في يوليو/تموز 2021، وجد نيكو ويليامز، لاعب أتلتيك بيلباو، مكاناً له إلى جانب شقيقه إنياكي في تشكيلة الفريق الأول للنادي الباسكي.
عام وأكثر على ذلك، سبقته عدة سنوات في فريق الشباب، والشقيقان جنباً إلى جنب، لكن منافسات كأس العالم 2022 في قطر، لها رأي آخر.
فبعد سنوات من الدفاع عن ألوان فريق واحد، منذ انضمامها إلى الأكاديمية التابعة لأتليتك بيلباو، سيتفرق الشقيقان كل منهما إلى وجهته التي اختارها بمحض إرادته، فإنياكي (28 عاماً)، اختار اللعب لمنتخب غانا، بلد أهله وأجداده، أما نيكو (20 عاماً)، فسنراه بقميص منتخب إسبانيا، البلد الذي وُلد وعاش فيه.
شقيقان يمثلان بلدين في كأس العالم 2022
وحسب الموقع الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، فإن الأخوين قد يلعبان ضد بعضهما في الدور ربع النهائي، وذلك يتوقف على استمرارية المنتخبين في البطولة، والنتائج التي سيحققانها.
وتعود جذور عائلة الأخوين ويليامز إلى غانا، التي هاجر منها أبواهما فيليكس وماريا، اللذان قطعا مسافة 4 آلاف كيلومتر، بعضها على متن شاحنة مكدسة بالمهاجرين، وأخرى سيراً على الأقدام في الصحراء وفي درجة حرارة عالية جداً، كي يصلا إلى مدينة مليلية المغربية، الواقعة تحت سيطرة إسبانيا.
وحتى يومنا هذا فإن فيليكس يعاني من صعوبة بالمشي، نتيجة تلك الرحلة، في وقت كانت فيه ماريا حاملاً، لكن الأبوين كانا من المحظوظين القلائل، الذين مُنحوا لجوءاً سياسياً، سهل من مهمة سفرها إلى بيلباو.
عندما علم إنياكي، الذي سماه والده باسم أحد رجال الدين كان قد ساعدهم في مليلية، بمعاناة والديه، قال: "أشعر بالرغبة في أن أكافح أكثر من أجل أن أعوضهما عن تضحيتهما من أجلنا، من المستحيل أن أوفيهما حقهما، لأنهما غامرا بحياتهما من أجلنا".
استقرت الأسرة في مدينة بامبلونا، وبعد ذلك بثماني سنوات، وُلد نيكو، الذي قام شقيقه إنياكي برعايته، فكان يصطحبه إلى المدرسة وإلى التدريبات، كما كان يساعده في تحضير دروسه وإتمام واجباته المدرسية، نظراً إلى ارتباط والدهما بعمل خارج البلاد.
وزاد ارتباط الشقيقين ببعضهما، حين انضم الكبير إيناكي إلى أكاديمية بيلباو عام 2013، ليلحق به الصغير نيكو، وينضم إلى فئة الناشئين.
إقليم الباسك جمع الأخوين ويليامز
ومع مرور الوقت، لعب إنياكي مباراته الأولى مع "أسود الباسك" في موسم 2014-2015، ووصل مع الفريق إلى نهائي كأس الملك، حيث سجل هدفاً لكنه لم يكن كافياً لهزم برشلونة.
ومنذ ذلك الوقت، نجح إنياكي في حجز مكان ثابت له في تشكيلة بيلباو على مدار نحو 230 مباراة متتالية، وفي عام 2021 شارك نيكو جنباً إلى جنب مع شقيقه الكبير ضد بلد الوليد.
رؤية الشقيقين معاً على أرض الملعب، يدافعان عن ألوان الفريق نفسه، كان لها تأثير عاطفي في نفس والدتهم ماريا، التي لم تخف فخرها بهما.
وقالت ماريا: "إنهما يملآن قلبي فخراً، فالنجاح في عالم كرة القدم صعب للغاية، ولا يحقق النجاح فيها أكثر من خمسة لاعبين من بين كل مئة، كم هو جميل أن يلعب أخوان في النادي نفسه".
ماريا نفسها قامت بالقفز بملابسها في بركة السباحة، حين نجح الصغير نيكو في تسجيل هدف بنصف نهائي كأس ملك إسبانيا في شباك غرناطة.
وخلال الموسم الحالي 2022-2023، ظهر الشقيقان معاً في 12 مباراة بالدوري الإسباني، وقادا فريقهما لاحتلال المركز الرابع بعد 14 جولة، برصيد 24 نقطة.
سجّل كل من إنياكي ونيكو هدفاً في مباراة فوز بيلباو على رايو فاليكانو 3-2، يوم 17 سبتمبر/أيلول 2022، في الجولة السادسة.
وضد ألميريا يوم 30 سبتمبر/أيلول، أهدى نيكو تمريرة الهدف الأول لإنياكي، ثم رد الكبير الهدية للصغير بالهدف الثالث، في مباراة انتهت بفوز بيلباو برباعية نظيفة.
وكانت حصيلة الشقيقين معاً، منذ انطلاق الموسم الحالي 8 أهداف و4 تمريرات حاسمة، دشنت البداية الأفضل لبيلباو في السنوات التسع الأخيرة.
وبعد هذه الشراكة التي يمكن وصفها بالناجحة، فإن منافسات كأس العالم ستفض هذه الشراكة مؤقتاً، ولمدة شهر تقريباً.
نيكو وإيناكي ويليامز يمثلان إسبانيا وغانا
ويلعب نيكو مع منتخب إسبانيا في المجموعة الخامسة، مع منتخبات ألمانيا وكوستاريكا واليابان، أما إنياكي فسيكون مع منتخب غانا في المجموعة الثامنة، مع منتخبات البرتغال وأوروغواي وكوريا الجنوبية.
وسبق لإنياكي أن لعب مباراة واحدة بقميص إسبانيا في عام 2016، وغاب بعدها عن "الماتادور" لمدة 6 سنوات، ليستفيد من لوائح "الفيفا" التي تتيح لأي لاعب تمثيل منتخب آخر، ليقرر ويليامز الكبير تمثيل غانا.
أما نيكو فظهر مع "الماتادور" للمرة الأولى يوم 24 سبتمبر/أيلول 2022، في المباراة ضد سويسرا بدوري الأمم الأوروبية، والتي انتهت بخسارة إسبانيا بهدف لاثنين.
ثم شارك نيكو في المواجهة الحاسمة ضد البرتغال من أجل بطاقة الصعود لنصف نهائي دوري الأمم، وهو ما تحقق في النهاية بهدف ألفارو موراتا، وهما المباراتان الوحيدتان حتى الآن.
ولا يُعد إنياكي ونيكو هما الشقيقان الوحيدان، اللذان لعبا لمنتخبين مختلفين في كأس العالم، فقد سبقهما لذلك الأخوان كيفين برنس وجيروم بواتينغ في مونديال البرازيل 2014، فالأول لعب لغانا، والثاني شارك مع ألمانيا.