الميتافيرس يقتحم العقارات وسعر المتر لا يصدق.. كيف تشتري قطعة أرض في عالم “الأحلام”؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/13 الساعة 14:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/13 الساعة 14:21 بتوقيت غرينتش
سعر المتر تخطى 4 الاف دولار في العالم الافتراضي/ رويترز

يبدو أن ميتافيرس أو العالم الافتراضي يتطور بسرعة فائقة، لدرجة عقد صفقات عقارية وشراء أراضٍ، فهل أدى تدخل فيسبوك/ "ميتا" لإعطاء دفعة ضخمة لهذا العالم؟ وهل الاستثمار فيه آمن؟ ومن يضمنه؟

تساؤلات كثيرة أثارتها تقارير بيع عقارات وأراض داخل الميتافيرس/العالم الافتراضي تجاوزت قيمتها 2.4 مليون دولار وتخطى سعر المتر المربع فيها 4 آلاف دولار، يقول أصحاب هذا الاستثمار إنه يمثل المستقبل ويؤكدون أنه فرصة لتحقيق الأرباح، فما تفاصيل القصة؟

لكن قبل الدخول إلى التفاصيل، من المهم التأكيد على أن تغيير العملاق الأزرق وكبير منصات التواصل الاجتماعي اسم شركته من فيسبوك إلى "ميتا" قد أعطى دفعة هائلة للميتافيرس أو تقنية العالم الافتراضي، الموجودة بالفعل منذ سنوات، لكنها محصورة داخل ألعاب الفيديو.

فيسبوك أعطى الميتافيرس دفعة هائلة

قرر فيسبوك توظيف 10 آلاف شخص من الاتحاد الأوروبي لتطوير تقنية الواقع الافتراضي، كما أعلن مارك زوكربيرغ مؤسس الشركة عن استثمارات ضخمة في تقنية الميتافيرس، وغيَّر اسم الشركة من فيسبوك إلى ميتا.

تزامنت هذه التغييرات مع العاصفة التي نتجت عن تسريب موظفة سابقة في فيسبوك عشرات الآلاف من المستندات الداخلية، أعطت سلاحاً هو الأخطر بين أيدي الساعين إلى تفكيك الإمبراطورية التي أسسها مارك زوكربيرغ، أثار تساؤلات حول نية زوكربيرغ في احتكار الميتافيرس والسيطرة عليها.

والمقصود بالميتافيرس هو العوالم الافتراضية، وبشكل عام هذه التقنية موجودة بالفعل منذ سنوات وتستخدم بالأساس في ألعاب الفيديو، لكن ما يتحدث عنه خبراء التكنولوجيا الآن أمر مختلف، يهدف إلى جعل الميتافيرس وكأنها نسخة منقحة من الواقع الافتراضي.

آبل هددت فيسبوك بحذف التطبيق
مارك زوكربيرغ مؤسس موقع فيسبوك – رويترز

ويعتقد كثير من هؤلاء الخبراء أن الميتافيرس قد يصبح الثورة القادمة في مستقبل الإنترنت، بل إن ثمة اعتقاداً بأن مقارنة الميتافيرس بالواقع الافتراضي المستخدم في الألعاب حالياً ربما تشبه مقارنة الهواتف الذكية بالجيل الأول من الهواتف المحمولة الضخمة التي أُنتجت في ثمانينيات القرن الماضي، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.

فالميتافيرس أو العالم الافتراضي الجديد يمكن أن يستخدم في أي شيء- كالعمل واللعب والحفلات الموسيقية والذهاب إلى دور السينما، أو مجرد الالتقاء بالأصدقاء. ويتصور غالبية الناس أنك تحتاج إلى "أفاتار" أو صورة رمزية ثلاثية الأبعاد، لكي تتمكن من استخدامه. ولكن لأن الميتافيرس لا يزال مجرد فكرة جديدة، فإنه لم يُتفَق بعد على تعريف موحد له.

فبدلاً من الجلوس أمام جهاز كمبيوتر، ربما كل ما ستحتاج إليه عند الاتصال بالميتافيرس هو نظارة أو جهاز يوضع على الرأس؛ لكي تتمكن من دخول عالم افتراضي يربط بين مختلف أنواع البيئات الرقمية.

صفقات عقارية افتراضية؟

لكن يبدو أن العالم الافتراضي يتطور بسرعة فائقة ويطرق أبواب استثمار جديدة، إذ كشفت تقارير إعلامية مؤخراً عن بيع شركة Decentraland عقارات وأراضٍ داخل العالم الافتراضي بقيم تجاوزت مئات الآلاف من الدولارات، وبسعر للمتر المربع تخطى أحياناً الـ4 آلاف دولار.

وشركة Decentraland عبارة عن بيئة افتراضية على الإنترنت يمكن لمستخدميها شراء أراضٍ وزيارة مبانٍ والتجول والتعرف على أشخاص رمزيين، وقال متحدث باسم الشركة إن شركة ميتافيرس غروب التابعة لـ  Tokens.com اشترت قطعة الأرض الافتراضية مقابل 618 ألفاً من عملة MANA المشفرة.

وتتكون قطعة الأرض من 116 قطعة صغيرة، تبلغ مساحة كل منها نحو 5 أمتار مربعة، ما يجعل مساحة الأرض كلها نحو 560 متراً مربعاً افتراضياً.

وقالت لورني سوغرامان رئيسة شركة ميتافيرس غروب لبرنامج Insider إن صفقة شراء الأراضي في العالم الافتراضي "ميتافيرس" قد أعطت الشركة موطئ قدم مبكراً فيما قد يصبح صناعة قيمتها عدة تريليونات من الدولارات قريباً، بحسب موقع The Ral Deal.

ودفعت الشركة قيمة الصفقة من خلال رصيدها من العملات المشفرة، وتقع قطعة الأرض في حي فاشون ستريت التابع لشركة Decentraland في العالم الافتراضي، ووصفت سوغرامان الصفقة بأنها تشبه شراء قطعة أرض في منطقة فيفث أفينيو الشهيرة الآن، ولكن في مطلع القرن التاسع عشر، في إشارة إلى أن قيمة الأرض سوف تتضاعف آلاف المرات خلال المستقبل.

الواقع المعزز والواقع الافتراضي
الفرق بين الواقع الافتراضي والواقع المعزز والواقع المختلط والواقع الممتد – iStock

جنين يوريو أحد مؤسسي شركة Republic Realm، التي اشترت قطعة أرض في العالم الافتراضي أيضاً من شركة أخرى هي The Sandbox Metaverse، قالت إن قيمة الصفقة القياسية بلغت 4.3 مليون دولار، مشبهة ذلك بأن شركتها اشترت "ما يعادل شراء مدينة كاملة"، وتوقعت أن ما سيقوم فريقها ببنائه وتطويره على تلك الأرض في العالم الافتراضي سيمثل عوامل جذب ضخمة لرواد العالم الافتراضي يدخلونه عبر هواتفهم الذكية وحواسبهم الآلية.

وقالت لموقع ذا ريال ديل: "نريد أن نشتري الأرض ونبني عليها مشاريعنا الخاصة، فالوسيلة الوحيدة التي ستجعل الميتافيرس واقعاً مشوقاً هي وجود أشياء يفعلها الناس وأماكن يزورها الناس وأشخاص يتعرف عليهم الناس عندما يزورون تلك الأماكن".

كيف تتم الصفقات العقارية في العالم الافتراضي؟

تتشابه الصفقات العقارية في العالم الافتراضي مع العملات المشفرة، وأشهرها البيتكوين بالطبع، تقريباً في أغلب الجوانب. فكلاهما يقوم على تقنية البلوكتشين Blockchain technology، وهي عبارة عن دفتر الأستاذ (مصطلح محاسبي) للبيانات اللامركزية التي تتم مشاركتها على نحو آمن.

وتتيح تقنية البلوكتشين لمجموعة جماعية من المشاركين المختارين إمكانية مشاركة البيانات، حيث يمكن جمع بيانات المعاملات من مصادر متعددة ومشاركتها، ويتم تقسيم البيانات إلى مجموعات مشتركة يتم ربطها بمعرفات فريدة في شكل علامات تجزئة تشفيرية، وتوفر تقنية البلوكتشين نزاهة البيانات بمصدر واحد للحقيقة، مما يلغي تكرار البيانات ويزيد من الأمان.

ويتم منع الاحتيال والتلاعب بالبيانات في نظام البلوكتشين بتقنية إلغاء إمكانية تغيير البيانات دون إذن من النصاب القانوني للأطراف، ويمكن مشاركة دفتر أستاذ تقنية البلوكتشين، ولكن لا يمكن تغييره. إذا حاول أحد الأشخاص تغيير البيانات، فسيتم تنبيه جميع المشاركين وسيعرفون من يقوم بالمحاولة.

وهي التقنية التي بُنِيت عليها العملات المشفرة في البداية، وكان المستخدم يحصل على عملة مشفرة من خلال طريقتين، الأولى هي التعدين. وهذه العملية لا تتطلب من الشخص سوى الدخول من خلال الحاسب إلى موقع التعدين فيجري الحاسب مجموعة معقدة للغاية وممتدة من المعادلات الحسابية، تستهلك قدراً هائلاً من الطاقة، وفي نهايتها يحصل الشخص على عملة مشفرة، البيتكوين وأخواتها، ويبدأ التداول بها بالبيع والشراء… وهكذا.

مواقع وتطبيقات الجولات الافتراضية: اركب السيارة في شوارع باريس، أو شاهد الحياة من خلف شبابيك اليابان
زاد انتشار مواقع وتطبيقات الجولات الافتراضية مع جائحة كورونا – مصدر الصورة: iStock

أما الطريقة الثانية فهي أن يقوم الشخص بشراء العملة المشفرة عن طريق دفع قيمتها من الأموال الحقيقية، وفي البداية كان سعر البيتكوين في حدود بضع مئات من الدولارات، لكنها الآن تبلغ قيمتها نحو 48 ألف دولار، وكانت قد تخطت 65 ألفاً في وقت من الأوقات.

أما بالنسبة لشراء الأراضي في العالم الافتراضي، فإن الطريقة الوحيدة هي أن يدفع المستثمر قيمة الأرض مباشرة، ويتم ذلك بعملة مشفرة، وتوجد الآن خمس شركات تبيع الأراضي في العالم الافتراضي أكبرها Decentraland وميتافيرس بروبرتيز.

ومن يرِد شراء قطعة أرض في الميتافيرس أو العالم الافتراضي، يزُر موقع إحدى تلك الشركات، على سبيل المثال Decentraland، يجد إعلانات عن قطع الأراضي المتاحة والمعروضة للبيع ومواصفاتها وموقعها، إلى آخره. ويمكن أن يختار أو يبحث في المعروض بحسب الموقع أو المساحة أو السعر، بحسب تقرير لموقع Makeanapplike.com.

وحالياً تبلغ قيمة أقل قطعة أرض معروضة للبيع لدى شركة Decetraland 3980 مانا. والمانا هي وحدة العملة المشفرة المستخدمة لشراء الأراضي الافتراضية، وتبلغ قيمتها حاليا 2.70 دولار للمانا الواحدة، مما يعني أن أقل قطعة أرض متاحة في العالم الافتراضي قيمتها نحو 10 آلاف دولار.

والخلاصة هنا أنه عادة ما تثار ضجة دعائية حول العوالم الرقمية وما يعرف بالواقع المعَزز كل بضعة أعوام، لكنها سرعان ما تخبو. إلا أن هناك قدراً كبيراً من الإثارة والترقب للميتافيرس في أوساط المستثمرين الأثرياء وشركات التكنولوجيا الضخمة، ولا أحد يرغب في أن يتخلف عن الركب إذا ما صار هذا المفهوم بالفعل هو مستقبل الإنترنت.

كما يسود شعور بأنه للمرة الأولى، أوشكت التقنية أن تكون متاحة، مع التقدم الذي تشهده ألعاب الفيديو باستخدام الواقع الافتراضي، واقتراب الاتصالية من الشكل الذي يتطلبه الميتافيرس. فهل بدأ بالفعل عصر الصفقات العقارية في العالم الافتراضي؟

تحميل المزيد