حرية الصحافة تحت الحصار

تم النشر: 2024/05/05 الساعة 09:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/05/05 الساعة 09:31 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية

تاريخ الصحافة؛ قديمٌ قِدم التاريخ، لكنها بدأت تأخذ منحًى آخر عندما تمّت السيطرة عليها من قبل الحكومات والكنائس التي كانت سائدة في القرون الوسطى (480-1450) والتي كانت تُستخدم لنشر الأخبار والمعلومات التي تخدم أهدافهم، فكان الباباوات في أوروبا يكتبون أحداث العام المهمة على سبورة بيضاء ويعرضونها، ويحضر المواطنون للإحاطة بما فيها، وعندما ازداد النفوذ البابوي؛ بدأت النشرة العامة، تلاها بعد ذلك النشرة الدورية والرسائل الإخبارية المنسوخة، وكل ذلك لخدمة التجارة بين المدن الأوروبية، ونشر السياسة النافذة من الكنيسة. عُرف من أولى ضحايا الصحافة؛ الناشر "بنيامين هاريس" الذي أُدين بتهمة التشهير بسلطة "الملك"، مع فرض غرامة مالية كبيرة وربما وصلت العقوبة حد السجن، لكن مع تطور الحكومات وإنشاء الأحزاب؛ نَمت الصحافة بشكل متزايد، حيث تمتّعت بأعراض ظاهرة للعامّة، وبدأت الصحف والمحرّرون في اتخاذ مواقف حاسمة، ومنها حزبية، كما ساهمت بالكشف عن المستور والخبايا المتعلقة بالشؤون السياسية والاجتماعية للدولة، حيث إن الانتقادات تجاوزت الحدود.

يقول الكاتب الشهير "جورج أورويل": "إنَّ حرية الصحافة إذا كانت تعني أيّ شيء على الإطلاق؛ تعني حرية النقد والمعارضة".

بينما بدأت حرية الصحافة تظهر بشكل أكبر، وكان ذلك مع تطور التكنولوجيا وزيادة الوعي بأهمية حقوق الإنسان في العصر الحديث؛ واجهت تحديات كبيرة، فكان السبب الرئيسي في ذلك هو التقييدات الحكومية والضغوط السياسية والاقتصادية، فتأسست منظمات دولية، مثل: (مراسلون بلا حدود ومؤسسة فريدوم هاوس) لحماية حرية الصحافة وملاحقة المخالفات ضدها.

يقول الكاتب الأمريكي الساخر "مارك توين": "لقد منَّ الله علينا بثلاث في هذا البلد، حريّة التعبير، وحريّة التفكير؛ والمقدرة على عدم تطبيق أيٍّ منهما".

أمّا عن العقدين الأخيرين فقد شهدت الصحافة العالمية أسوأ حالاتها في العالم، فمنذ اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011؛ سجل فريق المركز السوري للحريات الصحفية أكثر من 1511 انتهاكاً بحق الصحافة والصحفيين من قبل الحكومة السورية، فبحسب التحديث الأخير للمؤشر العالمي لحرية الصحافة لعام 2024م، جاءت سوريا في المرتبة ما قبل الأخيرة، تلتها إريتيريا!

أما عن إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: فقد بلغ عدد الصحفيين والإعلاميين الذين استهدفهم الكيان الإسرائيلي منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر عام 2023؛ فقد بلغ أكثر من 140 قتيلاً، وقرابة 70 جريحاً، بالإضافة لاعتقال 53 صحفياً بينهم أربعة صحفيين مختفين بشكل قسري، بحسب مؤسسات الأسرى لحرية الصحافة.

في ظل التهديدات التي تلاحق الصحفيين والإعلاميين حول العالم، والذين يعتبرهم أصحاب السلطات والنفوذ خطراً يهدّد كيانهم وسياستهم، يجب على المجتمع الدولي والمنظمات "غير الحكومية" العمل معاً للحفاظ على حرية الصحافة العالمية، وحمايتها وضمان دورها الحيوي في توثيق المعلومات ونقل الأخبار بشكل حر ومستقل، فما فائدة منح منظمة "اليونيسكو" جائزتها لحرية الصحافة هذا العام إلى جميع الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة، رغم ما يتعرّضون له من انتهاكات وقتل أمام شاشة التلفاز والكاميرات، ونذهب لما قاله القاضي البريطاني "وليام بلاكستون": "إنَّ الصحافة الحرّة شيء ضروري لبناء دولة حرة، وهذا لن يتحقق بفرض القيود على المنشورات، كل إنسان حر لديه حق -بلا شك- في التعبير عن المشاعر التي يشاء أمام الجمهور، وإذا تمَّ منع هذا؛ فقد تمَّ تدمير حريّة الصحافة"!

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

الأغيد السيد علي
كاتب وباحث سياسي سوري
تحميل المزيد