يبدو أن تركيا تُعد أبرز الفائزين من قمة الناتو الأخيرة، وليست أوكرانيا، حيث نالت أنقرة عدة مكاسب من الحلف والسويد والاتحاد الأوروبي، كل على حدة، في هذا التقرير نرصد أبرز مكاسب تركيا من قمة الناتو، وفرص تنفيذ الوعود التي قُدمت لها خلال هذه القمة.
وعُقدت قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، الثلاثاء والأربعاء، بمشاركة 31 زعيماً من الدول الأعضاء في الحلف، وبينما كان ملف عضوية أوكرانيا ودعمها عسكرياً وأمنياً أبرز البنود على جدول أعمال القمة، التي عقدت في ليتوانيا، البلد الذي كان جزءاً من الاتحاد السوفييتي والقريب من روسيا، فإن اللافت أن أبرز نتائج القمة تتعلق بتركيا بالأساس.
وبينما كانت أوكرانيا مستاءة من قمة حلف الناتو بسبب عدم تحديد جدول زمني لانضمامها للحلف، تبدو تركيا أكبر الفائزين من هذه القمة، حيث نالت وعوداً على الأقل أكبر مما كان متوقعاً قبل عقد القمة.
وكان لافتاً أنه في نهاية القمة، خاطب بايدن أردوغان: أشكرك على شجاعتك وقيادتك ودبلوماسيتك التي أظهرتها، وذلك بسبب موافقته على انضمام السويد لحلف الناتو.
تركيا توافق على انضمام السويد لحلف الناتو
بعد فيتو تركي استمر لأشهر طويلة على انضمام السويد للناتو بسبب اتهامات أنقرة لها بالتساهل ودعم الإرهاب، أعلن أمين عام حلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، قبيل القمة عن التوصل لاتفاق بين السويد وتركيا، توافق بموجبه الأخيرة على انضمام ستوكهولم للناتو مقابل الالتزام بشروط أنقرة.
ويمثل انضمام السويد، الدولة المحايدة منذ 200 عام، للناتو أهمية بالغة للحلف وستوكهولم على السواء، فهي واحدة من أغنى وأقوى الدول الأوروبية، وأكبر بلد اسكندنافي، وهي مجاورة لروسيا وتمتلك قوة عسكرية كفؤة للغاية، إضافة لصناعة عسكرية شديدة التطور وتقاليد عسكرية تقوم على التأهب دوماً لمواجهة الروس، إضافة لموقع جغرافي قريب من مناطق روسيا الحساسة والضعيفة بما ذلك ثاني أكبر مدن روسيا سان بطرسبرغ، والشمال الروسي الملاصق للقطب الشمالي وقدرة على التحكم في وصول الروس للمحيط الأطلنطي عبر موقع السويد على مدخل بحر البلطيق.
وشكر الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس الأربعاء، نظيره التركي رجب طيب أردوغان، على موقفه حيال انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وقال بايدن، في تغريدة على تويتر، مخاطباً أردوغان: "أشكرك على شجاعتك وقيادتك ودبلوماسيتك التي أظهرتها".
وأضاف بايدن أن تركيا توصّلت إلى "اتفاق تاريخي" بشأن انضمام السويد إلى "الناتو".
أردوغان ألمح لخارطة طريق وشروط لازمة لإتمام انضمام السويد للحلف
من جانبه، قال أردوغان إن تركيا دولة دعمت دائماً سياسة الباب المفتوح التي يتبعها الناتو، وإلى اليوم لم نمنع أي دولة من الانضمام للحلف بطريقة مزاجية.
ولكن اللافت أن أردوغان ربط الأمر بموافقة البرلمان التركي، قائلاً: "البرلمان التركي الذي يمثل الإرادة الوطنية هو المرجعية التي ستوافق على بروتوكولات انضمام السويد إلى الناتو"، كما كان لافتاً أن الإعلان عن الاتفاق جاء على لسان أمين عام حلف الناتو.
وقال أردوغان: أعتقد أنه عندما يعاود البرلمان التركي افتتاح جلساته فإن رئيس برلماننا سيمنح الأولوية لاتفاقية انضمام السويد إلى الناتو من بين الاتفاقيات الدولية.
وأشار إلى أنه تناول خلال اجتماعات القمة واللقاءات الثنائية ملف انضمام السويد إلى الناتو، لافتاً إلى عقده اجتماعاً ثلاثياً قبيل القمة مع أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ، ورئيس وزراء السويد أولف كريسترسون.
وأضاف: "قيّمنا خلال هذا الاجتماع (الثلاثي) تطلعات تركيا وبنود مذكرة التفاهم الثلاثية، وتنفيذ السويد لتعهداتها حتى اليوم".
أبرز مكاسب تركيا من قمة الناتو.. التزام سويدي بمكافحة الإرهاب
وفي البيان الصادر إثر المحادثات الثلاثية بين السويد وتركيا والناتو، أعلن أن تركيا والسويد ستعملان بشكل وثيق "لتنسيق مكافحة الإرهاب"، وتعزيز الروابط التجارية الثنائية.
قال أردوغان خلال القمة " قمنا من خلال البيان النهائي بتحديد الخطوات المستقبلية المتعلقة بعملية انضمام السويد، وبناء عليه سنزيد التعاون في مكافحة الإرهاب من خلال الآلية الثلاثية المستمرة وآلية التعاون الأمني الثنائية المزمع تأسيسها مع السويد على مستوى الوزراء".
وأفاد بأن السويد ستقدم أيضاً خارطة طريق تشمل تنفيذ كل المسائل المدرجة في مذكرة التفاهم الثلاثية، وخاصة مكافحة المنظمات الإرهابية بشتى أشكالها.
يظهر ذلك أن موافقة تركيا على انضمام السويد ليست تلقائية ولا مضمونة، ولكن تظل مشروطة بتلبية خارطة طريق تم الاتفاق عليها.
الناتو سيكون منسقاً لعملية مكافحة الإرهاب بين تركيا وأوروبا
الإثنين الماضي، أعلن الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، في تصريح صحفي عقب اجتماعه مع الرئيس التركي ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون في ليتوانيا، أنه سيتم تأسيس آلية أمنية ثنائية بين تركيا والسويد.
وتابع: "يسعدني تعيين منسق خاص سيعزز جهودنا في محاربة الإرهاب، وهذه كانت رغبة تركيا".
ويُعد قرار الحلف تعيين منسق خاص لمكافحة الإرهاب "خطوة للقضاء على المشاكل بين الجانبين السويدي والتركي فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، ما يسهل على أنقرة التنسيق مع الدول الأوروبية وزيادة الوعي بهيكلة تنظيم حزب العمال الكردستاني في أوروبا"، حسبما قال البروفيسور في جامعة أنقرة للعلوم الاجتماعية، مراد يشيل تاش، لوكالة الأناضول.
وقال البروفيسور التركي إن "القرار لن يكون له تأثير فوري، لكنه سيمكن الحكومات والمنظمات الأمنية في أوروبا من الوصول إلى مستوى يمكنها من محاربة التنظيم الإرهابي وإضعاف شبكاته على المدى المتوسط والبعيد".
إحياء ملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي
واحدة من مفاجآت قمة الناتو، إحياء ملف مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي المجمّد منذ عام 2016، حيث نال أردوغان دعماً أمريكياً في هذا الصدد، إضافة لتعهد سويدي بدعم طلب أنقرة في هذا الملف.
وجاء البيان الصادر إثر المحادثات الثلاثية بين السويد وتركيا والناتو، أن "السويد ستدعم جهود تنشيط عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تحديث الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا وتحرير التأشيرات".
وقال أردوغان إن بموجب الاتفاق مع السويد ستقدم الأخيرة دعماً فعالاً فيما يتعلق بعملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وتحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي ذات الأهمية الكبرى لاقتصاد تركيا وإعفاء الأتراك من التأشيرة.
من جانبه، تعهّد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدعم مسار عضوية أنقرة بالاتحاد الأوروبي، وذلك خلال لقائهما على هامش قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في ليتوانيا.
وفي مؤتمر صحفي، عقده أمس الأربعاء، قال سانشيز، إنه وعد أردوغان بأنه خلال فترة تولي بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي حتى نهاية العام الجاري، سيحاول إدراج القضايا المتعلقة بعملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي على أجندة الاتحاد.
وأضاف: "يجب أن نرى بالضبط الخطوات التي يمكننا اتخاذها في هذه الأشهر (فترة رئاسة بلاده للاتحاد الأوروبي) من أجل جعل تركيا تشعر بأنها أقرب إلى الاتحاد الأوروبي وليست بعيدة عنه".
وأكد سانشيز أن إسبانيا لديها دائماً نهجاً إيجابياً بخصوص إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرات الدخول "فيزا" وتنظيم اتفاقية الاتحاد الجمركي التي تطالب بها تركيا كأولوية.
وأشار إلى أن إسبانيا لا يمكنها اتخاذ قرار بمفردها داخل الاتحاد الأوروبي، واستدرك: "لكنها ستبذل قصارى جهدها لإدراج هاتين المسألتين اللتين تهمان تركيا على جدول الأعمال ضمن الصلاحيات التي تمنحها فترة رئاسة الاتحاد.
ولكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان أكثر تحفظاً حيث صرح بأنه سيبقى على اتصال مع الرئيس رجب طيب أردوغان فيما يتعلق بملفي الاتحاد الأوروبي وشرق المتوسط.
ولكن اللافت أن ماكرون المعروف عنه علاقته المتوترة مع أنقرة، ورفضه للدور الأمريكي في أوروبا في الوقت ذاته، لم يُبد اعتراضاَ على مسألة إحياء ملف مفاوضات انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي، والدور الأمريكي في هذا الملف.
وكان أردوغان قد استبق مشاركته في قمة الناتو بليتوانيا، بالقول: "افتحوا الباب أمام عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي أولاً، وسنفتح بعدها باب عضوية الناتو أمام السويد كما فعلنا مع فنلندا".
هل اقترب موعد انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي بعد القمة؟
ويُمكن القول إن عملية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي مجمّدةٌ في الواقع بسبب عدة عقبات، ومنها الجدل بشأن قضية قبرص على سبيل المثال، بحسب موقع Middle East Eye البريطاني.
لكن طلب أردوغان من بايدن لم يأتِ عفوياً؛ إذ صرّح مصدر مطلع على المسألة لموقع Middle East Eye البريطاني بأن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان طرح الطلب نفسه بشأن الانضمام للاتحاد الأوروبي، خلال مكالمته الهاتفية مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن قبيل القمة.
وأوضح المصدر أن بايدن فوجئ بسرور خلال المكالمة الهاتفية عندما سمع تعليقات أردوغان بشأن إحياء عملية الاتحاد الأوروبي؛ حيث تحدّث بايدن عن دوره المحوري في الضغط على الاتحاد الأوروبي لقبول عضوية تركيا، وذلك في عهد إدارة بيل كلينتون.
يُذكر أن أردوغان صاغ سياسةً خارجية وأوراق اعتمادٍ ديمقراطية تركية تتوافق مع الاتحاد الأوروبي بين عامي 2002 و2013، وأجرى إصلاحات تمنح المزيد من الحقوق والحريات للشعب التركي. وأدت الإصلاحات المؤسسية اللاحقة إلى زيادة ثقة المستثمرين في تركيا، ما أسفر عن تدفق مليارات الدولارات على البلاد.
ولكن العلاقات بين الطرفين تدهورت بسبب تلكؤ مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي رغم اعتراف الأخير قبل سنوات، بأن أنقرة لبّت معظم الشروط والطلبات، ولكن العلاقة تدهورت أكثر بسبب التدخل الأوروبي في الشؤون التركية الداخلية، وكذلك بسبب الخلافات حول الوضع في سوريا وخاصة دعم الغرب للأكراد.
ولكن هل يتوقع أردوغان قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي.
يقول الموقع البريطاني إن الرئيس أردوغان، المُحنّك تكتيكياً، يشتهر بإجراء تغييرات استراتيجية على سياسته الخارجية بعد كل انتخابات.
على الأرجح، يعلم أردوغان أكثر من غيره، أن مسألة انضمام تركيا الدولة الإسلامية التي يدور سكانها حول 80 مليون نسمة، أي أكبر من ألمانيا العضو الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الاتحاد مسألة صعبة، وأنها لا تتعلق بمدى استجابة تركيا لشروط العضوية بقدر ارتباطها بالطابع المسيحي غير المعلن للاتحاد الأوروبي، والذي عززه صعود اليمين واليمين المتطرف في أوروبا، وحقيقة أن تركيا كانت في عهد الدولة العثمانية هي الخصم التاريخي لأوروبا، إضافة لتزايد الفجوة بين القيم الديمقراطية التركية والقيم الليبرالية الأوروبية مع تزايد تطرف الليبرالية الأوروبية في قضايا حساسة مثل الإباحية وحقوق المثليين.
ولكن فعلياً، تركيا تواصل تطبيق أغلب المعايير الأوروبية، خاصة في الاقتصاد، دون أن تثقل نفسها بكثير من عيوب الاتحاد مثل البيروقراطية، وأداء الاقتصاد التركي خلال سنوات حكم حزب العدالة أفضل من أداء معظم اقتصادات دول جنوب أوروبا الأقرب لتركيا، وهي الدول التي عانت بشكل خاص من تأثير اليورو القوي على اقتصادها.
ولقد استفادت تركيا من شراكتها الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي لتصبح من أكبر شركائه الاقتصاديين، وعلى سبيل المثال هي أكبر مصدر للسيارات لأوروبا.
وما تريده أنقرة في الوقت الراهن على الأقل تحديث الاتحاد الجمركي وتحرير التأشيرات مع أوروبا. وقد أصبح تحرير التأشيرات موضوعاً دائم النقاش على الشبكات الاجتماعية التركية، وذلك نتيجةً لحالات رفض الدول الأوروبية منح التأشيرات للأتراك بصورةٍ تبدو تعسفية.
ترغب أنقرة إذن في علاقة قوية وودية مع الاتحاد الأوروبي تسمح بتدفق الاستثمارات الغربية على البلاد، خاصة أنه قد وثقت علاقتها بروسيا وتصالحت مع الدول الخليجية، ويعتقد أن الأموال الروسية والخليجية تتدفق على البلاد، بالفعل، ولكنها ليست كافية لإحداث الأثر الاقتصادي الذي تريده الحكومة التركية، خاصة أن البلاد تعاني من نقص للعملات الصعبة.
كما أن الأموال الأوروبية تكون مصحوبة عادة بالتكنولوجيا وهي مسألة توليها تركيا أهمية كبيرة، في المقابل، تمثل تركيا بالنسبة للاتحاد الأوروبي ساحة قريبة للاستثمار تتسم بالعاملة الكفؤة والرخيصة، والتنظيم الجيد، ووفرة مستلزمات الإنتاج باعتراف رئيس فولكس فاغن للسيارات، رئيس أكبر شركة أوروبية لصناعة السيارات، مما يتيح لأوروبا نقل أجزاء من سلاسل التوريد من الصين التي باتت تتحول لخصم للغرب إلى تركيا القريبة في الجغرافيا والنظم الاقتصادية والإدارية والسياسية.
رفع القيود عن الصناعات الدفاعية
فرضت عدة دولة أوروبية منها السويد وألمانيا وفرنسا قيوداً على تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى تركيا بسبب العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا ضد الإدارة الكردية الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، وهو الكيان الذي يقوده حزب الحزب الديمقراطي الكردي السوري، الذي تقول أنقرة إنه مجرد فرع من حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً في تركيا والدول الغربية، وتؤكد تقارير مراكز أبحاث غربية عدة حقيقة أنه امتداد أن الحزب الكردي السوري تم تشكيله من الأعضاء السوريين في حزب العمال، وأنه يتبنى أيدولوجيته، بينما يزعم الغرب أنه حليف ضد الإرهاب، وأنه يؤسس كيان ديمقراطي في شمال سوريا، رغم أنه الإدارة التي أسسها يقودها أعضاء الحزب من الأكراد الذين يمثلون نسبة ضئيلة من سكان المنطقة يحكمون أغلبية عربية في نظام للفصل العنصري شبه بالنظام الجنوبي الإفريقي السابق.
وقال أردوغان إنه وفقاً للاتفاق "ستستمر السويد في بذل ما يقع على عاتقها من أجل رفع القيود التي تفرضها على تركيا وخاصة في مجال الصناعات الدفاعية، وبناء على المراجعات التي ستتم على هذا الأساس سننتقل إلى المرحلة التالية من عملية انضمام السويد".
واللافت هنا أن أردوغان يلمح إلى أن الانتقال لمرحلة موافقة تركيا النهائية على انضمام السويد للناتو سيرتبط برفع الحظر السويدي على تصدير الأسلحة لأنقرة، ولكنه لم يشر إلى ربط موافقة أنقرة بالحظر الذي تفرضه بعض الدول الأوروبية الأخرى.
ملف الإساءة للمقدسات
خلال القمة، جدد أردوغان الحديث عن الإساءة للمقدسات، معتبره إرهاباً وهمجية، كما انتقد مواقف الدول الغربية التي رفضت قرار مجلس حقوق الإنسان بإدانة حرق المصحف.
وقال أردوغان: "وثقنا بيانات أدانت فيها الحكومة السويدية الاعتداء السافل على المصحف على أراضيها"، مشدداً على ضرورة عدم السماح لجرائم الكراهية التي تهين وتغضب ملياري مسلم حول العالم.
وتفيد تقارير بأن السويد تفكر في تجريم على مسألة حرق المصحف كما أنها منعت حرق المتطرف العراقي الأصل للمصحف مؤخراً أمام مسجد في البلاد.
صفقة الـ"F-16″.. واحدة من أهم مكاسب تركيا من القمة
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إنه واثق من أن تركيا ستستمر في دعم عضوية السويد في الناتو، وأن بإمكان واشنطن بيع مقاتلات "F-16" الأمريكية إلى أنقرة.
جاء ذلك في تصريح للصحفيين قبيل مغادرته العاصمة الليتوانية فيلنيوس التي احتضنت قمة زعماء الناتو.
وتفاوضت أنقرة وواشنطن على بيع 40 طائرة جديدة من طراز F-16 و79 مجموعة تحديث، لكن العملية تنتظر موافقة الكونغرس الأمريكي.
وقال أردوغان إنه متفائل أكثر من أي وقت مضى بشأن صفقة مقاتلات "F-16″، ونأمل أن تتكلل المحادثات مع واشنطن بنتائج إيجابية.
وبعد ساعات من إعلان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، أن تركيا والسويد والحلف توصلوا إلى "اتفاق ثلاثي" يوم الثلاثاء، 11 يوليو/تموز 2023، وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قرر مسألة نقل عضوية السويد بـ"الناتو" إلى البرلمان التركي، أعلنت واشنطن عزمها المضي قدماً في نقل طائرات إف-16 إلى تركيا بالتشاور مع الكونغرس الأمريكي، فيما لمّح سيناتور أمريكي كبير إلى تخليه عن معارضة بيع المقاتلات المتطورة إلى أنقرة.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي بوب مينينديز، إنه يجري محادثات مع إدارة الرئيس جو بايدن بشأن التعليق الذي فرضه على المبيعات الأمريكية المستقبلية لطائرات (إف-16) المقاتلة إلى أنقرة. أضاف مينينديز، وهو ديمقراطي، أنه يمكنه اتخاذ قرار في غضون الأسبوع المقبل بشأن التعليق.
تجدر الإشارة إلى أن كندا وافقت مؤخراً على إسقاط حظر الأسلحة المفروض على تركيا، حسب ما قال مسؤولون موقع Middle East Eye البريطاني.
تحسّن العلاقة مع أمريكا
يمثل مشهد المزاح والضحكات المتبادلة بين أردوغان وبايدن مفارقة كبيرة، تذكر بأن الرئيس الأمريكي نفسه هو الذي سبق أن توعد بالعمل مع المعارضة التركية عندما كان مرشحاً للرئاسة بعزل أردوغان.
واعتبر أردوغان لقاءه بنظيره الأمريكي في ليتوانيا بمثابة "مرحلة جديدة" في العلاقات بين البلدين.
ويُعد تحسن العلاقة مع أمريكا ورئيسها الديمقراطي أبرز مكاسب تركيا من قمة الناتو، خاصة أن بدأ التدهور العلاقة بين أنقرة وواشنطن، بدأ عندما كان بايدن نائباً للرئيس في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، ويقال إن بايدن نفسه كان شريكاً في إشعال هذا التوتر.
وانعكس التحسن في علاقات بايدن وأردوغان، على مواقف بعض القيادات الرئيسية في الكونغرس الأمريكي.
وتجدر الإشارة إلى أن تحسّن العلاقة مع بايدن الديمقراطي يقابله علاقة شخصية ودية تربط أردوغان بالرئيس الأمريكي الجمهوري الأسبق دونالد ترامب، رغم أنه في عهد الأخير فرضت أشد العقوبات الأمريكية صرامة على أنقرة، ولكن كان واضحاَ أن ذلك تم بدفع من أعضاء بالكونغرس ومسؤولين أمريكيين.
ولذا بعد تحسّن العلاقة مع الديمقراطيين، فإن تركيا ضمنت علاقة جيدة مع قطبي السياسة الأمريكية.
بالطبع هذا التحسن في العلاقات الأمريكية التركية قد بدأ منذ تولي بايدن السلطة وهو مرتبط بأهمية تركيا الجيوسياسية البالغة والتي ازدادت بعد نشوب الحرب الأوكرانية، وخاصة أن أنقرة أدارت الأزمة بحنكة، بدءاً من دعمها العسكري لأوكرانيا تاريخياً وتطبيق اتفاق مونتري الذي يمنع السفن الحربية الروسية من المرور عبر المضائق التركية التي تتحكم بالبحر الأسود، وصولاً إلى تعزيز العلاقة الاقتصادية مع روسيا والوساطة التركية بين البلدين في محاولات سابقة لتحقيق وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وأخيراً اتفاق حبوب البحر الأسود الذي أنقذت العديد من الدول النامية من مجاعة محتملة.
ورغم بعض الامتعاض الغربي من العلاقة الوثيقة بين أنقرة وروسيا، والتي وصلت لبناء الأخيرة مفاعلاً نووياً في تركيا باستثمارات روسية، إضافة لتحول تركيا لملاذ للروس بما فيهم المليارديرات الهاربين من الغرب، إلا أن دور تركيا كوسيط بين كييف وموسكو، وكقناة اتصال فعالة بين روسيا وأمريكا شديد الأهمية خاصة في ظل أن تركيا عضو بالناتو ولديها خبرة كبيرة في التنسيق مع الروس في ظل حالات التنافس السابقة في سوريا وليبيا والقوقاز.
يلاحظ أن واحداً من مكاسب تركيا من القمة أن تحسن العلاقة مع أمريكا والعديد من الدول الغربية جاء بعد أن فرض أردوغان إلى حد كبير خلال السنوات الماضية على الغرب ضرورة التعامل مع أنقرة باحترام وبندية وليس كتابع، وأثبت أنه قادر على خلق المشاكل وإيجاد تحالفات أخرى، إذا لم يراعِ الغرب مصالح بلاده ونظرتها لنفسها كقوى إقليمية مهمة تستوجب معاملتها بندية، وليس كحارس لبوابة أوروبا والناتو الجنوبية دون أن يكون لها حق اتخاذ القرار.
التأكيد على الوساطة التركية المحتمَلة بين روسيا وأوكرانيا
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، استعداد بلاده للقيام بدور الوساطة بين روسيا وأوكرانيا في حال عرض ذلك على أنقرة.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده أمس الأربعاء، في ختام أعمال قمة زعماء دول حلف شمال الأطلسي "(الناتو).
وجدد الرئيس التركي تأكيده على أنه "لا رابح في الحرب ولا خاسر في السلام، وأن أنقرة تريد إنعاش السلام مجدداً في المنطقة".
وتطرق إلى اتفاقية شحن الحبوب قائلا: "الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يدعم تمديد اتفاقية الحبوب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان لديه بعض المقترحات بخصوصها، ونبذل جهوداً؛ بغية التوصل إلى حل، آخذين بعين الاعتبار تلك المقترحات".
أبرز خسائر تركيا المحتمَلة من القمة
إذا كانت هناك خسارة، فتتمثل في صعود احتمالات توتر العلاقة مع روسيا، حيث قال رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي فيكتور بونداريف، إن تركيا "تتحول إلى دولة غير صديقة بعد اتخاذها سلسلة من القرارات الاستفزازية، وذلك بسبب موافقتها على عضوية السويد في الناتو، إضافة إلى تسلم تركيا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال زيارته لأنقرة، قادة الكتيبة الأوكرانية التي دافعت عن مجمع "آزوفستال" للصلب بمدينة ماريوبول الأوكرانية، والذين كانوا أسرى لدى موسكو، وتم إبعادهم لتركيا بشرط بقائهم هناك لحين انتهاء الحرب.
ويبدو أن موسكو تشعر بالقلق بتحسن علاقات تركيا مع الغرب.
وتمثل العلاقة مع روسيا أهمية كبيرة لتركيا، حيث تمثل السياحة الروسية مصدر دخل مهم لأنقرة، إضافة لمشتريات الأخيرة الضخمة من الغاز والنفط الروسيين، وقيل إن موسكو أجّلت تحصيل بعض مستحقات الغاز الروسي المباع لأنقرة قبل الانتخابات التركية، وتمثل واردات الطاقة عبئاً كبيراً على الاقتصاد التركي في ظل الحرب الأوكرانية.
كما أن تركيا تحوّلت لملاذ للأموال الروسية، وشركاتها تعمل وتصدر لروسيا بشكل مكثف إضافة إلى أن مشروع المحطة النووية العملاقة التي تبنيها روسيا في تركيا لن تُدخل أنقرة فقط للنادي النووي السلمي، ولكنها تتم باستثمارات روسية تمثل مصدراً للعملة الأجنبية في وقت حساس بالنسبة لأنقرة.
إضافة للتنسيق بين البلدين في ملفات سوريا وليبيا والقوقاز.
كل ذلك يجعل العلاقة مع روسيا مسألة ضرورية لتركيا.
ولكن على الجانب الآخر، فإن تركيا مهمة أيضاً بالنسبة لروسيا، فهي تكاد تكون منفذها الوحيد تجاه الغرب، ووسيطاً لا غنى عنه مع أمريكا وأوكرانيا، إضافة إلى أن لدى أنقرة أوراق قوة في القضايا ذات الاهتمام المشترك في القوقاز وليبيا وسوريا.
وتُعد المراوحة بين الصلات الودية وبين التوتر سمة رئيسية للعلاقات التركية الروسية في عهدي أردوغان وبوتين.
كما أن مسألة السويد ليست مفاجأة، فموافقة أنقرة على انضمامها للناتو ليس شيئاً غريباً، بالنظر إلى موافقتها قبل ذلك على انضمام فنلندا للناتو، الجار الأقرب لروسيا من السويد.
أما مسألة إعادة القادة الأوكرانيين لكييف، فهي تظل مسألة صغيرة ورمزية أكثر منها استراتيجية حتى لو أغضبت الروس، كما أن موسكو تعلم أن تركيا في سعيها للتقارب معها لم تكن تهدف إلى الابتعاد عن الغرب بقدر ما تؤكد على استقلاليتها الاستراتيجية.