على النقيض تماماً من نظرائه اللاعبين يملك أوريول روميو لاعب برشلونة القديم الجديد رأياً خاصاً فيما يتعلق بالحياة الشخصية لنجوم كرة القدم بعيداً عن الملاعب، فهو من النماذج التي لا تؤمن بأهمية وسائل التواصل الاجتماعي في عصر تستحوذ فيه هذه المواقع والتطبيقات على الاهتمام الأكبر للاعبين وغيرهم.
وبدلاً من ذلك يوجه روميو اهتمامه لقراءة الكتب، وهو أمر لم يمنعه من مواصلة احتراف كرة القدم، وفي هذه السطور التالية نلقي نظرة على حياة الإسباني العائد إلى برشلونة كلاعب وكشخص.
من هو أوريول روميو العائد لبرشلونة؟
ولد أوريول روميو في بلدة أولديكونا الكتالونية يوم 24 سبتمبر/أيلول 1991 والتحق بأكاديمية لاماسيا في عمر 13 عاماً قادماً من أكاديمية الجار اللدود إسبانيول.
تدّرج روميو في الفئات السنية لفريق برشلونة وصولاً إلى فريق الشباب، ولم يُكتب له الصعود إلى الفريق الأول كونه غادر إلى تشيلسي في أغسطس/آب 2021.
لكن روميو لعب مباراتين اثنتين مع كبار برشلونة واحدة في الدوري الإسباني وأخرى في كأس السوبر وكانتا في عهد المدرب بيب غوارديولا.
انتقاله روميو إلى تشيلسي
وجد روميو صعوبة في حجز مكان له في برشلونة حتى لو على المستوى البعيد لوجود الثلاثي الأسطورة سيرجيو بوسكيتس وتشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا، فقرر اللاعب الخروج فالتقطه تشيلسي في أغسطس/آب 2011.
وخلال موسمين لعب روميو 33 مباراة بجميع البطولات سجل خلالها هدفاً وحيداً والأهم أنه فاز بلقب دوري أبطال أوروبا مع "البلوز" في موسم 2011-2012 وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة 2012.
درس حياته في فالنسيا
بعد موسمين قضاهما في تشيلسي انتقل روميو إلى فالنسيا على سبيل الإعارة وكان ذلك في صيف عام 2013، حينها كان اللاعب يعتبر نفسه أعلى من زملائه وأن مكانه في التشكيل الأساسي "للخفافيش" مضمون كونه قادماً من تشيلسي.
واعترف روميو بذلك فقال: "عندما وصلت إلى ميستايا كنت أنظر إلى نفسي على أني سيد اللاعبين وأنني سألعب في كل الأحوال واعتقدت أنني الشخص الوحيد الذي لن يستبعده المدرب".
المفاجأة أو الصدمة تمثلت في جلوس روميو على مقاعد البدلاء وعدم مشاركته أساسياً لمدة 3 أشهر، حينها اقتنع اللاعب أنه "ربما كان هو الشخص المخطئ".
استمرت تجربة روميو مع فالنسيا موسماً وحيداً فقط، ثم عاد مجدداً إلى تشيلسي بعدما خاض 18 مباراة فقط بجميع البطولات لم يسجل فيها أو يصنع أي هدف.
إعارة أخرى ثم خروج نهائي
أُعير روميو مجدداً ولكن هذه المرة إلى الدوري الألماني وبالتحديد إلى صفوف شتوتغارت في تجربة جديدة استمرت موسماً واحداً أيضاً فعاد إلى تشيلسي الذي باع عقده بشكل نهائي إلى ساوثهامبتون في أغسطس/آب 2015 في صفقة بلغت 8 ملايين يورو.
كانت مسيرة روميو مع ساوثهامبتون هي الأطول له كلاعب، إذا استمر هناك سبعة مواسم كاملة كان أفضل إنجاز له هو احتلال المركز السادس، لكن الفريق هبط إلى دوري الدرجة الأولى "التشامبيونشيب" بعد موسم واحد من رحيله.
لعب روميو بقميص ساوثهامبتون 256 مباراة بجميع البطولات، سجل فيها 8 أهداف وقدّم 6 تمريرات حاسمة قبل الانتقال إلى جيرونا في الدوري الإسباني، ومعه لعب موسماً واحداً قبل العودة إلى برشلونة مجدداً.
روميو يسير على خطى زملائه القدامى
سار روميو على خطى بعض اللاعبين الذين غادروا برشلونة ثم عادوا مرة أخرى إلى الفريق "الكتالوني" على سبيل المثال لا الحصر خريستو ستويشكوف وجيرارد لوبيز وجيرارد بيكيه وسيسك فابريغاس وجوردي ألبا وإيريك جارسيا وداني ألفيس وأداما تراوري وهيكتور بيليرين، وفق ما ذكر الموقع الرسمي للنادي الكتالوني.
ووقّع روميو عقده مع برشلونة يوم 19 يوليو/تموز 2023 وهي صفقة أبرمها النادي الكتالوني من أجل تعويض رحيل بوسكيتس.
زميل له شجعه على القراءة فألّف كتاباً
بعيداً عن المستطيل الأخضر عاش روميو في حيرة من أمره حول كيفية استثمار أوقات الفراغ خاصة تلك التي تلي الانتهاء من الحصص التدريبية، وبعد خوض المباريات حتى نصحه مواطنه خوان ماتا زميله الأسبق في تشيلسي بقراءة الكتب، وبذلك يشغل نفسه خلال أوقات الفراغ على الوجه الأنسب.
وعن الخطوة الأولى التي اتخذها روميو في هذا الطريق قال: "ذات يوم وأثناء حديثي مع ماتا أخبرته بأني أشعر بالضجر في وقت الظهيرة ولا أعرف كيف أملأ أوقات فراغي، فكل ما كنت أفعله حينها هو الاستلقاء على السرير أو النوم، فرد بالقول لماذا لا تقرأ؟".
وأوضح: "فكرت في الأمر من قبل لكني أم أبدأ عملياً في ذلك، لكن ماتا أعطاني كتاباً وشجعني على قراءته قائلاً عندما تبدأ فيه ستستمر ولن تتركه".
وبات روميو قارئاً شغوفاً وعاشقاً للأدب، وفق ما أكدت صحيفة sport الإسبانية، ويداوم دائماً على قراءة كتب التنمية البشرية التي تساعد الإنسان على إدارة ضغوط الحياة وكيفية التعامل معها، بالإضافة إلى كتب الفلسفة وعلم النفس الحديث.
وأول ما قرأه روميو كان كتاباً يحمل عنوان "Invicto" تعرّف من خلاله على الفلسفة الرواقية وكان أكثر ما جذبه هي جملة لمؤلف الكتاب ماركوس فاسكيز قال فيها: "إذا استفزوك بسهولة فإنهم يتحكمون بك بسهولة"، لذا تعلّم كيفية التحكم في مشاعره وردود أفعاله ما أمكن.
حب روميو ونهمه للقراءة دفعه إلى تأليف كتابه الخاص "موسم لا يُنسى" والذي نشره عام 2021 سلّط فيه الضوء على معاناة لاعبي كرة القدم من الضغوط والتوتر والخوف من الفشل في تجاربهم الاحترافية.
لا يؤمن بمواقع التواصل الاجتماعي
لدى أوريول روميو وجهة نظر مختلفة تماماً عن باقي نظرائه من اللاعبين حول شبكات التواصل الاجتماعي وكيفية إدارتها، فهو لا يملك حساباً رسمياً على منصة "إنستغرام" ولديه حساب على "تويتر" لكن يستخدمه قليلاً جداً.
ويؤمن أوريول بأنه لا يتوجب على الإنسان مشاركة أشياء من عالم كرة القدم أو الحياة الخاصة من أجل إظهارها بأفضل طريقة ممكنة، لكن الصورة على أرض الواقع مختلفة تماماً وفق رأيه.
ويقول روميو: "لم أشعر في أية لحظة بأنني يجب أن أشارك في العالم الافتراضي في عالم شبكات التواصل الاجتماعي، فأغلب اللاعبين يشاركون الآن صوراً من المباريات من أجل مشاركتها مع الناس حتى تبدو الأمور وكأنها جميلة ومثالية، لكن من وجهة نظري فهذا غير حقيقي، اللاعبون حالياً يعطون الجمهور صورة غير دقيقة، لذا أنا أفضّل ألا أكون جزءاً من هذا الأمر".
"كن أنت"
على ما يبدو أن علاقة الصداقة بين روميو وماتا كانت متينة للغاية؛ لدرجة أن الثاني كان قادراً على ترك أثر "إيجابي" في حياة الأول، وهو ما حدث بالفعل في خلال تواجدهما في تشيلسي أيضاً في الوقت الذي نجح فيها "البلوز" في التعاقد مع شركات ملابس تقدم خصومات للاعبي الفريق اللندني.
في ذلك الوقت كان روميو حريصاً على شراء الكثير من الملابس التي كانت في حقيقة الأمر لا تناسب ذوقه ولا تتماشى مع إمكانياته المادية، وكان يفعل ذلك من أجل مجاراة زملائه اللاعبين فقط لا غير، وهنا تدخّل ماتا.
وقال روميو: "بعد أن تعاقد تشيلسي مع شركتين للملابس وحصل اللاعبون على خصومات فكنت أقول لنفسي لماذا لا أفعل مثلهم، فذهبت إلى المتجر بالفعل واشتريت بعض الملابس لكني لم أرتدِها فقال لي ماتا مستهجناً: لماذا؟ هل لأنها لا تناسبك وأنها لا تتماشى مع نمط حياتك؟ كن أنت".
وأقر روميو بأنه صُدم من كلمات ماتا فأوضح: "عندما فكرت فيما قاله وجدت أنه على حق؛ فأنا في الحقيقة لست مرتاحاً بهذه الملابس ولم أعد أريدها أبداً، وبسبب ما قاله لي ماتا تخلصت منها كلها في يوم واحد".