كشفت صحيفة The Financial Times الأمريكية، في تقرير لها الإثنين 15 يناير/كانون الثاني 2024، أن شركات إعادة التأمين العالمية بدأت في إدراج شروط تسمح لها بالانسحاب من إسرائيل والشرق الأوسط في حال اندلع صراع أوسع في المنطقة، في خطوة تهدد بزيادة التكاليف والمخاطر التأمينية بالنسبة للشركات العاملة في المنطقة.
وتعكس موجة انسحاب شركات إعادة التأمين، التي تتقاسم المخاطر مع شركات التأمين الأولي وتسهم بدور حاسم في الاقتصاد العالمي، المخاوف المتزايدة في القطاع المالي بشأن اتجاه حرب إسرائيل على غزة.
شروط غير مسبوقة
وقال أربعة من المشاركين في السوق لصحيفة The Financial Times إنَّ شروط الخروج أُدرِجت في بعض العقود المُبرَمة مع شركات التأمين ضمن إعادة التفاوض على السياسات خلال مطلع العام، وقال اثنان منهم إنَّ مثل هذه البنود جديدة تماماً ولم تُستخدَم من قبل.
في حال تفعيل هذه الشروط، فهذا يعني أنَّ شركة التأمين لن يكون لديها حينها تغطية إعادة تأمين لأية مبانٍ أو أصول أخرى مُؤمَّن عليها حديثاً؛ على سبيل المثال، مبنى تجاري تضرر بسبب هجوم صاروخي. ومن المرجح بعد ذلك نقل تكلفة تغطية المخاطر المتزايدة إلى العميل في شكل أقساط أعلى أو تغطية مخفضة.
في هذا السياق، قال مسؤول تنفيذي في إحدى شركات إعادة التأمين الكبرى: "إنَّ خطر خروج شيء ما عن نطاق السيطرة مرتفع للغاية، وتواجه صناعة التأمين مشكلة في تلك المنطقة في المستقبل المنظور".
ووفقاً لتقديرات قطاع التأمين العالمي، تبلغ قيمة مخاطر الانكشاف في إسرائيل المرتبطة بسياسات الإرهاب والعنف السياسي نحو 10 مليارات دولار.
وقال أحد وسطاء إعادة التأمين إنَّ "من الغريب" أنَّ بعض شركات التأمين قبلت شروط الانسحاب هذه، التي يرون أنها ستزيد من عدم اليقين وستثير "عدداً من المخاوف مثل من (أو ما) الذي يحدد التصعيد".
زادت في الأسعار
إلى جانب ذلك، أشارت المصادر إلى أنَّ شركات إعادة التأمين طالبت أيضاً بأسعار أعلى بكثير، ودفعت شركات التأمين الأولي إلى وضع حد أقصى لمبلغ التغطية التي تقدمها للعملاء في إسرائيل والدول المجاورة، مثل لبنان والأردن. وأضافوا أنَّ بعض شركات إعادة التأمين طالبت حتى باستبعاد هذه الدول من العقود الإطارية، لكن نجاحها كان محدوداً.
في تقرير هذا الشهر، ذكرت شركة Aon، إحدى أكبر شركات وساطة التأمين في العالم، أنَّ شركات إعادة التأمين كانت تتطلع إلى "زيادة ملموسة في الأسعار مع تقليل التغطية" لإسرائيل والمنطقة على نطاق أوسع. وقال المشاركون في السوق إنَّ هذا أدى إلى ارتفاع الأسعار ارتفاعاً كبيراً للشركات الدولية والمحلية التي تسعى إلى حماية البنية التحتية والممتلكات. وفي هذه الحالة، اختارت بعض الشركات تجديد وثائق التأمين الخاصة بها دون تضمين تغطية للأصول الإسرائيلية، واعتمدت بدلاً من ذلك على صندوق تعويضات الدولة، وفقاً لمصدرين في السوق.
شركات إعادة التأمين العالمية، تمتلك إجمالي 600 مليار دولار تقريباً من رأس المال، وقد بدأت بالفعل في رفع الأسعار بعد سنوات من الخسائر الناجمة عن التضخم، وسلسلة من الكوارث الطبيعية والحرب الروسية الأوكرانية. وقد ساعد هذا في رفع أسعار التغطية للشركات في كل مكان.
تأتي التحركات الأخيرة في أعقاب إجراءات مماثلة بعد الحرب في أوكرانيا، حيث استجابت شركات إعادة التأمين بخطوات أكثر شدة؛ من خلال استبعاد البلدان بالكامل من العقود. وقال أحد الأشخاص المطلعين على مفاوضات السوق إنَّ هناك "إحباطاً" بين شركات التأمين بشأن أحكام الانسحاب الأخيرة.
إضافة إلى ذلك، شهد سوق التأمين البحري ارتفاعاً حاداً في تكلفة السفر عبر البحر الأحمر وقناة السويس نتيجة لموجة الهجمات التي شنها جماعة الحوثي اليمنية.
إذ تعيَّن على مالكي السفن بالفعل إخطار الضامن قبل التحرك عبر جزء معين من البحر الأحمر، ودفع قسط إضافي. وقال المشاركون في السوق إنَّ هذه الرسوم الإضافية قفزت بمقدار 10 إلى 15 مرة في الأشهر الأخيرة؛ مما ساهم في قرارات بعض العملاء بإعادة توجيه سفنهم حول أفريقيا.