بعد موافقة أردوغان على انضمام السويد إلى الناتو.. هل حصلت تركيا على ما تريد من أوروبا وأمريكا؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/07/11 الساعة 10:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/12 الساعة 17:24 بتوقيت غرينتش
قمة ثلاثية بين ستولتنبرغ وأردوغان وكريسترسون في ليتوانيا انبثق عنها موافقة أنقرة على انضمام السويد لحلف الناتو/ الأناضول

بعد نحو عام على تقدم السويد بطلب الانضمام لـ حلف الناتو وعرقلة تركيا ذلك، وافقت أنقرة أخيراً، الإثنين 10 يوليو/تموز 2023، على السماح بانضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، حيث خيم بروتوكول انضمام السويد إلى الحلف على التحضيرات لقمة الناتو التي تعقد الثلاثاء في ليتوانيا، إلا أن السويد وتركيا توصلتا إلى تسوية للخلافات بينهما في ربع الساعة الأخير بحسب وكالة فرانس برس.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبيل مغادرته للمشاركة في قمة الناتو في فيلنيوس، قال إنه على الاتحاد الأوروبي أن يفسح المجال أمام انضمام أنقرة إلى التكتل القاري قبل أن توافق تركيا على طلب السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. فهل حصلت أنقرة على ما تريد من أوروبا؟

أردوغان يوافق والغرب يرحّب

عقب محادثات في فيلنيوس مع أردوغان ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ: "يسرني أن أعلن أن الرئيس أردوغان وافق على عرض بروتوكول انضمام السويد" على البرلمان "في أسرع وقت ممكن، وعلى العمل مع المجلس لضمان المصادقة" عليه، مضيفاً: "إنه يوم تاريخي".

وتابع ستولتنبرغ بأن "استكمال انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي خطوة تاريخية تفيد أمن كل الحلفاء في حلف شمال الأطلسي في هذه الأوقات الحرجة، وتجعلنا جميعاً أكثر قوة وأمناً".

ورحب رئيس وزراء السويد بالموافقة التركية، واصفاً موقف أنقرة المستجد بأنه "يوم جيد للسويد" و"خطوة كبيرة جداً".

ويتعين أن يصادق البرلمان التركي على بروتوكول انضمام السويد، لكن أردوغان تعهد الدفع باتجاه المصادقة عليه.

كذلك يتعين أن يصادق برلمان المجر على الطلب، علماً أن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان تعهد بألا تكون بلاده آخر من يصادق على البروتوكول، موحياً بأن الخطوة ستتم قريباً.

ورحب الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي وصل الإثنين إلى فيلنيوس للمشاركة في قمة حلف شمال الأطلسي، بموافقة تركيا. وأكد بايدن في بيان: "أنا مستعد للعمل مع الرئيس أردوغان وتركيا لتعزيز الدفاع وقوة الردع في المنطقة الأوروبية-الأطلسية"، مشيراً إلى أنه "يتطلع" إلى انضمام السويد لتصبح الدولة الثانية والثلاثين في الحلف.

تركيا وضعت شروطها على الطاولة، فهل تحصل على ما أرادت؟

قبل الإعلان الصادر الإثنين، كانت تركيا تعرقل انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، وتتهم ستوكهولم بإيواء نشطاء أكراد تصنفهم أنقرة كإرهابيين. لكن الرئيس أردوغان قال في وقت سابق الإثنين، إنه سيدعم عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي إذا أعاد الاتحاد الأوروبي إطلاق مفاوضات انضمام بلاده للتكتل القاري.

وفي البيان الصادر إثر محادثات ثلاثية أشار إلى أن تركيا والسويد ستعملان بشكل وثيق "لتنسيق مكافحة الإرهاب"، وتعزيز الروابط التجارية الثنائية. وجاء في البيان أن "السويد ستدعم جهود تنشيط عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تحديث الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا وتحرير التأشيرات".

وتم التوصل للاتفاق بعدما علق أردوغان محادثاته مع ستولتنبرغ وكريسترسون لعقد اجتماع جانبي مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال.

وأشاد ميشال في تغريدة "بالاجتماع الجيد"، مضيفاً أنهما "تباحثا في الفرص المستقبلية لإعادة التعاون بين الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى الواجهة، وإعادة تنشيط علاقاتنا".

من جهته، أعلن البيت الأبيض، أن الولايات المتحدة الأمريكية "كانت ولا تزال تدعم مساعي وتطلعات تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي". جاء ذلك في معرض رد مكتب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، على استفسار لوكالة الأناضول حول الموضوع. وأكد أن "مسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي تخص الطرفين"، مشدداً على أن "نقطة تركيزنا حالياً هي السويد المستعدة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)".

في تصريحات قبل مغادرته للمشاركة في قمة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا، قال الرئيس أردوغان: "مهّدوا الطريق لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي أولاً، ثم نمهّد الطريق لعضوية السويد في الناتو كما مهدنا الطريق لفنلندا"، مضيفاً: "سأبلغ القادة في قمة حلف الأطلسي بتوقعاتنا بشأن حصول بلادنا على عضوية الاتحاد الأوروبي الكاملة".

وتحظى تركيا بوضع مرشح رسمي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ عام 2005، وهي تطمح للعضوية منذ فترة طويلة قبل ذلك، لكن المحادثات متوقفة منذ أعوام.

لكن تصريحات الإثنين تشير إلى إمكان مضي أنقرة وبروكسل قدما في تعزيز التجارة، وتحديث اتفاقياتهما الجمركية، وتخفيف القيود المفروضة على منح التأشيرات، بسبب توقف مفاوضات الانضمام.

وقدمت تركيا ملف ترشحها للمجموعة الاقتصادية الأوروبية، سلف الاتحاد الأوروبي، في 1987. ونالت وضع دولة مرشحة للانضمام للاتحاد في 1999، وأطلقت رسميا مفاوضات العضوية مع التكتل في 2005.

ملف شراء طائرات إف 16 الأمريكية يتحرك

في الوقت نفسه، وبعيد إعلان أنقرة عن موافقتها بانضمام السويد لتحالف الناتو، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، الثلاثاء 11 يوليو/تموز 2023، إن الرئيس بايدن يعتزم المضي قدماً في نقل طائرات "إف-16" إلى تركيا بالتشاور مع الكونغرس الأمريكي، فيما ألمح سيناتور أمريكي كبير إلى تخليه عن معارضة بيع المقاتلات المتطورة إلى أنقرة. 

ورحبت أمريكا على لسان وزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، بإعلان تركيا إحالة بروتوكولات انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي "ناتو" إلى البرلمان.

من جانبها، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن الوزير لويد أوستن بحث مع نظيره التركي يشار غولر في اتصال هاتفي، دعم مساعي تركيا للتحديث العسكري، وذلك بعد أن قالت أنقرة إنها ستدعم انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي.

"البنتاغون" أشار إلى أن الاتصال الهاتفي بين أوستن وغولر "ناقش المحادثات الإيجابية بين تركيا والسويد والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ينس) ستولتنبرغ، فضلاً عن دعم وزارة الدفاع لجهود تركيا للتحديث العسكري".

كانت تركيا قد طلبت من واشنطن تزويدها بـ40 مقاتلة من طراز إف-16 في عام 2021، ضمن صفقة تشمل تحديث 79 طائرة موجودة لديها.

حاول أعضاء في الكونغرس الأمريكي فرض شروط على الصفقة، عبر ربطها بضرورة موافقة تركيا على انضمام السويد وفنلندا لحلف "الناتو"، فيما أعلنت أنقرة رسمياً رفضها هذا الربط، واشترطت وفاء الدولتين بتعهداتهما باستئصال العناصر الإرهابية التي تستهدف تركيا من أراضيهما.

من جهته قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي بوب مينينديز، الإثنين 10 يوليو/تموز 2023، إنه يجري محادثات مع إدارة الرئيس جو بايدن بشأن التعليق الذي فرضه على المبيعات الأمريكية المستقبلية لطائرات (إف-16) المقاتلة إلى أنقرة. وأضاف مينينديز، وهو ديمقراطي، أنه يمكنه اتخاذ قرار في غضون الأسبوع المقبل بشأن التعليق. 

وكالة رويترز، أفادت بأن تصريحات مينينديز جاءت في اليوم الذي وافق فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على إحالة طلب السويد الانضمام لحلف شمال الأطلسي إلى البرلمان.

وإذا تمت الموافقة على صفقة طائرات إف-16 فسينتهي فصل من فصول التوتر في العلاقة بين أنقرة وواشنطن، بدأ قبل عدة سنوات بسبب قرار أنقرة شراء منظومة إس-400 الصاروخية من روسيا، وهو ما أثار غضب حلف الناتو والولايات المتحدة التي قالت إن تلك الصفقة تتعارض مع مصالح الناتو وقد تؤثر على عمل طائرات الحلف الشبحية وغيرها.

تحميل المزيد