لأول مرةٍ يجذبني ذلك المسمى (حب)، فجلست أقلب دواوين الشعراء باحثاً عن وصفٍ للحب، ثم أدركت أنه أبعد من أن يُوصف، فهجرت تلك الدواوين وقررت الاستمتاع به والعيش معه بعيداً عن كل تلك الكلمات والفلسفات.

أرقام تشير إلى أن نحو (100) شخص بين مدني وعسكري يلقون حتفهم يومياً في العراق، لدرجة أن مقبرة وادي السلام بمحافظة النجف (وسط العراق)، وهي ثاني أكبر مقبرة في العالم، ما عادت تتسع لدفن الموتى، ما دعا لتوسيعها حتى حاذت بمحيطها محافظة السماوة جنوباً.

كانت البداية لأسباب خاصة، ثمة حاجة للبعض أن يتعاملوا بعيونهم فقط، بسبب شلل في أطرافهم وهكذا، وربما لتذليل الصعوبات لبعض المرضى أو لاستخدامات نادرة بواسطة نظارة، لكن الأمر تطور بسرعة لتتحول الشاشة إلى شاشة متفاعلة مع حركة العين.

صديق آخر كان يأتي معنا للمسجد بعد سقوط بغداد لنوزّع الحمايات على منطقتنا لنحمي المداخل والمخارج، كذلك نجتهد في التنظيف وتوزيع حصص تموينية.. كنت أحبه ولا أعرف أين هو.. يحمل على ظهره المواد الغذائية للناس ويساعد الكبير والصغير، كل عام وهو بخير، وأصدقائي أولد وسايفن.

غايتي من هذا كله أن أبعث برسالة إلى أذهان أولئكَ الساعين أو العاملين في مهمة التوعية والتنوير، أن لا تقتصر تنظيراتهم على تأسيس منظومة جديدة "ديمقراطية" ليست لها علاقة بالاستبداد فحسب؛ بل عليهم إيجاد طروحات لإعادة ترتيب موازين القوى بما تضمن توازن العلاقات والسلطات، والتي تضمن نهاية لهذا الصراع، وهذا هو الأهم.

يحاول العلماء إيجاد الطريقة المثلى لتعليم الربوتات الاستنتاج، أُكرر: تعليمها خاصية الاستنتاج!! والأهم من الاستنتاج وما يبنى عليه هو "ردّ الفعل السريع" على أوضاع لم تبرمج في الآلة ذاتها في يوم ولادتها، أو حتى في تحديثات تطبيقاتها لاحقاً.

ولا أنسى أساتذتي الذين كانوا دائماً يحاولون نُصحي، وكم خضنا تلك النقاشات التي كانت تنتهي في أغلب الأحيان بعبارة "قد أتفق معك أني سيئ، ولكن ليس إلى هذا الحد"، ولكنِّي لن أنسى نصيحة أحدهم لي "نحن هنا نحاول أن نخبرك أنك ستصبح أجمل لو أزلت ذلك التراب الموجود عليك"، فأقول لهم: نحن نخطئ دائماً في حقكم، وأنتم أجدر بالمسامحة.