جزائريون وتونسيون يغزون الدوري المغربي.. لماذا أصبحت “البطولة برو” قِبلة للاعبين والمدربين المغاربيين؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/08/04 الساعة 18:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/22 الساعة 08:53 بتوقيت غرينتش
تقديم فريق الرجاء البيضاوي لمدربه التونسي فوزي البنزرتي/ صفحة الرجاء البيضاوي على فيسبوك

تحوَّل الدوري المغربي لكرة القدم، في السنوات القليلة الماضية، إلى وجهة مفضلة للاعبين ومدربين مغاربيين ينتمون تحديداً إلى الجزائر وتونس ومصر، وسيكون حضورهم قوياً في المغرب خلال الموسم المقبل.

وأقدم نادي الرجاء الرياضي، أحد أقطاب الكرة المغربية، على ضم أربعة لاعبين جزائريين دفعة واحدة، ثلاثة منهم تعاقد معهم خلال فترة الانتقالات الصيفية الجارية، ليكتفي بهم في حصته من اللاعبين الأجانب، التي يفرضها الاتحاد المغربي لكرة القدم.

كما تعاقد النادي نفسه مع شيخ المدربين التونسيين فوزي البنزرتي، الذي سبق له قيادة الفريق الأخضر في كأس العالم للأندية العام 2013، كما أشرف على الوداد الرياضي خلال الموسم قبل الماضي وتوج معه بلقب الدوري المحلي.

"المد المغاربي" في الدوري المغربي لا يقتصر فقط على قطبي الكرة البيضاوية الوداد والرجاء، بل يشمل أيضاً العديد من الأندية المغربية الأخرى، التي تعرف وجود لاعبين ومدربين من شمال إفريقيا.

الرجاء البيضاوي "الجزائري"

قبل انطلاق الموسم الرياضي المقبل، حسم الرجاء الرياضي ثلاث صفقات لاعبين جزائريين، ويتعلق الأمر بكل من المهدي بوكاسي القادم من نادي القوة الجوية العراقي، ويسري بوزوق لاعب نادي بارادو، وعبد الرؤوف غيث الذي غادر الترجي التونسي، لينضموا إلى مواطنهم حارس المرمى غايا مرباح الذي انتقل إلى الرجاء بداية الموسم الرياضي الماضي.

الإقبال الكبير للرجاء الرياضي على اللاعبين الجزائريين، أثار كثيراً من ردود الفعل، سواء بين الجماهير والمتتبعين والإعلام في المغرب أو الجزائر، بين من يرى الأمر مغامرة من قبل النادي في الدوري المغربي، ومن يراه غير ذلك.

واكتفى نادي الرجاء الرياضي بلاعبين من الجزائر ضمن "الكوتة" التي يخولها له قانون الدوري المغربي في عدد لاعبيه الأجانب، لا سيما أن السنوات الماضية شهدت اعتماده على هدافين من إفريقيا جنوب الصحراء، كان آخرهم الكونغولي مالانغو المنتقل للدوري الإماراتي.

جريدة "الشروق" الجزائرية علقت على الموضوع بمقال تحت عنوان "الرجاء البيضاوي الجزائري"، اعتبرت خلاله أن الفريق المغربي تحول إلى نادٍ جزائري بعد ضمه أربعة لاعبيه من الجارة الشرقية، في سابقة لم يشهدها الدوري المغربي من قبل.

وكان الرجاء المغربي منفتحاً على لاعبين من الجزائر منذ الثمانينيات، أشهرهم على الإطلاق صانع ألعاب المنتخب الوطني سابقاً الشريف الوزاني، والحارس دريد، إضافة إلى المدربين مزيان إيغيل ورابح سعدان الذي كان أول من قاده إلى التتويج بلقب رابطة أبطال إفريقيا 1989.

الوداد على خطى الغريم 

الوداد الرياضي بطل الدوري المغربي وحامل لقب دوري أبطال إفريقيا، لم يختلف كثيراً عن غريمه التقليدي الرجاء، ويتجه بدوره إلى الاستفادة من خدمات لاعب جزائري، حط الرحال صباح الأربعاء (3 أغسطس/آب الجاري) بمطار محمد الخامس الدولي في الدار البيضاء، لإتمام المفاوضات مع الفريق الأحمر.

ويتعلق الأمر بالمدافع عماد الدين بوبكر لاعب نادي شبيبة الساورة لكرة القدم، وبات قريباً من التوقيع في كشوفات الفريق خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية.

ويسعى الوداد من خلال التعاقد مع اللاعب المذكور، لتعويض خدمات المدافع أشرف داري المنتقل هذا الصيف إلى نادي بريست الفرنسي. وحسب مصادر "عربي بوست"، فإن المدافع الجزائري صاحب الـ25 عاماً، اجتمع برئيس الفريق "الأحمر" رفقة وكيل أعماله، يوم وصوله إلى العاصمة الاقتصادية، غير أن الطرفين لم يتوصلا إلى اتفاق نهائي، ليتم تحديد جلسة أخرى للحسم في المفاوضات بينهما.

تتويج الوداد البيضاوي بدوري أبطال غفريقيا
تتويج الوداد البيضاوي بدوري أبطال غفريقيا

وحصل "عربي بوست" على معلومات تفيد بأن لاعباً جزائرياً آخر في طريقه للوداد، ويتعلق الأمر بحسين بن عيادة، الذي من المنتظر حلوله بالدار البيضاء خلال الأيام القليلة المقبلة، من أجل ترسيم انتقاله إلى الوداد المغربي، علماً أن الفريق الأحمر يضم في صفوفه الدولي الليبي مؤيد اللافي.

وبجانب الوداد والرجاء تعرف صفوف الأندية في الدوري المغربي وجود العديد من اللاعبين الجزائريين، كعزيز عابدي لاعب حسنية أكادير، وعبد الله المودن لاعب اتحاد طنجة، وعلي هارون لاعب المولودية الوجدية، ومحمد وليد بنشريفة لاعب أولمبيك خريبكة، فضلاً عن اللاعب الليبي أسامة البدوي في فريق أولمبيك آسفي، والموريتاني أداب مبا في نهضة بركان، في انتظار إسدال الستار على فترة "الميركاتو" الصيفية الحالية، التي قد تشهد توافد لاعبين مغاربيين آخرين على الأندية المغربية.

وكشفت المصادر ذاتها، أن الوداد الرياضي، الذي فقد مدربه وليد الركراكي المرشح بقوة لتدريب المنتخب المغربي خلفاً للفرنسي وحيد خليلوزيتش، فتح قنوات الاتصال بالعديد من المدربين الأجانب للتعاقد مع أحدهم قبل ضربة بداية الدوري الموسم المقبل.

ومن بينهم ثلاثة تونسيين وهم: راضي الجعايدي مدرب الترجي، ومنذر الكبير مدرب المنتخب التونسي السابق، ومعين الشعباني مدرب المصري البورسعيدي السابق، في حال التوافق مع أحدهم للإشراف على العارضة التقنية للوداد سيرتفع عدد المدربين المغاربيين في الدوري المحلي.

مدربو شمال إفريقيا في الدوري المغربي

بعد تعاقد الرجاء رسمياً مع التونسي فوزي البنزرتي، ارتفع عدد المدربين التونسيين في الدوري المغربي إلى ثلاثة، إذ سيتولى مواطنه الأسعد الشابي، قيادة نادي الدفاع الجديدي، خلفاً للجزائري عبد الحق بن شيخة، الذي تنحى مؤخراً عن منصبه.

وسيتعزز حضور مُدربي شمال إفريقيا في الدوري المغربي، بوجود كل من المصري طارق مصطفى مع أولمبيك آسفي، والجزائري بن شيخة الذي سيبقى بالمغرب، إذ ترغب 3 أندية في التعاقد معه.

ويُعد نهضة بركان الأقرب له بعدما تقدمت المفاوضات حسب ما أكدته المصادر المذكورة، زيادة على المدرب التونسي عبد الحي بن سلطان الذي حقق النجاح الموسم الماضي رفقة المغرب الفاسي، واستطاع إنهاء الموسم في الرتبة الخامسة.

ومن المرجح ارتفاع العدد في ظل تفاوض أندية في الدوري المغربي بدون مدرب حالياً، على رأسها الوداد أولمبيك خريبكة مع مديرين فنيين تونسيين، باستثناء الجيش الملكي، الذي انفصل عن مدربه البلجيكي سفين فاندنبروك قبل أسابيع، حيث تمنعه صفته "العسكرية" من التعاقد مع لاعبين أو مدربين من شمال إفريقيا ومن الجزائر على الخصوص، بسبب توتر العلاقات بين البلدين.

وسبق للجيش التفكير في التعاقد مع التونسي نبيل معلول والجزائري عبد الحق بنشيخة لتدريب الفريق غير أن "جهات عليا" رفضت الفكرة؛ لما يحمله النادي من رمزية، إذ يمثل القوات المسلحة الملكية المغربية، وأسسه الملك الراحل الحسن الثاني حينما كان ولياً للعهد في العام 1958.

المدرسة التونسية 

يعد وجود مدربين تونسيين على رأس أكبر الأندية المغربية، مؤشراً حقيقياً على نجاح المدرسة التدريبية التونسية، التي فرضت نفسها بقوة في الملاعب العربية، وفق ما أكده عبد الخالق بيجا، المختص في الإرشيف والتحليل الرياضي.

واعتبر المتحدث أن قطبي الكرة المغربية الوداد والرجاء، اعتمدا معاً على المدرسة التونسية من خلال فوزي البنزرتي والأسعد الشابي، مضيفاً أنه "ليس من السهل أن يضع قطبا كرة القدم في المغرب وإفريقيا ثقتهما في لسعد الشابي وفوزي البنزرتي لولا المكانة الكبيرة للمدرسة التونسية والنجاحات التي حققتها في كل التجارب".

وأضاف المتحدث أن المدرسة التونسية تستمد أفكارها أساساً من المدرسة الإيطالية التي تميل إلى إيلاء خط الدفاع أهمية بالغة لبناء الفريق، وهو ما تدل عليه إحصائيات المغرب الفاسي رفقة مديره الفني التونسي عبد الحي بنسلطان، الذي لم يتلق سوى ثلاث هزائم طيلة الموسم الماضي.

ونجح في وقف خطوط الهجوم لأكبر الأندية الوطنية كالوداد والرجاء والجيش، معتبراً في تصريح لـ"عربي بوست"، أن بناء الفريق حول خط الدفاع أثبت فاعليته في الكرة المغربية، وهو ما يتقنه المدربون التونسيون، ما جعل أسهمهم ترتفع في السنوات الماضية.

كما لاحظ المتحدث أن المدربين المغاربة باتوا أقل طلباً من أكبر أندية الدوري المغربي، إذ يشرف حالياً المغاربة على الأندية الصغيرة والمتوسطة التي تلعب من أجل تفادي النزول لدوري الدرجة الثانية، أو الاكتفاء بوسط الترتيب، كجمال السلامي مدرب اتحاد الفتح، وزكرياء عبوب في شباب السوالم، وبادو الزاكي رفقة اتحاد طنجة، ورشيد روكي في شباب المحمدية، مؤكداً أن أولمبيك خريبكة بدوره يستعد للتعاقد مع مدرب تونسي (تحفّظ على ذكر اسمه)، حينما شعر بنجاح المدرسة التونسية في المغرب.

وسبق للتونسيَّين نبيل شبيل وفتحي جبال الاشتغال في الدوري المغربي رفقة سريع وادي زم والمغرب الفاسي على التوالي، كما أشرف الموسم الماضي الجزائري نبيل نغيز على العارضة التقنية للمولودية الوجدية.

اللغة والتقاليد وقيمة العملة..

من جهته، عزا المدرب المغربي إدريس عبيس، لجوء الأندية في الدوري المغربي إلى لاعبين ومدربين مغاربيين، إلى سهولة اندماجهم داخل النادي بحكم عامل اللغة والدين والتقاليد.

وأوضح لـ"عربي بوست" أن توافد اللاعبين الجزائريين على المغرب لا يكلف كثيراً من الأموال بحكم ارتفاع العملة المغربية مقاربة بنظيرتها الجزائرية، في المقابل يغيب اللاعبون المصريون بسبب الفروقات الكبيرة في القيمة المالية لمنح توقيع العقود المرتفعة جداً في الدوري المصري مقارنة بالمغربي، وهو ما ينطبق أيضاً على الدوري التونسي لكن بدرجة أقل.

ويقول عبيس الذي سبق له تدريب العديد من الأندية في المغرب وتونس والسعودية والإمارات العربية، إن "الأندية المغربية، لا سيما الكبيرة منها، جربت جميع المدربين المغاربة البارزين ولم يعد يغريها التعاقد معهم، بعد فشل معظمهم باستثناء اسمين أو ثلاثة، ليصبح التوجه نحو المدرب الأجنبي عموماً لسد العجز".

وأوضح عبيس أن "جيلاً جديداً من المدربين المغاربة قادم بقوة، غير أن تألقهم رهين بمنحهم الثقة من قبل مجالس الإدارة في الأندية المغربية، وهو ما يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن".

“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟

بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى. 

نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”

علامات:
تحميل المزيد