أصدر الكرواتي يوشكو غفارديول شهادة ميلاده كواحد من ألمع النجوم والمدافعين في كرة القدم المعاصرة بعد أدائه الراقي في نهائيات كأس العالم 2022 بدولة قطر، باستثناء تلك اللقطة التي تلاعب فيها النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي به في نصف النهائي، وهو مصير لاقاه الكثير من المدافعين، سواء على صعيد الأندية أو المنتخبات ولم ينجح غفارديول في أن يكون استثناء.
بعد مونديال قطر خطف غفارديول الذي كان يلعب في صفوف لايبزيغ الألماني اهتمام العديد من الأندية الأوروبية وتحديداً مانشستر سيتي الإنجليزي، الذي نجح في التعاقد معه في سوق الانتقالات الصيفية 2023 في صفقة بلغت 89 مليون يورو، وفق هيئة الإذاعة البريطانية ليصبح ثاني أغلى مدافع في العالم بعد هاري ماغواير.. BBC، فمن هو غفارديول؟
من هو غفارديول مدافع مانشستر سيتي الجديد؟
وُلد غفارديول يوم 23 يناير/كانون الثاني 2002 في مدينة زغرب عاصمة كرواتيا، لوالد يُدعى تيهومير كان لاعب كرة قدم هاوياً ويعمل في بيع الأسماك أيضاً.
واعترف غفارديول بأنه يكره أكل السمك، فقال: "كنت أستيقظ يومياً عند الساعة الرابعة صباحاً لنقل الأسماك إلى السوق، وبالمناسبة، أنا أكره السمك، تخيل أنك شاب تبلغ من العمر 16 عاماً ولا يوجد سوى سمك لتأكله يومياً، أريد أن أجرب شيئاً آخر".
ممارسة كرة القدم من قبل والده، ساعدت يوشكو على دخول عالم اللعبة في عمر مبكر، وبالتحديد في سن السابعة مع فريق NK Tresnjevka.
انتقاله إلى دينامو زغرب
بعد عام واحد فقط وجد يوشكو اهتماماً كبيراً من دينامو زغرب الذي ضمه إلى صفوفه من بوابة الناشئين في عام 2010 ثم أخذ في الصعود والارتقاء مع الفئات السنية الأكبر وصولاً إلى الفريق الأول في عام 2019.
في رحلته مع دينامو زغرب ساعد غفارديول فريقه لبلوغ الدور ربع النهائي من مسابقة دوري أبطال أوروبا للشباب وبالتحديد في موسم 2018-2019، وفيه ودع المنافسة بركلات الترجيح أمام تشيلسي، كان حينها الكرواتي في عمر 17 عاماً لكنه عوّض ذلك بلقب الدوري الكرواتي للشباب.
اللافت أن تلك الفترة كانت عصيبة على غفارديول، حيث كان قريباً من ترك كرة القدم، قبل أن ينجح في إثبات نفسه لاحقاً.
فكّر بالاعتزال مبكراً وتراجع
وقال: "كان عمري 16 أو 17 عاماً وما زلت على مقاعد البدلاء في فرق الشباب، شعرت بالإحباط، وفي لحظة ما كنت أفكر في ترك كرة القدم"، لكنه وضع هذه الفكرة جانباً، وواصل طريقه مع الفريق.
مع وصوله إلى الفريق الثاني في دينامو، لعب غفارديول مباراتين اثنتين فقط، ليتم استدعاؤه على الفور للفريق الأول، ويخوض باكورة مبارياته مع الكبار في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
واختير المدافع الكرواتي واحداً من أفضل 60 موهبة منتظرة في عالم كرة القدم، من صحيفة "الغارديان" البريطانية، بالنظر إلى ما قدمه مع فريقه في موسمه الأول مع الكبار.
سمع غفارديول نشيد دوري أبطال أوروبا لأول مرة مع دينامو زغرب، حين خاض مع الفريق مراحل التصفيات، ليتوقف عند حدود الدور الثالث بعد الخروج من فيرنكفاروسي المجري.
ظهر غفارديول مع دينامو زغرب في 52 مباراة، سجل خلالها 5 أهداف، وقدم 4 تمريرات حاسمة، متوجاً هذه التجربة بالتتويج بالدوري الكرواتي مرتين، وكأس كرواتيا مرة واحدة.
لايبزيغ تجربة احترافية ثانية
تألق غفارديول لفت أنظار نادي لايبزيغ الألماني، الذي لم يهدر وقتاً طويلاً في المفاوضات مع دينامو زغرب، حيث نجح في ضم اللاعب في يوليو/تموز 2021.
خطف غفارديول قلوب أنصار لايبزيغ، وأثبت سريعاً نفسه مع الفريق، الذي أنهى الموسم في المركز الرابع، المؤهل لدوري الأبطال، وأضاف إلى ذلك التتويج بكأس ألمانيا.
ويرى الموقع الرسمي للدوري الألماني أن أسلوب لعب غفارديول يشبه إلى حد كبير ما يقدمه وقدمه النمساوي دافيد ألابا مع بايرن ميونخ وريال مدريد على التوالي.
شخصية قوية
يتميز غفارديول بشخصية قوية، حيث لا يهاب المنافسين مهما كان اسم الخصم أو نجوميته، كما يسخّر قوته البدنية إلى جانب ذكائه العقلي في استخلاص الكرة دون ارتكاب الأخطاء.
وخلال موسمين قضاهما مع لايبزيغ لعب غفارديول 87 مباراة بجميع البطولات سجل خلالها 5 أهداف وقدم لزملائه 3 تمريرات حاسمة وتُوج مع الفريق بلقب كأس ألمانيا في مناسبتين وذلك خلال موسمي 2021-2022 و2022-2023.
مطمع الأندية الأوروبية قبل الانتقال لمانشستر سيتي
ومنذ بزوغ نجم غفارديول في مونديال قطر 2022 دخلت الأندية الأوروبية في سباق محموم من أجل الظفر بخدماته لعل أبرزها ريال مدريد وتشيلسي وليفربول ومانشستر سيتي.
وفي تلك الفترة نشر الصحفي الإيطالي فابريزيو رومانو المتخصص في سوق انتقالات اللاعبين عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "يبقى غفارديول من بين أفضل أهداف مانشستر سيتي في الصيف المقبل، إنه موضع تقدير من قبل بيب غوارديولا وإدارة النادي".
وأتم: "تشيلسي وليفربول يشاركان في السباق أيضاً، لم يتم تحديد أي شيء، ننتظر حتى الصيف لنعرف نهاية القصة"، لكن مانشستر سيتي كان أسبق من الجميع.
عاشق ليفربول الذي وقّع لمانشستر سيتي
اعترف غفارديول في تصريحات سابقة له أنه من عشاق ليفربول منذ الطفولة وهو الفريق الوحيد الذي يرغب في الانتقال إليه مستقبلاً بمسابقة الدوري الإنجليزي لكرة القدم.
وسُئل غفارديول عن نادي أحلامه فأجاب في تصريحات أبرزتها صحيفة marca الإسبانية: "بلا شك إنه ليفربول، منذ أن كنت صغيراً شاهدت العديد من مبارياتهم مع والدي، لقد تابعت كل مبارياته ومواسمه بالتفصيل، إنه ناد بقي في قلبي".
ولأن بعض قصص الحب قد يكون مصيرها الفشل، فقد انطبق ذلك على غفارديول الذي وقّع عقد انتقاله إلى مانشستر سيتي يوم 5 أغسطس/آب 2023 وهو الفريق الذي حرم ليفربول من الفوز بلقب "البريميرليغ" مرتين في المواسم الأخيرة، بعدما تفوّق عليه بفارق نقطة واحدة فقط.
وقال غفارديول في تصريحات للموقع الرسمي "للسيتزنس": "لطالما حلمت بأن ألعب يوماً ما في إنجلترا وأنا أفعل ذلك الآن مع مانشستر سيتي بعد الموسم الذي قدموه، فهذا شرف لي حقاً، لا أطيق الانتظار للبدء تحت قيادة المدرب الجديد بيب غوارديولا".
ما علاقة غفارديول بالمدرب غوارديولا؟
تسبب التشابه الكبير بين اسم المدافع الكرواتي والمدرب الإسباني في إطلاق لقب "little Pep".
الأمر لم يقف عند هذا الحد، لأن غفارديول لعب في فترة شبابه في وسط الملعب، وهو نفس المكان الذي أبدع فيه غوارديولا كلاعب.
وبعد عدة مباريات في خط الوسط، قرر داليبور بولدروغاك، مدرب الشباب في دينامو زغرب، إعادة غفارديول إلى مكانه في قلب الدفاع.
ومازح الحساب الرسمي في تويتر لاعبه الجديد حين أطلق عليه اسم "غفارديولا" للربط بينه وبين المدرب غوارديولا، الذي أصر على التعاقد معه.
مسيرة دولية مبكرة
حجز غفارديول مكاناً له في صفوف منتخب كرواتيا تحت سن 14 عاماً وذلك في 2016، وفي ظرف خمس سنوات كان المدافع الموهوب قد لعب دولياً مع فرق تحت 16 و17 و19 و21 عاماً.
استدعاه زلاتكو داليتش، مدرب منتخب كرواتيا للكبار، للعب أول مباراة دولية يوم 6 يونيو/ \حزيران 2021، حيث شارك في الخسارة ودياً أمام بلجيكا بهدف دون رد.
بعدها تواجد غفارديول مع منتخب كرواتيا في بطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2020)، التي ودع فيها رفاق لوكا مودريتش من دور الستة عشر، بعد الخسارة من إسبانيا 3-5، بعد التمديد.
بعد ذلك تذبذب حضور اللاعب مع بلاده، فغاب عن بعض المباريات الودية وفي دوري الأمم الأوروبية وفي التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم فيفا قطر 2022، لكن غفارديول تمسك بمكان له في القائمة النهائية التي سافرت إلى قطر، للمشاركة في أول مونديال يُقام في المنطقة العربية.
وفي المونديال لم يغب غفارديول عن أي مباراة، وشارك فيها كاملة حتى لقاء تحديد المركزين الثالث والرابع، التي سجل فيها هدفاً في شباك المغرب، ليهدي بلاده برونزية كأس العالم، للمرة الثانية بعد مونديال 1998.
قالوا عنه
في نظر مدربه بمنتخب كرواتيا يُعد غفارديول أفضل قلب دفاع في العالم، حيث قال زلاتكو داليتش: "هو أفضل مدافع مركزي في العالم، إنه ناضج للغاية الطريقة التي يلعب بها، بالرشاقة التي يتحكم بها في الكرة، إنه رائع حقاً".
أما ماركوس كروش، المدير الرياضي السابق لنادي لايبزيغ، فقال: "تمكنا من التعاقد مع أحد أعظم المواهب الدفاعية الأوروبية، بصفته مدافعاً يلعب بالقدم اليسرى، فإن ذلك يمنحنا تنوعاً في أساليب اللعب".