قدّم نادي ريال مدريد لاعبه الجديد، المهاجم الدولي الإسباني خوسيلو، يوم 20 يونيو/حزيران 2023، الذي ضمه لموسمٍ واحدٍ، على سبيل الإعارة من نادي ديبورتيفو لاكورونيا مع بند أحقية الشراء، وذلك في مفارقة غريبة في المشوار الاحترافي للاعب المخضرم، الذي كان قد غادر النادي الملكي في بداية شبابه، قبل 11سنة.. وأتركك عزيزي القارئ تتعرّف على المسيرة الرياضية المميزة لهذا اللاعب الموهوب.
وُلد خوزيه لويس ماتو سانمارتين، المعروف باسم "خوسيلو" يوم 27 مارس/آذار 1990 بمدينة شتوتغارت الألمانية، من والدين إسبانيين؛ حيث عاش بها لمدة 4 سنوات، قبل أن يذهب، رفقة عائلته للعيش ببلده الأصلي إسبانيا.
بداية التكوين بنادي سيلتا فيغو
حلّ خوسيلو، بإسبانيا واستقر بمدينة فيغو، بمنطقة غاليسيا بشمال غرب البلاد، حيث ظهرت موهبته الكروية بساحات الحي الذي كان يقطن به، قبل أن ينضم، في سنة 2002، لمدرسة أفضل نادي المدينة الصغيرة، وهو سيلتا فيغو، فواصل تكوينه الرياضي حتى التحق بصفوف الفريق الأول في يناير/كانون الثاني 2009.
وخاض خوسيلو، أولى مبارياته كلاعب محترف في النصف الثاني من موسم 2008-2009، حيث شارك في لقاءين اثنين، مع فريق سيلتا فيغو، الذي كان ينشط في دوري الدرجة الثانية الإسبانية.
وقد كانت تلك المباراتين كافيتين لتجلبا اهتمام نادي ريال مدريد الذي ضمه لصفوفه في يوم 30 أغسطس/آب 2009، في صفقة بلغت قيمتها المالية 1.5 مليون يورو، لكنه أعاره في اليوم الموالي لفريقه الأصلي سيلتا فيغو، الذي دافع عن ألوانه طيلة موسم 2009 – 2010، مكتفياً بتسجيل 4 أهداف في دوري الدرجة الثانية.
وعاد خوسيلو إلى ريال مدريد، في صيف 2010، لكن للعب ضمن فريق الرديف (كاستيا) وليس الأول، فخاض معه موسم 2010- 2011، بدوري الدرجة الثالثة الإسبانية، والذي انهاه كأفضل هدّاف رفقة زميله الحالي في منتخب إسبانيا، ألفارو موراتا، كما أنهى الموسم أيضاً بالمشاركة في أول مباراة كلاعب محترف مع ريال مدريد، بحيث استدعاه المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، للقاء الجولة الأخيرة لمسابقة "الليغا" أمام نادي ألميريا، وأقحمه كلاعب بديل لكريم بنزيمة، في الـ10 دقائق الأخيرة من المواجهة، وتألق بتسجيله للهدف الثامن لفريقه (8-1) بعد تمريرة من النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو.
انبهر برفاهية نادي ريال مدريد
وفي صيف 2011، أدرجه مورينيو ضمن تعداد الفريق الذي قام بتحضيرات موسم (2011- 2012)، حيث لا يزال خوسيلو يتذكر جيداً تلك المرحلة من حياته، وخاصة الجولة التي قادت النادي الملكي إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وتحدث خوسيلو عن تلك الفترة، في تصريحات صحفية سابقة، مؤكداً انبهاره بـ"الرفاهية" التي يعيشها عملاق الكرة الإسبانية، حيث قال: "في ريال مدريد، خضت الموسم التحضيري الأول لي، وكان ذلك في لوس أنجلوس، نمت في غرفة فندق أكبر من الشقة التي عشت فيها لمدة 10 سنوات! شعرت بالذعر، رأيت الآخرين يتصرفون بشكل طبيعي، لكنني لم أعرف كيف أتصرف. تم منحي عدة ملابس إضافية، وحتى منشفتين للاستحمام".
وعلى الرغم من قدراته الفنية والبدنية المميزة، فإنّ المنافسة الشديدة التي وجدها مع نجوم ريال مدريد للظفر بمكانة في خط هجوم النادي الملكي، جعلت خوسيلو يكتفي بالمشاركة في عدد قليل من المباريات الرسمية مع الفريق الأول "الميرنغي" في موسم 2011 – 2012، وتم الاعتماد عليه أكثر في فريق الرديف.
تألق مميز في الدوري الألماني
وأمام اقتناعه باستحالة التنافس مع رونالدو وبنزيمة للظفر بمركز أساسي في الخط الأمامي لريال مدريد، حزم خوسيلو حقائبه في الموسم التالي، لتجريب حظه في مكان آخر، وبالضبط في بلد مسقط رأسه، ألمانيا، حيث تعاقد، يوم 8 أغسطس/آب 2012، مع نادي هوفانهايم مقابل 6 ملايين يورو، ثم أعاره هذا الفريق لنادي أنتراخت فرانكفورت لموسم واحد (2013- 2014) قبل أن يسرّحه لنادي هانوفر، في يوليو/تموز 2014 مقابل 5 ملايين يورو.
قضى خوسيلو، إذاً، 3 مواسم في الدوري الألماني، نجح خلالها في تسجيل 29 هدفاً في89 مباراة رسمية، بحيث لم يجد أي صعوبات للتأقلم مع حياته الجديدة، مثلما أكده في أحد تصريحاته: "عندما وقّعت في ألمانيا، لم أشعر أنني سافرت إلى الخارج على الإطلاق. على العكس من ذلك، كان الأمر أشبه بالانضمام إلى بيتي الثاني. على الرغم من أنني عشت هناك لمدة 4 سنوات فقط خلال طفولتي، فإنني كنت أعرف التقاليد والعادات عن ظهر قلب تقريباً، لأن والداي عاشا هناك لمدة 20 عاماً إلى جانب ذلك، كل ما تعلمته على المستوى الاحترافي ، أنا مدين في جزء كبير منه للفترة التي قضيتها في الدوري الألماني".
تجربة فاشلة في الدوري الإنجليزي
وبعد تألقه في الدوري الألماني فضل خوسيلو خوض تجربة احترافية في بلد آخر، فانضم لنادي ستوك سيتي الإنجليزي يوم الفاتح يوليو/تموز 2015، في صفقة قدرت بـ8 ملايين يورو.
لكن يبدو أنّ ذلك الخيار لم يكن صائباً، إذ اكتفى المهاجم الإسباني بتسجيل 4 أهداف فقط في 27 مباراة رسمية خلال موسم 2015- 2016، ما دفع النادي لإعارته في الموسم الموالي لنادي ديبورتيفو لاكورونا الإسباني، حيث سجل 6 أهداف في 24 مباراة، ثم تخلى عنه قبل بداية موسم 2017- 2018 لنادي نيوكاسل الإنجليزي مقابل 5.5 مليون يورو.
ولم تكن فترة مروره على نادي نيوكاسل ناجحة هي أيضاً، اذ سجل 7 أهداف فقط في 52 مباراة رسمية طيلة موسمين كاملين، ليقرر بعدها العودة، مرة أخرى إلى الدوري الإسباني من بوابة نادي ألافيس، الذي انضم إليه يوم 15 يوليو/تموز 2019، مقابل 2.4 مليون يورو.
واستعاد خوسيلو فعاليته الهجومية، ضمن فريق ألافيس، بتسجيله 36 هدفاً في 113 مباراة رسمية في 3 مواسم، لكنه رفض التجديد بعد نهاية عقده، مُفضلاً الرحيل نحو نادي ديبورتيفو لاكورونيا، الذي تعاقد معه يوم 1 يوليو/تموز 2022 لمدة 3 سنوات، في صفقة انتقال حر.
ثالث أفضل هداف في الليغا للموسم المنقضي
وتألق خوسيلو بشكل كبير، في موسمه الأول مع فريق لاكورونيا، بحيث احتل المركز الثالث في قائمة أفضل هدافي الدوري الإسباني (لاليغا) برصيد 16 هدفاً، لكن دون أن يمنع هذا العدد المعتبر من الأهداف في إنقاذ فريقه من السقوط إلى دوري الدرجة الثانية.
ومن مفارقات الحياة، أنّ خوسيلو ومنذ مغادرته لريال مدريد، في صيف 2012، فإنّه كان يتألق في كل مرة، يواجه فيها فريقه السابق، بحيث سجل بمرمى النادي الملكي 8 أهداف كاملة، حتى تم وصفه بـ"جلاد ريال مدريد".
ومن المفارقات أيضاً، أنّ ريال مدريد، قد استعاد، في الميركاتو الصيفي الجاري، اللاعب خوسيلو، بعدما تخلى عنه قبل 11 سنة كاملة، وقد استعاده لتعويض رحيل النجم الفرنسي كريم بنزيمة، نحو الدوري السعودي، ولو أنّ المهاجم خوسيلو يرفض أي كلام في هذا الشأن.
وقد قال خوسيلو، خلال المؤتمر الصحفي لتقديمه كلاعب جديد في ريال مدريد: "بنزيمة واحد من أفضل المهاجمين في العالم، لكنني لم آتِ إلى ريال مدريد من أجل تعويضه أو تعويض أي لاعب آخر".
وأكد عن سعادته الكبيرة بالعودة للعب في صفوف النادي الملكي، فقال: "أتمنى أن تسامحني زوجتي وأطفالي، لكن هذه هي أسعد لحظة في حياتي، العودة إلى ريال مدريد كان حلماً أصبح حقيقة.. سأقدم كل ما لديّ لريال مدريد، اعتدت طوال مسيرتي على تسجيل الأهداف وتطورت في اثنين من أفضل الدوريات في العالم (يقصد الدوريين الألماني والإنجليزي)".
انضم لمنتخب إسبانيا في سن متأخرة
ويظهر جلياً، من خلال المشوار الاحترافي لخوسيلو أنّ هذا اللاعب يعتبر رمزاً للعمل المتواصل وعدم الفشل في تحقيق طموحاته مهما تقدم به العمر، إذ وبغض النظر عن عودته للنشاط ضمن عملاق الكرة الأوروبية، فإنّه انتظر بلوغه سن الـ33 من عمره لتتاح له فرصة المشاركة في أول مباراة مع منتخب إسبانيا.
وقد حدث ذلك يوم 25 مارس/آذار 2023، بمدينة ملقة الإسبانية، أمام المنتخب النرويجي (3-0) لحساب تصفيات بطولة أمم أوروبا لكرة القدم 2024، ليكون بذلك ثاني أكبر لاعب في تاريخ المنتخب الإسباني يخوض مباراة أولى مع المنتخب، بعد بوشكاش في 1962.
وقد سجل خوسيلو هدفين اثنين في تلك المباراة، ليصبح بذلك أول لاعب يسجل هدفين اثنين بعد دخوله بديلاً في أول لقاء رسمي مع منتخب إسبانيا.
وواصل تألقه مع منتخب بلاده، عندما سجل الهدف الثاني في فوز إسبانيا على إيطاليا (2-1) في مباراة نصف النهائي لدوري الأمم الأوروبية لكرة القدم، يوم 15 من شهر يونيو/حزيران الجاري، ثم نجح في تسديد إحدى ركلات الترجيح التي فازت بها إسبانيا، في نهائي البطولة، أمام كرواتيا (5-4) يوم 18 من الشهر ذاته… ومن المؤكد أنً القصة الجميلة لا تزال مستمرة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.