7 رسائل من غزة إلى عالم ينهار.. كيف ينظر المحاصرون إلى الخارج؟ وما هي مطالبهم؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/03/25 الساعة 08:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/03/25 الساعة 08:52 بتوقيت غرينتش

أضحت غزة مكاناً يختزل العالم بأكمله، مكاناً تُتجاوز فيه كل الأفعال والمشاعر الإنسانية المتناقضة حتى جاءت رسائل من غزة تكشف لنا الكثير من المأسي التي سنسردها لاحقاً.

تطلّ مدينة غزة أثناء الحرب من خلال هذه الرسائل، أحياناً عابسة، وشاحبة. تظهر كامرأة، وأحياناً كرجل. تظهر كمأساة، ومنازل وحيوات لم تعد موجودة. تظهر كصخب هيبستري، كأرض قاسية لا تحمي شعبها بالجبال والمرتفعات، وأحياناً حنونه ببحرها وسهولة أرضها، أو كعشق يتلبد القلب. لكن في كل الأحوال لا تظهر غزة وحدها، فهي تأتي في هذه الرسائل بصحبة أناس آخرين، يدور بينهم وبين العالم حوار متلعثم. يمكن سماعه واضحاً من صراخ الألم تارة، ويتطلب إرهاف السمع تارة أخرى.

أي رسالة هنا هي مغامرة حقيقية، ولا يمكن ضمان وصولها، إذ إن أشياء كثيرة قد تحدث في الطريق. وحتى لو تسلمّها المرسل إليه وفض مغاليقها، فإن ذلك لا يعني وصولها. فالرسالة هي إيماءة في اتجاه آخر، ومحاولة لبدء كلام مؤجل. قد يبدأ هذا الحوار عند تسلّم الرسالة، وقد لا يتحقق ذلك. وقد يبدأ في لحظة تالية بين أطراف ليس بينهم المرسل أو المرسل إليه.

فهل يمكن أن تصل هذه الرسائل إذاً؟ ليست اللغة هي العقبة الممكنة في طريق وصولها، بل حصار ودول ومصالح وشركات وفلسفات ورؤى بشر آخرين ظنوا أنهم يملكون الحق ليحاصروا ويبيدو شعباً يريد الحياة.

في محاولة لتوثيق ونقل الواقع الإنساني والمشاعر العميقة لأهل غزة تحت الحصار، نقدم لكم تجميعة رسائل مستقاة من قلب الأحداث. هذه الرسائل، التي تم تجميعها بعد التواصل المباشر مع بعض سكان غزة الصامدين في وجه الحرب وقسوتها، تعبر عن مشاعر خام وصادقة، بعيدة كل البعد عن الزيف أو التجميل. من خلال استطلاع رأيهم، سعينا إلى فهم تغيرات في نظرتهم تجاه العالم، بما في ذلك الأنظمة العربية، قبل وبعد النزاع. الأسئلة التي طرحناها كانت على النحو التالي:

1- كيف تغيرت نظرة أهل غزة تجاه العالم والأنظمة العربية قبل وبعد الحرب؟

2- في تجسيد غزة ككيان يمكن التحاور معه، ماذا كان سيُقال لها؟ وهل يُنظر إليها على أنها امرأة أو رجل؟

3- ما هي الرسائل التي يرغبون في إرسالها إلى العالم إذا أتيحت لهم الفرصة للتحدث إليه كشخص؟

4- لو أن الشعب العربي شخص واحد، ما هي الرسائل التي يودون توجيهها إليه؟

في رحاب هذا التقرير، نبحر نحو غزة، لتخفيف معاناتها، ولو بكلمات، تخترق جدران الصمت التي تحيط بالعالم. هنا، نترك لأهلها مساحة حرة، تسمو فوق القيود، ليرسموا بكلماتهم لوحات تنبض بآلامهم ورؤاهم لغدٍ قد يزهر على أرضهم.

في هذه السطور، ننسج من الكلمات ما يحاكي حقيقة مشاعر أهل غزة، مجردةً من كل زينة أو زخرفة، لتظهر للعيان صورة الحرب في مشاعرهم، بوجهها الحقيقي العاري، بلا تجميل أو تزييف، معبرة عن جراح غائرة و أمنيات معلقة بين السماء والأرض.

 الرسالة الأولى: لا يمكن أخذ هذا العالم على محمل الجد

بعد التحية والسلام..

اسمي أ.أ من غزة 

كنت أدرس الفلسفة قبل الحرب، ورغم إدراكي لمقدار القبح الذي يسكن العالم، أشعر بالحزن والألم الشديدين من الذي أشاهده كل يوم: من أب يحاول جمع أشلاء أولاده، الذين مزقهم الانفجار، في كيس؛ وفي مشهد آخر، تحاول أم على وشك الموت أن تداعب طفلها الباكي وتواسيه، تخيل أن الموت مع هذه السيدة كان أرحم من هذا العالم، فأعطاها دقائق وربما ثوانٍ لا أدري لتداعب طفلها قبل أن تصعد روحها لسماء بجوار ربها وتترك ابنها في هذا العالم.

في الواقع ليس لديّ الكثير لأقوله للعالم، أو لناس خارج حدود غزة، تشاهد أو تقرأ ما يحدث هنا وهي تشرب قهوتها، فكما يقول ميلان كونديرا: "لا يمكن أخذ هذا العالم على محمل الجد"، لقد فقدت العالم بأكمله أو فقدني هو.. لا أعلم!

مع مودتي..

أمام واقع شديد الظلمة، وجد أهل غزة في اللامبالاة ملاذاً، مدركين أن العالم لا ينتفض لمساعدتهم أو حتى إنقاذ أطفالهم، فهو يقف إما داعماً لظلمهم أو عاجزاً عن مناصرتهم، لذلك لم يعد العالم بدوله بمؤسساته مصدراً لأي توقعات أو أماني. ففي غزة، تحت وقع القصف والدمار، تبدو الحياة كقصيدة حزينة، يتجدد ألمها مع كل فجر يطل، وتزداد كلماتها وجعاً مع كل روح ترحل، تاركة وراءها قصصاً من الألم والفقد، تحكي عن حقبة من التاريخ، حيث فقدت الإنسانية معناها في زوايا غزة البائسة. إذ تستمر همجية الاحتلال بلا هوادة في حصد أرواح أطفال غزة ونسائها وشيوخها، دون أن تفرض المحاكم أو المنظمات الدولية أو الدول قرارات تجبر الاحتلال على وقف المجزرة، حتى إنه في الساعات التي تلت صدور القرار المبدئي لمحكمة العدل الدولية، الذي أمر بضرورة قيام الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ 6 تدابير وقائية لمنع خطر حدوث إبادة جماعية، بالإضافة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع قتل الفلسطينيين أو خلق ظروف معيشية قاسية مصممة لتدميرهم جزئياً أو كلياً، كان قد لقي أكثر من 300 مدني في غزة حتفهم بالفعل تحت وابل من قنابل الاحتلال التي لم تأبه لأي قرار، وتوالت سقوط الأرواح بسرعة مفجعة، كأنما لم يكن هناك حكم صادر ولا محكمة في الأساس.

ولمزيد من التفاصيل يرجى الضغط هنا.

تحميل المزيد