“أرسل لي محمد بن سلمان عبر واتساب: عليك العودة خلال 24 ساعة، وعندما فشل في إقناعي قال إنه سيقضي عليَّ بكل الوسائل”
كان هذا جزءاً بسيطاً مما ورد في دعوى قضائية مكونة من 107 صفحات
رفعها ضابط المخابرات السعودي السابق سعد الجبري ضد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمام محكمة أمريكية
اتَّهمه بمحاولة اغتياله على طريقة الصحفي جمال خاشقجي بتركيا
ويحكي تفاصيل المحاولة
بعد أسبوعين من مقتل خاشقجي
انطلقت فرقة اغتيالات مكونة من 50 شخصاً من الولايات المتحدة
باتجاه أونتاريو في كندا بنيّة قتله
وكان من بين أعضائها خبراء في الطب الشرعي
لكنهم لم يعبُروا..
فرجال أمن الحدود الكنديون منعوا دخولهم أثناء التفتيش في المطار
ما عدا واحداً منهم كان يحمل الجواز الدبلوماسي
لكن الاغتيال لم يكن الخيار رقم 1
بل الاستدراج عبر طلب المساعدة، ثم عرض عمل،
وأخيراً التهديد
في 2015
عُزل الجبري من منصبه بالتزامن مع وصول الملك سلمان للسلطة وصعود نجم نجله محمد
سافر الجبري إلى كندا في 2017، ومن هناك يسمع بأخبار تنحية المسؤولين وسجنهم وحجز أموالهم
وهنا تبدأ مفاوضات “واتساب” مع ولي العهد السعودي
في 18 يونيو 2017، طلب الأمير الشاب من الجبري “مساعدة في حل مشكلة مع محمد بن نايف”
في 20 يونيو يرد الجبري: لا أستطيع العودة حالياً بسبب العلاج
يرد الأمير: استدعيتُك لأنني “بحاجة ماسة لمساعدتك”
في 21 يونيو 2017، يطيح محمد بن سلمان بمحمد بن نايف من ولاية العهد وبقية المناصب
ثم يتم منع سارة وعمر، وهما ابنا الجبري من مغادرة السعودية
في سبتمبر 2017، سأله الأمير محمد: “أين نرسل الطائرة لجلبك؟”
لاحقاً: “عندما تعود بأمان سأشرح لك خلفية المشكلة، ما زلتُ بحاجة إليك للتعامل مع أي شخص يحاول خلق الفوضى”
– الجبري: لا أستطيع العودة، أريد رفع الحظر عن أبنائي
– الأمير: تعالَ أولاً، “إنه ملف حساس، عندما أراك سأشرح لك”
يمر زمن غير معروف بالضبط..
ثم يكتب بن سلمان للجابري: “أنت متورط في كثير من حالات الفساد الكبرى التي تم إثباتها. لا توجد دولة في العالم ترفض تسليمك”
وهنا تدخل مرحلة التحدي..
تحاول السعودية عبر “الإنتربول”
الذي رفض تسليم الجبري، باعتبارها قضية ذات أبعاد سياسية
في مارس 2020 اعتُقل شقيقه عبدالرحمن
مع عمر وسارة، آخِر أبناء سعد الموجودين في السعودية
لتبدأ مرحلة التصعيد.. عبر القضاء والإعلام
فهذه الدعوى القضائية تعد “أول اتهام رسمي علني” من مسؤول سعودي كبير للأمير محمد بن سلمان
لكن هناك سؤال مهم جداً:
لماذا يقلق الأمير من ضابط استخبارات سابق؟
لأنه كان أبرز مساعدي ولي العهد السابق محمد بن نايف وبيت أسراره
يعتقد بن سلمان أن بحوزته وثائق ستفيد في تصفية منافسيه على العرش..
ويخشى أن يكون بحوزته معلومات تمسّه هو ووالده الملك
ولأنه “شريك موثوق للأمريكيين” ولديه تاريخ من التنسيق مع CIA في محاربة القاعدة وحماية منشآت النفط
علاقات متينة تصل حد حضور مسؤولين أمريكيين حفلات زفاف أبنائه
كان الرجل أيضاً حلقة الوصل بين الاستخبارات السعودية وأجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والكندية والأسترالية والنيوزيلندية
ويرى الآن أن ولي العهد يريد إسكاته أو قتله لمنعه من تقويض العلاقة مع “الحلفاء”
فلماذا لجأ إلى القضاء وأثار الأمر إعلامياً
قد يريد الجبري من تلك الخطوة تأميناً لنفسه من أي استهداف محتمل..
لكن المؤكد أن المواجهة أصبحت “علنية”
وربما أراد الزجَّ بالإدارة الأمريكية في معركته
فترامب الذي ما زال يُلملم تبعات زلزال خاشقجي لن يفتح منصة هجوم جديدة لمعارضيه وهو على أبواب الانتخابات
وبالفعل، جاء تعليق وزارة الخارجية الأمريكية على ما حدث سريعاً:
“سعد الجبري كان لسنوات شريكاً في جهود مكافحة الإرهاب، ونقدّر مساهماته في الحفاظ على أمن مواطنينا، وإن أي اضطهاد لعائلته أمر غير مقبول”
فهل حصّن رجل الاستخبارات نفسه وعائلته من ولي العهد فقط؟
أم نجح في تذكير العالم بأن منشار الأمير الشاب لم يقف عند خاشقجي؟