لم يكن جلال القادري، مدرب منتخب تونس لكرة القدم، من المرشحين يوماً لتولي هذا المنصب، وخلال حدث كبير مثل كأس العالم 2022 في قطر، خاصة أنه لم يمتلك تجارب ثرية تؤهله ليكون في هذا الموقع المهم.
حتى إن مسيرته كلاعب كانت عادية، لكن كل هذا لم يعنِ شيئاً للرجل المولود يوم 14 ديسمبر/كانون الأول 1971، في توزر التونسية، وهي مدينة وواحة صحراوية تقع في الجنوب الغربي للبلاد.
من هو جلال القادري مدرب منتخب تونس؟
لعب القادري للمرة الأولى في أحد أندية الدرجات الدنيا، وهو نادي جريدة توزر في الدرجة الثالثة، ثم لعب 5 مواسم مع نادي أمل جربة.
اعتزل القادري كرة القدم في عمر 30 عاماً، وبدأ مسيرته التدريبية مع فريق جمعية جربة في الدرجة الثانية، وذلك في موسم 2001-2002.
واصل القادري عمله مع أندية بلاده، فدرّب الترجي الرياضي الجرجيسي، ثم القوافل الرياضية بقفصة أو ما يُعرف محلياً باسم قوافل قفصة، ثم سافر إلى السعودية لتدريب الأنصار.
عاد القادري إلى بلاده، للإشراف على فريق النجم الرياضي الخلادي، المنافس في الرابطة المحترفة التونسية الثانية، وكان ذلك في مايو/أيار 2012، ولم يستمر معه سوى 4 أشهر فقط.
دقّ القادري باب المنتخب، كمساعد لمواطنه نبيل معلول في الفترة ما بين فبراير/شباط حتى سبتمبر/أيلول من عام 2013، في التصفيات الإفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم البرازيل 2014.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2013، حزم القادري حقائبه وسافر إلى السعودية مجدداً، ودرّب فريقي النهضة والخليج، ثم عاد إلى بلاده بعد 4 سنوات، للعمل مع شبيبة القيروان والرياضي البنزرتي.
وفي تجربة خليجية ثانية، درّب القادري ناديي الإمارات وأهلي دبي في دولة الإمارات، ثم الملعب التونسي، وأخيراً أهلي طرابلس الليبي، قبل أن تستدعيه الجامعة التونسية، ليكون مدرباً مساعداً ثانياً لمنذر الكبيّر، مع المنتخب التونسي.
مباراة غيرت مسار جلال القادري
وضعت الأقدار القادري في امتحان مفاجئ، بعد إصابة مواطنه الكبيّر و10 من أفراد البعثة التونسية بفيروس كورونا، أثناء خوض "نسور قرطاج" منافسات كأس الأمم الإفريقية، التي استضافتها الكاميرون في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط من عام 2022.
وفور ظهور إيجابية مسحة الكبيّر، كلفت الجامعة التونسية (الاتحاد التونسي) مساعده القادري بإدارة الفريق في مباراته ضد نيجيريا، وهي مواجهة غير عادية، كونها كانت في الأدوار الاقصائية من البطولة.
خرج القادري بمنتخب بلاده إلى بر الأمان، ونجح في تجاوز "نسور" نيجيريا، يوم 23 يناير/كانون الثاني 2022، بعدما اصطادهم يوسف المساكني بقذيفة مدوية استقرت في الشباك، هدفٌ وحيد لكنه كان كفيلاً بنجاح مغامرة مساعد المدرب.
وبعد شفاء الكبيّر من كورونا، عاد المدرب الخبير لمزاولة مهامه على رأس الإدارة الفنية لـ"نسور قرطاج"، غير أنه فشل في حل عقدة بوركينا فاسو، ولم يجارِ سرعة "الخيول" البوركينابية، ليودع "الكان" من ربع النهائي.
أطاحت هذه الهزيمة بالكبيّر، ولم تجد الجامعة التونسية خلفاً له، إلا القادري، الذي يعرف أجواء منتخب تونس جيداً، منذ عمله مع معلول.
يقول القادري: "لا أنكر أن القدر لعب دوراً كبيراً في وصولي لهذا المنصب، لكن ذلك لم يأتِ من فراغ أو على طبق من ذهب، بل كانت بعد مواجهة حاسمة وصعبة أمام نيجيريا، أقوى منتخب في الدور الأول من كأس أمم إفريقيا".
ومنذ إعلانه مديراً فنياً لمنتخب تونس يوم 30 يناير/كانون الثاني 2022، قاد القادري "نسور قرطاج" في ثماني مباريات، فاز في خمس منها منها على مالي في ذهاب الدور الحاسم من تصفيات كأس العالم قطر 2022 وعلى غينيا الاستوائية في تصفيات كأس أمم إفريقيا، وعلى تشيلي واليابان وجزر القمر ودياً.
كما تعادل مرتين مع مالي في إياب التصفيات المونديالية، ومع بوتسوانا في تصفيات "الكان"، بينما تلقى خسارة وحيدة وعريضة بنتيجة 1-5، أمام البرازيل، في مباراة ودية أقيمت في باريس استعداداً لمونديال قطر 2022.
العربي الوحيد في قرعة كأس العالم 2022
وتواجد القادري في العاصمة القطرية الدوحة، يوم 1 أبريل/نيسان 2022، من أجل حضور حفل سحب قرعة مونديال 2022، ممثلاً عن بلاده.
لكن اللافت في الأمر أن القادري هو المدرب العربي الوحيد الذي تواجد في الحفل حينها، وكان سيصبح الوحيد في المنافسات أيضاً، قبل أن تعيّن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وليد الركراكي مدرباً لأسود الأطلس، يوم 31 أغسطس/آب 2022، خلفاً للبوسني وحيد خليلوزيتش.
ويرى القادري أنه قد حان الوقت الذي تحلق فيه "نسور قرطاج" في سماء كأس العالم، وتتجاوز مرحلة المجموعات، وذلك في مشاركتها المونديالية السادسة.
وقال القادري بعد سحب القرعة في أبريل/نيسان 2022: "أرى أنه قد حان الوقت لنتجاوز دور المجموعات، فنحن نشارك للمرة السادسة، وهدفنا واضح بالنسبة لنا، وهو تخطي الدور الأول".
ولكن القادري اعترف بأن المهمة لن تكون سهلة، وأوضح: "سنلعب ضد فرنسا (حاملة اللقب في 2018)، ومع الدنمارك التي بلغت نصف نهائي كأس أمم أوروبا (يورو 2020)".
وأتم التونسي: "كلا المنتخبين يضمان نخبة من اللاعبين المميزين، لكننا سنلعب ضدهما بثقة وعزيمة كبيرتين، أكبر من أجل تحقيق نتائج مشرفة في كأس العالم".
ويفضّل القادري (50 عاماً) اللعب بالرسم التكتيكي 4-3-3، حسب ما ذكر موقع transfermarkt العالمي، المتخصص في توثيق البيانات والإحصائيات.
ولم يسبق لجلال القادري أن تُوج بأي لقب مع الفرق التي عمل معها، علماً بأن أطول فترة قضاها المدرب التونسي على رأس عمله، استمرت لعام واحد.