رغم أن السويد هي أول دولة بعد تركيا تصنف حزب العمال الكردستاني تنظيماً إرهابياً من حيث الترتيب الزمني، فإن علماً كبيراً للحزب رُفع في أحد شوارع ستوكهولم البارزة مؤخراً، بعد اجتماع المجلس الديمقراطي الكردستاني الذي ساعدت الخارجية السويدية في تنظيمه، الأمر الذي يُظهر العلاقة الوثيقة بين السويد وحزب العمال الكردستاني، رغم نفي ستوكهولم.
يُظهر هذا التناقض أزمة السياسة السويدية في التعامل مع ملف الحركات الكردية في سوريا وتركيا، حيث تستند في الأغلب إلى ادّعاءات غير صحيحة، وبعيدة تماماً عن الواقع الذي يعرفه المتخصصون في هذا الملف، بطريقة لا تضر فقط أمن دولة أخرى مثل تركيا (التي كانت حليفاً تاريخياً لها في مواجهة روسيا)، بل إن السويد التي تقدم نفسها على أنها راعية عالمية لحقوق الإنسان، تشارك في دعم نظام تمييز عنصري يقيمه الأكراد في شمالي سوريا، حيث تعامل الأغلبية العربية كمواطنين من الدرجة الثانية.
ويمثل التهديد الإرهابي الذي يمثله حزب العمال الكردستاني الخطر الأكبر على البلاد من وجهة نظر أغلب الأتراك، وفقاً لمسح سنوي للرأي العام أجرته جامعة قادر هاس، حيث أدت المعارك مع الحزب لوفاة نحو 40 ألف تركي.
وتصنف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بحزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية، لكنهما جادلا بأن وحدات حماية الشعب الكردية التي تحكم شمال سوريا هي كيان منفصل.
ويسلّط اعتراض تركيا على انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو، الضوء على السياسات الغربية المحابية للإدارة الذاتية الكردية في شمالي سوريا، رغم تحالفها مع نظام الأسد، وممارستها العنصرية بحق الأغلبية العربية بشمال سوريا، حيث تسيطر على ثلث البلاد، إلى جانب علاقتها الوثيقة بحزب العمال الكردستاني المصنف كحزب إرهابي من كل الدول الغربية.
ويتعيّن على جميع أعضاء الناتو الثلاثين الحاليين المصادقة على طلبات كل من السويد وفنلندا للانضمام إلى الحلف، ما يمنح تركيا حق النقض على القرار.
يقول المسؤولون الأتراك والسويديون والفنلنديون جميعاً إن المشكلة الرئيسية تكمن في ستوكهولم، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Financial Times البريطانية.
حيث إن دعم فنلندا محدود للمجموعات الكردية مقارنة بالسويد، التي تعد الدول الرائدة في المنطقة الاسكندنافية.
وتقول السويد إنها مثل الدول الغربية تعتبر حزب العمال الكردستاني حزباً إرهابياً، ولكن الأمر مختلف مع حزب الاتحاد الديمقراطي السوري، الذي أسس الإدارة الذاتية الكردية وقوات سوريا الديمقراطية، وتدعم السويد هذا الحزب وإدارته الذاتية التي أقيمت في مناطق ذات أغلبية عربية.
ولكن الأمر المعروف للمتخصصين، بما فيهم باحثون في مراكز أبحاث غربية، أن حزب الاتحاد الديمقراطي هو مجرد فرع سوري لحزب العمال الكردستاني المنصب كتنظيم إرهابي لدى الدول الغربية وتركيا.
علاقة واضحة تجمع السويد مع حزب العمال الكردستاني
المشكلة أن علاقة السويد مع حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره هي نفسها تنظيماً إرهابيا، تبدو واضحة، ولا السويد ولا الحزب يتعمدان إخفاءها، كما ظهر في واقعة العَلَم المشار إليها آنفاً.
وعندما تم انتخاب رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون في عام 2021، كان ذلك جزئياً بفضل دعم النائبة المؤيدة لحزب العمال الكردستاني في البرلمان السويدي، أمينة كاكابافيه. تم تأمين دعمها مقابل تعهد بزيادة التعاون بين الاشتراكيين الديمقراطيين في أندرسون وحزب الاتحاد الديمقراطي.
وأمينة كاكابافيه هي كردية إيرانية موالية لحزب العمال الكردستاني.
ومن المعروف أن الحركة الكردية في إيران يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني، وأنه فعلياً أوقف أي نشاط كردي معاد لطهران في إطار تحالفه مع النظام الإيراني.
وبعد تولي رئيسة الحكومة السويدية منصبها، قالت إنه من غير المنطقي تصنيف المقاتلين الأكراد جماعةً إرهابيةً من قِبل الجهات الحكومية، وهو أمر قد يكون مؤشراً لنيتها لرفع حزب العمال الكردستاني من قائمة المنظمات الإرهابية، لأن المقاتلين الأكراد ينتمون لحزب العمال، أو وحدات حماية الشعب، والأخيرة ليست مصنفة جماعةً إرهابية في الغرب.
ومن نقاط التوتر الأخرى مجلس سوريا الديمقراطية، الذراع السياسية لمجموعة من القوات التي يسيطر عليها الأكراد في شمالي سوريا. وتقول تركيا إن الإرهابيين يهيمنون على مجلس سوريا الديمقراطية، وتقول السويد إنها تتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية، لكن ليس مع وحدات حماية الشعب أو حزب العمال الكردستاني.
ولكن الواقع أن وزير الدفاع السويدي بيتر هولتكفيست التقى بأعضاء من وحدات حماية الشعب، وهي التنظيم العسكري الذي يفرض حكم الأقلية الكردية على عرب شمالي سوريا.
بينما قامت وزيرة الخارجية السويدية آن ليندي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بتغريد صورة لها مع مسؤولين من مجلس سوريا الديمقراطية، الجناح السياسي للمنظمة الأم لوحدات حماية الشعب.
وأكدت الوزيرة السويدية على ضرورة أن يشارك "مجلس سوريا الديمقراطية" في مستقبل سوريا، لافتة إلى علاقات بلادها الجيدة مع ما يسمى "إدارة الحكم الذاتي" في سوريا.
أسلحة سويدية مضادة للدبابات لدى حزب العمال الكردستاني
تقول تركيا إن حزب العمال الكردستاني يقوم بتأمين مصادر دخل كبيرة له في السويد، عبر تجارة وتهريب الأسلحة والمخدرات والسرقة، ويخلق مصادر دخل عبر مؤسسات إعلامية تروّج له.
ويمتلك التنظيم مكاتب تمثيلية في العديد من الدول والمدن الأوروبية، ومنها السويد، كما هو الحال بالنسبة لشبكتي "Heyva Sor a Kurdistan" و"CIK"، اللتين تتخذان من ألمانيا مركزاً لهما، حسب وكالة الأناضول.
كما يمتلك التنظيم مكتباً تمثيلياً له في ستوكهولم، منذ أبريل/نيسان 2016، حسب تقرير لوكالة الأناضول.
وتسمح السلطات السويدية لأنصار حزب العمال الكردستاني" بالتظاهر ورفع أعلام، تحت مسمى "حرية التعبير".
وخلال عملياتها العسكرية ضد تنظيم ضد الحزب بين 2017 – 2021، ضبطت السلطات التركية مضادات دبابات من طراز "AT-4" السويدية، حسب الأناضول.
لماذا تؤيد السويد حزب العمال والإدارة الذاتية التي تفرض نظاماً عنصرياً على عرب سوريا؟
يقولون إن هناك اختلافاً بين العمال الكردستاني وأكراد سوريا
تركز معظم الدول الغربية على أن هناك اختلافاً بين حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي السوري، الذي أسَّس الإدارة الذاتية الكردية وقوات سوريا.
ولكن العديد من التقارير الميدانية لمراكز بحثية غربية تُثبت العلاقة بين القيادات الكردية السورية وحزب العمال الكردستاني.
فحزب الاتحاد الديمقراطي السوري هو حزب كردي سوري نافذ، أسّسه في عام 2003 مقاتلون سوريّو الأصل، ينتمون إلى "حزب العمال الكردستاني"، في جبال قنديل في شمالي العراق، وفقاً لتقرير لمركز كارنيغي الأمريكي.
ويقول التقرير إن "حزب الاتحاد الديمقراطي" يُنكر أن يكون له أيّ ارتباط بحزب العمال الكردستاني؛ نظراً إلى الضرر الذي يمكن أن يلحق بصورته جراء الإعلان عن هذه العلاقة.
ويعلّق التقرير قائلاً: "حتى لو تجاهلنا أن بعض القادة الكبار في "حزب الاتحاد الديمقراطي" ينحدرون من "حزب العمّال الكردستاني" بشكل مباشر، فإن الممارسات السياسية والرموز لدى حزب الاتحاد الديمقراطي مماثلة لتلك التي يستخدمها تقليدياً "حزب العمال الكردستاني"، وأكثرها وضوحاً للعيان صور زعيم "حزب العمال" (المسجون عبد الله أوجلان)، والهياكل التنظيمية (ولا سيما وجود نساء مقاتلات في الرتب الدنيا). فضلاً عن ذلك ليس واضحاً كيف تمكّن الأكراد السوريون من أن يُنشئوا بمفردهم الإطار اللوجستي والبنيوي الضروري لتشكيل قوّة عسكرية فعلية من أكثر من 10 آلاف مقاتل، بعد اندلاع الثورة السورية مباشرة" (أصبحت الآن أكبر بكثير).
وبالتالي، مثلما يبدو إنكار حزب الاتحاد الديمقراطي لعلاقته بحزب العمال نوعاً من التقية السياسية، فإن حديث حزب الاتحاد عن تخليه عن الاستقلال مرتبط بالظروف الراهنة.
والأهم أن الحزب قد يكون قد تخلى أو أرجأ مشروع الدولة الانفصالية، لأنه واقعياً أسس دويلة كبيرة يحكمها الأكراد، على حساب الأغلبية العربية، مستفيداً من موارد المناطق ذات الأغلبية العربية.
يتجاهلون أن حكومة أردوغان قدمت حقوقاً غير مسبوقة للأكراد وفاوضات حزب العمال
من الافتراضات التي يتم على أساسها صياغة الموقف الغربي من الأزمة الكردية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقود حملة اضطهاد ضد الأكراد في بلاده، ويتم التركيز على شخصنة هذه المسألة، واستغلال حالة الجدل بين القائمة بين أردوغان والعديد من القوى الغربية، بعد رفضه الحاد التدخلات الغربية في شؤون بلاده، لتحويل الأمر وكأن أردوغان يعادي الأكراد، رغم أن واحداً من أبرز الساسة المقربين له هو بن علي يلدريم، رئيس الوزراء التركي السابق، من أصول كردية، وغيره من المسؤولين في عهد أردوغان.
وهذا المنطق يتجاهل حقيقة أن الأكراد والأتراك عاشوا لعقود دون خلافات تُذكر تحت الحكم العثماني، وكانت القبائل الكردية في الأغلب حلفاء مخلصين للدولة التركية في العهد العثماني، وأسهموا في حرب الاستقلال، وأن المشكلة بدأت نتيجة ظهور الشكل العلماني المتطرف للقومية في العصر الحديث، ويُعتقد أن أولى تمردات الأكراد ضد مؤسس الدولة التركية كمال أتاتورك كانت رفضهم لسياسته العلمانية.
وواقعياً، ظلّ الأكراد يعانون طوال معظم سنوات الجمهورية التركية من إنكار حقوقهم الثقافية، ولكن حكومة حزب العدالة والتنمية غيّرت هذا المسار، واتخذت خطوات جريئة بمعايير الدولة التركية، حيث أعطت الأكراد قدراً كبيراً من الحقوق، ومنها السماح لهم بتدريس اللغة الكردية بشكل رسمي، وأعلن ذلك أردوغان بنفسه عام 2009، عندما كان رئيساً للوزراء، ومَن يعرف طبيعة الدور القومي في تشكيل الهوية التركية الحديثة يعلم أن هذه خطوة استثنائية.
كما أبرمت حكومة حزب العدالة والتنمية هدنة مع حزب العمال الكردستاني، بهدف التوصل لحل الأزمة، في ظل وحدة الدولة التركية، ولكن الحزب هو الذي نقض الهدنة مع اندلاع الحرب السورية، وتخطيطه للاستفادة منها.
هل تعبّر هذه الأحزاب حقاً عن مطالب أكراد تركيا وسكان شمالي سوريا؟
أحد الافتراضات الواهية التي يقوم عليها التعاطف الغربي مع حزب العمال بفرعيه السوري والتركي، هو أن هذا الحزب أو المجموعات المنبثقة عنه يعبر عن مطالب الأكراد في البلدين.
ولكن الحقيقة أن تحليل نتائج الانتخابات في تركيا بصفة عامة يظهر أن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي (يعتبره الكثيرون جناحاً سياسياً مستتراً لحزب العمال الكردستاني) يحصل بصعوبة على نسبة أعلى من نسبة 10% من الأصوات اللازمة لدخول البرلمان، وقد فشل في الحصول عليها مراراً، علماً أن نسبة الأكراد في تركيا أعلى من ذلك بكثير.
وأصوات الناخبين في المناطق الكردية يتنافس عليها عادة حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وحزب العدالة الذي يتزعمه أردوغان، إذ تعتبر المناطق الكردية من المعاقل الانتخابية لحزب العدالة.
فحزب العدالة لأنه حزب ذو جذور إسلامية، مع تبنّي قومية تركية معتدلة، يكاد يكون الحزب التركي الوحيد الذي يحصل على أصوات من الناخبين الأتراك والأكراد معاً، وقد حاول حزب الشعوب الديمقراطية الكردي أن يجذب بعض الناخبين الأتراك الليبراليين، ولكن علاقته مع حزب العمال الكردستاني، وفشله في إدانة العنف لم يمكّناه من ذلك.
وقد يُفسر هذا العداءَ الشديد من قِبل حزب العمال الكردستاني وفروعه الأخرى لحزب العدالة والتنمية، فهو عداء ليس ناتجاً عن اضطهاده المزعوم للأكراد، بل على العكس، فحزب العدالة يكاد يكون المنافس الوحيد للأحزاب الكردية على أصوات الأكراد، لاسيما الأكراد المحافظين والرافضين للعنف.
وهذا يجعل حزب العدالة الخطر السياسي الوحيد على الأحزاب القومية الكردية في الانتخابات، ويحطم السردية القائلة بتزعم حزب العمال الكردستاني وفروعه للأكراد في تركيا.
وحتى الناخبون الأكراد ذوو التوجهات القومية، فإن كثيراً منهم يبتعد عن حزب الشعوب الديمقراطية الكردي، بسبب توجهاته الراديكالية، مفضّلين التصويت أحياناً لحزب العدالة، كما يصوّت الأكراد بنسب لافتة لحزب العدالة في انتخابات البلدية عادة.
الأهم أن جزءاً من الأكراد لديه مشكلة مع حزب العمال الكردستاني، بسبب شيوعيته المتطرفة، وموقفه الإقصائي من الأحزاب المنافسة له في المنطقة، حسب تقرير لمركز كارنيغي.
ويقول التقرير عن الانتخابات التي جرت في عام 2015، على سبيل المثال، بصفة عامة تُظهر النتائج أيضاً أن التفضيلات السياسية للأكراد تدحض الافتراض بأن اقتراعهم يتم فقط على أساس الولاءات الإثنية المتشدّدة.
الغرب يراها أحزاباً يسارية رومانسية تريد استعادة حقوق المرأة من المجتمعات الرجعية
بينما يُنظر في أوروبا للشيوعية والأفكار اليسارية الآن برومانسية، تناست هذه الدول التي كانت تخشى يوماً حدوث اجتياح شيوعي لأراضيها خلال الحرب الباردة، أن حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري ينتمي لجيل وتيار مختلف من الأيدولوجيا اليسارية.
فهو لا ينتمي إلى اليسار الرومانسي الذي يركز على حقوق الإنسان والحيوان أو حماية البيئة، بل هو يسار منحدر من الستالينية التي محت شعوباً من الوجود، وأجبرت الملايين على التخلي عن ممارسة شعائرهم الدينية.
فحزب العمال الكردستاني في الأصل حزب ماركسي موالٍ للاتحاد السوفييتي، يؤمن مثل مموليه السوفييت، ليس فقط بالعنف ضد الدولة التركية أو الطبقات الرأسمالية، بل يُؤمن بالعنف وسيلةً لتغيير المجتمعات، وفرض ما يعتبره تحديثاً وعلمانية، (الاتحاد السوفييتي اعتبر الوضوء في فترة من الفترات عادة بدائية).
وهو حزب ميليشياتي يقوم على التدريب والولاء الصارم، ووأد أي انشقاقات بالعنف، إضافة إلى التركيز على العمل السري والاختراق الاستخباراتي، مثل استخدام واجهات متعددة مثل حزب الشعوب الديمقراطية في تركيا، ووحدات حماية الشعب في سوريا.
وببساطة، جزء من قدرة حزب العمال الكردستاني اللافتة على محاربة داعش عبر فرعه السوري، هي أنه يمثل الوجه اليساري لداعش، حيث يشبهه في التركيز على العنف الشديد، ومنع الانشقاقات والعقيدة المتطرفة.
الغرب يتناسى علاقة أكراد سوريا المريبة بالأسد، وأنهم ليسوا وحدهم مَن حاربوا داعش
الغرب يرى أن أكراد سوريا يستحقون الدعم لأنهم حاربوا داعش، ويتناسى تماماً علاقتهم المريبة بالأسد وروسيا، كما يتناسى أن الحشد الشعبي الموالي لإيران حارب داعش أيضاً، وأبلى بلاءً حسناً في هذا الإطار.
والحقيقة أنه لا يمكن إنكار أن أكراد سوريا لعبوا دوراً بارزاً في محاربة داعش، ولكن الحقيقة أيضاً أن العديد من القوى الأخرى في المنطقة حاربت داعش، بما فيها تركيا، التي تكبَّد جيشُها خسائر كبيرة جراء محاربة داعش، كما أن المعارضة السورية حاربت داعش، وكذلك إيران والحشد الشعبي وروسيا وجيش نظام الأسد، ولكن الخاسر الأكبر من محاربة داعش هو المعارضة السورية.
كما أن الحزب الكردي في سوريا يتحمل نصيباً من المسؤولية عن ظهور داعش، لأن هذا التنظيم المتطرف ظهر نتيجة القمع العنيف للثورة السورية من قبل الأسد، وخاصة العمليات الوحشية التي استهدفت العرب السنة في سوريا من قبل الأسد.
ولقد كان أحد أسباب توحش الأسد في قمع الثورة السورية هو رفض حزب الشعب الكردي السوري، التابع لحزب العمال الكردستاني، الانضمامَ للثورة السورية ضد الأسد، رغم أن الأكراد كانوا من أكثر فئات الشعب السوري تعرضاً لاضطهاد النظام، حيث إن نسبة كبيرة من أكراد سوريا لا يحملون الجنسية لأنهم ينحدرون في الأصل من تركيا.
ولكن بعد اندلاع الثورة تصالحوا مع النظام السوري مقابل الجنسية، ورفضوا الانضمام لأُطر المعارضة، رغم أن المعارضة السورية أكدت على حقوقهم الثقافية، بل تم تعيين قيادي كردي، هو عبد الباسط سيد، رئيساً للمجلس الوطني السوري، الذي كان يمثل الإطار الرئيسي للمعارضة السورية في بداية الثورة.
"سوريا الديمقراطية" لا يوجد شيء ديمقراطي فيها إلا اسمها
لماذا لا يُجري الأكراد الذين يسيطرون على شمالي سوريا انتخابات ديمقراطية؟
تدحض إجابة هذا السؤال الادعاء الغربي بأن الإدارة الذاتية في شمالي سوريا هي إدارة ديمقراطية تجمع بين شعوب المنطقة، كما يقول حكّامها الأكراد.
ولكن الواقع أن الأكراد في شمال شرقي سوريا يُقيمون دولة تشبه حالة الأبارتهايد في جنوب إفريقيا، حيث تحكم أقلية كردية أغلبية عربية سنية.
فقد أتاح القضاء على "داعش"، في مارس/آذار 2019، الفرصة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تُشكّل مظلة للمقاتلين الأكراد والعرب، للسيطرة على نحو ثلث الأراضي السورية، حيث يُقيم ملايين السوريين ومعظمهم من غير الأكراد، حسبما ورد في ورقة بحثية أعدها الباحثان إليزابيث تسوركوف، زميلة أبحاث في منتدى التفكير الإقليمي، المتخصصة في الشؤون السورية والعراقية، وعصام الحسن، الباحث المقيم في دير الزور، متخصص في السياسة القبلية، ونُشرت في موقع مركز كارنيغي.
يقول السكان المحليون في المدن ذات الأكثرية العربية الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية"قسد" إنَّ تهميش العرب من آلية الحكم في مناطقهم يولِّد مشاعرَ استياء لدى العرب المثقَّفين والمتمرِّسين، الذين يعتبرون أنفسَهم غير معنيين بإدارة مناطقهم، بل تشكو المكونات الكردية الأخرى من القمع السياسي من قِبل الإدارة الذاتية وفقاً لتقارير غربية.
كما أن صناعة القرار في الإدارة الذاتية مركزة في أيدي كبار العناصر في حزب العمال الكردستاني، من رجال ونساء، الذين تدرَّبوا في جبال قنديل، وأدّوا دوراً نشطاً في التمرد ضد تركيا، أو في التعبئة باسم حزب العمال الكردستاني في أوروبا.
ويصف أحد النشطاء في دير الزور الكوادرَ الكردية في الهيئات التي يتولى العرب رسمياً قيادتها، بأنهم "العلويون الجدد"، في إشارة إلى الطائفة التي ينتمي إليها آل الأسد، الذين يشغلون معظم المناصب النافذة في سوريا.
ماذا تريد تركيا من السويد وفنلندا؟
لخّص بيان لرئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، المطالب التركية في 5 مواد، هي وقف الدعم السياسي للإرهاب، وتجفيف الموارد المالية للإرهاب، ووقف تقديم الأسلحة لتنظيمي حزب العمل الكردستاني "بي كا كا" و"ي ب ك"، وإلغاء القيود والعقوبات التي تفرضها السويد على تركيا، والتعاون الدولي في مكافحة الإرهاب.
وتريد تركيا من السويد وفنلندا إدانة حزب العمال الكردستاني والجماعات التابعة له علناً، كشرط لانضمامهما إلى الناتو.
وفقاً لمسؤولين أتراك تحدثوا إلى وكالة بلومبرغ الأمريكية، شريطة عدم الكشف عن هويتهم، تريد تركيا أيضاً من السويد وفنلندا أن تضغطا على المتعاطفين مع حزب العمال الكردستاني، الذين تقول إنهم ينشطون في بلدانهما.
وقال المسؤولون إن هناك شرطاً آخر، وهو أن تُنهي السويد وفنلندا قيود تصدير الأسلحة، التي فرضتها على تركيا في أواخر عام 2019 بالتنسيق مع العديد من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، بعد أن أرسلت تركيا جيشَها إلى سوريا.
وقال سفانتي كورنيل، مدير معهد سياسات الأمن والتنمية ومقره ستوكهولم، إنه يرى أن السويد يمكن أن تتنازل عن قضايا مثل دعم وحدات حماية الشعب وحظر الأسلحة، ولكن لا يتوقع تسليم المطلوبين الذين تريدهم تركيا.
وأضاف: أعتقد بالتأكيد أنه خيار يتعيّن على السياسيين السويديين مواجهته، وتساءل: ما مدى أهمية دعم مجموعة في شمالي سوريا، لكي تكون سبباً لعرقلة انضمام السويد إلى الناتو؟.