كان الواجهةَ الاقتصاديةَ لبشارِ الأسد
والمتهمَ بسرقةِ ثرواتِ سوريا
كان أغنى رجلٍ فيها.. وظنَّ أنه الأقوى
وأنَّ ملياراتِه مانِعَتُهُ من الناسِ والسلطة
حتى اندلعتِ الحربُ مع ابنِ عمتِه.. المتربعِ على عرشِ السلطة
وجوه رامي مخلوف من الصعود إلى السقوط
سوريا مزرعةُ العائلةِ “غيرِ السعيدة”
تنقسمُ إلى رعاةٍ، على رأسِهِم آلُ الأسدِ ومخلوفِ وشاليش
ورعيةٍ.. وهم بقيةُ الشعب
بين الرعيةِ والرُّعاةِ بَزَغَ اسمُ رامي كحوتٍ اقتصاديٍّ
بأكثرَ من وجه
الوجه الأول رامي الصغير
ابنُ محمدِ مخلوف شقيقِ أنيسة مخلوف، والدةِ بشار
انتقل والدُه من الشركةِ السوريةِ للطيرانِ ليصبحَ مديرَ مؤسسةِ التبغِ السوريةِ (الريجي)
بعد سنتين فقط من وصولِ صهرِهِ حافظ الأسد للسلطة
وكانت تلك لحظةَ البدايةِ لإمبراطوريةِ آلِ مخلوفٍ الاقتصادية
وهو الأستاذ رامي “العصامي”
تحتَ عباءةِ والدِه أسس «راماك» المختصةَ في «السوقِ الحرة»
حين وَرِثَ بشارُ كرسيَّ الحكمِ السياسي
كان رامي يَرِثُ كرسيَّ الحكمِ الاقتصادي
واتجه سريعاً إلى قطاعِ الاتصالاتِ الواعدِ
واحتكرتْ شركتُهُ “سيرياتل” قطاعَ الاتصالاتِ مع منافِسَتِها MTN
ومن سيرياتل بدأ رامي إمبراطوريَتَه الضخمة
ومنها زحف إلى قطاعاتِ النفطِ والمالِ والمصارفِ والسياحةِ والتجارة
.. ثم رامي الحرامي
لاحقته دوماً اتهاماتٌ بالسرقةِ ومشاركةِ المستثمرين طوعاً أو كرهاً..
أسس شركةَ «شام القابضة»
وأصبح يسيطر على نحو سبعين في المِئة من الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ للبلاد
فرضتْ واشنطن عقوباتٍ عليه بتهمةِ محاولةِ تقويضِ الحكمِ في العراقِ ولبنان، والمسؤوليةِ عن الفسادِ العامِ في سوريا
استهدفه شبابُ الثورةِ السوريةِ باعتبارِهِ الوجهَ الاقتصاديَّ للنظام
وأحرقوا مكاتبَ سيرياتل في درعا
ووضعه الاتحادُ الأوروبيُّ على قائمةِ عقوباتِهِ الاقتصاديةِ والسياسية
هو رامي الشبيح
بدأ رامي في الردِّ على خصومِه
بدعمِ وتمويلِ التحركاتِ العسكريةِ للنظام
حتى أنه أسَّس جناحاً عسكرياً لنفسِه
وقال لصحيفةِ نيويورك تايمز إنَّ “أمنَ سوريا مِن أمنِ إسرائيل”
لكنَّ شقيقَه الأصغرَ حافظ مخلوف
كان رئيسَ فرعِ أمنِ دمشق بالمخابراتِ العامة
وكان حافظُ هذا أولَ مَن سقطوا، فقط أعفاه بشارٌ من منصبِه ولم يعُدْ للواجهةِ بعدَ ذلك
هكذا كانت تبدو بدايةُ المطاردةِ لآلِ مخلوف
رامي الفاسد المتهرّب
اتَّخذَ بشار الأسد إجراءاتٍ صارمةً ضدَّ شبكاتِ مخلوف
ليقطعَ ذراعَه العسكريةَ، والسياسيةَ، والاقتصاديةَ
فحلَّ “جمعيةَ البستانِ” (الخيريةَ) وجناحَها العسكريَّ
وأجبرَه على قطعِ إمداداتِهِ عنِ الحزبِ السوريِّ القوميِّ الاجتماعي
ومع انهيارِ الليرةِ السوريةِ بدأتْ حملةُ بشار لمكافحةِ الفسادِ واستعادةِ أموالِ الدولةِ المنهوبة
ثم
الحجزُ على أموالِ رجالِ أعمالٍ بارزين بينهم مخلوفٌ وزوجتُه
التهمةُ؟
التهرُّبُ الضريبيُّ وأرباحٌ غيرُ قانونيةٍ
ثم.. قرارٌ نهائيٌّ بتجميدِ أموالِه
واندلعتِ المواجهةُ..
وبدأتْ شخصيةٌ جديدةٌ تظهرُ لرامي..
إنه أخيرا رامي “المؤمن”
ظهرَ مخلوف يتحدثُ فيها عن حملةٍ “ظالمةٍ” ضدَّه وضدَّ موظفيه
برزتْ لحيتُهُ
واستعانَ بالخطابِ الدينيِّ وهو يطلبُ من “ابَنِ عمَّتِهِ” وقفَ الحملة
معتبراً ثروتَهُ هي ثروةُ الشعب
فشِلتْ كلُّ “الوساطاتِ العائلية”
ومن ثمّ تقررَ منعُهُ من السفر
الخلافاتُ الماليةُ ليستْ هي المسألة
القضيةُ هي “تفكيكُ” مراكزِ القوى التقليديةِ في النظام
وإعادةُ ترتيبِ الأوراقِ لصالحِ الرئيس
كما حدث في حالاتٍ سابقةٍ أبرزُها صراعُ حافظ الأسد مع شقيقِهِ رفعت
فهل رامي مخلوف مع كلِّ هذه الوجوهِ المدهشةِ
قادرٌ على مقاومةِ “رغبةٍ رئاسيةٍ” في محوِهِ من الخريطة
أم أنه مرشحٌ للاختفاءِ من المشهدِ بلا ثمنٍ
مثلَ كلِّ رجالِ الرئيس
السابقين واللاحقين؟