“الأفضلية في البحار”.. هل تتمكن أمريكا من ردع البحرية الصينية أم فات الأوان؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/12/24 الساعة 15:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/16 الساعة 14:04 بتوقيت غرينتش
المواجهة بين الصين وأمريكا قد تكون نووية

يبدو أن 2020 هو بالفعل عام استيقاظ التنين، فبعد أن أصبحت الصين القوة الاقتصادية الأولى عالمياً، تسعى الآن للسيطرة على البحار وإزاحة الهيمنة الأمريكية، فهل تتمكن فعلاً أم أن لواشنطن رأياً آخر؟

الجائحة وتأثيرها في التفكير الصيني

يرى كثير من المراقبين أن جائحة فيروس كورونا تمثل حدثاً فارقاً في التاريخ السياسي الحديث للصين، فنشأة الفيروس في مدينة ووهان نهاية عام 2019 أثارت موجة غربية من التنمر تجاه الصينيين بشكل خاص والآسيويين بشكل عام، وهو ما استفز رد فعل صينياً تمثل في التبني الضمني لقومية "الذئب المحارب" على المستوى الشعبي داخلياً.

والمقصود بذلك التغيير هو أن القيادة الصينية قد ارتأت أن الوقت أصبح مناسباً لتبوُّء موقع القوة العظمى على الساحة الدولية؛ ومن ثم تبنّي خطاب قومي على المستوى الداخلي لشحن مواطني البلاد ضد الإمبريالية والإذلال الغربي، وتزامن ذلك مع النمو الاقتصادي الصاروخي للتنين الذي أصبح يتبوأ المركز الأول عالمياً هذا العام، للمرة الأولى، على حساب الولايات المتحدة.

استغلال الصين للقاحات كورونا
الرئيس الصيني خلال الاحتفاء بمحاصرة فيروس كورونا/رويترز

وعلى الرغم من أن التفوق الأمريكي عسكرياً لا يزال كاسحاً بشكل عام، خصوصاً في مجال الأسلحة النووية، فإن الجيش الشعبي الصيني يمتلك أفضلية واضحة من ناحية العدد وبعض نواحي التسليح التقليدي أيضاً.

السيطرة على البحار

وفي السياق ذاته، كشفت واشنطن مؤخراً عن استراتيجية جديدة تعمل من خلالها بكين على بناء مدمرات وسفن حربية برمائية وحاملات وغواصات مُسلَّحة نووياً وقوارب هجوم سريع، إضافة إلى العديد من المنصات البحرية الأخرى ضمن جهد واضح لفرض هيمنتها إقليمياً وعلى البحار الدولية، وكذلك "استبدال الولايات المتحدة، الشريك المفضل لعدد من الدول في أنحاء العالم"، بحسب تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.

وفي المقابل، وضعت البحرية وقوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) وخفر السواحل وثيقة استراتيجية جديدة تسمى Advantage at Sea (الأفضلية في البحر). تتبنى تلك الاستراتيجية موقفاً شديد الحزم من التوسع الصيني، وتسرد تفاصيل عددٍ مما تصفه بالطموحات الصينية العدوانية الهادفة إلى "تقويض الحوكمة البحرية الدولية، ومنع الوصول إلى المحاور اللوجيستية التقليدية، وإعاقة حرية البحار، والسيطرة على استخدام المضايق الرئيسية، وعرقلة انخراط الولايات المتحدة في الخلافات الإقليمية".

أول حاملة طائرات صينية لياونينغ تشارك في عرض عسكري في بحر الصين الجنوبي ترافقها سفن حربية وطائرات مقاتلة/ رويترز

وجاء في ورقة الاستراتيجية: "تُواصل (الصين) عسكرة الميزات المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، وتؤكد الادعاءات البحرية التي تتعارض مع القانون الدولي. ويسرق أسطول الصيد الخاص بها، الموجود في المياه البعيدة والمدعوم من الدولة، موارد حيوية من دول غير قادرة على الدفاع عن مناطقها الاقتصادية الخالصة".

تفوُّق الصين في سرعة الإنتاج

وتُعتبر الأعداد الهائلة للسفن، وربما على وجه الخصوص السرعة التي تُضاف بها، مُقلقة للعديد من مخططي الأسلحة في البنتاغون الذين يدعون باستمرار إلى نشر أسطول من 500 سفينة للبحرية الأمريكية. والمعروف جيداً أنَّ البحرية الصينية أكبر بالفعل من الولايات المتحدة، وتستفيد بكين من قدرتها الصناعية المحلية الكبيرة وقدرتها على بناء السفن.

وتنص الاستراتيجية على أنَّ "هذا النمو السريع تُمَكِّنه بنية تحتية قوية لبناء السفن؛ وضمن ذلك أحواض بناء سفن متعددة تتجاوز تلك الموجودة في الولايات المتحدة من حيث الحجم والإنتاجية. وفي حالة الصراع، يمكن تحويل القدرة الصناعية الزائدة بجمهورية الصين الشعبية، وضمن ذلك أحواض بناء السفن التجارية الإضافية، بسرعة نحو الإنتاج العسكري والإصلاح؛ مما يزيد من قدرة الصين على توليد قوات عسكرية جديدة".

العالم ما يزال يعاني، والصين تفوز في معركة التعافي الاقتصادي، عربي بوست

وتوضح الاستراتيجية أنَّ البحرية الصينية تضاعف حجمها "ثلاث مرات" تقريباً خلال العقدين الماضيين فقط، وتخطط بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني لتشغيل ما يصل إلى خمس حاملات، ومضاعفة أسطولها من المدمرات وإضافة قوارب دوريات ساحلية وسفن حربية وبرمائية جديدة عالية التقنية والتسليح، من بين أشياء أخرى.

توسُّع في إفريقيا

إضافة إلى ذلك، تنص الاستراتيجية على أنَّ "الصين تنشر أسطولاً متعدد الطبقات يتضمن بحرية جيش التحرير الشعبي وخفر السواحل الصيني والميليشيا البحرية لقوات الشعب المسلحة، وهي عناصر بحرية مُساعِدة مُتنكِّرة في زي سفن مدنية، لتقويض سيادة الدول الأخرى وفرض مطالبات غير قانونية".

وتضيف الاستراتيجية أنَّ كل هذه العوامل أساسية لطموح الصين الهائل إلى الظهور بوصفها قوة عالمية بارزة من خلال التحديث العسكري وما أطلق عليه البعض نوعاً من الإمبريالية الاقتصادية. وتفسر الاستراتيجية هذا على أنه "إقراض مفترس" ومحاولات مرئية للتحكم في الوصول إلى المواقع البحرية الاستراتيجية.

ويَظهر التوسُّع الصيني تحديداً في إفريقيا، حيث أقامت بكين قاعدة عسكرية جديدة بالقرب من المنشأة الأمريكية في جيبوتي، وشاركت أيضاً في السيطرة على المبادرات المالية مع العديد من الدول الإفريقية؛ لاكتساب موطئ قدم اقتصادي غير مسبوق والقدرة على التحكم في الأعمال التجارية بجميع أنحاء القارة.

لقد طبقت الصين استراتيجية ونهجاً تعديلياً يصوِّب سهامه نحو قلب القوة البحرية للولايات المتحدة… تعمل مبادرة "حزام واحد طريق واحد" الصينية على توسيع لوجيستياتها الخارجية والبنية التحتية الأساسية التي ستُمكِّن قواتها من العمل بعيداً عن شواطئها أكثر من أي وقت مضى، وضمن ذلك في المناطق القطبية والمحيطين الهندي والأطلسي.

تحميل المزيد