العلاقات الأمريكية التركية تعود للتوتر.. ما الملفات التي لا تزال تثير الخصومة بين الحليفين في “الناتو”؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/09/28 الساعة 13:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/16 الساعة 13:19 بتوقيت غرينتش
أردوغان وبايدن في لقاء سابق بأنقرة حينما كان الأخير نائباً للرئيس أوباما، أرشيفية/ الأناضول

"علاقاتنا مع واشنطن ليست على ما يرام… عملت بشكل جيد مع الرؤساء السابقين كجورج بوش (الابن) وأوباما وترامب، لكن لا أستطيع القول بأن بداية عملنا مع (جو) بايدن كانت جيدة". بهذه الكلمات وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخراً شكل العلاقة بين بلاده والولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس جو بايدن، فهل تتجه العلاقات الأمريكية التركية نحو التصعيد خلال الفترة القادمة؟ وما أبرز القضايا التي لا تزال تثير التوترات بين الحليفين في "الناتو"؟

أردوغان يهاجم بايدن قبيل قمته مع بوتين

في 23 سبتمبر/أيلول 2021، وخلال زيارته لمدينة نيويورك لافتتاح ما يعرف بـ"البيت التركي"، وقبيل مشاركته في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، فتح الرئيس أردوغان النار على نظيره الأمريكي بايدن، متهماً إياه بنقل الأسلحة والذخائر والمعدات إلى "المنظمات الإرهابية في سوريا"، مؤكداً "أن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي وهي تشاهد ذلك".

وأضاف أردوغان أن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة ليست صحية، وأن واشنطن بحاجة إلى "تسوية" القضايا المتعلقة بشراء أنقرة منظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس-400. 

وحول استمرار واشنطن بحجب مقاتلات "F-35" الأمريكية عن تركيا، قال أردوغان: "نتصرف بصدق وموقفنا صادق، لكن الولايات المتحدة للأسف لم تتصرف كذلك".

وبعد هذه التصريحات بأيام، كشف أردوغان، في مقابلة مع محطة CBS News الأمريكية، أنه سيدرس شراء نظام صاروخي روسي دفاعي ثانٍ، وذلك رغم الاعتراضات الأمريكية الشديدة التي تعرضت لها أنقرة جراء الصفقة الأولى التي أبرمتها سابقاً مع موسكو، طبقاً لما أوردته صحيفة The Independent البريطانية، الأحد 26 سبتمبر/أيلول 2021.

حيث قال أردوغان رداً على سؤال حول ما إذا كانت بلاده ستشتري المزيد من صواريخ S-400: "بالطبع، نعم، تركيا ستتخذ خياراتها الدفاعية الخاصة بها". حيث جاءت تلك التصريحات قبل أيام من موعد قمة الرئيس أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، يوم 29 سبتمبر/أيلول 2021.

إذ أكد أردوغان، الجمعة 24 سبتمبر/أيلول، ضرورة الارتقاء بالعلاقات التركية الأمريكية لتحتل مكاناً غير ما هي عليه الآن، موضحاً أن بلاده تسعى إلى تعزيز علاقتها الثنائية مع روسيا والوصول إلى حجم تبادل تجاري قيمته 100 مليار دولار.

ملفات شائكة لا تزال تثير التوترات بين واشنطن وأنقرة

منذ تولي بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، في يناير/كانون الثاني الماضي، شهدت العلاقات التركية الأمريكية هدوءاً ملحوظاً، وخاصةً بعد اللقاء "الودي" السريع الذي جمع بايدن بأردوغان في 14 يونيو/حزيران 2021، على هامش اجتماع قادة حلف "الناتو" في بروكسل، حيث بدا أن تبادل الحديث والضحكات بين الرجلين وكأنه سيطوي صفحة التوتر القائم بين البلدين.

إلا أن العديد من الملفات الشائكة لا تزال مصدر توتر بين أردوغان وبايدن، كدعم واشنطن لتنظيمات "ي ب ك/بي كا كا" ورفضها تسليم زعيم تنظيم "غولن" فتح الله غولن، بالإضافة إلى ملفي العقوبات الأمريكية على أنقرة وبرنامج مقاتلات إف-35.

1- الدعم الأمريكي للتنظيمات الكردية المعادية لتركيا

يثير استمرار الدعم الأمريكي لتنظيمات "ي ب ك/بي كا كا" المصنفة إرهابيةً، غضب أنقرة من حليفتها واشنطن. وتقول الولايات المتحدة إنها تدعم تنظيمات "ي ب ك/بي كا كا" في سوريا، تحت ذريعة "محاربة داعش".

ورغم احتجاج أنقرة على التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة وتنظيم "ي ب ك"، الذي تَعزز في فترات أوباما وحينما كان بايدن نائباً له، واصلت إدارة ترامب هذا التعاون، فيما تتهم أنقرة إدارة بايدن حالياً باستمرار دعمها لهذه التنظيمات.

وتقول أنقرة إن دعم واشنطن لهذه التنظيمات بحجة محاربة داعش يهدد الأمن التركي، وعلاقات التحالف بين البلدين، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي حلال استمرار الدعم الأمريكي لخصومها.

2- استضافة "تنظيم غولن"

لا تزال أنقرة تنتظر من الإدارة الأمريكية تسليمها زعيم تنظيم "غولن" فتح الله غولن، المصنف إرهابياً من قبل أنقرة، المتهم بتدبير محاولة انقلابية في عام 2016.

وتعتقد أنقرة أن "استمرار الولايات المتحدة في احتضان تنظيم غولن من أجل مواصلة أنشطته المعادية لتركيا، يشكل أكبر معضلة تزعزع استقرار العلاقات الثنائية بين البلدين".

وحافظ ملف "غولن"، الذي تتهمه أنقرة بتنفيذ المحاولة الانقلابية الفاشلة على مكانته في طاولات المفاوضات والدبلوماسية بين البلدين. ونظراً لحساسية موضوع هذا التنظيم بالنسبة لتركيا، فقد سعت إدارة ترامب لاتخاذ خطوات تجاه الحد من أنشطة "غولن"، وبدء التحقيق مع كبار أعضائه، إلا أن جميع تلك الخطوات لم تفرز أية نتائج ملموسة في عهد بايدن.

3- منظومة إس-400 الروسية والعقوبات على أنقرة

تعتبر قضية شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400" في مقدمة القضايا التي تشكل مثار خلاف بين أنقرة وواشنطن. وتقول تركيا إنها طلبت قبل شراء المنظومة الروسية الحصول على نظام الدفاع الجوي "باتريوت" من الولايات المتحدة، لكن الأخيرة لم تستجِب للطلب التركي.

وعارض الكونغرس الأمريكي، العام الماضي، شراء تركيا منظومة "إس-400″، معتبراً إياها تهديداً لمنظومات حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومقاتلات "إف-35″، التي تملكها بعض الدول الغربية.

وكان الكونغرس قد طالب الرئيس الأمريكي السابق بإدراج تركيا ضمن قانون مكافحة أعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات (كاتسا)، وهو ما تمَّ في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وقبل ذلك استبعد البنتاغون تحت ضغط من الكونغرس، في 17 يوليو/تموز 2019، أنقرة عن برنامج إنتاج مقاتلات (إف-35)، وعلق الشراكة معها في هذا المشروع، ما ألحق أضراراً بالغة بالعلاقات الثنائية بين البلدين.

وتربط واشنطن شراكتها مع أنقرة في برنامج مقاتلات (إف-35)، بتراجع الأخيرة عن شراء منظومة (إس-400)، وفرض عقوبات على تركيا، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على تطور العلاقات بينهما.

حول هذا الملف، اتهم الرئيس أردوغان واشنطن بعدم الصدق في التعامل مع بلاده حول طائرات F-35، إذ قال من نيويورك قبيل مشاركته في اجتماع الأمم المتحدة الأسبوع الماضي: "اشترينا من واشنطن طائرات إف-35، ودفعنا 1.4 مليار دولار ولم نتسلم الطائرات تلك. ينبغي للولايات المتحدة حل هذا الأمر أولاً". وأضاف: "نحن نتصرف بصدق وموقفنا صادق، لكن الولايات المتحدة للأسف لم تتصرف كذلك". مضيفاً في النهاية أن "أنقرة ستلبي احتياجاتها الدفاعية من أماكن أخرى إذا لم تساعدها واشنطن في هذا الصدد".

واختتم الرئيس التركي حديثه بالقول: "ما نتمناه هو أن تسود الصداقة علاقاتنا مع الولايات المتحدة عوضاً عن الخصومة؛ كوننا حليفين في الناتو".

تحميل المزيد