كم كان رائعاً احتفال محمد صلاح بيوم التنصيب الملكي البريطاني، بإضافة صفحات مضيئة في كتاب تاريخ الأنفيلد.
هدف آخر سجله محمد صلاح قاد به فريقه للفوز بالمباراة، وعزز به مكانته ضمن نخبة أساطير ليفربول.
بهدفه في شباك العنيد برينتفورد، صار محمد صلاح أول لاعب في تاريخ ليفربول المستمر منذ 131 عاماً يسجل في 9 مباريات متتالية على أرضية الأنفيلد.
بهدفه رقم 100 في الأنفيلد تساوى مع أحد رموز النادي، ستيفن جيرارد، في المركز الخامس في قائمة هدافي ليفربول على الإطلاق، لكن صلاح لعب 408 مباريات أقل من جيرارد!
هدف الانتصار على برينتفورد هو الهدف الـ30 للملك المصري في جميع المسابقات للموسم الثالث على التوالي، ثلاثة لاعبين فقط، بخلاف صلاح، في تاريخ ليفربول استطاعوا تحقيق هذا الإنجاز: روجر هانت، وإيان راش، وروبي فاولر.
جميعهم كانوا مهاجمين، أما صلاح فجناح.. يا له من إنجاز!
استقبلت جماهير ليفربول النشيد الوطني قبل انطلاق المباراة بصافرات الاستهجان، وبعد ذلك ظلت تهتف لملكها المتوّج، محمد صلاح.
يقول يورغن كلوب عن "الملك المصري": "بسبب الأرقام التي يحققها نعلم أنه سيُنظَر إليه بعد مسيرته الكروية على أنه أحد أعظم اللاعبين على الإطلاق، هذا واضح". وأضاف: "لكنه الآن لا يزال في مسيرته المهنية، وقد لا يقدره بعض الناس بما فيه الكفاية، لكننا نقدره. كونك أول شخص يسجل في 9 مباريات متتالية على أرضه هو أمر خاص للغاية، تسجيل 30 هدفاً مرة أخرى هذا الموسم هو أمر مميز للغاية، وصنع الكثير من الأهداف أيضاً".
الأرقام تتحدث عن نفسها في حالة محمد صلاح، فمنذ وصوله من روما مقابل (43.9) مليون جنيه إسترليني (ما يعادل 55 مليون دولار الآن) في عام 2017، يسجل صلاح هدفاً كل 133 دقيقة لليفربول.
لا أحد من الأسماء اللامعة التي تعلوه في قائمة الهدافين في تاريخ النادي سجل بهذا المعدل.
- إيان راش (346، هدفٌ كل 165 دقيقة)
- روجر هانت (285، هدفٌ كل 154 دقيقة)
- جوردون هودغسون (241، هدفٌ كل 141 دقيقة)
- بيلي ليدل (228، هدفٌ كل 211 دقيقة).
كيف يمكن مقارنة أفضل الهدافين في تاريخ ليفربول؟
صلاح، الذي تجاوز بالفعل كيني دالغليش وروبي فاولر هذا الموسم، سيضع نصب عينيه التفوق على كل من ليدل وهودغسون خلال العامين المقبلين. مع اقتراب عيد ميلاده الـ31 الشهر المقبل، لم تظهر عليه أي علامة من علامات التراجع.
باستمراره في تحطيم الأرقام القياسية سخر صلاح بطريقته من الذين ادعوا هبوط مستواه بعدما حصل على مبتغاه نهاية الموسم الماضي، عندما وقّع عقداً جديداً مدته ثلاث سنوات مقابل 350 ألف جنيه إسترليني أسبوعياً، ما يجعله اللاعب الأعلى أجراً في تاريخ النادي.
نعم، قلّت الأهداف التي يمطر بها صلاح شباك الحراس، لكن ذلك يرجع إلى حد كبير إلى تذبذب مستوى الفريق ككل، وفترة الإخفاق الجماعي التي ضل فيها الفريق الطريق. في فترات طويلة من الموسم، افتقر ليفربول للتماسك الفني، ولم يعد يُحكم السيطرة على المباريات، ووجد صلاح نفسه معزولاً على الجهة اليمنى.
حتى منتصف موسم الدوري الإنجليزي الممتاز، لم يسجل صلاح سوى 7 أهداف فقط علاوة على تقديمه 4 تمريرات حاسمة، لكن في آخر 15 مباراة عزز رفع الحصيلة إلى 19 هدفاً و7 تمريرات حاسمة. وبعد أن كان يسجل هدفاً في الدوري الممتاز كل 241 دقيقة في النصف الأول من الموسم، أصبح الآن يسجل عند 159 دقيقة.
بالنسبة للاعب أهدر ركلتي جزاء هامتين ضد بورنموث وأرسنال، فإن انطلاقته الخارقة الحالية تبدو أكثر إثارةً للإعجاب. لقد استفاد صلاح من تعديلات كلوب التكتيكية التي ساعدته في الحصول على الكرة في كثير من الأحيان في مناطق الخطورة المفضلة لديه.
من أكثر صفات صلاح المُهدَر حقها هي استمراريته وقوته البدنية، خلال موسم عانى فيه ليفربول من سلسلة من الانتكاسات المحبطة بإصاباتٍ عديدة، جعلت الفريق لقمة سائغة لعديد من المنافسين، كان صلاح مرة أخرى متاحاً طوال الوقت.
خلال هذا الموسم، لم يخرج "الملك المصري" من الملعب سوى 121 دقيقة فقط، بعد أن استُبدِلَ في أربع مناسبات، وشارك من على مقاعد البدلاء في مباراة فريقه ضد تشيلسي.
بشكل عام، ومنذ انضمامه للفريق، لعب ليفربول 225 مباراة في الدوري الإنجليزي منذ توقيعه مع صلاح قبل ما يقرب من 6 سنوات، ولعب صلاح في 215 مباراة منها، بنسبة مشاركة (96%).
هذه ليست صدفة، بل شهادة على الطريقة التي يعيش بها، إنه المحترف الذي يولي اهتماماً بالغاً لنظامه الغذائي، والتعافي بين المباريات، والوقت الذي يقضيه في صالة الألعاب الرياضية، والتزامه بجلسات اليوغا.
إنه النموذج المثالي لشباب النادي، لذا يجب إضافته إلى قائمة قادة ليفربول هذا الصيف عندما يرحل جيمس ميلنر، نائب القائد فان دايك.
إن خوض أكثر من 300 مباراة مع النادي في 6 مواسم فقط هو أكثر ما يثير الإعجاب، عندما نتذكر المعارك البدنية التي يخوضها ضد المدافعين في كل مباراة، والركل والضرب الذي يتعرض له.
يقول صلاح: "أعمل بجد، وأنا متحمس جداً لكسر أرقام قياسية وتسجيل الأهداف والفوز بالمباريات للفريق، أشعر أنني في بيتي هنا، أنا سعيد".
محمد صلاح.. الأعظم في تاريخ ليفربول؟
كان تاريخ ليفربول الحديث ووضعه الحالي سيتغيّر 180 درجة لو كان تحمَّس جوليان براندت بشأن احتمالية الانتقال إلى أنفيلد من باير ليفركوزن في صيف عام 2017.
كان اللاعب الدولي الألماني في البداية هدف يورغن كلوب الأساسي في سوق الانتقالات لمركز الجناح الأيمن، لكن براندت كانت لديه شكوك حول ما إذا كان سيلعب أساسياً، نظراً لوجود روبرتو فيرمينو وساديو ماني وفيليب كوتينيو.
اختار براندت البقاء في مكانه، وأقنع مايكل إدواردز، المدير الرياضي لليفربول آنذاك، وديف فالوز، رئيس التوظيف، وباري هانتر، المدرب الأيرلندي، كلوب بأن صلاح هو البديل المثالي. في بعض الأحيان تحتاج الحظ واستراتيجية توظيف ذكية لتغيير وجه التاريخ، تاريخ الكرة على الأقل.
صادف ذلك القرار رغبة صلاح في إنهاء بعض الحسابات مع الدوري الإنجليزي، بعد التجربة القصيرة التي قضاها في تشيلسي، عندما تم تجاهله بشكل غير عادل، فعاد ليُثبت وجهة نظره بشكل قاطع.
لذا يقول عنه كلوب بحماس: "إنه آلة، لقد نما هنا كلاعب وكشخصية".
يستمر الشعور بأن مآثر صلاح لا تحصل على التقدير الضخم الذي يستحقه، ولكن في أنفيلد، إنه المحبوب.
في ليفربول دائماً ما يتناقشون حول ما إذا كان ستيفين جيرارد هو أعظم لاعب في تاريخ النادي أم كيني دالغليش، لكن صلاح في طريقه لتغيير هذا النقاش.
– هذا الموضوع مترجم عن موقع The Athletic.