لم يكن أحد يتوقع أن يرى ليونيل ميسي، أحد أعظم لاعبي كرة القدم في التاريخ، يرتدي قميصاً آخر غير برشلونة، النادي الذي انضم إليه وهو طفل وحقق معه كل الألقاب والجوائز. لكن الصدمة حدثت في أغسطس 2021، عندما أعلن النجم الأرجنتيني رحيله عن البارسا بسبب عجز النادي عن تجديد عقده بسبب قواعد اللعب المالي النظيف في الدوري الإسباني. وبعد أيام قليلة، تم تقديم ميسي كلاعب جديد في باريس سان جيرمان، الفريق الفرنسي الذي كان يضم نجوماً آخرين مثل نيمار وسيرجيو راموس.
ولكن هل كان انتقال ميسي إلى باريس ناجحاً؟ هل استطاع أن يظهر مستواه المعهود وأن يحقق طموحاته وطموحات الجماهير؟ أم أنه واجه صعوبات ومشاكل لم يتعرض لها من قبل؟ في هذا المقال، سنحاول تلخيص تجربة ميسي في باريس سان جيرمان، والتي انتهت في نهاية موسم (2022-2023)، وكيف كان بإمكان باريس تجديد عقد بطل العالم، لكنه أضاع الفرصة.
البداية المثيرة
عندما وصل ميسي إلى باريس في أغسطس 2021، كان استقباله حافلاً من قبل الآلاف من المشجعين الذين احتشدوا في مطار شارل ديغول وفي شوارع المدينة. كانت الفرحة عارمة لدى جماهير باريس سان جيرمان، التي رأت في ميسي إضافة قوية لفريقها المليء بالنجوم. وكان ميسي سعيداً أيضاً بالانضمام إلى نادٍ طموح وطامح للفوز بدوري أبطال أوروبا، اللقب الذي لم يدخل خزائنه حتى الآن. وقال ميسي في مؤتمر صحفي عقده بعد وصوله: "أنا متحمس لبدء فصل جديد من مسيرتي في باريس سان جيرمان. كل شيء عن النادي يتطابق مع طموحاتي الكروية. أعرف مدى الموهبة التي يتمتع بها اللاعبون والطاقم التدريبي هنا. أنا عازم على المساعدة في بناء شيء عظيم للنادي والجماهير، وأنا متشوق لخوض أول مباراة لي في ملعب حديقة الأمراء".
وبالفعل، بدأ ميسي مشواره مع باريس سان جيرمان بشكل جيد، حيث شارك في أول مباراة له في 29 أغسطس 2021، ضد ريمس في الدوري الفرنسي، وساهم في الفوز 2-0. وفي 15 سبتمبر 2021، سجل ميسي هدفه الأول مع النادي الباريسي في دوري أبطال أوروبا، وكان هدفاً رائعاً من تسديدة قوية ومتقنة ضد مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا. وقال ميسي بعد المباراة: "أنا سعيد جداً بتسجيل هدفي الأول مع باريس سان جيرمان، وأنا فخور بالأداء الذي قدمناه ضد فريق قوي مثل مانشستر سيتي. أشعر بالثقة والانسجام مع زملائي في الفريق، وأتطلع لتحقيق المزيد من الانتصارات والأهداف".
الإصابات والإحباطات
لكن بعد بداية موفقة، بدأت تظهر بعض المشاكل والصعوبات التي واجهت ميسي في باريس سان جيرمان، أولها كانت الإصابات المتكررة التي حرمته من المشاركة في عدة مباريات، خاصة في شهر نوفمبر 2021، عندما تعرض لإصابة في الركبة أثناء تدريبات منتخب الأرجنتين. وغاب ميسي عن سبع مباريات مع باريس سان جيرمان بسبب هذه الإصابة، ولم يستطع استعادة لياقته الكاملة حتى ديسمبر 2021. وقال ميسي في تصريحات صحفية: "لقد كانت فترة صعبة بالنسبة لي، لأنني لم أكن أتوقع أن تكون الإصابة بهذه الخطورة. لقد عملت بجد للعودة إلى الملاعب، ولكن كان عليّ أن أكون حذراً وأن أحترم آراء الأطباء. أشكر كل من ساندني في هذه المحنة، خاصة زملائي في الفريق والجهاز الفني والطبي".
مشكلة التأقلم
إحدى أكبر المشاكل كانت عدم التأقلم مع الحياة في باريس، والشعور بالحنين إلى برشلونة وإسبانيا. فقد اعترف ميسي في عدة مناسبات أنه لم يجد بسهولة طريقة في التكيف مع المدينة الجديدة والثقافة الجديدة، وأنه كان يفتقد إلى أصدقائه وعائلته في برشلونة، التي كانت بمثابة منزله الثاني لأكثر من 20 عاماً. وقال ميسي في حوار مع صحيفة لو باريزيان: "أنا لست نادماً على قرار انتقالي إلى باريس سان جيرمان، لأنه كان خطوة جديدة وتحدياً جديداً في حياتي. لكن أعترف أنه لم يكن سهلاً على الإطلاق. باريس مدينة جميلة وكبيرة، لكنها مختلفة جداً عن برشلونة، التي كانت تعطيني شعوراً بالراحة والأمان" .
النهاية غير المفاجئة
وبعد موسم مليء بالتقلبات والمفاجآت، والفشل الأوروبي، انتهى مشوار ميسي مع باريس سان جيرمان بشكل غير مفاجئ ومتوقع. ففي 30 مايو 2023، أعلن النادي الباريسي في بيان رسمي أنه قد توصل إلى اتفاق مع ميسي لعدم تجديد عقده مع النادي. لم يكشف البيان عن اسم النادي الجديد لميسي، لكنه شكره على خدماته ومساهماته خلال فترة تواجده في باريس، وتمنى له حظاً سعيداً في مستقبله.
وما قد لا يعرفه الكثيرون هو أنه كان هناك فرصة لبقائه في صفوف سان جيرمان إذا تم اتخاذ قرار مبكر من طرف الإدارة الباريسية. بحسب موقع "le10sport" الفرنسي، إذا ما تم التعاقد مع المدرب لويس إنريكي قبل شهر ونصف من تاريخ إعلان توليه المسؤولية على رأس الفريق، لكان ميسي ما زال جزءاً من سان جيرمان. وإنريكي يعتبر واحداً من أفضل المدربين الذين عملوا مع ميسي خلال مسيرته مع برشلونة، حيث حققا سوياً العديد من الإنجازات الكبرى، أهمها الثلاثية التاريخية سنة 2015.