لم يكن خيار إدارة ليفربول بتعيين الهولندي آرني سلوت مدرباً للفريق خلفاً للألماني يورغن كلوب محض صدفة أو قراراً لشغل هذا المنصب فقط، بل جاء بعد دراسة متأنية لخصائص وسمات الرجل الذي يقع على عاتقه مهمة تحقيق الألقاب مع الريدز.
سلوت استلم منصبه رسمياً يوم 1 يونيو/ حزيران 2024 قادماً من فينورد، وهو أول مدرب هولندي في تاريخ ليفربول، وفق ما أكد الموقع الرسمي للنادي الإنجليزي.
من هو سلوت مدرب ليفربول
ويُعرف سلوت اهتمامه بكل صغيرة وكبيرة فيما يتعلق بلاعبيه، فضلاً عن قدرته على تطوير إمكانياتهم واستثمارها بأفضل طريقة ممكنة، كما أنه لا يغفل أهمية الالتزام كعنصر أساسي للنجاح، فمن هو سلوت لاعباً ومدرباً؟
مولده ونشأته
وُلد آرني سلوت يوم 17 سبتمبر/ أيلول 1978 في قرية بيرغنثيم بهولندا، وانضم إلى فريق بي إي سي زفوله وهو في عمر 17 عاماً.
اكتسب سلوت شهرته كمهاجم من أسلوبه الاستثنائي إذ كان يعتمد على ذكائه أكثر من القوة والسرعة، فقد قال عنه مدربه الأسبق جان إيفرس: "يعتقد كثيرون أن آرني مهاجم كسول وغير حماسي، لكن هذا ليس صحيحاً، فلا تتوقع منه أن ينزلق أو يقاتل على الكرة لأنه يعمل بعقله، وهذا أهم ما يميّزه".
مسيرة سلوت الكروية كلاعب
صعد سلوت إلى الفريق الأول لزفوله في صيف عام 1995 وبقي معه 7 مواسم قبل الانتقال إلى ناك بريدا ثم سبارتا روتردام قبل العودة إلى ناديه الأم عام 2010 والاعتزال بألوان القميص بعد ذلك بثلاث سنوات.
لم يحقق سلوت أي بطولة كبيرة مع تلك الفرق، لكنه فاز بلقب دوري الدرجة الثانية في هولندا مع زفوله مرتين وذلك في موسمي 2001-2002، و2011-2012.
وخلال مسيرته مع الأندية الثلاثة ظهر سلوت في 398 مباراة بجميع البطولات، هز فيها الشباك 88 مرة، وقدم لزملائه 53 تمريرة حاسمة.
مسيرة سلوت التدريبية
عقب اعتزاله مباشرة بدأ سلوت وظيفته كمدرب، إذ أشرف على تدريب شباب زفوله، ثم رحل إلى كامبور أحد أندية دوري الدرجة الأولى في هولندا، ومعه احتل الفريق المركز الثالث وخسر بصعوبة بطاقة الصعود إلى الدوري الهولندي، كما بلغ معه ولأول مرة في تاريخ النادي نصف نهائي كأس هولندا.
وفي عام 2017 عمل مساعداً لمواطنه جون فان دين بروم مع فريق إي زد ألكامار قبل أن يتولى بنفسه تدريب الفريق بعد ذلك بعامين.
على مدى عام ونصف قاد سلوت ألكامار في 58 مباراة بجميع البطولات، فاز في 32 وتعادل في 16 وخسر 10 فقط. في موسم 2019-2020 احتل الفريق المركز الثاني في جدول ترتيب الدوري الهولندي خلف أياكس المتصدر بفارق الأهداف فقط، وهو الموسم الذي تم إلغاؤه بسبب جائحة فيروس كورونا.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2020 أعلن ألكامار إقالة سلوت بعد أن اكتشف النادي أنه يجري مفاوضات سرية من أجل تدريب فينورد روتردام. وبعد 10 أيام فقط من إقالته، أعلن فينورد تعيينه مدرباً للفريق بدءاً من موسم 2021-2022، خلفاً للمدرب ديك أدفوكات.
خاض سلوت ثلاثة مواسم ناجحة قاد الفريق فيها إلى تحقيق لقب الدوري الهولندي 2022-2023، والتتويج أيضاً بكأس هولندا بعد الفوز في النهائي على إن إي سي نيميغن بنتيجة 1-صفر، كما نال جائزة أفضل مدرب في الدوري الهولندي مرتين.
كذلك وصل مع الفريق إلى المباراة النهائية لبطولة دوري المؤتمر الأوروبي في نسختها الأولى موسم 2020-2021، لكن فينورد خسر أمام روما الذي كان يدربه البرتغالي جوزيه مورينيو بنتيجة صفر-1.
سلوت مدرب ليفربول
تعاقد ليفربول مع سلوت بعد رحيل الألماني يورغن كلوب، الذي أشرف على تدريب "الريدز" على مدى 9 سنوات، حقّق خلالها كل الألقاب محلياً وقارياً ودولياً.
ويرتبط سلوت بعقد مع ليفربول يبقيه مدرباً للفريق حتى يوم 30 يونيو/ حزيران 2027، وخلال هذه الفترة تعوّل عليه جماهير "الريدز" لتحقيق المزيد من الألقاب والنجاحات.
وقبل إعلان ليفربول عن تعيين سلوت خلفاً لكلوب، لم يكن أمام الثاني سوى الحديث بإطراء ومديح كبيرين عن طريقة عمل المدرب الهولندي.
وقال كلوب بعد نهاية موسم 2023-2024: "تعجبني الطريقة التي يلعب بها فريقه كرة القدم، كل الأشياء التي أسمعها عنه إيجابية، إنه رجل جيد، مدرب جيد، إذا كان هو الحل فأنا الرجل الأكثر سعادة الآن".
في الواقع لم يكن ليفربول هو الفريق الإنجليزي الوحيد الذي أراد التعاقد مع سلوت، فقد سبقه إلى ذلك مواطنه توتنهام هوتسبير الذي أراد التوقيع معه ليحل محل الإيطالي أنطونيو كونتي في مايو/ أيار 2023.
وبالفعل كان "السبيرز" قريباً من الاتفاق مع سلوت الذي انسحب فجأة وقرر تمديد عقده مع فينورد روتردام من أجل اللعب في أوروبا، حيث قال الهولندي حينها: "العامل الحاسم في إكمال الاتفاق كان اللعب في دوري أبطال أوروبا. في الحقيقة أنا أقضي وقتاً ممتعاً مع فينورد وأشعر بقدرتي على الإنجاز بناءً على ما بنيته في الموسمين الماضيين".
كيف يعمل سلوت وما علاقته بغوارديولا؟
يشتهر سلوت بأنه مدربٌ ذكي جداً، ويتميز بقدرته على إخراج أفضل ما لدى لاعبيه من إمكانيات ومهارات، فهو يدرس نقاط قوة وضعف لاعبيه ويعمل على تطويرها من أجل تحقيق النتائج المطلوبة.
والأهم من ذلك فإن سلوت يبدي اهتماماً كبيراً بالمواهب الشابة، ويوليها الاهتمام المطلوب من أجل تنميتها وتعزيز قدراتها، وهي إحدى النقاط الرئيسية التي أثارت إعجاب إدارة ليفربول، وعدّته الشخص المناسب لقيادة الفريق في المرحلة المقبلة.
في فترة وجوده مع فينورد كان سلوت يصل إلى مركز تدريب الفريق وقت الفجر، من أجل التحضير بدقّة للحصة التدريبية وتجهيز الفريق للمباراة المقبلة.
اللافت أكثر في سلوت أنه من محبي الإسباني بيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، إذ تأثر به كثيراً ولم يُخف إعجابه بطريقة عمله لدرجة أنه سار على نهجه.
وبالفعل أطلقت الصحافة البريطانية على سلوت لقب "غوارديولا الهولندي" بسبب أسلوب الهجوم عالي الضغط الذي انتهجه وأتقنه مع فينورد بالتحديد، مع ميله أيضاً إلى الاستحواذ على الكرة.
وقال سلوت في مقابلة عن غوارديولا: "يبدو اللاعبون دائماً في حالة جيدة جداً تحت قيادته، نفس اللاعبين يكونون أسوأ مع مدربين قبله وبعده".
ويتوجب على سلوت الآن اللعب ضد غوارديولا مرتين على الأقل في الموسم، والقتال حتى الرمق الأخير من أجل انتزاع لقب الدوري الإنجليزي الممتاز من بين أنيابه.