من بينهن “كنداكة” نوبية أسهمت في بناء مئات الأهرامات.. ملكات حكمن بقبضة حديدية في التاريخ القديم

عربي بوست
تم النشر: 2023/04/28 الساعة 11:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/28 الساعة 11:09 بتوقيت غرينتش
الكثير من الملكات يتم إغفال ذكرهن في التاريخ - ShutterStock

بالرغم من أن كتب التاريخ كثيراً ما تعج بقصص وبطولات الحكام والملوك الذكور، إلا أنها كثيراً ما تغفل – عن قصد أو دون قصد – ما حققته السيدات عندما حظين بالقوة والمكانة والسلطان.

إذ كثيراً ما ضاعت روايات الملكات القويات اللاتي حكمن الممالك الممتدة وسببن سلسلة من الأحداث الكبرى في العالم القديم في طي النسيان، بالرغم من تحقيقهن الكثير من الأشياء التي غيرت مسار التاريخ.

في هذا التقرير نستعرض عدداً من قصص الملكات العظيمات اللاتي استطعن تحقيق ما لم يحققه كثير من الحُكّام من الرجال؛ رغم أنه لم يسمع بهن الكثير من الناس سابقاً.

راني لاكشمي واستقلالها بولاية هندية أمام بريطانيا

وُلدت لاكشمي باي في أوائل ثلاثينيات القرن التاسع عشر لعائلة مؤثرة في شمال الهند. كانوا في الطبقة الكهنوتية في منطقتهم وكان بإمكانهم الوصول إلى الأشياء التي لم يكن لدى معظم السكان المحليين قدرة لامتلاكها.

وبحسب الموسوعة البريطانية "بريتانيكا"، كانت لاكشمي فتاة صغيرة نشأت مع إخوتها الذكور فتعلمت مهارات تقليدية مثل القتال بالسيف وركوب الخيل وفنون الدفاع عن النفس. وكانت هذه أشياء غير عادية للغاية لتتعلمها النساء في ذلك الوقت.

تغيرت حياتها عندما أصبحت شابة، فقد تم تزويجها من مهراجا دولة إقليمية مستقلة تسمى جانسي، لكنه توفي بعد وقت قصير من زواجهما. ولأنهما لم ينجبا أطفالاً وتوفي الرجل بدون وريث، تدخل الاستعماريون البريطانيون لضم المنطقة. لكن لاكشمي – التي كانت تبلغ من العمر 22 عاماً فقط آنذاك – لم تقبل الأمر.

رفضت لاكشمي تسليم المنطقة المستقلة للحكم البريطاني، وأطلق رعاياها رسمياً اسمها كوصية وحاكمة للولاية. ثم في عام 1857، ساعدت في قيادة تمرد ضد الاستعماريين البريطانيين في المنطقة.

وقادت لاكشمي جيشاً في معركة شرسة ضد القراصنة العاملين في شركة الهند الشرقية البريطانية. وفي حين سقطت الولايات المتحالفة حول جانسي في وقت قصير، لكن لاكشمي وجيشها قاوموا حتى تمكنت من الاستيلاء على الخزانة البريطانية المحلية.

صورة تخيلية لملكة هندية تعود إلى القرن الماضي - Wikimedia
صورة تخيلية لملكة هندية تعود إلى القرن الماضي – Wikimedia

توميريس وإسقاط أعتى ملوك إمبراطورية فارس

خلال القرن السادس قبل الميلاد، حكم كورش العظيم إمبراطورية الفرس الأخمينية بقبضة من حديد. وكان يُعد واحداً من أقوى حكامها على الإطلاق. 

وقد غزا بشكل روتيني إمبراطوريات أخرى وأخضع مجموعات أخرى. وبالرغم من انتصاراته المتتالية والروايات السائدة عن وحشيته ومكره العسكري، فقد سقط على يد امرأة قوية تدعى توميريس.

انتمت توميريس للشعوب السكيثية التي عاشت في آسيا الوسطى في وقت حكم كورش، وكانوا خبراء في الفروسية واستخدموا الوحوش القوية بخبرة في كل من المعركة وخلال مواسم الهجرة الجماعية.

بحلول العصور الوسطى، أصبح هؤلاء الناس هم شعوب الهون، والذين كان الفرس ينظرون لهم على أنه قبائل من الهمج والبدو الذين لا خوف منهم.

وبعد مناوشات تورط فيها ابن توميريس مع جنود الإمبراطور كورش، قُتل بعدما تم أسره هو ومجموعة من الثملين. وغضباً على وفاة ابنها، أرسلت توميريس رسلًا إلى كورش، مطالبة بالقصاص والتعويض.

وبحسب موقع "إنشنت أوريجينز" للتاريخ، عندما تجاهلها كورش، سعت الأم المكلومة وتحدث كورش في معركة. كان العدد الكبير لجنود توميريس مدربين تدريباً جيداً جداً، وسرعان ما وقع جنود كورش في مأزق؛ إذ حاصر رجال توميريس الفرس من جميع الجوانب وذبحوا العشرات من جنود كورش. أما بالنسبة إلى كورش نفسه، فقد قيل إن توميريس قتلته شخصياً بسيفها. ثم وضعت رأسه المقطوع في كيس من الدم وعادت للاحتفال بالنصر تكريماً لابنها.

تجارة العبيد كان مركزها مستعمرات أفريقيا البريطانية - ShutterStock
تجارة العبيد كان مركزها مستعمرات أفريقيا البريطانية – ShutterStock

نزينجا ومعركتها ضد تجار العبيد من البرتغال

في العام 1624، أصبحت امرأة تُدعى نزينجا آنا حاكمة مملكة ندونغو الإفريقية، وكانت تلك المملكة القوية هي دولة أنغولا الحالية الواقعة في جنوب غرب إفريقيا.

في ذلك الوقت، كان تجار الرقيق البرتغاليون يداهمون المنطقة لسنوات ويتاجرون مع الممالك في المنطقة ويحصدون العبيد لبيعهم إلى العالم الجديد.

وفي بعض الحالات، كانوا يعتقلون ويختطفون الأبرياء للإبحار إلى أمريكا بالإكراه وبيعهم في أسواق العبيد. وبحلول الوقت الذي وصلت فيه نزينجا إلى السلطة، كانت تنوي حماية سكان موطنها من الاستعباد.

وبدلاً من محاربة البرتغاليين، الذين تفوقوا عليها عسكرياً، اختارت التحالف معهم. فمنحها الارتباط بالقوة البحرية الأوروبية حليفاً طبيعياً للقتال ضد الممالك والشعوب المحلية الأخرى؛ كما تأكدت من أن شعوب مبوندو في ندونغو لن يتم استعبادهم من قِبل الغارات البرتغالية مرة أخرى.

ولكن بعد عامين فقط، كسر تجار الرقيق البرتغاليون التحالف وبدأوا في استعباد مواطني مملكتها. أمرت نزينجا رعاياها بالتحرك غرباً للهرب، وبمجرد وصولهم إلى مكان يسمى ماتامبا، شكلوا حكومة جديدة هناك، بحسب موقع (All That's Interesting) للمنوعات. 

وعندما سيطر الغزاة البرتغاليون على ندونغو، أصبح نزينجا متمردة بامتياز، فتحالفت مع تجار الرقيق الهولنديين في عرض جديد للقوة ضد البرتغاليين، ثم بدأت في شن غارات على ندونغو لقتل البحارة والجنود البرتغاليين بالإضافة إلى حلفائهم الأفارقة.

وبالرغم من عدم قدرتها على الإطاحة بنفوذ البرتغال في المنطقة، لكنها نجحت في حماية مملكتها الجديدة في ماتامبا. وبحلول وفاتها عام 1663، أصبحت ماتامبا مركزاً تجارياً مزدهراً.

الملكة الأفريقية تمكنت من الانتصار على أعدائها وحماية مواطنيها - Flickr
الملكة الأفريقية تمكنت من الانتصار على أعدائها وحماية مواطنيها – Flickr

ملكات إمبراطورية كوش النوبية

كانت مروي مدينة قديمة في مملكة كوش النوبية. وكان مقر مروي في وسط ما يعرف الآن بمصر، وكان يحكمها سلالة من الملكات المحاربات اللاتي لُقبن بـ"الكنداكات".

ارتبطت مروي ارتباطاً وثيقاً بمملكة كوش الكبرى، وبالتالي كانت الملكات المحاربات في كثير من الأحيان أخوات أو بنات عمومة من أباطرة وملوك كوش. وفي مروي، سُمح لهؤلاء النساء الرائدات بوضع أجنداتهن الخاصة، وغزو الأعداء، وتوجيه القوات لخوض المعارك.

لذا كان لدى مروي العديد من القيادات النسائية على مر القرون. وكانت أشهر تلك النساء ملكة محاربة تدعى أمانيتور، التي حكمت مروي بقوة ودهاء من العام الذي سبق ولادة المسيح، وحتى 20 بعد الميلاد.

وبحسب موقع (ListVerse) للمنوعات، كان لديها القدرة على عزل القادة الذكور الذين تجرأوا على عصيانها. وتقول الأسطورة إنها أجبرت البعض على الانتحار من أجل الحفاظ على حصتها في المملكة.

خلال فترة حكمها بالتعاون مع الملك ناتاكاماني ملك كوش، أشرفت أمانيتور على بناء وترميم أكثر من 200 هرم أيضاً. وبهذه الطريقة، ستُعرف إلى الأبد بأنها آخر بناة إمبراطورية كوش العظماء.

تحميل المزيد