بدأ في تعلم الطب بعد أن وصل الثلاثين ومع ذلك أنجز الكثير فيه.. من هو أبوبكر الرازي؟

أثناءَ سفرِه من بغدادَ لمدينةِ الرِّيِّ الإيرانيةِ مَرِضَ الشابُّ المسافرُ مرضاً شديداً جعلَه يتقيَّأُ دماً، فجاؤوا له بطبيبٍ حكيمٍ، احتارَ الطبيبُ طويلاً حتى سألَهُ ماذا شَرِبَ في طريقِ سفرِه؟ فأجابَ الشابُّ بأنَّه شَرِبَ من مستنقعٍ. أحضرَ الطبيبُ صحناً مِنَ الطحالبِ وأجبرَ الشابَّ على ابتلاعِها حتى تقيَّأَ فخرجتْ من جوفِه عَلَقةٌ كانَ قدِ ابتلعَها مع ماءِ الشُّربِ.

هذا الطبيبُ هو أبو بكر الرازي، والذي قالتْ عنه المستشرِقةُ الألمانيةُ سيغريد هونكه بأنَّه “أعظمُ أطباءِ الإنسانيةِ على الإطلاقِ”، وصاحبُ كتابِ الحاوي في الطبِّ، وهو موسوعةٌ طبيةٌ من ثلاثينَ مجلداً ظلتْ تُدرَّسُ في أوروبا حتى القرنِ السابعَ عشَر. وللرازي عشراتُ المؤلفاتِ الطبيةِ، تُرجِمَ الكثيرُ منها إلى اللاتينيةِ ولغاتٍ أوروبيةٍ أخرى. 

ومن المثيرِ للإعجابِ أنَّ هذه المسيرةَ الطبيةَ الخالدةَ بدأَهَا الرازيُّ في سنٍّ متأخِّرةٍ، عندما وصلَ إلى الثلاثينَ من عمرِه. وبعدَ سنواتٍ طويلةٍ قضاها الرازيُّ في ممارسةِ الطبِّ في بغدادَ، عادَ ليقضيَ سنواتِ ما قبْلَ وفاتِه في مدينةِ الرِّيِّ، وكانتْ سنواتٍ صعبةً بعدَ أنْ عانى من الماءِ الأزرقِ على عينيهِ وأصابَه العمى.

“هذه صناعةٌ لا تمكِّنُ الإنسانَ الواحدَ إذا لم يحتذِ فيها على مثالٍ، أن يلحقَ فيها كثيرَ شيءٍ ولو أفنى جميعَ عمرِهِ فيها؛ لأنَّ مقدارَها أطولُ من مقدارِ عمرِ الإنسانِ بكثيرٍ”. تلكَ واحدةٌ من أشهرِ وأهمِّ اقتباساتِ الرازي التي لا تبرهِنُ فقطْ على قيمةِ التذكيرِ بالعلماءِ والأطباءِ وما أضافوه للعلومِ الطبيةِ عبْرَ العصورِ كما حرصْنا أن نصنعَ طِوالَ هذه السلسلةِ، ولكنْ تعطينا نبذةً عن المنهجِ التراكُميِّ الذي يتَّبعُهُ العلماءُ للوصولِ إلى حلولٍ لِما ألمَّ بِنا بعدَ جائحةِ كورونا.

بطاقةُ تعريف:

الاسمُ: أبو بكر محمد بنُ يحيى بنُ زكريا الرازي

الميلادُ: الري (إيران) ثمانِ مئةٍ وأربعةٍ وستينَ ميلادياً

الوفاةُ: الري (إيران) تسعِ مئةٍ وثلاثةٍ وعشرينَ ميلادياً

من مؤلفاتِه: كتابُ الشكوكِ على جالينوس – كتابُ في الفصدِ والحِجامَة – كتابُ الطبِّ الروحاني