ليس فقط الهداف التاريخي لنادي ليفربول في البريميرليغ بـ129 هدفاً، بل هداف "كلاسيكو إنجلترا" الأول بـ 12 هدفاً، وأول لاعب في تاريخ "الريدز" يذوق من شباك مانشستر يونايتد في 6 مباريات متتالية.
غنائم عديدة حصدها محمد صلاح من معركة الأنفيلد الأخيرة التي دكّ فيها ليفربول حصون "الشياطين الحمر" بسبعة أهداف أعادت الحياة للأنفيلد، بعد السقوط أمام ريال مدريد بخماسية في دوري أبطال أوروبا.
لكن هذا النجاح المبهر الذي يحياه صلاح الآن وتحتفي به الجماهير المصرية والعربية ما هو إلا "قمة الجبل الجليدي"، حسب نظرية الروائي إرنست همنغواي، فتحته معاناة وآلام وإحباطات مر بها محمد صلاح قبل أن يتوّج ملكاً للأنفيلد.
كيف تحوّل صلاح من طفل يبكي بسبب الفشل في تسجيل الأهداف إلى أسطورة ليفربول؟ أهم اللحظات التي غيّرت مجرى حياة الـ"Egyptian King"
عرض على الزمالك لكن حسن شحاتة رفض ضمه
رغم بزوغ موهبته منذ مراحل الناشئين وتألقه مع فريق المقاولون العرب في الدوري المصري الممتاز، لم يقتنع كل من رئيس ومدرب نادي الزمالك آنذاك، ممدوح عباس وحسن شحاتة على الترتيب، بفكرة التعاقد مع محمد صلاح بعد عرضه عليهما من قبل وكلاء لاعبين.
رأى ممدوح عباس أن صلاح أناني داخل الملعب، وبحاجة للكثير من العمل حتى "ينصهر في بوتقة التيم (فريق الزمالك)"، أما شحاتة فرأى أن اللاعب ليس جاهزاً للانضمام للزمالك في ذلك التوقيت، وفضل عليه لاعب نادي إنبي إسلام عوض، حسب تصريح وكيل أعمال صلاح السابق.
هل هناك إحباط أكبر من أن ينكر المدرب التاريخي لمنتخبك الوطني موهبتك ويرفض ضمك لفريقه؟!
سجل في مرماهم هدفين فقرروا ضمه
في مباراة ودية في شهر مارس/آذار عام 2012 التقى المنتخب الأولمبي المصري مع فريق بازل السويسري في مباراة ودية، شارك محمد صلاح في الشوط الثاني فقط من المباراة، لكنه استطاع تسجيل هدفين، كانا كافيين لإقناع مسؤولي النادي السويسري بالتحرك لضمه. بعد مفاوضات صعبة وطويلة، حصل بازل على توقيع محمد صلاح مقابل 2.25 مليون يورو.
بعد 6 سنوات من المباراة، اعترف رئيس نادي بازل، بيرنهارد هويسلر بأنهم أقاموا المباراة من أجل هدف واحد، "رؤية محمد صلاح على الحقيقة". ربما لم يكن صلاح على دراية بنوايا السويسريين، لكن بكل تأكيد علم بعد المباراة أنه ترك عندهم انطباعاً يصعب محوه. "لم أرَ في حياتي لاعباً بهذه السرعة.. لقد أدهشنا". هكذا تحدث هويسلر عنه.
في سويسرا، تعلم محمد صلاح معنى الاحتراف وكيفية الالتزام، واستكمل الكثير من نواقصه وتحديداً لمسته للكرة والركض بها.
في بلاد الساعات، دخل صلاح في أجواء الفريق تدريجياً، ففي موسمه الأول شارك في 29 مباراة، أغلبها شارك كبديل أو تم استبداله خلال المباراة. في 10 مباريات فقط لعب أكثر من 60 دقيقة. كان مدرب الفريق مراد ياكين حريصاً على إدارة موهبته بهدوء وصبر، وفي نهاية موسمه الثاني أصبح صلاح مستعداً للخطوة التالية.
انضم لتشيلسي لكن مورينيو أهانه أمام زملائه
ليفربول كان النادي الأقرب لضم صلاح في شتاء 2014، مدرب "الريدز" آنذاك براندن رودجرز كان مقتنعاً بإمكانيات صلاح، والأخير كان مرحباً بالانتقال إلى "فريقه المفضل في البلايستيشن". تقدم ليفربول بعرض لضم صلاح، رفضه بازل بسبب ضعف المقابل المادي.
هنا ظهر جوزيه مورينيو الذي عرف صلاح وهو يسجل في مرمى تشيلسي ذهاباً وإياباً في دور مجموعات دوري أبطال أوروبا. وهاتف مورينيو صلاح، وأقنعه بالانضمام لتشيلسي وهو ما حدث مقابل 11 مليون جنيه إسترليني.
لم تكن تجربة تشيلسي الأفضل في مسيرة صلاح، لعب 19 مباراة فقط وسجل هدفين.. في إحدى المباريات، أداء صلاح كان سيئاً وبين الشوطين قام مورينيو بإهانته أمام زملائه طيلة فترة الاستراحة لينهار صلاح ويبدأ بالبكاء بحرقة!
كانت تلك الحادثة، نهاية العلاقة بين المدرب واللاعب الذي قرر الرحيل عن الفريق اللندني بعدما أدرك أن لا مكان له في "كتيبة مورينيو".
الذهاب إلى إيطاليا كان الحل السحري
في البداية انضم لفيورنتينا على سبيل الإعارة، عامله المدرب فيشينزو مونتيلا كملك وكان يتغنى به في كل فرصة، حتى إنه قال: "لا يوجد أفضل من صلاح سوى ميسي من حيث السرعة!".
المدرب الإيطالي أدرك أن الإبقاء على صلاح في صفوف فريقه "شبه مستحيل" بعد تألقه في نصف موسم مع فريق مدينة فلورنسا، وبالفعل بعدها انتقل لنادي روما، حيث تتلمذ على يد المدرب القدير لوتشيانو سباليتي الذي صنع الوحش الذي سيدمر فرق أوروبا بعد ذلك.
بعض الديون يجب أن تسدد.. عودة من الباب الكبير
رغم تمسك روما به أصر صلاح على العودة لإنجلترا للرد على كل منتقديه. وأولهم جوزيه مورينيو، ومن بعده الصحافة الإنجليزية التي اعتبرته غير مناسب للدوري الإنجليزي.
رد صلاح بحصده كل الألقاب الممكنة، والفوز بالعديد من الجوائز الفردية. لكن هذا الرد ما كان ليكون بهذه النجاعة لولا المدرب العبقري يورغن كلوب الذي فجّر إمكانيات صلاح وجعله اللاعب الأهم في الفريق ووظف إمكانيات الفريق لخدمته ليمنحه صلاح كل ما يمكن منحه، وأعاد أمجاد "الريدز"، وفي المقابل نصبته الجماهير ملكاً للأنفيلد.