هناك نسبة صغيرة من البشر حول العالم ممن يستمتعون بالترتيب وتنسيق أغراضهم، ولا يجدون صعوبة في التخلص من الأشياء القديمة أو غير المستخدمة.
لكن بالنسبة لأي شخص آخر، يُعد التخلص من الفوضى والحاجيات الزائدة تحدياً وصراعاً نفسياً حقيقياً بسبب مجموعة متنوعة من العوامل النفسية.
من أجل التغلب على هذا الشعور بالشلل، تحتاج إلى فحص علاقتك بالأشياء التي تمتلكها في حياتك، من أصغرها لأكبرها. كذلك من المهم فهم كيفية التفكير فيما تملكه ولماذا تتمسك بالفوضى والمستلزمات غير المفيدة أو العملية عوضاً عن التخفف من الزوائد وترتيب منزلك بشكل صحي.
ما هو شلل التخلص من الأشياء القديمة وغير المفيدة؟
يحدث هذا النوع من الشلل والضغط النفسي المصاحب له عندما تغمرك الأفكار والمشاعر المختلفة التي تمنعك من إحراز أي تقدم في التخلص من الأشياء وأدواتك القديمة غير المستخدمة.
وفي كثير من الأحيان عندما يكون الناس مرتبكين، يكون الرد هو تجنب الترتيب من الأساس، وبالتالي تزداد مخزونات الفوضى والمتاع التافهة في البيوت تدريجياً مع مرور الوقت بشكل قد يمنع الشخص من الاستفادة من مساحة منزله بالكامل.
لماذا تعاني عند محاولة التخلص من الأشياء غير المستخدمة؟
الحقيقة هي أن الفوضى والمستلزمات الزائدة والقديمة في منازل كل منا لا تتعلق بالأشياء فقط. يتعلق الأمر أكثر بما تمثله هذه الأشياء بالنسبة لك.
فيما يلي بعض الأسباب الشائعة التي تجعل الناس متعلقين جداً بأشيائهم، وفقاً لموقع The Simplicity Habit للعادات الصحية:
1- أسباب تتعلق بالهوية
يعيش البشر حالياً في ثقافة يحركها المستهلك، حيث يصر المعلنون والشركات التجارية باستمرار على أننا نمثل ما نملكه وما نشتريه.
فهم يبيعوننا مختلف الخدمات والمنتجات على أساس فكرة أنه سيكون لدينا حياة مختلفة إذا كان لدينا المنتج الذي يحاولون بيعه.
ينتج عن هذا اختلاط هويات الأشخاص بما يمتلكونه، فيبدأ الشخص في الاعتقاد أن مقتنياته هي التي تعني قيمته الذاتية وشخصيته وكيانه الحقيقي. فتصبح العلامة التجارية أو نوع معين من السيارات رمزاً للحالة أو صفة الإنسان. ولكن ما قد يجهله الكثير من الناس، أنه عندما تصبح الأغراض المادية جزءاً من الطريقة التي ينظر بها الشخص إلى نفسه، يصبح من الصعب التخلص من الأشياء المختلفة؛ لأن التخلي عن الأشياء يكون في تلك المرحلة بمثابة التخلي عن جزء من هوية الإنسان، بحسب موقع Organize my life للترتيب والصحة النفسية.
2- مصدر للشعور بالأمان
سبب آخر لصعوبة التخلص من الأشياء والفوضى والمقتنيات غير الضرورية هو أن الناس يشعرون بمزيد من الأمان عند امتلاك الأشياء.
خاصة إذا كان شخصاً يمتلك ماضياً أو طفولة فقيرة أو عانى فيها من الحرمان، وهو ما يشكل تحدياً بالنسبة له عندما يتقدم في السن.
إذ يبدأ الشخص في اعتبار أن الأشياء التي يمتلكها بمثابة غطاء أمان. وقد ينشئ سيناريوهات في عقله حول حاجته يوماً ما لها، وما إذا كان سيكون قادراً على الحصول عليها مستقبلاً.
ومع ذلك، تكمن الحرية بامتلاك أشياء أقل، وليس إثقال كاهلك بالإفراط.
3- الشعور بالراحة في امتلاك المزيد وإدمان الشراء
من الممكن أيضاً أن يشعر البعض بمزيد من الراحة والاطمئنان عند امتلاك الأشياء والمقتنيات المختلفة، ويتوقعون أن هذا يشعرهم بالسعادة. لكن الفارق أن شراء المقتنيات غير الضرورية أو المستخدمة قد يشعر الشخص بسعادة مؤقتة، ثم ما يلبث أن يدخل في دوامة من الشراء مجدداً للشعور بإحساس لحظي بالرضا، وهو ما يعرف بإدمان التسوق.
4- الارتباط العاطفي المفرط بالأشياء والمقتنيات
إذا كان الشخص قد ورث بعض المقتنيات من شخص عزيز توفي أو غاب لسبب أو لآخر، فقد تصبح هذه الأشياء سبباً للتعلق العاطفي.
حتى إذا كان الشخص لا يحب المقتنيات نفسها أو يستخدمها أو يستفيد منها بأي شكل، فإن الشخص المرتبط عاطفياً بالمقتنيات يعلق مشاعره تجاه الشخص العزيز على هذه الأدوات، وبالتالي يصبح من الصعب التخلي عنها، بحسب موقع A to Zen life لجودة الحياة والصحة النفسية.
ومع ذلك، من المهم التذكير بأن الأشخاص ليسوا أغراضهم وأن الأوقات والذكريات الطيبة المشتركة مع الآخرين هي كفيلة بالاحتفاظ بهذه المشاعر الحميمة تجاههم، دون الحاجة للاحتفاظ بأشيائهم.
5- ارتباط الأشياء والمقتنيات بذكريات حميمة
تعمل الذكريات بطريقة مماثلة تماماً. فالعناصر التي تثير الذكريات القوية هي تلك التي يجد الكثير من الناس صعوبة في التخلص منها.
وهذا بالضبط ما ينطبق على المقتنيات والأدوات غير المستخدمة في منازل معظمنا، فهي تتعلق بالذكرى التي صنعتها في حياتنا لا بقيمتها المادية.
لكن كما أسلفنا، لا تقل الذكريات والمشاعر الجيدة قيمة في الاحتفاظ بتلك اللحظات في قلب كل شخص عن هذه المقتنيات التي تزحم المنازل دون أن يكون لها أي فائدة حقيقية فعلاً سوى زيادة شعورنا بالفوضى.
أهمية التخلص من الفوضى لصحتك العقلية
ترتبط الفوضى والاكتئاب والقلق المزمن ببعضها البعض. فقد أظهرت الدراسات العلمية وفقاً لموقع Mother للأمومة والتربية، أن النساء يعانين من ارتفاع مستويات الكورتيزول (وهو هرمون التوتر الطبيعي في الجسم) عندما يكون في مكان مزدحم مليء بالحاجيات غير المفيدة.
إذ تجعل الفوضى من الصعب التركيز والتفكير بوضوح، وكلما زادت المستلزمات في منزلك ومساحتك الخاصة زادت فرص الشعور بالضغط العصبي والتوتر، لذا هناك مجموعة متنوعة من الفوائد التي يمكن تحقيقها في العيش بشكل أكثر بساطة.
ويمكن معرفة تأثير البساطة والتخفف من خلال قراءة المزيد عن فوائد المينيماليزم"، أو ثقافة العيش بالقليل من الأشياء المادية ومكافحة الاستهلاك.