تتصاعد الأخبار بوتيرة عالية في الأيام الماضية حول مستقبل اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي، فبعد زيارات ميسي المجهولة في الأيام الماضية لبرشلونة ولقائه العديد من نجوم الأمس مثل بوسكيس وألبا وبيرت، زادت التكهنات بمصير الأسطورة الأرجنتيني، وزادت معها كمية الإشاعات التي تتحدث عن عودة محتملة للأرجنتيني لملعب الكامب نو من جديد.
واللاعب الأرجنتيني الذي ينتهي عقده نهاية الموسم الحالي يبدو أنه وصل إلى قرار بعدم التجديد مع النادي الباريسي، حسب المعطيات التي بدت تتضح شيئاً فشيئاً، ورغم المحاولات العديدة والكثيرة للنادي الباريسي بتجديد عقد اللاعب منذ قُبيل كأس العالم، وكان التجديد أن يتم حسب العديد من المصادر الرسمية، لكن أخبر ميسي وكيل أعماله بأن قراره الأخير سيكون بعد نهاية كأس العالم.
وهنا بدأت تتغير الكثير من الأمور بعدما نجح الأسطورة الأرجنتينية في قيادة المنتخب الأرجنتيني للتتويج بكأس العالم ولكن على حساب من؟ على حساب المنتخب الفرنسي.
ومع هذا السيناريو بدأت الأمور بالتوتر ما بين قائد المنتخب الأرجنتيني والمشجعين الفرنسيين، بحيث كانت ردة فعل المشجعين الفرنسيين مشحونة للغاية، وناقمة على الأرجنتيني، ووصل الأمر لتحميل اللاعب مسؤولية الخروج من دوري الأبطال السنة الماضية والسنة الحالية، وتحميله سبب النتائج السيئة التي لحقت بالفريق في الآونة الأخيرة والإخفاقات المتتالية، بل تعدى الموضوع عند المشجعين للتصفير عليه في ملعب حديقة الأمراء، في حادثة قد تكون أعلنت بدء مرحلة الطلاق مع النادي الفرنسي.
وبعد ذلك كان رد الأرجنتيني بعدم إلقاء التحية للجمهور الباريسي في ملعب حديقة الأمراء، كرد واضح وصريح من اللاعب على انزعاجه من التصرف الطائش من الجمهور الباريسي بحقه.
ولم يقف الموضوع هنا فقط، بل على ما يبدو النادي الباريسي بصدد إطلاق الرصاصة الأخيرة على نعش العلاقات مع البرغوث الأرجنتيني، حيث خرجت تقارير صحفية تفيد بأن نادي باريس سان جيرمان الفرنسي قرر إيقاف قائد منتخب الأرجنتين ليونيل ميسي لمدة أسبوعين بعد سفره إلى المملكة العربية السعودية دون الحصول على إذن من النادي، مع خصم من راتبه أيضاً.
وجاءت رحلة ميسي للسعودية بعد هزيمة النادي الباريسي على ملعبه أمام لوريين بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد يوم الأحد الماضي، وبموجب العقوبة فإن ميسي لن يلعب مع فريقه مباراتين في الدوري، ولن يشارك حتى في تدريبات الفريق خلال فترة الإيقاف.
وبحسب تقارير أرجنتينية، فإن ميسي طلب بالفعل إذناً من النادي للسفر إلى السعودية للقيام بأعمال تجارية، حيث يتولى منصب سفير السياحة المحلية في المملكة، لكن طلبه قوبل بالرفض فسافر دون علم النادي.
فيما دافعت العديد من الصحف الأرجنتينية عن ليونيل، وذكرت أن اللاعب لم يخالف التعليمات، وكان هناك سوء تنسيق من قبل النادي، بحيث كانت هناك عطلة يومين مخططاً لها في الفريق، وميسي سافر بسببها ولكن ليتفاجأ أثناء وجوده في الطائرة متجهاً إلى السعودية، أنه تم إلغاء الإجازة وفرض التدريبات بعد الخسارة مباشرة.
كما أن ميسي لم يستلم قرار عقوبته حتى الآن، وأعتقد أنه لو استلمه فإن هذه ستكون نهاية علاقته مع النادي الفرنسي بشكل كامل.
والبعض يشيرون بأصابع الاتهام نحو النادي، لكون ميسي على ما يبدو رفض التجديد، وأرادوا تشويه صورته في الإعلام وتحميله سبب الإخفاقات المتلاحقة للنادي الباريسي وتحويل وجهة نظر الرأي العام والصحافة عن المشاكل والإخفاقات التي طالت النادي من مشاكل فنية وإدارية والعديد من الأسباب الأخرى.
ومن المقرر أن ينتهي عقد النجم الأرجنتيني، الفائز بكأس العالم الأخيرة، مع النادي الفرنسي هذا الصيف، بعد عامين قضاهما في باريس قادماً من برشلونة الإسباني، فتُرى أين ستكون نهاية المطاف للبرغوث ما بين حلم الهلال، والمشروع الأمريكي، والعودة للبيت الأصلي؟!
الرقصة الأخيرة في الكامب نو
يحلم محبو اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي وغالبية المشجعين حول العالم بأن تنتهي مسيرة الأرجنتيني في ملعب الكامب نو، وأن تكون الرقصة الأخيرة في المكان الذي صنع منه الإنجازات، وأن تنتهي هذه القصة بنهاية سعيدة تليق باللاعب.
ومع كثرة الشائعات وتصريح اللاعبين بتمنيهم عودة اللاعب الأرجنتيني للبيت الكتالوني، قد يبدو الخيار العاطفي الأكثر تداولاً لدى المتابعين، لكن الوضع الاقتصادي المتردي للنادي الكتالوني قد يجعل الأمر صعباً جداً أو مستحيلاً حتى.
فالسبب الذي جعل ميسي لا يجدد للنادي الكتالوني وينتقل لنادي العاصمة الباريسي قد يكون من الصعب تخيل سيناريو إيجاد حل اقتصادي لعودة صاحب الكرات الذهبية السبعة للقلعة الكتالونية من جديد، ومع كل التنازلات والرافعات التي قام بها لابورتا والنادي الكتالوني لتصحيح تخبطات المواسم الماضية، لم يفلح الحال بإيجاد صيغة لإصلاح الواقع الاقتصادي المتردي للنادي، بل إن النادي لم ينجح في تسجيل بعض عقود لاعبيه مثل جافي وأراخو، وملزم بتخفيض فواتير للاعبيه، ما يجبره على التخلي عن نجوم كبيرة في الفريق في موسم الانتقالات القادمة بسبب قانون اللعب النظيف.
والأوضاع في البيت الكتالوني لا تزال غير مبشرة إطلاقاً، وخاصة مع قرار المدير الفني للنادي ماتيو أليماني الرحيل نهاية هذا الموسم، على أن يكمل عقده ويقود موسم الانتقالات القادمة قبل أن يرحل إلى النادي الإنجليزي أستون فيلا، حسب آخر الأخبار المتداولة هنالك.
وفقاً لجويليم بالاجي، وهو صحفي إسباني ومقرب من بيئة ميسي، فإن ميسي إلى الآن تلقى عرضاً لتوقيع عقد مع نادي الهلال السعودي الذي يلعب في الدوري السعودي للمحترفين، وهو الدوري نفسه الذي يلعب فيه منافسه كريستيانو رونالدو، مقابل أكثر من 400 مليون يورو لموسم واحد.
وتواصل معه أيضاً نادي "إنتر ميامي" الذي يلعب في الدوري الأمريكي لكرة القدم، وهو النادي الذي يتوقع أن يوقع معه زميله السابق في فريق برشلونة وصديقه سيرجيو بوسكيتس للموسم المقبل، والذي إلى الآن لم يجدد بعد مع النادي الكتالوني، ولم يلتزم بوسكيتس بهذه الخطوة بعد لأنه يأمل في أن يلتئم شمله مع ميسي من جديد ويعود للعب الموسم الأخير له مع صاحب الإنجازات والأرقام القياسية، وربما الاعتزال هنالك.
اقتصادياً.. فإن عودة اللاعب مفيدة ومضرة بالوقت نفسه؛ فقد كان يكسب برشلونة حوالي 250-300 مليون يورو قبل مغادرته، حيث غادر عدد من الرعاة إلى باريس سان جيرمان عندما انضم ميسي إلى هناك، والآن تقول الصحيفة الكتالونية اليومية إنهم إذا تمكنوا من التعاقد مع ميسي وتسجيله، فسيكون برشلونة قادراً على زيادة دخله بنسبة 25٪، ناهيك عن عودة متابعة الدوري الإسباني وعودته للواجهة بعد تراجع الإقبال على مشاهدته بعد خروج اللاعبيْن رونالدو وميسي، ومضرّة لأن الراتب الذي يتقاضاه ميسي مكلف للغالي للأندية التي تريد التوقيع مع الأرجنتين، فكيف الحال والنادي مازال لم يصل إلى سلم الرواتب المتفق عليه حسب قانون الاتحاد الإسباني، وينبغي عليه تخفيض 200 مليون يورو.
فنياً.. لا أحد يختلف على أهمية وأفضلية ميسي في أي نادٍ أو فريق يلعب من أجله، فمن حيث التكتيك لطالما كان ميسي قادراً على صنع الفارق وحده مع اختلاف المدربين والأسماء واللاعبين المجاورين له، وكان قادراً على مواصلة العطاء وكسر الأرقام القياسية رقماً تلو الآخر، لكن مع مشروع النادي الحالي ورغم حاجته الماسة لصاحب الكرات الذهبية السبع، فمع العقم التهديفي والفني الحاصل في الفريق، وإهدار الفرص من مختلف اللاعبين، وعدم قدرة الفريق على تسجيل أي ركلة حرة مباشرة منذ آخر ركلة استطاع البرغوث تسجيلها في عام 2021؛ كان أمام نادي الخفافيش فلانسيا، ولا ننسى قلة عدد الفرص التي يتم صناعتها من قبل للاعبي الفريق، وهو الدور الذي لطالما أصبح ليونيل ميسي يتقنه بشكل كبير من صنع الفرص والأهداف وتسجيلها.
لكن على النقيض تماماً، تجد أصواتاً تنادي بخطورة عودة ميسي للنادي للعديد من الأمور الاقتصادية وغير الاقتصادية، ولأن النادي في مرحلة إعادة البناء من جديد مع المدرب تشافي الذي لديه تخوف بالتأكيد من حجم الضغوط التي سترافقه في حال قدوم زميله السابق، ولا ننسى أن عمر اللاعب يجعل مردوده في الملعب مقتصراً على الأدوار الهجومية، ما يزيد الأعباء الدفاعية والتكتيكية على الفريق لإيجاد الحلول والاستفادة المثلى للاعب في حال قدومه.
في النهاية ما بين العاطفة التي تتمنى العودة لبرشلونة، أو الذهاب إلى الدوري الأمريكي، أو التجديد مع النادي الباريسي، أو حتى الذهاب إلى النادي السعودي الهلال.
تلك الخيارات المتاحة لليونيل ميسي لرقصته الأخيرة، ولوضع الصفحة الأخيرة في كتاب أسطورة أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم بنظر البعض أو من بين الأفضل على مر العصور، ولتسطير كتاب مليء بالأرقام القياسية والإنجازات الفردية والجماعية، ونهاية قصة لاعب أضاف لكرة القدم مذاقاً مختلفاً قد لا نتذوقه لسنين كروية قادمة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.