يتأهب المغرب لإنشاء أكبر ملعب كرة قدم في العالم يرقى للمعايير العالمية، في مدينة بنسليمان القريبة من العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، وذلك استعداداً لاحتضان كأس العالم لكرة القدم في 2030 بالتعاون مع كل من إسبانيا والبرتغال. هذا المشروع، الذي يُعتبر "أسطورياً"، يتوقع أن يستضيف النهائيات العالمية.
وفي يوم الجمعة 22 مارس/آذار، أبرمت الحكومة المغربية وصندوق الإيداع والتدبير، اتفاقية تمويل لإنجاز الاستاد الجديد بحلول عام 2028. هذا الإعلان أثار قلقاً في إسبانيا بشأن إمكانية نقل النهائي من مدريد أو برشلونة إلى الدار البيضاء.
عقب تحديد المغرب وإسبانيا والبرتغال كمضيفين لكأس العالم، بدأت التكهنات الإعلامية حول تنافس خفي بين الدول الثلاث لاستضافة المباراة الختامية.
المغرب.. مشروع بناء أكبر ملعب كرة قدم في العالم
المشروع العملاق المعروف بـ"ملعب الدار البيضاء الكبير"، يقع في نطاق مدينة بنسليمان المجاورة لمدينة الدار البيضاء الكبرى، وهو جزء من خطة المغرب التي تقدر تكلفتها بخمسة مليارات درهم (نحو 500 مليون دولار)، لإضافة لمسة عصرية على بنيته التحتية الرياضية.
هذا الاستاد ليس مجرد إضافة جديدة، بل يعيد إلى الأذهان محاولات المغرب السابقة لاستضافة كأس العالم في عام 2006، مع تقديم حلول لتحديات أمنية ولوجستية مُلحة كان يشكلها استاد "محمد الخامس". عند اكتماله، سيتبوأ مكانة كثاني أكبر استاد في العالم بسعة 113 ألف متفرج، متفوقاً بذلك على جميع الملاعب في أفريقيا.
فيما سيصل استيعاب أكبر ملعب كرة قدم في العالم والذي من المقرر إنشاؤه، إلى 115 ألف متفرج، متفوقاً على الاستاد الذي يحتل حالياً الصدارة. وهو استاد "1 ماي" في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية، بسعة 114 ألف متفرج رغم عدم استخدامه إلا في عروض عسكرية.
من حيث التاريخ، يعتبر ماراكانا في ريو دي جانيرو بالبرازيل هو الأكبر، حيث كان يمكنه استيعاب 220 ألف متفرج قبل تجديده لكأس العالم 2014، وتم تقليص سعته الآن إلى 72 ألف متفرج.
الصحف الرياضية العالمية، وضمنها "elconfidencial" الإسبانية، أشادت بروعة هذا الاستاد، الذي وصفته بأنه "ثاني أكبر استاد في العالم" و"أحدثها على المستوى الدولي"، مشيرة إلى أنه منافس قوي لاستضافة المباريات النهائية، رغم التحديثات الأخيرة على استاد "سانتياغو برنابيو" في مدريد والذي يحظى بكل الموافقات من الفيفا.
صحيفة "فوتبول إسبانيا" تلمح إلى طموح المغرب الواضح إلى احتضان نهائي كأس العالم، مؤكدةً أن ملعب الدار البيضاء، بسعته التي تتجاوز برنابيو بنحو 30 ألف متفرج، يُعتبر خياراً منطقياً لـ"الفيفا".
الفيفا، الذي يطلب تجهيز 14 ملعباً لتنظيم البطولة، سيجد في المغرب شريكاً يلبي جميع المتطلبات من حيث السعة والتجهيزات، مع التخطيط لبدء الأعمال الإنشائية لملعب الدار البيضاء الكبير في عام 2025.
ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن التكلفة النهائية للمشروع قد تتجاوز الميزانية المعلنة، حيث أشارت دراسة أجرتها "سوجي كابيتال"، إلى أن الرقم قد يصل إلى ستة مليارات درهم (قرابة 600 مليون دولار).
إلى جانب ملعب الدار البيضاء، يخطط المغرب لإقامة مباريات كأس العالم في ست مدن أخرى، وسيتم تحديث ملاعب أخرى في الرباط ومراكش وطنجة وأكادير وفاس، بتكلفة تقديرية تبلغ 1 مليار درهم لكل منها.
تُظهر هذه الخطط الطموحة أن كأس العالم 2030 قد تكلف الدول الثلاث المضيفة ما بين 15 و20 مليار دولار، مع تخصيص حصة ضخمة من هذه الميزانية للمغرب، تقدر بنحو 52 مليار درهم (خمسة مليارات دولار).
الملعب وهوية الموسم في المغرب
حسب موقع "هيسبريس" المغربي، أعلنت الشركة البريطانية المسؤولة عن بناء الملعب الجديد "Populous" أن "ملعب الدار البيضاء الكبير" يعكس ثقافة "الموسم" المغربية العريقة، متخذاً شكل خيمة كبيرة تبرز كإضافة بارزة في المشهد الطبيعي لغابات المنطقة. يمتد الموقع على مساحة 100 هكتار في المنصورية بإقليم بنسليمان، شمال الدار البيضاء بـ38 كم.
تؤكد الشركة التزام الملعب بمعايير الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)؛ ما يجعله مؤهلاً لاستضافة مباريات كأس العالم 2030 ومباريات الفرق المغربية.
كريستوفر لي، المدير الإداري للشركة في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، عبّر عن فخره بالمشاركة في هذا المشروع الضخم، مشيراً إلى أن "ملعب الدار البيضاء الكبير" سيكون رمزاً للمدينة والمغرب، وسيصنَّف كواحد من أروع الملاعب في العالم.
طارق ولعلو، مدير التصميم والمهندس الرئيسي للمشروع، أشار إلى أن التصميم ينهل من الثقافة المغربية الغنية، مستوحياً من عناصر مثل الخيمة والحديقة والتضاريس الطبيعية للمغرب، مؤكداً أن الملعب يعد "مساحة سخية منفتحة على العالم تحترم البيئة المحيطة بها وتجسد التقاليد الكريمة للضيافة المغربية".
المغرب يعتمد على "ملعب الدار البيضاء الكبير" كركيزة أساسية في جهوده لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030، في تحدٍّ للضغوط الإسبانية التي تفضل إقامة المباراة النهائية في مدريد.