بعد صدمة كورونا
استيقظت دول الخليج العربية على المفاجأة:
إن نحو 30 مليون مغترب
هم ركيزة الاقتصاد لديهم
لكنهم الآن يواجهون خطر المجهول
رحيل الوافدين يغير مستقبل الخليج
ستجدها فقط في بلدان الخليجِ العربي:
سبعة أشخاص من كل عشرة عاملين هم من الأجانب
أي: أكثر من الثلثين
إنهم نحو 21 مليون عامل
يشكلون مع عائلاتهم قرابة نصف عدد السكان
قبل كورونا بدأت الأزمة
هناك دائماً حملات ضد الوافدين
لأن زيادة أعدادهم تؤثر على التركيبة الديموغرافية
وترفع نسب البطالة بين المواطنِين
وتهدد الشخصية الثقافية لأبناء الخليج
هكذا كانت تبدو الرواية السائدة
وكانت الحكومات عازمة على تقليص أعداد الوافدين
لكن ليس بشكل كامل
لأن رحيلهم الجماعي قد يعرض اقتصاد الخليج للخطر
وبعد كورونا بدأ تسونامي اقتصادي
في الشهور الأولى من ألفين وعشرين
فقد السوق الخليجي نحو ثلاثين في المئة من الأنشطة الصغيرة والمتوسطة
ما يعني مغادرة مئات الآلاف من الوافدين فور انتهاء “الإغلاق”
على سبيل المثال..
سوف يغادر السعوديةَ نحو مليون 700 ألف عامل
ومن الإمارات تسعمئة ألف عامل
وكل هذه الآثار بعد رحيلهم
وصول المغتربين قبل عقود غير الخليج كثيراً
ورحيلهم الجماعيّ بعد كورونا سيغير أكثر
انخفاض عدد الوافدين سوف يقلل الطلب على كل شيء
من البيتزا إلى الشقق السكنية
ستتوقف كثير من المشروعات الترفيهية والسياحية
سيؤدي نزوح الوافدين إلى انخفاضِ عدد السكان
ستشهد دول مجلس التعاون انخفاضاً في التوظيف بنسبة ثلاث عشرة في المئة
وتتوقع منظمة العملِ الدولية أن يكون لرحيل الوافدين آثار سلبية
أكبر مما أعقب الأزمة المالية في ألفين وثمانية
وتراجع أسعار النفط في ألفين وأربعة عشر
دون أن تحدد أرقاماً
هل رحيل “الغرباء” يحل مشكلة البطالة؟
لا
فمعدل البطالة سيبقى دون تغيير عند اثني عشر بالمئة حتى نهاية عام ألفين وعشرين
عدا ذلك.. لا يعمل السعوديون مثلاً في معظم الوظائف التي سيغادرها الوافدون
إنها موجة تغيرات قد تقلب موازين سوق العمل الخليجي
ولن تصمد أمامها سوى الوظائف المرتبطة بالمواهب والمهارات النادرة فقط
لن يمنح الخليج الفرصة مستقبلاً لمهاجر غير موهوب
أو من يزاول أعمالاً في الاقتصاد الموازي والهامشي غير المنظم
وسيكون الوافدون أول ضحايا خطط التقشف الكبيرة
تفلت من الأزمة السوق القطرية التي تبقى واعدة
بدافع استكمال مشاريع كأس العالم لكرة القدم ألفين واثنين وعشرين
الطلب على العمالة المنزلية قد يتقلص
وسيتألم الاقتصاد من الاستغناء الموسع عن الوافدين
ساهم الوافدون منذ السبعينيات في صياغة اقتصاد وثقافة الخليج
ويساهم رحيلهم الجماعي الآن في صياغة مستقبله
لأن في كل أزمة فرصة لإعادة النظر
وبناء العلاقات بما يتناسب مع تسونامي كورونا/ النفط
غير المسبوق!