غموض في مصادر التمويل وخلافات حول آلية اختيار الأعضاء.. “عربي بوست” يكشف تفاصيل اللقاء التأسيسي لـ”منتدى إسلام فرنسا”

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/14 الساعة 08:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/14 الساعة 09:12 بتوقيت غرينتش
ماكرون يسعى للفوز بفترة ثانية (صفحة ماكرون على فيسبوك)

على بُعد أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية، اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يعيد المشهد التنظيمي للمسلمين في البلاد، وذلك بإطلاقه هيئة حاكمة جديدة، أطلق عليها اسم "منتدى الإسلام في فرنسا".

"منتدى الإسلام في فرنسا"، الذي يعتبره الرئيس "خطة للتصدي لما يسميه "الإسلام الراديكالي"، يهدف إلى منع دول مثل الجزائر وتركيا والمغرب من السيطرة على الأئمة في المساجد الفرنسية.

وأصرت فرنسا على استبعاد الرئاسة من تركيا والمغرب والجزائر، بسبب حصر تداول رئاسة المجلس السابق بين هذه الدول، التي تعتبر فرنسا أنها تُحول المساجد إلى أوكار للمخابرات.

لا أحد يتدخل في شؤون المسيحيين ولا اليهود في فرنسا على عكس المسلمين (صفحة ماكرون على فيسبوك)
لا أحد يتدخل في شؤون المسيحيين ولا اليهود في فرنسا على عكس المسلمين (صفحة ماكرون على فيسبوك)

تفاصيل تأسيس "منتدى الإسلام في فرنسا"

خضعت تفاصيل مخرجات اللقاء التأسيسي لـ"منتدى الإسلام في فرنسا" لتكتم شديد، والذي انعقد يوم 5 فبراير/شباط 2022 بين ممثلين عن الهيئات المدنية الإسلامية في فرنسا، ووزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان.

وكشفت مصادر مطلعة حضرت الاجتماع لـ"عربي بوست" أن اللقاء شهد خلافات حادة حول عدد من المحاور، على رأسها كيفية تشكيل منتدى الإسلام في فرنسا، وآلية اختيار أعضائه كما ظل عدد من النقاط المهمة غامضاً لم يحسم فيه. 

وذكر المصدر لـ"عربي بوست" أن من أهم المحاور التي نوقشت مع وزير الداخلية الفرنسي آلية تشكيل المجلس، فالدولة اقترحت أن يعين محافظ المنطقة أعضاءه، في المقابل دافع الأئمة عن الانتخاب باعتباره وسيلة أكثر ديمقراطية وتمنح شرعية أقوى للأعضاء وحرية أكبر لاتخاذ قرارات شجاعة.

وإذا كانت الحكومة الفرنسية قد قدمت "شبهة التمويل" سبباً لتجاوز دور "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" وإحلال "منتدى الإسلام في فرنسا" مكانه، فمن أهم النقاط التي تشكل لغزاً ويحيط بها الغموض، تلك المتعلقة بمصادر التمويل؛ إذ ليس للدولة وفق المصدر فكرة واضحة عن هذا الأمر، رغم كونه سبباً رئيسياً في خلق المؤسسة الجديدة.

في هذا السياق، تحدث الدكتور كمال جاد الله، إمام مسجد ليون الكبير بفرنسا والأستاذ بجامعة الأزهر في مصر عن مقترحات بتخصيص أوقاف خاصة بالمساجد كما بالنسبة للديانات الأخرى، عبر  شراء متاجر أو عقارات تشكل دخلاً مالياً منتظماً يمكن من أداء نفقات الإمام ومصاريف المسجد كفواتير الكراء والماء والكهرباء.

من جهته، يصف الدكتور غالب بن الشيخ، رئيس مؤسسة "إسلام فرنسا" قضية التمويل بـ"الغامضة"، ويذكر في حديثه لـ"عربي بوست" أن البعض اقترح اقتطاع نسبة من أموال الحجاج الفرنسيين وفق آليات معينة، في حين هناك من يريد لهذا الغرض توظيف جزء من عائدات التأشير على اللحوم الحلال التي تستفيد منها مساجد بعينها دون غيرها، والتي لا تخضع لأي مراقبة رغم أنها تقدر بملايين اليوروهات.

 وخلال اللقاء، طُرحت أيضا مشكل امتلاء أماكن الدفن الخاصة بالمسلمين؛ إذ طالب الحاضرون وزير الداخلية بإيجاد حل، اعتباراً لكون فرنسا تمنع إحداث مقابر على أساس عقدي.

وتفاعلاً مع ذلك، يقول مصدر "عربي بوست"، أبدى وزير الخارجية الفرنسي مرونة نسبية، بتلميحه إلى أنه سيعتبر الأمر مسألة خاصة، وسيعمل على تمكين الجمعيات باعتبارها شخصاً معنوياً من اقتناء أوعية عقارية وتحويلها إلى مقابر يدفن فيها المسلمون، لكن دون وسمها بما يشير للإسلام صراحة ورسمياً.

مسألة تأهيل الأئمة حظيت أيضاً بنقاش مستفيض، والاتجاه العام الذي استقر عليه النقاش وفق المتحدث، هو عقد شراكات بين المساجد والجامعات من أجل تلقي الأئمة تكويناً يركز أساساً على الجانب اللغوي وعلى تاريخ فرنسا وهويتها.

رسالة سياسية

من جانب آخر، أثار بعض الحضور مسألة تنامي كراهية الإسلام من قبل بعض السياسيين والمرشحين للانتخابات الرئاسية، وعلى رأسهم إيريك زمور؛ إذ تم الاتفاق على ضرورة تعزيز الكتلة الناخبة المسلمة واتخاذ ذلك قوة ضغط للتفاوض والتأثير من قبل أعضاء المجلس المستقبليين.

تشكيل المجلس الجديد الذي يراد له الحلول مكان مجلس الديانة الفرنسي السابق، أثار جدلاً واسعاً بين المتدخلين في الحقل الإسلامي في فرنسا؛ إذ اعتبره البعض خطوة سياسية مدروسة تتزامن مع الانتخابات الرئاسية.

عبد الله زكري، رئيس المرصد الفرنسي لمناهضة الإسلاموفوبيا، يرى أن الرئيس إيمانويل ماكرون يريد ترك بصمته في تأطير الشأن الديني، كما حرص على ذلك عدد من الرؤساء السابقين، خاصة في ظرفية انتخابية حساسة.

في هذا الإطار، يرى زكري في حديثه مع "عربي بوست" أن من الازدواجية والتناقض تدخل بلد يقدم نفسه على أنه علماني في شؤون المسلمين، مضيفاً: "يجب أن تلتزم الدولة بمبادئ العلمانية، هم يتهمون المسلمين بعدم احترام مبادئ العلمانية لكنهم هم أنفسهم لا يلتزمون بذلك".

في المقابل، فإن غالب بن الشيخ، رئيس مؤسسة "إسلام فرنسا" وإن كان يرى عدم قانونية تدخل فرنسا باعتبارها دولة علمانية في الشؤون الدينية، فإنه يسوغ ذلك بضرورة إيجاد نظير شرعي لمخاطبته، مشيراً إلى أن "هناك عبارة باللغة الفرنسية تقول: إن لم تنظم نفسك فنحن سنعمل على تنظيمك، وللأسف، ما يحدث من تطاحنات بين رؤساء الجمعيات الإسلامية في فرنسا فتح الباب أمام الدولة للتدخل قصد التنظيم".

رئاسة الهيئة الجديدة لن تُعطى لتركيا أو المغرب أو الجزائر (صفحة ماكرون على فيسبوك)
رئاسة الهيئة الجديدة لن تُعطى لتركيا أو المغرب أو الجزائر (صفحة ماكرون على فيسبوك)

يقول بن الشيخ: "تم حصر تداول رئاسة المجلس بين المغرب والجزائر وتركيا لسنوات، ما يعني أن مسلمي فرنسا كانوا يتبعون لدول خارجية، وهذا غريب، كيف يتبع مواطن فرنسي لنظام خارجي! علماً أن بعض تلك الدول قد لا يكون على مستوى محمود من الديمقراطية؛ وبسبب ذلك، باتت بعض المساجد تشكل أوكاراً للمخابرات، ناهيك عن الحزازات بين الفيدراليات وحتى بين الأشخاص بسبب الولاءات الخارجية".

رغم كل هذه الأسباب، ينتقد عبد الله زكري خطوة الدولة الفرنسية ويرى فيها تشكيكاً في قدرة الكفاءات المسلمة على تدبير شؤونها بنفسها، يقول: "بعضهم يخال الإسلام الحلقة الضعيفة في النسيج الديني الفرنسي، وإلا فلماذا لا يتدخل أحد في تنظيم شؤون المسيحيين واليهود رغم تلقيهم مساعدات وتمويلات من الخارج بل وتوجيهات من مؤسسات دينية داخل دول أخرى مثل تل أبيب أو الفاتيكان!".

“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟

بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى. 

نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”

تحميل المزيد