حرب إفني كانت سبباً في استقلالها عن الاستعمار الإسباني.. مدينة سيدي إفني وجهة سياحية مغربية لا يعرف عنها العالم الكثير 

عربي بوست
تم النشر: 2024/05/05 الساعة 13:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/05/05 الساعة 13:08 بتوقيت غرينتش
مدينة سيدي إفني| shutterstock

يشتهر المغرب بالعديد من المناطق السياحية التي يتوافد إليها السياح بشكل دائم، مثل مدينة طنجة، أو مراكش، أو شفشاون، إلا أن هناك مناطق ومدناً أخرى ذات مناظر ساحرة، لم يتم اكتشافها بالشكل الصحيح، من بينها مدينة سيدي إفني.

وتقع مدينة سيدي إفني الساحلية وسط المغرب، بالضبط في جهة كلميم واد نون، وهي من بين المدن الأمازيغية التي تسمى سوس.

المدينة لا تعتبر مكتظة بالسكان، إذ حسب الإحصائيات السكانية في المغرب سنة 2014، فإن عدد المقيمين لا يتجاوز 22 ألف نسمة.

المدينة كانت تحت الحكم الإسباني خلال فترة الاستعمار، وكانت تسمى حينها بسانتا كروز دي لمار بيكينيا، وبعد استقلالها، أصبح اسمها سيدي إفني، وهو الاسم الذي تعرف به إلى غاية اليوم.

تاريخ مدينة سيدي إفني.. فترة الاستعمار 

وقعت مدينة سيدي إفني في يد الاستعمار الإسباني سنة 1860، بعد هزيمة المغرب في حرب تطوان، والتي تسمى كذلك بالحرب المغربية الأولى، والتي اندلعت حول حدود مدينة سبتة، التي ما زالت إلى يومنا هذا تحت السلطة الإسبانية.

وبعد الهزيمة، تم توقيع معاهدة باسم "معاهدة واد راس" بتاريخ 26 أبريل 1860، التي بموجبها أصبح لإسبانيا الحق في توسيع مساحة سبتة ومليلية، وإضافة مدينة سيدي إفني إلى مناطق حكمها، إضافة إلى مجموعة من الامتيازات المالية الأخرى.

خلال سنة 1934، أصبحت سيدي إفني منطقة إسبانية بشكل واقعي، بعد أن تم توقيع معاهدة أخرى تحمل اسم "امزدوغ" التي وقعتها قبائل أيت باعمران الأمازيغية مع السلطات الإسبانية.

مدينة سيدي إفني| shutterstock
مدينة سيدي إفني| shutterstock

وقد تحولت المدينة في معمارها، الذي يغلب عليه الطابع الإيبيري، مختلفة عن بقية المدن المغربية الأخرى.

وقد تم افتتاح العديد من المرافق في المدينة من طرف الإسبان، من بينها المدارس والمستشفيات، والحدائق، والسينما، وميناء ومطار، ليكون الوصول إليها من القارة الأوروبية سهلاً أمام بقية المواطنين الإسبان الآخرين.

الاستقلال والعودة إلى المغرب

خلال سنة 1947، كانت السلطات الإسبانية تعمل على تجنيس المغاربة المقيمين في سيدي إفني بشكل إجباري، وجعلهم يلتحقون بالأراضي الإسبانية.

إلا أن المقاومين المغاربة تمكنوا من اقتحام مراكز الجيش الإسباني المتواجدة بالقرب من المدينة والسيطرة عليها، الشيء الذي جعل الوضع متوتراً في المنطقة.

وخلال سنة 1957، وبعد سنة واحدة من استقلال المغرب من الاستعمار الفرنسي، خرجت عدة قبائل مغربية في المنطقة للانتفاض، الشيء الذي تسبب في فرض حصار على المدينة، في حرب سميت بحرب إفني، فيما أطلق عليها الإسبان الحرب المنسية.

وخلال هذه الفترة، قامت قبائل أيت باعمران الأمازيغية بالاستمرار في هذه الانتفاضة التي دخلت فيها فرنسا كذلك، وذلك بسبب الأوضاع المتوترة مع المغرب، إلا أن هذا الأخير تمكن بعد هذه الانتفاضة من استرجاع كل من سيدي إفني ومدينة طرفاية التي كانت تحت الحكم الإسباني كذلك.

وفي سنة 1969، تم استرجاع المدينة المغربية بشكل رسمي، وأصبح كل من فيها محافظاً على جنسيته المغربية، والبقاء في بلده، بعد أن عاش صعوبات كبرى خلال فترة الانتفاضة وطرد الاستعمار.

مناظر المدينة الساحيلة| shutterstock
مناظر المدينة الساحيلة| shutterstock

كما أن هذا الاستقلال كان طريقاً أمام المغرب من أجل تحرير العديد من المناطق الأخرى التي كانت تحت الحكم الإسباني، من بينها الصحراء المغربية، التي حررت بطريقة سلمية سنة 1975.

وفي خطاب لملك المغرب آنذاك الحسن الثاني، في زيارة له لمدينة سيدي إفني سنة 1972، قال: "أرجوكم أن تبلغوا تحياتنا إلى سكان الإقليم، وبهذه المناسبة أبلغ سكان المغرب قاطبة افتخاري واعتزازي وحمدي لله وتواضعي أمام جلاله لكونه أنعم علي بأن أكون ثاني الفاتحين لهذه البقعة".

مدينة سيدي إفني بحلتها الجديدة

خلال سنة 2007، ترأس ملك المغرب محمد السادس فعاليات توقيع اتفاقية من أجل إعادة تأهيل المدينة، والتي تمتاز بموقعها الجغرافي المميز جداً، والمطل على البحر الأبيض المتوسط، الشيء الذي يجعلها مكاناً مميزاً من أجل السياحة.

وقد تم من خلال هذه الاتفاقية إنجاز العديد من الأشغال الحضرية في المدينة، من بينها تقوية شبكات الإنارة، وإنشاء العديد من الطرق الرئيسية، وإنشاء محطات لمعالجة المياه.

كما تم العمل على إنجاز العديد من المرافق العمومية الأساسية لساكنة المدينة، من بينها الفضاءات الرياضية والمركبات، وإعادة هيكلة الأحياء القديمة.

مناظر طبيعية من المدينة| shutterstock
مناظر طبيعية من المدينة| shutterstock

وفي سنة 2009، عرفت المدينة نقلة فيما يخص تحريك عجلة الاقتصاد في المنطقة، وتوفير فرص الشغل للشباب.

وقد زادت شهرة المدينة خلال السنوات الأخيرة، بفضل مواقع التواصل الاجتماعي، التي كشفت عن الوجه الخفي والجمالي للمدينة، وما تمتاز به من شواطئ مميزة، ومناظر خلابة، تجعل السياح سعداء بتجربتهم في المنطقة.

أبرز المناطق السياحية والتاريخية في المدينة 

كونها كانت تحت الحكم الإسباني لسنوات طويلة، فإن أغلب المرافق التي يمكن زيارتها في سيدي إفني تجعل السائح يشعر وكأنه في أوروبا، من خلال الأبنية القديمة التي تعود لفترة الاستعمار.

ومن بين أبرز هذه المناطق التي يمكن زيارتها وهي "الباكاضوريا"، وهو البناء الذي كان مخصصاً قديماً  لمقر القنصلية الإسبانية داخل المدينة.

كما يمكن التوجه إلى المنطقة التي يوجد بها كل من مبنى البلدية والكنيسة والمنارة والتلفريك، إضافة إلى بنايات أخرى التي يتم استعمالها حالياً من طرف السلطات في سيدي  إفني.

يمكن كذلك التوجه لزيارة المسجد المتواجد في حي يسمى لالة مريم، وهو الذي كان عبارة عن كنيسة وتم ترميمها وإعادة تأهيلها بعد ذلك.

هناك كذلك المنارة، التي تسمى "الفارو"، وهي عبارة عن برج طويل متواجد وسط المدينة، وقد بني على الطريقة الإيبيرية.

شاطئ الكزيرة| shutterstock
شاطئ الكزيرة| shutterstock

مطار سيدي إفني الخارج عن الخدمة حالياً، هو كذلك من بين الأماكن التي يمكن زيارتها، للعودة بالتاريخ إلى فترة تواجد الإسبان بالمنطقة، ويستعمل حالياً فقط لنقل المرضى في الحالات المستعجلة، والتي تتطلب الوصول إلى مستشفيات كبرى في مدن بعيدة.

كما أن شاطئ الكزيرة المتواجد على بعد مسافة قريبة من المدينة، يعتبر من بين أشهر الشواطئ في المنطقة، والتي يهدف السياح لزيارتها، من أجل الاستمتاع بجمال منظرها.

تحميل المزيد