كشفت دراسة، نشرتها مجلة The Lancet، أنَّ انخفاض معدلات المواليد سيجعل بريطانيا تعتمد اعتماداً كبيراً على الهجرة، خلال الفترة المتبقية من القرن.
ووجدت الدراسة العالمية، بحسب صحيفة Express، أنَّ معدلات المواليد "انخفضت" في جميع الدول الغربية الكبرى منذ عام 1950، وتوقعت أن يستمر هذا الاتجاه حتى عام 2100؛ ما سيقود إلى "تغير اجتماعي مذهل".
بريطانيا بحاجة للمهاجرين
وخلصت الدراسة إلى أنَّ الحفاظ على الخدمات العامة والنمو الاقتصادي لن يترك أمام المجتمعات ذات الدخل المرتفع، بما في ذلك المملكة المتحدة، خياراً سوى الاعتماد على تدفق المهاجرين من البلدان الفقيرة في أفريقيا ذات معدلات المواليد الأعلى.
وقالت إنَّ تبني سياسات "مناصرة للولادة"، مثل رعاية الأطفال المجانية، يمكن أن يوفر "دفعة صغيرة" لعدد الأطفال المولودين، لكن هذا النهج لن يكون كافياً للحفاظ على السكان؛ ما يعني أنَّ "الهجرة المفتوحة ستصير ضرورية".
وفي الدراسة، عكف فريقٌ من الباحثين الدوليين بقيادة جامعة واشنطن على فحص بيانات من 204 دول تُظهِر اتجاهات متغيرة في معدلات الخصوبة، أي متوسط عدد الأطفال الذين تنجبهم النساء في حياتهن. وللحفاظ على عدد السكان الحالي دون الهجرة، يجب أن تظل معدلات المواليد عند "معدل الإحلال" وهو 2.1 طفل لكل امرأة.
وانخفض معدل الخصوبة في المملكة المتحدة من 2.19 في عام 1950 إلى 1.85 في عام 1980 و1.49 في عام 2021، وهو أحد أدنى المعدلات في أوروبا الغربية. وتتوقع الدراسة أن يستمر هذا الانخفاض، وصولاً إلى 1.38 في عام 2050 و1.3 في عام 2100؛ ما يشكل "تحديات هائلة" في كيفية رعاية السكان المسنين ودفع تكاليفهم الاقتصادية.
وقد انعكس هذا الانخفاض "المثير" في معدلات المواليد في جميع أنحاء العالم، حيث أدى تحسن التعليم ووسائل منع الحمل إلى إنجاب عدد أقل من الأطفال مقارنة بأي وقت مضى. وبحلول عام 2050، من المتوقع أن تشهد 3 من كل 4 بلدان انكماشاً في عدد السكان.
أزمة اقتصادية تهدد بريطانيا
وقالت الدكتورة ناتاليا بهاتاشارجي، الباحثة الرئيسية في الدراسة، إنَّ تناقص عدد السكان في سن العمل في الدول الغربية من شأنه خلق "منافسة شرسة على المهاجرين للحفاظ على النمو الاقتصادي"، وأضافت: "تبعات هذه الاتجاهات المستقبلية في معدلات الخصوبة والمواليد الأحياء هائلة؛ إذ ستعيد تشكيل الاقتصاد العالمي وتوازن القوى الدولي بالكامل، وستستلزم إعادة تنظيم المجتمعات".
وفي السنوات الأخيرة، أطلق العديد من القادة السياسيين ناقوس الخطر بشأن انخفاض معدلات المواليد، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى اليمين الشعبوي، بما في ذلك رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والزعيم المجري فيكتور أوربان.
وفي المملكة المتحدة، قادت النائبة عن حزب المحافظين ميريام كيتس دعوات لسياسات مؤيدة لتحسين معدل المواليد، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية للأمهات ربات المنزل.
ورداً على دراسة The Lancet، قالت كيتس لصحيفة The Times: "لفترة طويلة جداً، اعتبرت المجتمعات الغربية انخفاض معدلات الخصوبة أمراً عادياً أو ربما مرغوباً فيه. لكن حقيقة معدلات الخصوبة التي تقل عن مستوى الإحلال تشير إلى أنَّ عدد الأطفال الذين يُولَدون الآن أقل مما يكفي لدعم مجتمعنا، مع عدم وجود العدد الكافي من الشباب للانضمام لقوة العمل، أو دفع الضرائب، أو رعاية العدد غير المتناسب من كبار السن".
وحذرت البرلمانية البريطانية: "نحن بحاجة إلى الانتباه لحقيقة أنَّ انخفاض معدلات الخصوبة يمثل أحد أكبر التهديدات على الدول الغربية واقتصاداتها".
وقالت الباحثة الدكتورة ناتاليا بهاتاشارجي: "بمجرد أن يتقلص عدد سكان كل دولة تقريباً، سيصير الاعتماد على الهجرة المفتوحة ضرورياً لدعم النمو الاقتصادي. إنَّ بلدان منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لديها مورد حيوي تفتقده المجتمعات التي تعاني من الشيخوخة السكانية، ألا وهو السكان الشباب".
وأضاف الباحثون أنَّ الدراسة وجدت أنَّ معدل الخصوبة الإجمالي العالمي انخفض بأكثر من النصف على مدى الأعوام السبعين الماضية، من نحو 5 أطفال لكل امرأة في عام 1950 إلى 2.2 طفل في عام 2021.