في كافة دوريات العالم تلعب الأندية في ملاعب خاصة بها، أو على الأقل بنفس مدينتها، إلا في الدوري المصري، فهناك سؤال يُطرح مع بداية موسم جديد، وهو لماذا لا تلعب النوادي في ملاعب خاصة بها؟
الإيجار عوض الملكية
محمد مصيلحي، رئيس نادي الاتحاد السكندري، كشف لـ"عربي بوست" أن النادي يدفع إيجاراً 60 ألف جنيه للعب مباراة في ملعب الإسكندرية، و80 ألف جنيه للعبها في برج العرب.
وأضاف المتحدث أن هذا المبلغ يُعتبر عائقاً مالياً إضافياً كبيراً على النادي، يتحمله بالإضافة لكل المصروفات التي يتكبدها كرواتب اللاعبين والجهاز الفني وكافة مصاريف المنظومة الرياضية.
من جهته، قال علاء وحيد، المتحدث الرسمي السابق لنادي الإسماعيلي، لـ"عربي بوست"، إن ملكية استاد الإسماعيلية هي في الأساس لنادي الإسماعيلي.
وأضاف المتحدث أن الدولة متمثلة في وزارة الرياضة وعدت بإعطاء النادي أرضاً لتشييد ملعب عليها عوض أرض النوبي، التي حولتها لمنطقة سكنية، لكن ذلك لم يحدث.
وأشار المتحدث إلى أن الإسماعيلي حصل على حكم قضائي يعطيه ملكية الملعب، ولكن مع الأزمات العديدة بين الوزارة وإدارات النادي المتعاقبة، ولتجنب الصدام مع الدولة، وصل الجميع لحل مُرض، هو أن الإسماعيلي المستفيد الوحيد من الملعب لكل مبارياته وتقع إدارته وصيانته كاملة على عاتق وزارة الشباب والرياضة.
الدولة المستفيد الأكبر من الملاعب
منذ أن بدأ النشاط الكروي في مصر بالشكل الحديث سنة 1948، وتُوج بالبطولة الأهلي حينها، كان هناك 11 فريقاً فقط يتنافسون في المسابقة المحلية.
وكانت كافة ملاعب كرة القدم في مصر، قبل بناء استاد القاهرة الدولي، صغيرة أو خاصة بالأندية في معقلها، أو مقرها الاجتماعي الذي يستقبل فيه الأعضاء عادة.
فكان الأهلي يلعب في مختار التتش الذي يتدرب به حالياً، ومع تطور شكل المسابقة في الستينيات والسبعينيات وبناء ملعب القاهرة من قبل الدولة أصبحت كل مباريات الدوري المصري والمنتخب في هذا الملعب.
وأيضاً، بُنيت ملاعب أخرى كملعب المحلة والإسماعيلية والمصري ببورسعيد والإسكندرية، وكلها في ملكية الدولة، ولم يفكر أي ناد في بناء ملعب خاص به؛ لأن النظام الاقتصادي والسياسي حينها لم يكن يسمح بذلك.
وكانت الدولة والحكومات المصرية المتعاقبة هي المستفيد الأول من الوضع، فتعود لها الأرباح الخاصة بإيجار الملاعب والحضور الجماهيري، وكذلك البث التلفزيوني وكل شيء.
حتى بعد التغيير الذي حصل مؤخراً بحصول الأندية على جزء من الأرباح، لكن لم تتغير مسألة الملاعب، ومازال الأغلبية من الأندية الشعبية يؤجرون الملاعب لكي يلعبوا المباريات ويحصلوا على الموافقات الأمنية المطلوبة.
اللواء علي درويش، مدير هيئة ملعب القاهرة الدولي السابق، قال إن مصر تتوفر على 25 ملعباً معتمداً رسمياً ومطابقاً للشروط المُناسبة من الاتحاد المصري ومن الاتحاد الدولي للعب، أغلب هذه الملاعب هي ملك الدولة.
وأضاف المتحدث في تصريحه لـ"عربي بوست" أن أغلب هذه الملاعب تعود ملكيتها لشركات مصرية، كملعب غزل المحلة، والمقاولون العرب بالجبل الأخضر، والسكة الحديد بمدينة نصر، وبتروسبورت لإنبي بالقاهرة الجديدة.
وحسب المتحدث، هناك ملاعب خاصة ببعض الفرق تلعب فيها كالإسماعيلي في الإسماعيلية، والمصري في بورسعيد، والاتحاد في الإسكندرية والمنصورة وأسوان.
ويُعد جزء كبير من ملكية تلك الملاعب تابعاً للمحافظة نفسها والدولة بالتبعية، ولكن هناك بعض الأندية لديها حصة فيها أيضاً، سواء بوثائق سابقة أو منحة من الدولة، إرضاء لجماهيرها الكبيرة.
وهناك جانب آخر من الملاعب تتعاقد معها الأندية كحق انتفاع بالإيجار لمدة 6 سنوات قادمة، حتى تنتهي من ملعبها الخاص، وهو ما حدث مؤخراً بين النادي الأهلي وملعب السلام، التابع لوزارة الإنتاج الحربي.
الأمر حسب المتحدث ينطبق على ملعب الفيوم، لصالح شركة مصر للمقاصة وناديها، والدفاع الجوي، أو ملعب الدفاع الجوي "30 يونيو" لنادي بيراميدز.
أندية محرومة من ملاعبها
في الفترة الأخيرة من الكرة المصرية لم تستطع الأندية المصرية مثل الإسماعيلي والاتحاد والمصري والمحلة وأسوان من اللعب على ملاعبها، التابعة لمحافظتها، بدعوى أنها لا تتوفر على المعايير اللازمة.
ويرفض اتحاد كرة القدم المصري لعب النوادي على هذه الملاعب، كونها غير مهيأة لاستقبال الجمهور، أو غير مجهزة بالتقنيات الحديثة كـ"الفار"، بالإضافة إلى غياب الأمن.
أحمد حسام ميدو، لاعب نادي الزمالك سابقاً، نشر تغريدة على حسابه في "تويتر"، ندّد من خلالها بظلم الأندية كالأهلي والزمالك باستبعادها من اللعب في محافظاتها.
وأضاف اللاعب المصري أن الأمر يُكبد النادي مصاريف باهظة، ويسبب إرهاقاً للاعبين الذين يقطعون حوالي 700 كلم في الرحلة الواحدة لبرج العرب ذهاباً وإياباً.
لماذا لا يلعب الأهلي في الإسماعيلية وبورسعيد؟
منذ سنة 2012، التي شهد فيها ملعب بورسعيد أحداثاً دموية راح ضحيتها 74 شخصاً، فضّل نادي الأهلي عدم اللعب هناك مرة أخرى، بدأ النادي يلعب مباراته ببُرج العرب بالإسكندرية.
أما الإسماعيلية فمنذ سنة 2010 لم يلعب الأهلي في ملعبها، منذ آخر مواجهة بين الأهلي وبين النادي الإسماعيلي، والتي خسرها بنتيجة 3-1.
وخلال هذه المباراة حاصرت جماهير النادي الإسماعيلي حافلة فريق الأهلي، الذي لم يغادر الملعب إلا بعد ساعات كثيرة من نهاية اللقاء، وخرج ضمن ثكنة أمنية حتى وصل للطريق المؤدي للقاهرة.
ولولا تدخل الأمن كانت ستحدث كارثة شبيهة بتلك التي عرفها ملعب بورسعيد، وذلك بسبب العداوة الشديدة بين النادي الإسماعيلي والنادي الأهلي.
وسبق أن غادر فريق الأهلي ملعب الإسماعيلية مرفوقاً بعربات الشرطة المصفحة، ووصفه حينها البرتغالي مانويل جوزيه، المدرب الأسبق للنادي الأهلي بالموقف الأسوأ في حياته.
بعدها قررت السلطات منع لعب مباراة نادي الأهلي والإسماعيلي داخل محافظة الإسماعيلية، كما منعت الجماهير من مرافقة الناديين؛ تجنباً لوقوع أي أعمال الشغب.
ثروت سويلم، عضو رابطة الأندية المحترفة، والمتحدث الرسمي باسمها، قال في تصريح تلفزيوني سابق إن الأجهزة الأمنية هي سبب عدم لعب الأهلي مبارياته في الإسماعيلية.
وقال سويلم: "قرار عدم لعب الأهلي في الإسماعيلية هو قرار أمني فقط، ولا يستطيع أحد التدخل فيه، لا يوجد نادٍ في مصر يفرض شروطه على منظمي المسابقة، والأجهزة الأمنية لديها تحفظات معينة، وهي الأعلم بها وفقاً لمعلومات خاصة بهم".
وتابع: "الإسماعيلي يلعب في القاهرة والإسكندرية لأن الأمن موافق على ذلك، والأجهزة الأمنية تحاول الحفاظ على أرواح الجماهير، ونحن كرابطة نحاول خلال الفترة القادمة زيادة أعداد الجماهير في المدرجات، ونتمنى أن تمتلئ مدرجات ملاعبنا بالجماهير، والقرار في النهاية في يد الأجهزة الأمنية".