إذا لم تكن فعلاً من الأشخاص الذين يشربون المتّة في كافة الأوقات فلا شكّ أنّك قد سمعت عنها من خلال أصدقائك السوريين واللبنانيين، أو أنّك قد رأيتها على التلفاز على أقل تقدير من خلال نجوم كرة القدم أمثال ليونيل ميسي ولويس سواريز وغيرهم من النجوم اللاتينيين.
ما هي المتة؟
يعتبر شرب المتّة وتقديمه إلى الضيوف أمراً أساسياً في بعض المناطق في سوريا ولبنان، مثله مثل تقديم القهوة العربيّة في الخليج والشاي في تركيا، وهو شراب مصنوع من أوراق نبات أخضر يسمى Ilex Paraguariensis، وينمو هذا النبات بشكل أساسي في البارغواي وشمال الأرجنتين وجنوب البرازيل وبعض مناطق الأورغواي وبوليفيا.
ويتم شرب المتة عن طريق نقل الأوراق في الماء أولاً لفترة من الزمن، ومن ثم وضعها في "كأس خشبية"، وإضافة ملعقة من السكر فوقها والماء الساخن، وتشرب عن طريق استخدام ما يسمى بالـ"مصاصة".
المتّة تاريخياً
وفقاً للمستكشف جوزيف هوكر، يعود تاريخ شرب المتّة في قارة أمريكا الجنوبيّة إلى ما قبل الاستعمار الإسباني، وكان مشروباً أساسياً لدى شعب الغواراني، الذي عاش فيما يعرف الآن باسم الباراغواي وأجزاء من الأوروغواي وبوليفيا والأرجنتين والبرازيل، وفقاً لما قاله الموقع الخاص بالمتة Yerba Matero.
في حين تقول إحدى الروايات إنّ الغوارانيون قاموا بشرب هذه الأوراق إيماناً بأسطورة قديمة لديهم، تقول إنّ "إلهة القمر والغيوم" نزلت في يوم من الأيام إلى الأرض لتزورهم، لكن الفلاحين لم يكونوا في الغابة ليساعدوها، فحاول فهد الانقضاض عليها قبل أن يتمكن عجوز يسكن هناك من مساعدتها، فقدمت له "المتّة" كعربون شكر له.
وفي القرن السابع عشر قام الإسبان بحظر المتة قبل أن يقوموا لاحقاً بالترويج لها بعد معرفتهم لفوائدها الكثيرة.
أمّا حول تسميتها بالمتة فهناك عدّة فرضيات مختلفة، تقول إحداها إنّ شعب الغواراني كان يستخدم كلمة ca'iguá، والتي تعني القرعة التي يشرب بها المشروب، في حين كان شعب الكيتشوا الذي يعيش في ذات المنطقة يستخدم المعنى ذاته، ولكن بمصطلح آخر وهو "Mati"، وقد اختار الإسبان المصطلح الآخر لسهولته.
كيف وصلت المتّة إلى سوريا ولبنان؟
تعتبر قارة أمريكا الجنوبية أو كما يطلق عليها أيضاً أمريكا اللاتينية إحدى أكبر المناطق التي يعيش فيها العرب، خاصة من سوريا ولبنان، حيث تتراوح تقديرات أعدادهم بين 17 إلى 30 مليون شخص، يعيش جلّهم في الأرجنتين والبرازيل، وفقاً لما ذكره موقع Inside Arabia.
إنّ هجرة السوريين واللبنانيين إلى أمريكا اللاتينية بدأت بين 1860 حتى 1912، بسبب العديد من الأحداث الرئيسية منها الحرب الأهلية اللبنانية في 1860، وتمرّد حوران في 1909، والحرب العثمانية-الإيطالية في 1912 عندما كانت سوريا ولبنان جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، وأيضاً الحرب العالمية الأولى والثانية، والحرب الفرنسية السورية في 1920.
ويقول مؤرخون وفقاً لـYerba Matero، إنّ هؤلاء أسلاف السوريين واللبنانيين المهاجرين بدأوا في سبعينيات القرن الماضي في زيارة بلدانهم، بسبب الانكماش الاقتصادي الذي عانت منه دول أمريكا اللاتينية في تلك الفترة، فنقلوا معهم عادة مشروب المتّة.
وفي الوقت الحاضر تعتبر سوريا أكبر مستورد للمتة في العالم، إذ تقدّر كمية المتّة الواردة إلى سوريا بنحو 23 ألف طن سنوياً، رغم الحالة الاقتصادية المتردية التي يعيشها المواطنون بسبب الحرب المستمرة، في حين تستورد لبنان أيضاً نحو ألف طن سنوياً.
وتعتبر مناطق جبل الدروز وجبال العلويين في سوريا وجبال الشوف في لبنان أكثر المناطق استهلاكاً للمتة.
فوائد المتة
بعيداً عن طعمه اللذيذ، لمشروب المتّة فوائد كثيرة لاحتوائه على العديد من العناصر الغذائية، وفقاً لما ذكره موقع Health Line.
غني بمضادات الأكسدة
تحتوي أوراق المتة على العديد من العناصر الغذائية مثل الزانثين الذي يعمل كمنشط، وتشمل الكافيين والثيوبرومين.
وأيضاً مشتقات الكافيين التي تعمل كمضاد أكسدة، وهي نفس المتواجدة في الشاي، إضافة إلى الصابونين والبوليفينول، وهي مركبات لها خصائص معينة مضادة للالتهابات وتخفض الكوليسترول.
ومن المثير للاهتمام أن قوة مضادات الأكسدة الموجودة في المتة هي أكبر من تلك الموجودة في الشاي الأخضر، علاوة على أنّها تحتوي على 7 من أصل 9 أحماض أمينية أساسية، وأيضاً كل الفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الجسم يومياً.
زيادة الطاقة والتركيز العقلي
يحتوي كوب واحد من المتة على 85 مجم من الكافيين، أي أقل ما يحتويه فنجان القهوة وأكثر من الشاي، لذلك تعتبر المتة من المشاريب التي تزيد من مستويات الطاقة في الجسم وتقلل شعور التعب.
كما يمكن أن يؤثر الكافيين في المتة على مستويات جزيئات إشارات معينة في عقلك، ما يجعلها مفيدة بشكل خاص لتركيزك العقلي.
بالإضافة إلى ذلك فإن أولئك الذين يستهلكون المتة بانتظام يرون في كثير من الأحيان أن المتة تعزز اليقظة مثل القهوة تماماً، ولكن دون آثار جانبية.
تعزز الأداء البدني
نظراً لأن المتة تحتوي على كمية معتدلة من الكافيين، فإن أولئك الذين يشربونها يمكنهم توقع فوائد الأداء البدني مثل تحسن تقلصات العضلات، وتقليل التعب وبالتالي تحسين الأداء الرياضي بنسبة تصل إلى 5%.
في إحدى الدراسات فإن أولئك الذين أعطوا كبسولة 1 غ من أوراق المتة المطحونة قبل التمرين مباشرة أحرقوا 24% من الدهون أثناء ممارسة التمارين متوسطة الشدة.
تحمي من العدوى
قد يساعد مشروب المتة في منع العدوى من البكتيريا والطفيليات والفطريات.
فقد وجدت إحدى الدراسات التي أجريت على أنبوب الاختبار أن جرعة عالية من مستخلص المتة قد عطلت الإشريكية القولونية، وهي بكتيريا تسبب أعراض التسمم الغذائي مثل تقلصات المعدة والإسهال.
كما قد تمنع المركبات الموجودة في المتة الملاسيزية فورفور، وهي فطريات مسؤولة عن الجلد المتقشر وقشرة الرأس، وبعض الطفح الجلدي.
تعزز جهاز المناعة
تحتوي المتة على مادة الصابونين، وهي مركبات طبيعية ذات خصائص مضادة للالتهابات.
بالإضافة إلى ذلك فإنها توفر كميات صغيرة من فيتامين C وفيتامين H والسيلينيوم والزنك، ويمكن لمضادات الأكسدة هذه أن تقوي جهاز المناعة لديك وتعزز الصحة.
المتة تخفف الوزن ودهون البطن
إذا سألت أحد مستهلكي المتة الدائمين عن أبرز فوائدها سيقول لك إنها تخفف الوزن وتساعد على حرق دهون البطن.
قد يبدو الأمر صحيحاً، إذ تشير الدراسات التي أجريت على الحيوانات إلى أن متة المتة قد تقلل الشهية وتعزز عملية الأيض، ما قد يساعد في إنقاص الوزن.
كما يبدو أنها تقلل من العدد الإجمالي للخلايا الدهنية وتقلل من كمية الدهون الموجودة بها.
علاوة على ذلك في دراسة استمرت 12 أسبوعاً على الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، فإن أولئك الذين تناولوا 3 غرامات من مسحوق المتة يومياً فقدوا متوسط 1.5 رطل (0.7 كجم).
كما قاموا بتقليل نسبة الخصر إلى الورك بنسبة 2%، ما يشير إلى فقدان دهون البطن.