قررت المحكمة الابتدائية في تونس، الخميس 1 فبراير/شباط 2024، الحكم على زعيم حركة النهضة التونسي راشد الغنوشي، بالسجن لمدّة 3 سنوات مع النفاذ العاجل، على أثر متابعته في قضية تلقي "تبرعات من الخارج"، وهي قضية من بين 6 قضايا يتابع فيها الغنوشي.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية التونسية، نقلاً عن الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس محمد زيتونة، أن "الدائرة الجناحيّة المتخصّصة في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائيّة بتونس، قرّرت الحكم على رئيس حركة النهضة راشد الخريجي الغنّوشي وصهره رفيق عبد السلام بوشلاكة، بالسجن لمدّة 3 سنوات مع النفاذ العاجل".
كما قضت كذلك، وفق المصدر نفسه، بتغريم "حزب حركة النهضة بمبلغ قدره مليون و170 ألفاً و470 دولاراً أمريكياً، أو ما يعادلها بالدينار التونسي، في خصوص القضية المتعلقة بقبول الحزب لتبرعات مالية من جهة أجنبية".
ومنذ 25 يوليو/تموز 2021، استأثر الرئيس التونسي قيس سعيّد بالسلطات، وحل البرلمان بالمخالفة للدستور، وأقال رئيس الوزراء، ثم أجرى تعديلات دستورية لإنشاء نظام رئاسي وأسس لبرلمان جديد لا يتمتع بصلاحيات فعلية. كما قام باعتقال و/ أو توجيه تهم تتعلق بالتآمر والإرهاب لمعارضيه السياسيين بشكل متزايد.
يأتي هذا الحكم بعد موجة اعتقالات طالت شخصيات معارضة خلال الأشهر الماضية، هاجمها منتقدو سعيّد باعتبارها حملة سياسية تهدف إلى إسكات المعارضة، وهو ما أثار مخاوف حقوقيين.
فقد أوقف سعيد، منذ بداية فبراير/شباط 2023، ما لا يقل عن 10 شخصيات بارزة، غالبيتهم من المعارضين المنتمين إلى حركة النهضة وحلفائها، واعتبر سعيد الموقوفين "إرهابيين"، واتهمهم "بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي". في حين رأت منظمة العفو الدولية غير الحكومية أن حملة الاعتقالات "لها اعتبارات سياسية"، وهي "محاولة متعمّدة للتضييق على المعارضة، لا سيما الانتقادات الموجهة للرئيس".
وفي 17 أبريل/نيسان الماضي، أوقف الأمن التونسي، الغنوشي، بعد مداهمة منزله، قبل أن تأمر المحكمة الابتدائية في العاصمة تونس بإيداعه السجن في قضية "التصريحات المنسوبة له بالتحريض على أمن الدولة".
ومباشرة بعد ذلك، أدانت حركة النهضة هذا الحكم واعتبرته "حكماً سياسياً ظالماً، وتدعو إلى إطلاق سراحه فوراً" وأضافت أن "الحكم بالسجن في حق رئيس الحركة راشد الغنوشي جاء على خلفية تأبينه لأحد الصحفيين وذكر مناقبه في مقارعة الاستبداد والنضال من أجل الحرية والكرامة".
ودعم راشد الغنوشي وصول قيس سعيد للرئاسة، ويُعد من الشخصيات الرئيسية في تاريخ البلاد الحديث، منذ أن كان معارضاً ضد الأنظمة المختلفة، وصولاً لدوره في العملية السياسية، بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي.
ويتابَع الغنوشي في 6 قضايا، وكانت الشرطة قد قبضت عليه في بيته، أبريل/نيسان الماضي، بشبهة التآمر ضد أمن الدولة.
وفي 15 مايو/أيار 2023، قضت محكمة تونسية، بالسجن مدة عام واحد، إضافة إلى دفع غرامة مالية، على رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.
هذا الحكم يأتي على الرغم من إعلان 800 من "كبار" شخصيات بلدان العالم العربي والإسلامي من 60 دولة، عن تضامنهم التام مع رئيس حركة "النهضة"، وعن جميع المعتقلين السياسيين في تونس.
جاء ذلك في عريضة وقعوا عليها تطالب "بالإفراج الفوري عن الغنوشي نشرتها، الجمعة 28 يوليو/تموز 2023، الصفحة الرسمية للغنوشي على فيسبوك، بعد مرور 100 يوم على سجنه.
ومن بين الشخصيات الموقعة على العريضة الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي، ورئيسا الحكومة المغربية السابقان عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني، والسياسي المصري أيمن نور، رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية، وطارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي الأسبق، والرئيس السابق للبرلمان التركي مصطفى شنطوب.
وطالبت هذه الشخصيات "السلطات التونسية بالإفراج الفوري عن الغنوشي وبقية المعتقلين السياسيين واستعادة حريتهم وصون كرامتهم واحترام حقوقهم، والكف عن سياسات التنكيل".