استمرت مباريات نهائيات كأس العالم للسيدات 2023 "فيفا" حتى يوم الإثنين 24 يوليو/تموز الجاري؛ حيث واجهت ألمانيا المغرب في ملعب ملبورن المستطيل في أستراليا، وحققت نتيجة 6 أهداف مقابل لا شيء للبؤات الأطلس.
لكن بعيداً عن الخسارة الكبيرة التي مُني بها الفريق المغربي، حققت إحدى اللاعبات لقباً مميزاً سيدخل في تاريخ أبرز وأهم اللحظات التاريخية في تاريخ فيفا لكرة القدم النسائية؛ إذ أصبحت اللاعبة نهيلة بنزينة أول امرأة تشارك في المسابقة العالمية وهي ترتدي الحجاب الإسلامي.
نهيلة بنزينة.. أول لاعبة كرة قدم محجبة بكأس فيفا 2023
لأول مرة في كرة القدم النسائية المحترفة، أصبحت لاعبة كرة القدم المغربية نهيلة بنزينة أول لاعبة محجبة في نهائيات كأس العالم للسيدات 2023.
وأعلن فيفا على تويتر أن بنزينة ستكسر الحواجز على الساحة العالمية؛ مما يمثل علامة فارقة في التنوع الواسع بالرياضة، لأنها "تمثل بفخر بلدها وهي ترتدي الحجاب".
وكتب فيفا في تغريدة على موقع تويتر: "نهيلة بنزينة تدخل التاريخ في كأس العالم للسيدات FIFA في أستراليا ونيوزيلندا 2023. النجمة المغربية ستكون أول لاعبة تتنافس في البطولة وهي ترتدي الحجاب".
لاعبة كرة القدم البالغة من العمر 25 عاماً، والتي تلعب أيضاً في نادي الجيش الملكي المغربي لكرة القدم، انضمت إلى المنتخب الوطني في 2018 بفضل مهاراتها العالية. وقبل ذلك، عرضت المدافعة المغربية موهبتها أثناء اللعب مع منتخب المغرب تحت 20 سنة 2017.
كما شاركت اللاعبة نهيلة بنزينة في النسخة الأولى من دوري أبطال إفريقيا للسيدات 2021.
حدث فريد بعد سنوات طويلة من الحظر
ويشير محللون إلى أن تأهل فريق المغرب لكأس العالم للسيدات لو كان قد أتى قبل عقد من الزمن من الآن، لربما اضطرت اللاعبة نهيلة بنزينة التي أرادت ارتداء الحجاب أثناء إحدى المباريات للاختيار بين ذلك وبين تمثيل بلدها في المسابقة العالمية المهمة.
ففي عام 2007، منع حكم فتاة كندية تبلغ من العمر 11 عاماً من ارتداء الحجاب خلال إحدى مباريات النادي المحلي. وعندما وصلت القضية إلى الفيفا، حظرت الهيئة الحاكمة العالمية للرياضة أغطية الرأس في المسابقات التي أقرتها، باستثناء الأغطية التي تكشف الرقبة.
وأشار الفيفا آنذاك إلى مخاوف تتعلق بـ"الصحة والسلامة"، بعضها يتعلق بالاختناق المحتمل؛ حيث تحظر اللوائح "المعدات التي تشكل خطورة على نفسه أو على لاعب آخر".
أدى الحظر إلى انسحاب فريق كرة القدم الإيراني من مباريات التصفيات الأولمبية ومنع عدد غير معروف من لاعبات كرة القدم على مستوى العالم من المشاركة.
مديرة العمليات في أستراليا بمنظمة "نخلق الفرص في كرة القدم"، أسما هلال، وصفت هذا القرار حينها بأنه "يبعث رسالة قوية إلى النساء المسلمات، لا سيما اللواتي يرتدين الحجاب، بأنهن لا ينتمين للعبة".
وكانت هلال من بين الناشطات والرياضيات المسلمات ومسؤولي الحكومة وكرة القدم الذين عملوا على إلغاء حظر الحجاب من قبل الفيفا.
ثم بحلول عام 2012، منح الفيفا الاتحاد الآسيوي لكرة القدم فترة تجريبية مدتها سنتان يُسمح خلالها للاعبات بارتداء أغطية الرأس في المسابقات الدولية. بينما لم يتم تحديد موعد لكأس العالم.
وفي عام 2014، رفع الفيفا الحظر المفروض على أغطية الرأس. وبعد ذلك بعامين، كانت مسابقات كأس العالم للسيدات تحت 17 سنة في الأردن هي المرة الأولى التي ترتدي فيها اللاعبات المسلمات الحجاب خلال حدث دولي لـ FIFA.
إلى ذلك، قالت هلال، في تصريحات لمجلة "ذا غلوب آند ميل" الكندية، إنه منذ رفع الحظر، شهدت الرياضة زيادة في ممارسة الفتيات والنساء المسلمات لكرة القدم، كما حظين بمسارات تدريبية وقيادية لأندية كرة القدم الخاصة بهن في مختلف دول العالم.
حظر مستمر للحجاب في رياضات نسائية مختلفة
نتيجة لتلك التطورات التي قادتها الفيفا، تحرك العديد من الرياضات لرفع الحظر عن غطاء الرأس في السنوات الأخيرة، بما في ذلك كرة السلة والكرة الطائرة.
ومع ذلك، وتحديداً في فرنسا، أيدت المحكمة الإدارية العليا قراراً بحظر الحجاب في كرة القدم لديها، على عكس سياسات الفيفا.
وقد تم إلغاء حظر على الحجاب بموجب المبادئ التوجيهية الدولية لكرة السلة في عام 2017 بعد حملة قاسية من قبل رياضيين، بما في ذلك بلقيس عبد القادر، لاعبة كرة السلة الأمريكية المحجبة، التي اضطرت إلى ترك الرياضة في السنوات التي تم فيها حظر الحجاب، قائلة إنها اختارت إيمانها على حياتها المهنية.
لكن ساليماتا سيلا، لاعبة كرة السلة والناشطة الفرنسية، قالت في وقت سابق إنها حُظرت من قبل الاتحاد الفرنسي لكرة السلة لارتدائها الحجاب خلال مباريات في الدوري الفرنسي.
ومع استضافة العاصمة باريس لدورة الألعاب الأولمبية لعام 2024، يخشى البعض أن يكون لحظر كرة السلة وكرة القدم المحلية على الحجاب تأثير على الرياضيات الإناث من المسلمات.
رياضيات مهّدن الطريق لمن خلفهن من المحجبات
وكانت زهرة لاري هي أول رياضية تزلج على الجليد من الإمارات العربية المتحدة وتنافست في تصفيات بيونغ تشانغ 2018 المؤهلة لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية.
فينما كانت دعاء الغباشي المصرية أول لاعبة كرة طائرة على الشاطئ ترتدي الحجاب في دورة الألعاب الأولمبية في ريو 2016، حيث أظهرت الصحف الشعبية الكثير من التناقض بين ملابسها وملابس البيكيني التي ارتدتها بقية اللاعبات.
لذلك، في عام 2017 ، كشفت شركة Nike العملاقة للملابس الرياضية النقاب عن مجموعة من ملابس الرياضة والسباحة المحتشمة مع وضع النساء المسلمات في الاعتبار، لكن البدلات التي تغطي الجسم بالكامل لا يمكن ارتداؤها على أعلى مستوى في الرياضة المائية العالمية.
وفي العام 2010، حظرت الهيئة الإدارية للسباحة ارتداء البدلات التي تغطي الجسم بالكامل حيث كان يُعتقد أنها تمنح الرياضيين الكثير من المزايا.
وقد أدى ذلك إلى انسحاب اللاعبة الأولمبية المصرية آية مدني، 3 مرات، من لعبة الخماسي لأنها لم تكن قادرة على السباحة في طقم مغطى بالكامل بسبب حجابها.