كالمستجير من الرمضاء بالنار. هذا هو حال الساعين إلى الهجرة أو اللجوء أو النزوح أو أياً كان المسمى التقني، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
وإذا كانت صورة الطفل السوري الذي قضى غرقاً مع عائلته في رحلة الهروب من جحيم الحرب إلى أوروبا، قد أطلقت موجة عالمية من التعاطف أدت إلى أن تفتح أوروبا أبوابها لموجة مليونية من اللاجئين السوريين عام 2015، فإن الموقف الآن مختلف تماماً.
فموجات الهجرة من الجنوب تزداد بشكل لافت، لكن أبواب أوروبا موصدة في وجه المهاجرين، شرعيين كانوا أو غير شرعيين، فقد أصبح ملف الهجرة، أو لأغراض الدقة "ملف تنظيم الهجرة"، أصبح القضية الرئيسية في أي انتخابات أوروبية، محلية كانت أو عامة، خلال السنوات الأخيرة.
لكن عالم 2015 ليس هو عالم 2023، والمؤكد أن الأخير أكثر قسوة على هؤلاء المستجيرين من الرمضاء بالنار! فالحرب فقط لم تعد السبب الوحيد للهروب من أوطان ضاقت بأهلها وقست عليهم، إذ زاد التغير المناخي الطين بلة، وتعددت أسباب محاولات الهجرة، حتى وإن كانت فرص النجاة ضئيلة.
لكن موقف أوروبا نفسه تغير أيضاً، فالهم الأكبر لسياسييها أصبح كيفية سد الأبواب في وجه الساعين إلى الهجرة إليها، فأين الملاذ؟ ومن الجاني؟ أسئلة كثيرة من الصعب القفز بحثاً عن إجابات لها دون أن نقف على أصل القصة وجذورها، فمعرفة الأسباب لا غنى لها في رحلة البحث عن إجابات أو حلول.