تمكن الجمهور الكروي، المغربي والعربي، من التعرف على المدرب ولاعب كرة القدم الفرنسي المعتزل رينالد بيدروس، مباشرة بعد رسمه مسار النجاح الكبير الذي حققه رفقة منتخب المغرب النسوي لكرة القدم، من خلال التأهل أولاً لكأس العالم للسيدات لأول مرة في التاريخ، ثم الوصول إلى دور الثمانية، بعد أن كان في منافسة مع منتخبات قوية، من بينها منتخب ألمانيا، المتوج باللقب مرتين.
ومباشرة بعد ذلك، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي باسم رينالد بيدروس، حيث شبهه كثيرون بوليد الركراكي، مدرب المنتخب المغربي، الذي كان أول من صنع المجد لكرة القدم المغربية في تاريخ كأس العالم، والوصول إلى المربع الذهبي، إلى جانب كبار الساحرة المستديرة.
فقد وصلت بعض التشبيهات إلى القول إن المدربين متشابهان في الشكل كذلك، وليس فقط في المسار التدريبي، رفقة منتخبات المغرب.
فمن هو رينالد بيدروس، وما أبرز محطات مساره الكروي، وكيف وصل إلى عالم تدريب لاعبات كرة القدم، سواء في النوادي، أو المنتخبات؟
رينالد بيدروس.. بداية مسار كروي لامع
ولد رينالد بيدروس في مدينة أورليان الفرنسية سنة 1971، وهو من أصول إسبانية، بدأ مساره الكروي متدرجاً ضمن الفئات السنية لنادي بوجنسي.
تمكن من الانتقال إلى نادي نانت الفرنسي ابتداء من سنة 1987، حيث لمع نجمه، وتمكن من خطف الأنظار إليه، فقد كان يلعب مهاجماً بمركز الوسط، وقد كان في فترة ما، يتم مقارنته باللاعب زين الدين زيدان.
استمر بيدروس رفقة نادي نانت إلى غاية سنة 1996، وقد تمكن خلال هذه الفترة من تحقيق أول وآخر إنجاز له في مساره الكروي، إذ كان السبب، رفقة الثلاثي الذي قد شكّله مع اللاعبين الآخرين باتريس لوكو ونيكولاس ويديك، في حصول النادي على لقب الدوري الفرنسي سنة 1995.
وقد عرف رينالد بيدروس خلال سنوات احترافه الأولى مع النادي الفرنسي نفسه، بتمريراته التي كانت تخيف خصومه دائماً.
سنة 1996.. عندما بدأ الحلم في التلاشي
تعتبر سنة 1996، السنة التي قلبت مسار بيدروس، الذي كان لا يزال في بداية مساره الكروي الاحترافي، حيث كان نجمه لامعاً فعلاً، خصوصاً بعد تسليمه لأشهر هدف كناري، ضد باريس سان جيرمان، في الدوري الفرنسي سنة 1995.
فقد تم اختياره للعب في المنتخب الفرنسي ابتداء من سنة 1993 إلى غاية سنة 1996، حيث كان السبب في إقصاء منتخب بلاده من بطولة الأمم الأوروبية في السنة نفسها، بعد تضييع ركلة جزاء كانت مصيرية، في المباراة التي كانت ضد منتخب التشيك.
بعد هذه المباراة، التي تحمل فيها مسؤولية الخسارة، انخفض مستوى رينالد بيدروس، وخلال السنة نفسها انتقل على شكل إعارة لنادي مارسيليا الفرنسي، ثم بعد ذلك لعب لصالح نادي بارما الإيطالي سنة 1997، ليتنقل بين عدة نوادٍ أخرى من بينها نابولي، وأولمبيك ليون الفرنسي.
نجاح بطعم كرة القدم النسوية
ابتداء من سنة 2000، انتقل بيدروس بين عدة نوادٍ كروية فرنسية وروسية مغمورة، كما أنه لعب مع نادي الخور القطري خلال موسم 2004-2005، لكنه لم يحقق أي نجاح يذكر، ولم يقدم للنوادي التي لعب لصالحها أي ألقاب على الإطلاق، الأمر الذي جعله يقرر الاعتزال سنة 2008.
مباشرة بعد ذلك، توجه رينالد بيدروس لمجال التدريب، رفقة نادي سان جون دي لا رويل، إلى غاية 2009، لينتقل إلى نادي بريفي هيلير الذي استمر معه إلى غاية سنة 2012.
ثم جاءته فرصة تدريب نادي أورليانز من الدرجة الرابعة، في الفترة ما بين 2015 إلى غاية 2017، وليكون بذلك آخر فريق رجالي يقوم بتدريبه.
لم يكن يعلم حينها هذا اللاعب الذي انتهى مساره بشكل لم يكن يتوقعه، أن يكون نجاحه الحقيقي في تدريب لاعبات كرة القدم النسائية، التي توجه لها ابتداء من سنة 2017.
إذ إن بيدروس بدأ مشاوره الجديد رفقة نادي أولمبيك ليون للسيدات، واستمر معهن إلى غاية 2019، وقد حقق في هذه الفترة نجاحاً منقطع النظير، من خلال تقديمه 74 مباراة، حقق فيها 67 انتصاراً، و5 تعادلات، وهزيمة واحدة فقط.
كما أنه خلال هذه الفترة نفسها، حقق مع النادي النسوي نفسه لقب دوري أبطال أوروبا عامي 2018 و2019، وبطل فرنسا في العامين نفسيهما، ثم لقب كأس فرنسا للسيدات سنة 2019، ليكون قد تمكن من تحقيق ثلاثة ألقاب مهمة في سنة واحدة فقط.
بفضل هذا الإنجاز الكبير وغير المسبوق للنادي الكروي النسوي، حصل رينالد بيدروس على لقب أفضل مدرب للسيدات من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، خلال حفل تقديم جوائز "ذا بيست" سنة 2019.
كأس العالم للسيدات.. حلم مغربي يتحقق رفقة بيدروس
ابتداء من سنة 2021، تم تعيين رينالد بيدروس من طرف الجامعة الملكية لكرة القدم المغربية، ليكون مدرب المنتخب المغربي للسيدات، بعد إقالة مدربته السابقة الأمريكية كيلي ليندسي.
وقد تمكن بالفعل من إحراز تقدم ملحوظ رفقة المنتخب النسوي المغربي، أوله كان الحصول على المركز الثاني في بطولة كأس إفريقيا للسيدات سنة 2022، ثم الظفر بلقب بطولة مالطا الدولية لكرة القدم خلال السنة نفسها.
كما قاد بيدروس منتخب السيدات المغربي إلى كأس العالم لأول مرة في التاريخ، إضافة إلى الانتقال من دور المجموعات إلى دور الثمانية، وهو الأمر الذي لم يتم توقعه.
وفي تصريح له، لـ"الفيفا"، قال إن بداية تدريب لاعبات كرة القدم المغربيات كان عن طريق قياس مدى هامش التقدم الذي يمكن تحقيقه، مما يجعله يلعب على هذه النقطة ويطورها للوصول إلى المستوى الذي وصل إليه المنتخب اليوم.