الاستخلاص المباشر للكربون.. قصة التقنية المتطورة، وكيف يمكنها مكافحة تغير المناخ؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/04/19 الساعة 15:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/19 الساعة 15:25 بتوقيت غرينتش
التغير المناخي / shutterstock

يعد ثاني أكسيد الكربون الغاز الأكثر خطورة وتهديداً من بين الغازات الدفيئة؛ فهو المُتسبّب الرئيسي في تغير المناخ والاحتباس الحراري، فما قصة تقنية الاستخلاص المباشر للكربون؟ وهل تساعد في مكافحة التغير المناخي؟

ومصطلح التغير المناخي معنيّ بوصف التغييرات طويلة المدى في الأحوال الجوية للأرض. وتتمثل هذه التغييرات في الارتفاع الشديد لدرجة الحرارة وهطول الأمطار بغزارة مسبّبة فيضانات قاتلة، ويحدث هذا التطرف في الطقس بصورة متسارعة وربما في الأماكن نفسها، ما يؤدي إلى موجات طقس حار وعواصف، وارتفاع منسوب المياه، والنتيجة أضرار ضخمة وخسائر على جميع المستويات.

مشكلة الاحتباس الحراري، التي تسببت في إحداث ثقب في أوزون الغلاف الجوي، أدت إلى مشكلة التغير المناخي، الكارثة التي أصبحت تهدد الكوكب وتستحوذ على اهتمام الجميع، بعد أن أصبحت الفيضانات والسيول والجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة وغيرها من ظواهر الطقس المتطرف عرضاً مستمراً لا يتوقف في جميع أنحاء الكرة الأرضية.

والآن تتزايد المخاوف بشأن احتمال عدم القدرة على الالتزام بهدف إبقاء ارتفاع حرارة الكوكب عند 1.5 درجة مئوية، ويقول علماء إن تجاوز هذا الحد قد يدفع الكوكب نحو نقاط تحول لا رجعة فيها، وإن تجاوز هذا الحد أصبح يعتبر مرجحاً مع ارتفاع الانبعاثات العالمية. 

كيف تعمل تقنية الاستخلاص المباشر للكربون؟

وبالتالي فإن الحكومات والقطاعات الصناعية تستكشف وسائل نزع ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي مع اشتداد الحاجة إلى التحرك لمواجهة التغير المناخي. وقدمت الحكومة الأمريكية منحاً بقيمة 3.5 مليار دولار للشركات مقابل استخلاص ثاني أكسيد الكربون وتخزينه بشكل دائم باستخدام عملية تعرف باسم "الاستخلاص المباشر من الهواء"، بحسب تقرير لرويترز.

وتستخدم التقنية التفاعلات الكيميائية لنزع ثاني أكسيد الكربون من الهواء ليتسنى تخزينه في مستودعات ضخمة تحت الأرض أو استخدامه في منتجات أو تطبيقات مثل تصنيع الخرسانة أو وقود الطائرات.

الكربون
ثاني أكسيد الكربون قد يصل إلى مستويات لم يبلغها منذ 56 مليون سنة

ويمكن لأكبر محطة عاملة للاستخلاص المباشر من الهواء، وهي محطة كلايمووركس أوركا في أيسلندا، نزع أربعة آلاف طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً يجري تخزينها على أعماق كبيرة تحت الأرض.

ويسعى البرنامج الأمريكي إلى تمويل محطات ضخمة قادرة على استخلاص مليون طن سنوياً.

من المتوقع أن تلعب الطرق الطبيعية لامتصاص الكربون مثل التشجير وإدارة الغابات دوراً محورياً في المساعدة في مكافحة تغير المناخ. وهو حل رخيص نسبياً؛ إذ أفاد معهد الموارد العالمية بأنه يتكلف أقل من 50 دولاراً لكل طن من ثاني أكسيد الكربون بالمقارنة مع تقنيات مثل "الاستخلاص المباشر من الهواء" التي تبلغ تكلفتها حالياً مبلغاً مرتفعاً في خانة المئات لكل طن.

إلا أن كثيراً من العلماء يعتقدون أن الحلول التقنية ستكون ضرورية لأسباب، من بينها أن الاعتماد على التشجير وحده للتخلص من الكربون سيتطلب زرع مساحات شاسعة من الأراضي.

هل توجد أنواع أخرى من أساليب استخلاص الكربون؟

تشمل التقنيات الأخرى الطاقة الحيوية مع استخلاص الكربون وتخزينه. ومن خلال هذه التقنية يجري إنتاج الكهرباء من خلال حرق كتلة حيوية مثل الجسيمات الخشبية واستخلاص الانبعاثات المتولدة خلال العملية وتخزينها.

والفحم الحيوي هو أحد أشكال الفحم التي تُنتج عند تسخين مواد عضوية مثل أوراق الأشجار أو الخشب أو القش عند درجات حرارة مرتفعة من دون أوكسجين، وهو ما ينتج عنه مادة غنية بالكربون يمكن استخدامها كسماد وبالتالي تخزين الكربون في التربة الزراعية. ويجري تطوير تقنيات أيضاً لنزع ثاني أكسيد الكربون من مياه البحار.

ماذا عن تقنية "استخلاص الكربون وتخزينه"؟

تستخدم تقنية "استخلاص الكربون وتخزينه" عادة في مداخن المصانع، مثل محطات إنتاج الكهرباء بالوقود الأحفوري، حيث يجري جمع ثاني أكسيد الكربون وتخزينه قبل أن يبلغ الغلاف الجوي.

ولا يكون ذلك نزعاً للكربون ما لم تكن كمية ثاني أكسيد الكربون المستخلصة باستخدام التقنية أكبر من الكمية الناتجة عن العمليات الصناعية في الموقع.

اختفاء الغيوم والاحتباس الحراري
اختفاء السحب الطبقية يعني أنها على الأرجح لن تظهر مجدداً حتى تنخفض مستويات ثاني أكسيد الكربون/ Istock

والميزة الرئيسية لتقنيات نزع الكربون الأخرى مقارنة مع تقنية "استخلاص الكربون وتخزينه" هي أن بوسعها سحب الانبعاثات القديمة من الجو وتخزينها في التربة والصخور والأشجار والمحيطات والمنتجات، وهو ما يتعدى خفض الانبعاثات إلى إزالتها بشكل دائم.

ماذا يقول نشطاء البيئة والمناخ؟

على الرغم من إقرار أغلب المدافعين عن البيئة بضرورة عمليات نزع الكربون لتحقيق مستهدفات المناخ العالمية، يخشى هؤلاء أن تستخدم الشركات تطوير وسائل استخلاص الكربون كذريعة لعدم تقليل انبعاثاتها قدر المستطاع في المقام الأول.

وتساور الشكوك كثيراً من الجماعات البيئية حول استخدام الكتلة الحيوية في توليد الكهرباء وحول الحلول التقنية مثل تقنية "الاستخلاص المباشر من الهواء".

وتركز بعض الجماعات على تبعات تقنية "الاستخلاص المباشر من الهواء" على العدالة البيئية، إذ يخشون أن توفر التقنية لشركات الوقود الأحفوري ستاراً لمواصلة الإنتاج، وبخاصة في مناطق الأقليات والمناطق ذات الدخل المنخفض القريبة من المنشآت كثيفة الانبعاثات.

وترجع قصة استخلاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء إلى نحو عقد من الزمان، حينما كانت الفكرة  محل بحث مشروعيْن سويسرييْن، يَتدارس أولهما، وهو مشروع للقِطاع الخاص، كيْفية التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون من الجوِّ باستخدام تصميمه الخاص من "مكنسة كهربائية عملاقة"، في حين يسعى المشروع الآخر، الذي يعود إلى القطاع العام، إلى استخدام ثاني أكسيد الكربون لإنتاج غاز الميثان، بمساعدة معادن صغيرة تُـعرف بـ "الزيولايت" (حُبَيْبات من أحجار سيليكات الألمنيوم).

تحميل المزيد