خلال منافسات بطولة ويمبلدون للتنس التي اختُتمت الأحد، بتتويج الإسباني كارلوس ألكاراز بلقب فردي الرجال، بعد يوم من حصد التشيكية فوندروسوفا لقب السيدات، لوحظ أن كل اللاعبين واللاعبات خلال المنافسات كانوا يرتدون قمصاناً بيضاء حصراً.
لماذا يُجبر اللاعبون في بطولة ويمبلدون على ارتداء اللون الأبيض؟
وبخلاف البطولات الثلاث الكبرى الأخرى (أستراليا، أمريكا، فرنسا)، تُلزم قواعد بطولة ويمبلدون الجميع بارتداء الزي الأبيض خلال المباريات، ويُمنع ظهورهم داخل الملعب بأي لون آخر.
واللافت أن التشدد في تطبيق تلك القاعدة وصل حد منع اللاعبة التونسية أنس جابر من خوض عمليات الإحماء قبل خوض نهائي نسخة 2023 بسبب ارتدائها زياً أسود اللون، وأجبرها المنظمون على استبداله بالزي الأبيض.
يعود تاريخ هذه القاعدة إلى بدايات القرن الـ19، حينما كان يُعَدُّ ظهور العَرق على الملابس أمراً غير لائق، لا سيما للنساء، ومن هنا جاءت فكرة إرساء قاعدة تنطوي على ارتداء الملابس البيضاء فقط، كما ورد في صحيفة Express البريطانية.
وفي عام 1972، تغيرت القواعد في أثناء بطولة أمريكا المفتوحة، لتسمح بارتداء اللاعبين أي ملابس ملونة، ومع ذلك ظل نادي "عموم إنجلترا" المشرف على بطولة ويمبلدون ماضياً في قراره، وازدادت القاعدة حزماً في العقود الأخيرة. وتشترط القواعد ارتداء اللون الأبيض الصافي، وليس الأبيض المائل للصفرة أو الكريمي.
وفي حين يُسمح بارتداء زي مزخرف بالألوان، بحيث لا يزيد عرض تلك الزخارف على 1 سم، ينبغي أن تكون الأحذية بيضاء اللون، دون وجود أي شعاراتٍ كبيرة للعلامات التجارية، وكذلك الملابس الداخلية.
التزِم بالزي حتى لو كنت مصاباً
حتى وإن كنتَ مصاباً، عليك الالتزام بالزي الرسمي؛ إذ تنطبق القاعدة على الدعامات الطبية كذلك، فيجب أن تكون بيضاء اللون قدر الإمكان.
في عام 2015، ارتدى نيك كيريوس المشاغب عصابة رأس نادي ويمبلدون الرسمية، وأُعد ذلك خرقاً لقواعد النادي. علاوةً على وصفه القرار الذي صدر لتحذيره، بأنَّه "مثير للشفقة تماماً".
لكن في العام ذاته، أفلتت يوجين بوشارد من العقوبة بعد ارتدائها حمالة صدر بأربطة سوداء تحت قميصها الأبيض.
في عام 2013، ارتدى روجر فيدرير حذاءً برتقالي النعل، وطلب منه المسؤولون التخلص منه قبل المباراة التالية.
وكان أندريه أغاسي منزعجاً كثيراً بشأن قواعد النادي الصارمة بخصوص الزي الرياضي، حتى إنَّه رفض اللعب فيه حتى بلغ 21 عاماً.
تطوُّر زي التنس للرجال
في حين شهد زي النساء تطوراً كبيراً، بدءاً من الفساتين التي يرتدين أسفلها مشد الخصر والتنورة الداخلية في القرنين الـ19 والـ20، حتى وصلت إلى الملابس الرياضية الانسيابية التي نراها اليوم، وشهدت أزياء الرجال تغييرات كبرى كذلك.
في أوائل القرن الـ20، ارتدى لاعبو التنس زياً يشبه بدرجةٍ كبيرة ملابس الطبقة العليا في هذا الوقت؛ إذ فضلوا ارتداء البنطلونات والقمصان والسترات الطويلة. ورغم أنَّ مظهرهم بدا رسمياً، فإن الزي لم يكن مناسباً إلى حد كبير للعبة التنس، لا سيما في أثناء درجات الحرارة المرتفعة، إلى جانب تقييده للحركة وزيادة إرهاق الجسد.
وخلال عشرينيات القرن العشرين، ارتدى معظم الرجال البنطلونات الخفيفة المنسوجة من الصوف والكنزات المحبوكة على شكل ضفائر. وكانت ملابسهم تميل إلى الزي التقليدي للاعبي الكريكيت أكثر من زي التنس الآن.
لكن تغيَّر كل هذا عام 1926؛ إذ ظهر قميص التنس بنسيجه الخفيف، وكان ملائماً للغاية للعب أسفل شمس الصيف، وكذلك كان يساعد على التحرك بخفةٍ أكبر.
وفي عام 1932، كان اللاعب هنري أوستن هو أول رجل يرتدي سروالاً قصيراً بالملعب. وعلى الرغم من ظهور تلك السراويل القصيرة في وقتٍ مبكر من هذا العقد، والمزايا الواضحة التي جلبتها للاعبين، فإنَّها لم تُقبَل عالمياً كزيٍ رسمي للاعبي التنس إلا بعد الحرب العالمية الثانية.
وفي عام 1952، ارتدى فريد بيري، لاعب التنس السابق والأول على العالم وبطل مسابقة ويمبلدون، قميص بولو الخاص برياضة التنس. ومنذ ذلك الوقت، تحسنت ملابس رياضة التنس بوتيرةٍ مستمرة فيما يتعلق بالمظهر والحركة والراحة التي توفرها، حتى وصلت إلى المظهر الذي نشاهده عادةً في الملاعب عاماً بعد عام.