمانيا.

لكن لم يتمكن الناصر صلاح الدين الأيوبي من استعادتها هذه المرة، وظلت المدينة رهينة الاحتلال الصليبي قرناً من الزمن، فتحولت مدينة عكا خلاله إلى العاصمة الثانية للصليبيين، حيث كانت مدينة بيت المقدس عاصمة الصليبيين الأولى في بلاد المشرق العربي، وذلك إلى أن قام صلاح الدين بتحرير المدينة في أعقاب معركة حطين الشهيرة.

لوحة رسمت عام 1840 تصور فتح عكا 1291 / ويكيبيديا

من هنا أصبح لمدينة عكا أهمية كبرى لدى الطرفين على السواء، فعلى الجانب الصليبي كانت تمثل العاصمة مركز القيادة والمعقل الأخير لهم في بلاد الشرق بعد فتح غالبية المدن العربية.

وعلى الجانب العربي مثلت "عكا" الجزء المفقود من الجسد العربي، والذي لابد من استرداده بأي ثمن، هذا بالإضافة إلى الخطورة الكامنة في بقاء المدينة في القبضة الصليبية، والمتمثلة في استخدام "عكا" كرأس حربة لإطلاق حملات صليبية جديدة، والعمل على احتلال المدن العربية مجدداً، لاسيما مدينة بيت المقدس الهدف الصليبي الأسمى.

لذلك كان فتح "عكا" الحلم المنشود الذي سعى إلى تحقيقه الكثير من قادة المسلمين، إلى أن جاء السلطان "الأشرف خليل بن قلاوون" ليكمل مسيرة والده السلطان "قلاوون"، ويفتح مدينة عكا آخر معاقل الصليبيين، وذلك في عام ١٢٩١م، وبهذا الفتح يكون قد طوى صفحات الحملات الصليبية في سجل التاريخ العربي.

فكل التحية للقائد العظيم السلطان المملوكي "الأشرف خليل بن قلاوون"، والذي يجهله الكثير على الرغم من قيامه بعمل جليل كان ومازال وسيظل مضرباً للأمثال.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

غادة عبد الرحمن
كاتبة مصرية ماجستير في القانون العام
كاتبة مصرية ماجستير في القانون العام
تحميل المزيد